من الفوائد البلاغية ( 65 ) ( أغراض تقديم المفعول على الفعل )

من الفوائد البلاغية ( 65 ) ( أغراض تقديم المفعول على الفعل )

مشاهدات: 562

البلاغة

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فكما أسفلنا وما أكثر ما أسلفنا من أن البلاغة ترتكز على ثلاثة علوم :

علم المعاني ، علم البيان ، وعلم البديع

ولازلنا في علم المعاني وعلم المعاني يرتكز على أساسين :

المسند وهو المحكوم به ، والمسند إليه وهو المحكوم عليه

مما يأتي من مسائل أو فوائد هنا في البلاغة في هذا العلم علم المعاني :

في الفائدة السابقة ماذا قلنا: الأصل في الفعل أن يكون مبينا للمعلوم ولا يبنى لما لم يسمى فاعله إلا لأغراض

وذكرت تلك الفائدة هنا ، الأصل : أن المفعول به يتأخر عن الفعل الذي وقع عليه

تقول : أكرم زيد عمرا

أكرم : فعل ماض

زيد : فاعل مرفوع

عمرا : مفعول به

فالفعل أكرم تقدم وهو  الأصل  ، وعمرا وهو المفعول به تأخر

وهذا هو الأصل ولا يتأخر الفعل عن المفعول به ، فلا يتقدم المفعول به إلا لأغراض ذكرها البلاغيون:

من بين هذه الأغراض : التخصيص والحصر :

مثاله قوله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

لو كان في غير القرآن : نعبدك ونستعين بك

فهنا قدم المفعول به { إِيَّاكَ } على الفعل { نَعْبُدُ } وعلى الفعل { نَسْتَعِينُ } من باب حصر العبودية لله جل وعلا  ، ومن باب حصر الاستعانة بالله جل وعلا

ومن أغراض تقدم المفعول به على الفعل : مراعاة فواصل الآيات  

فقول الله : { ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ } لو كان في غير القرآن صلوه الجحيم

لكن هنا تقدم المفعول به الجحيم على الفعل صلوه { ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ }

مراعاة لرءوس الآيات

ومن الأغراض : التبرك

ولذلك بعض الناس فيما يقول : إذا قال في كلمة ما : واللهَ أسأل

الأصل : أسأل الله لكن قدم المعمول هنا والله أسأل من باب التبرك

ويمثلون له بقول الله تعالى : { وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ } فهذا من باب التبرك

ومن الأغراض كما ذكروا : التلذذ

وهؤلاء هم أهل اللغة والتلذذ عندهم باب واسع يصدق على ما هو نافع وعلى ما هو ضار

كما مثلوا : الحبيب قابلتُ  ، الأصل قابلت الحبيبَ

الحبيبَ قابلت ولاشك أن هذه المحبة إن كان المقصود منها ما هو لله فهي محمودة  ، وإن كان المقصود العشق كما هو في كلامهم فإنه لا تلذذ وإنما هو حسرات فهي لذة وهمية وقتية وإذا بالحسرات تتبعها

كما قال ابن القيم: كم لذة جرت على صاحبها الويلات والحسرات

التلذذ لا يكون إلا بما أمر به جل وعلا وشرعه

وقد تكون هناك أغراض أخرى مثل :

من الأغراض : التقبيح ، التقبيح والتشنيع بالشيء

اللصَ ضربتُ

ومن الأغراض : التكريم  

الوالدَ أكرمتُ ، يعني : أكرمت الوالدَ

ومن الأغراض : الشفقة

اليتيم أكرمته

{ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) }

ومن الأغراض : الاعتناء بالشيء

{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ }

والأغراض كثيرة

وكما قال البلاغيون لا يفهم البلاغة إلا من عنده تذوق وكل يقيس تذوقه لابد من القراءة في لغة العرب ؛ لأن الأصل إذا تعلم طالب العلم الأغراض السابقة التي مرت معه مثلا كالدعاء ، الاستفهام ، في تقديم المسند والمسند إليه تعريف المسند إليه تعريف وتكير المسند

هنا : وقتها سيتذكر الأشياء الكثيرة ، لو أنه تعلم الأصول التي نطرحها الآن هنا بإمكانه أن يتأمل ويتدبر وإن لم يرجع وإن رجع لاشك أن في كتبهم مزيد فائدة تختلف عما أخذه وحصل عليه .