التفسير المختصر الشامل الدرس (1) تفسير الاستعاذة و البسملة و تفسير سورة الفاتحة

التفسير المختصر الشامل الدرس (1) تفسير الاستعاذة و البسملة و تفسير سورة الفاتحة

مشاهدات: 551

التفسير المختصر الشامل ( 1)

تفسير  (الاستعاذة والبسملة )

وسورة ( الفاتحة )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله ربّ العالمين ، وأصلّي وأسلّم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين

أمّا بعد :

فنَشرَعُ بِعَونٍ من الله عزّ وجلّ في تفسير القرآن العظيم

وأسمَيتُه بِـ ( التفسير المختصَر الشامل )

 

 [ المختصر ] :

من حيث سهولتُه وسلاستُه فيفهمُه بإذن الله العامّيّ ويستفيدُ منه طالب العِلم

 

وهو [ شامل ] :

لأنّه إذا ذُكِر تفسيرُ الآية فإنّ هذا التفسير قد يظنّ السامع مِن أنّه قولٌ واحد ، مع أنّه يشمل أقوالًا كثيرة للمفسِّرين ؛ لأنّ معظم اختلاف المفسِّرين كما قال شيخ الإسلام اختلاف تَنَوُّعٍ لا تضادّ بينها

ثمّ هو [ شامل ] من حيث ما يُذكَر فيه من الفرائد اللُّغٓويّة والقواعد العَقَديّة والتفسيريّة والفِقهيّة بإذن الله عزّ وجلّ

 

▪ نبدأ في شرح الاستعاذة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأنّ الله عزّ وجلّ قال :

{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }

– أَعُوذُ بِاللّهِ : أعتصم بالله .

– مِنَ الشَّيْطَانِ :

سُمِّيَ بهذا الاسم لأنّه مِن ( شَطُنَ ) إذا بَعُدَ عن رحمة الله عزّوجلّ وهذا قولٌ لبعض المحقّقين ، أو مِن ( شاطَ ) أي مِن الغضب لأنّه غَضِب لمّا أُمِرَ بالسجود لِآدم .

– الرَّجِيمِ :

بمعنى مرجوم ، أي مُبعَد عن رحمة الله وعن الخير ، وبمعنى راجِم لأنّه يَرجُم غَيرَه بِالوسوسةِ وبالإغواء .

 

▪ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– بِسْمِ اللَّهِ :

( الباءُ ) لِلاستعانة ، أي أستعينُ بِكُلِّ اسمٍ مِن أسمائه عزّوجلّ لأنّ

( اسم ) مفرد أُضيفَ إلى الله فَيَعُمّ

– اللَّه :

هو المَأْلُوه المعبود مَحبّةً وتعظيمًا وخَوفًا ورجاءً

– الرَّحْمَن :

اسمٌ مِن أسمائه عزّوجلّ يتضمّن صِفَة الرحمة

– الرَّحِيم :

اسمٌ مِن أسمائه عزّوجلّ يتضمّن صِفَة الرحمة .

لَكِن إذا اجتمعا : فـ ( الرَّحْمَنِ ) تَضمّن صِفَة الله عزّ وجلّ الواسعة ، و ( الرَّحِيمِ ) يَتضمّن صِفَة الله عزّ وجلّ الواصِلة ، يعني يَرحمُ بها عِبَادَه عزّ وجلّ.

 

 

▪ تفسيرُ سورةِ الفاتحة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

– { الْحَمْدُ لِلَّهِ } :

أي المحمود مَحبّةً وتعظيمًا وخَوفًا ورجاءً لِما له مِن الأسماء الحُسنى والصفات العُلَى

 

{ لِلَّهِ } :

المألوه المعبود محبّةً وتعظيمًا وخوفًا ورجاءً ، فالذي يستحقّ الحمد هو الله ، والمخلوق يُحمَد لَكِنْ باعتبار نِسبيّ  ، كما سيأتي مَعَنا إن شاء الله تعالى في قوله تعالى :

{ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا }

 

– { رَبِّ الْعَالَمِينَ } :

 العالَم :

هو كلّ ما سِوى الله عزّ وجلّ ، فكُلّ ما سِوى الله فهو عالَم ، وهذا عليه عامّة المفسِّرين . قال عزّ وجلّ :

{ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } .

وسيأتي في تفسير سورَتَي الأعراف والشعراء الردّ على مَن لَمْ يَرْضَ بهذا التعريف . بإذن الله تعالى .

وهذه الآية :

حَمِدَ فيها عزّ وجلّ فيها نفسَه لِكَي يُعلِّمَ عِبَادَه كيف يَحمدونه ، ولأنّ الخَلق كُلَّهم لايستطيعون أن يُحصُوا حَمدًا عليه

ولذلك في صحيح مسلم :

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : (( لا أُحصي ثناءً عليك ))

 

وهذه الآية تَضمّنَت أقسام التوحيد الثلاثة :

– { الْحَمْدُ } :  يدلّ على توحيد الأسماء والصِّفات

– { لِلَّهِ } : توحيد الألوهيّة

– { رَبِّ الْعَالَمِينَ } : توحيد الرُّبوبيَّة

 

– { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 { الرَّحْمَن } :

كما سلف يتضمّن صِفَة الرحمة ، و { الرَّحِيم } يتضمّن صِفَة الرحمة . لكن إذا اجتمع هذان الاسمان فـ ( الرحمن ) يَتضمّن الرحمة الواسعة ، و ( الرحيم ) يَتضمّن صِفَة الرحمة الواصلة .

