الدرس ( 85 )باب شروط الصلاة ( 7) ( لا تصلى الصلاة حتى يغلب على الظن دخول وقتها )

الدرس ( 85 )باب شروط الصلاة ( 7) ( لا تصلى الصلاة حتى يغلب على الظن دخول وقتها )

مشاهدات: 720

بسم الله الرحمن الرحيم

مواقيت الصلاة

الدرس الخامس والثمانون من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: لا تُصلى الصلاةُ حتى يغلب على الظن دخولُ وقتِها.

الشرح/ هذه المسألة تبينُ متى يجوزُ للمسلم أن يصلي، وعندنا عدةُ حالات:

1/ الحالةُ الأولى: أن يشكَ في دخولِ وقتِ الصلاة.

2/ الحالةُ الثانية: أن يغلب على ظنه دخولُ وقتِ الصلاة.

3/ الحالةُ الثالثة: أن يتيقن دخولَ وقتِ الصلاة.

4/ الحالةُ الرابعة: أن يتيقن عدم دخولِ وقتِ الصلاة.

5/ الحالةُ الخامسة: أن يغلب على ظنه عدمُ دخول وقت الصلاة.

 

فالحالةُ الأولى/ أن يشكَ في دخولِ وقتِ الصلاة:

 فلا يجوز له أن يصلي، بناءً على الأصل، والأصلُ عدمُ دخولِ وقت الصلاة،

 ومرت بنا القواعد الشرعية (الأصل بقاء ما كان على ما كان) ومنها (اليقين لا يزول بالشك)

 ومنها (اليقينُ لا يزول إلا بيقين).

 

الحالةُ الثانية/ أن يغلب على ظنه دخولُ وقتِ الصلاة:

 فهذه الحالة كان لها أن تُدرَجَ مع الحالةِ الأولى في الحكم، لأن الأصلَ بقاءُ ما كان على ما كان، ولكن جاءت الشريعةُ باعتبارِ غلبةِ الظن في الوقت، جاء عند البخاري: أن اسماء قالت أفطرنا في عهد النبي ﷺ في يوم غيم ثم طلعت الشمس “

 ولا شك أن إفطارهم في يوم الغيم إفطارٌ عن غلبةِ ظَن ليس عن يقين، لأنه لو كان عن يقين لما طلعت الشمس بعدما أفطروا، ولأن الغيم مَظِنّةُ عدمِ تحققِ دخولِ الوقت.

 

الحالة الثالثة/ أن يتيقن دخولَ وقتِ الصلاة:

 فهذا لا يجيزُ الصلاة فقط وإنما يستحب، ما عدا الصلوات التي مرت معنا في استحباب تأخيرها كصلاة الظهر في شدة الحر، وكصلاة العشاء، أو لِتَعَلُّمِ واجب،

 ولذا قال الفقهاء: يستحب أن يتقين دخولَ وقتِ الصلاة لمن غَلَب على ظنه أن الوقت قد دخل،

 وهذا يدل على أن هذه الحالة لا تعليق عليها.

 

الحالة الرابعة/ أن يتيقن عدم دخولِ وقتِ الصلاة: ففي هذه الحال لا يجوز أن تؤدى الصلاة.

 

الحالة الخامسة/ أن يغلب على ظنه عدمُ دخول وقت الصلاة: فهذه لا تجوز فيها الصلاة.

فخلاصةُ القول: أن جميع الحالات لا يجوز أن تؤدى فيها الصلاة إلا في حالة يقين دخول وقت الصلاة، والحالةُ الثانية حالةُ غلبة الظن في دخول وقت الصلاة، مع أن المستحب أن يتريث قليلاً حتى يتيقن دخولَ وقت الصلاة لكنه ليس بلازم.

 

 فإذا صلى على غلبة ظنه في دخول وقت الصلاة، فالمسألة لا تخلو من حالات:

1/ أن يتبين له أن الصلاة وقعت في الوقت.

2/ أن يتبين أن الصلاة وقعت خارجَ الوقت.

3/ أن يتبين له أن الصلاة وقعت فبل دخولِ الوقت.

4/ أن لا يتبين له شيء.

 

فأما الحالةُ الأولى: فصلاته صحيحة، وهي إذا تبين أن الصلاة وقعت في الوقت.

الحالة الثانية: أن يتبين له أن الصلاة وقعت خارج الوقت، يعني: بعد خروج الوقت، فالصلاة صحيحة.

