من الفوائد البلاغية ( 58 ) ( التقييد بالشرط ( 5 ) ( أداة الشرط ( لو )

من الفوائد البلاغية ( 58 ) ( التقييد بالشرط ( 5 ) ( أداة الشرط ( لو )

مشاهدات: 439

من الفوائد البلاغية : أداة الشرط ” لو “

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فائدتنا البلاغية فقد مر معنا وأكثرنا عن الحديث عن هذا من أن البلاغة مبنية على ثلاثة علوم :

علم المعاني

علم البيان

وعلم البديع

ولازلنا في ذكر الفوائد المتعلقة بعلم المعاني

 

وعلم المعاني يرتكز على أمرين أساسيين :

مسند ومسند إليه

المسند هو : المحكوم به

المسند إليه هو المحكوم عليه

تقول :

 ليس زيد قائما

أين المسند إليه ؟    زيد  ـــــــ محكوم عليه بالقيام

المسند : قائما

فحكمنا بالقيام على زيد

 

وهذا المسند والمسند إليه :

إذا ذكرا فإنه يسمى ــــــــــــــــ بالإطلاق

بينما إذا زِيدَ عليهما صارا ــــــــــــــ مقيدا

 

وبما أننا في ليس وما أدراك ما ليس ؟

ليس زيد قائما

هذه جملة مطلقة وإلا مقيدة ؟

مقيدة

وبالتالي فإنه إذا ذُكر المسند والمسند إليه فقط فهذا هو الإطلاق

فإذا زِيدَ عليهما يكون تقييدا

 

والتقييد يكون بأمور :

يقيد المسند والمسند إليه :

إما بالبدل

وإما بالنعت

إما بالعطف عطف البيان أو عطف النسق

وإما بالنواسخ

وإما بالتوكيد

وإما بالشرط

وكل هذا مر معنا

ومر معنا آخر ما مر ما يخص الشرط وأن الشرط عند البلاغيين يهتم فيه بأدوات ثلاث

ما هي ؟

إنْ

إذا

لو

وذكرنا ما ذكره البلاغيون في إذا وفي إن وفي لو

 

وقلنا :

في آخر ما ذكرنا عن لو :

أن لو يشترط أن يكون فعل الشرط وجواب الشرط أن تكونا جملتين ماضوتين

يعني : كل منهما جملة تدل على المضي

وإذاً:

ولذا قال عز وجل :

((لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ))

[ لو ] هنا :

دخلت على أي فعل ؟

الماضي

جواب الشرط : لفسدتا ماضي

((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً  ))

شاء : فعل ماض

والجواب جعل

 

ولكن ما نريد لفت الانتباه إليه :

أنه ربما تدخل  ” لو “ على الفعل المضارع خلافا للأصل

الأصل :

 أنها تدخل على الفعل الماضي لكن قد تدخل على الفعل المضارع

والفعل المضارع :

 يدل على الاستقبال وهي لا تدخل على الفعل المضارع إلا لدواع تدعو إلى ذلك وإلا فالأصل أنها تدخل على الفعل الماضي

فإذا رأيت  [ لو  ] في كتاب الله أو في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أو في كلام العرب المنثور والمنظوم فاعلم أنها لا تدخل إلا على الفعل الماضي فإذا رأيت خلاف ذلك فاعلم أن هناك سببا

فـ ” لو  “ : لا تدخل إلا على الماضي

طيب :

نقرأ قول الله تعالى :

((لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ))

يطيعكم : فعل مضارع ليس فعلا ماضيا

فهذا خلاف الأصل

إذاً :

ما دخلت لو على الفعل  المضارع إلا لغرض

ما هو الغرض ؟

تنزيل الفعل المضارع الذي يدل على الاستمرار منزلة ما وقع واستمر في الوقوع مرة بعد مرة

((لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ))

يعني هو عليه الصلاة والسلام لو أطاع الصحابة في كثير مما أرادوه فلوقعت هذه الطاعة مستمرة فيما طلبوه فيما مضى لحصلت لهم المشقة

((لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ))

فهذا هو الغرض الأول :

 

قوله تعالى :

((وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ ))

لو دخلت على ترى

ترى فعل مضارع

الفعل المضارع وقع وإلا ما وقع ؟

لم يقع لأنه في المستقبل

الفعل الماضي وقع

قام زيد قام وانتهى قيامه

((وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا ))

تنزيل الفعل المضارع منزلة الفعل الماضي الذي تحقق عند من لا يعجزه شيء

((وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا ))

سبحان الله !