 

وأَتَتْ هذه الآية { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } من باب الترغيب لأنّ ما قَبلَها كأنّ به ترهيبًا ، وهذه هي طريقة القرآن ( الجمع بين الترغيب والترهيب )

 

– { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي مالك يوم الجزاء والحساب ، وهو المَلِك والمالك ، لكن لماذا خُصَّ يومُ الدِّين ؟ لأنّ الأملاك كلَّها تزول .

 

– وكما أنّ المُلك له كذلك الأمر كلُّه له :

قال تعالى : { وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّله }

وقال تعالى : { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّله }

وقال تعالى : { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ }

وقال تعالى : { لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }

إلى غير ذلك من هذه الآيات.

 

وفي هذا إثبات اليوم الآخِر ، فيجب الإيمانُ به .

 

– { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } :

أي لا نَعْبُد إلَّا أنت

 { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } :

أي لا نستعين إلّا بك.

 

ولذلك :

قَدَّم ( إِيَّاكَ ) على الفعل ( نَعْبُد ) وعلى الفعل ( نَسْتَعِين ) .

وتَغيَّرَ الأسلوب ، هنا أسلوب خطاب :

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

فإنّه لمّا كان الثناء على الله عزّ وجلّ استحضَرَ أنّه يخاطِب اللّهَ عزّ وجلّ :

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

 

والاستعانة مِن العبادة ، لكنّه أُفرِدَت لِأهمّيّتها .

لِمَ ؟

لأنّه لا يمكن لِلعبد أن يقوم بالعبادة إلّا إذا أعانه الله عزّ وجلّ ، وإلّا فالاستعانة مِن ضمن العبادة .

 

فقَوله : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } تَبَرُّؤٌ مِن الشرك

{ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } تَبَرُّؤٌ مِن الحَول والقوّة ، ليس لك حَول ولا قوّة إلّا بالله عزّ وجلّ .

 

– { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ اهْدِنَا } أي علِّمنا وأرشِدنا ( هداية البيان ) ، وكذلك وفِّقنا وألهِمنا الخير ( هداية التوفيق والإلهام ) وهو هنا دعاء

 

ولذلك مِن آداب الدعاء :

قَبْلَ أن يَدْعُوَ المسلم يقدِّم الثناء على الله عزّ وجلّ ، وهذه الآية تدلّ على ذلك

فإنّه لمّا أُثنِيَ على الله عزّ وجلّ أُمِرَ العبدُ بالدعاء :

{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }

 

والصراط المستقيم :

هو الذي لا اعوجاج فيه ، فيشمَل كُلّ ما قاله المفسِّرون مِن أنّه هو الإسلام أو طريقة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو طريقة أبي بكر وعُمَر أو طريقة أهل السُّنَّة والجماعة

 

وهذه الآية تَتضمّن الإيمان بِوجود الرُّسُل والكُتُب ، لأنّه لا هداية للناس إلّا عن طريق الرُّسُل وإنزال الكُتُب .

 

– { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ  } :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أضاف الصراط إليهم لأنّهم هُم الذين سَلَكوه ، وفِي آيةٍ أخرى أضاف الصراط إليه جلّ وعلا { صِرَاطِ اللَّهِ } لأنّه هو الذي أَمَر الناس بأن يَسلُكوه

 

{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ  }

مَن هُم ؟

هُم المذكورون في سورة النساء :

{ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ  وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) }

 

{ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ  } : تدلّ على أنّ أعظَم النِّعَم نعمةُ الدِّين

  – { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } : يعني غير صراط المغضوب عليهم

– { وَلَا الضَّالِّينَ } : غير صراط الضالِّين .

 

و( المغضوب عليهم ) هُم اليهود ، و ( الضالّون ) هُم النصارى

كما ثَبَتَ بذلك الحديث عند الترمذيّ مِن قَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .

 

ويَتضمّن أنّ اليهود ضالّون وأنّ النصارى مغضوبٌ عليهم ، فمن ضَلّ فاللهُ قد غَضِب عليه ، ومَن غَضِب الله عليه فهو ضالّ .

 

وهذه الآية فيها التحذير مِن البِدَع :

لأنّ مَن خرجَ عن الصراط المستقيم إمّا أن يَقَعَ في الكفر وإمَّا أن يَقَعَ في البِدَع .

 

وصَرَّحَ بِقَوله { أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ  } وَلَمْ يُصَرِّح بِاسمِه جلّ وعلا في ( المغضوب عليهم ) وذلك لأنّه ما أحد يُنعِم إِلَّا الله عزّ وجلّ .

قال تعالى : { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه } حتّى لَو أعطاك المخلوق فإنّما أعطاك بِأَمْرٍ مِن الله عزّ وجلّ .

 

أمّا ( المغضوب عليهم ) فهناك مَن يَغضَب مِن المخلوقين كالملائكة والبشر ، ولِأنّ رحمة الله عزّوجلّ سَبَقَت غضَبَه ، وأفاد ذلك ابن القيّم رحمه الله .

 

( آمين ) :

ـــــــــــــــــــــــــــ

ليست آية مِن الفاتحة ، وإنّما معناها : اللهمّ استَجِب ، اللهمّ استَجِب .