 

الحالة الثالثة: أن يتبين له أن الصلاة وقعت قبل دخول الوقت، فلا تصح الصلاة، ولذا قلنا إن الشروطَ تسقُطُ مع العذر ماعدا شرطين هما: ( النية ـ والوقت ).

الحالة الرابعة: أن لا يتبين له شيء، فالصلاةُ في هذه الحال صحيحة حتى ولوكانت في حقيقه الواقع وقعت قبل دخول الوقت، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولأنه دخل في هذه الصلاة بمقتضى رخصة من الشرع.

 

فنخلص من هذا إلى: أن جميع الحالات تكون الصلاة فيها صحيحة ماعدا الحالةَ التي تبين له فيها أن الصلاة قبل دخول الوقت.

 

ولو قال قائل: هل تذهبُ هذه الصلاةُ سُدى -التي وقعت قبل دخولِ الوقت-؟

 فالجواب: أنها تحسب له نافلة، لأن الصلاة اشتملت على نيتين، نية صلاة ونية فرض، فلما زالت نية الفرض بقيت نيةُ الصلاة، ولذا قال الفقهاء:

 وينقلبُ نفلاً ما بان عدمُه، كفرضٍ لم يدخُل وقتُه أو فائتةٍ لم تكن،

فأما مثالُ الفرض الذي لم يدخل وقته: ما نحن بصدد الحديث عنه،

وأما الفائتة التي لم تكن: كأن يصليَ بناءً على أن هناك صلاةً قد فاتته، فلما فَرَغَ منها تذكّر أنه لم يفُتْهُ شيء، فهذه الصلاة التي فعلَها تُحسَبُ له نافلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو قال قائل: كيف يُعرَفُ دخولُ وقتِ الصلاة؟

قال العلماء: إما باجتهاد، وإما يخبر ثقةٍ متيقن.

أما الحالة الأولى: وهي حالةُ الاجتهاد، وذلك أن يجتهد الإنسان إذا كانت عنده أداة الاجتهاد، فإذا اجتهد فإن صلاته إذا وقعت تقع صحيحة، (ماعدا ما استُثني فيما لو تبينَ له أن الصلاة قبل دخولِ وقتها) فالاجتهادُ يكونُ لمن عنده أداةُ الاجتهاد، أو لمن له صنعَةٌ جرت العادةُ أن يَفرُغَ منها عند دخول وقتِ الصلاة، أو بصوت ديكٍ قد جُرِّبَ إصابتُه بالوقت.

 

وأما الحالة الثانية: وهي حالةُ الخبر، فإذا أخبره ثقةٌ متيقن، واشتُرِطَ في هذه الحال: أن يكون هذا المخبرُ ثقةً متيقنا.

 وعدم الزيادة على هذين الشرطين يدل على: أن خبر الأنثى في دخول وقت الصلاة مُعتبرٌ كخبر الرجل؛ ولا يقل أحدٌ إن المرأة تكون على النصف من الرجل في الشهادة! لأن الشهادةَ تختلفُ عن الخبر، فبابُ الخبرِ واسع يستوي فيه الذكور والإناث، ولذا الصحابيات الفُضليات رضي الله عنهن نقلن أخبارًا عن النبي ﷺ.

 

فأما الشرطُ الأول/ وهو الثقة:

 أن يكون بالغاً عاقلا، لان المجنون والمخرِّف ونحوَهما لا يُعتد بأقوالهما، ولأن غيرَ البالغ لا يسلم من الكذب، أو من عدم التثبت، بقطع النظر عن بعض الصور في بعض الأفراد.

ومن أوصاف الثقة: أن تكون عليه سِما الخير والصلاح.

 

الشرط الثاني/ أن يكون متيقنا:

 فلو كان ثقةً لكنه بنى حكمَه على الاجتهاد، فإن الاجتهاد في الغالب يكون مبنيًّا على الظن، فلا يُقبلُ قولُ المُخبِرِ إلا إذا تيقنَ دخولَ الوقت، أما إذا كان عن اجتهادٍ منه فإن الاجتهاد لا يكونُ عن يقين، فقد يُخطئ في اجتهاده، وهذا هو أحد الأقوال،

القول الثاني وهو الصواب: أنه يؤخذ بخبر الثقة المجتهد، كما يؤخذ قولُه في الأحكام الشرعية، وليس بينهما فرق.