لما تقرأ هذه الآية كأن الأمر وقع ولأن هذا الأمر لابد أن يقع

فنزل الفعل المضارع منزلة الماضي الذي وقع لتحقق وقوع هذا الشيء عند من لا يعجزه شيء

 

تنزيل المضارع منزلة الماضي الذي يتحقق وقوعه

 

والأمثلة كثيرة :

(({وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } الأنفال50

((وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ))

كأنه واقع

لما تقرأ القرآن كأنك أمام هذا المشهد

فأتي بالفعل المضارع على أنه ماض قد وقع
لأن وقوع هذا الشيء متحقق كأنه يقول انتبه كأنك الآن في ذلك المشهد

(( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ))

(( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً )) النساء66

هذه على الأصل

تريد أن تميز الفعل المضارع أدخل عليه ( لم ) تعرف أن هذا فعل مضارع إن قبل فَبِها

قم زيد

لم قام يصح ؟

لا هذا ليس فعلا مضارعا

لم قمْ : ليس بفعل مضارع

لم يقم الآن فعل مضارع

وفعل مضارع يلي لم كيشم

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

بعض الناس لا يعرف الفرق بين الجملة الفعلية والاسمية

يقول : يا أخي كل شيء في النحو أفهمه إلا الإعراب

نقول : لم تفهم النحو

لأن من يفهم الإعراب ويعرف الإعراب يعرف النحو

الخلاصة في الإعراب :

كلما كنت متقنا في الإعراب كلما كنت فاهما للنحو

بعضهم يحفظ القواعد لكنه لا يفهمها

فالخلاصة :

أن الإعراب هو الأساس

 

الفائدة من تعلم علم النحو :

أنه يصل بمعرفة هذه القواعد يصل إلى معرفة الإعراب فإذا فهم الإعراب عرف معنى النصوص

إذا فهم الأعراب فهمت النصوص الشرعية

{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ } الأنبياء69

قال بعض المفسرين : لما أمر الله تلك النار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم أصبحت نيران الدنيا كلها لا ينتفع منها لأنه ليس بها حرارة

ليس بصحيح

{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ } الأنبياء69

يا : حرف نداء

لما تنادي على مفرد تضمه

يا زيدُ

يا خالدُ

يا فهد

يا آدمُ

هذا عَلَم

إذا كنت تنادي نكرة مقصودة يعني تنادي شخصا بعينه اتصف بصفة الرجولة تقول : يا رجلُ بالضم لأنك تنادي شخصا بعينه لكن لو أنك تنادي أي رجلا تقول : يا رجلا

وهنا نار نكرة فقال : ((يا نارُ ))

نار مقصودة

لكن لو قال : يا نارا لصح ما قالوه

لما عرفنا الإعراب عرفنا المعنى

((لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ))

ما إعراب تثير ؟

صفة لذلول

إذاً :

فهمنا أن هذه البقرة ليست مذللة وليست مثيرة للأرض لأننا لو لم نعرف  المعنى (( لا ذلول )) يعني ليست مذلة بالعمل

ثم قلنا  (( تثير الأرض )) يعني أنها تثير الأرض وليس هذا هو المعنى

 

ولذلك بعض النحاة يقول : إن كلمة تثير استئنافية ليست صفة ولذلك يقول : (( لا ذلول )) ثم تستأنف وتقول ( ( تثير الأرض ))

هنا أتى المعنى الآخر لما اختلف الإعراب أتى المعنى الآخر

نعم أثبت أنها تثير الأرض

لكن يرد عليه أن الجملة التي بعدها منفية (( ولا تسقي الحرث )) معطوفة على (( تثير الأرض ))

فكيف هنا إثبات وهناك نفي ؟

يعني تقول : جاء زيد ولا عمرو

وبالتالي لما تفهم الإعراب تفهم النص الشرعي

والصواب تثير صفة منفية يعني لا تثير الأرض