الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الثالث والعشرون

الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الثالث والعشرون

مشاهدات: 466

شرح ثلاثة الأصول موسع

تتمة أنواع العبادة وأدلتها ( 2 )

الأصل الثاني : معرفة العبد دينه

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (( ودليل الاستغاثة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاستغاثة :

من الدعاء ولكن الفرق بينها وبين الدعاء :

أن الدعاء :

يكون في حصول المحبوب وزوال المكروه

بينما الاستغاثة :

أن يدعو الله بزوال هذا المكروه

وقد ذكر العلماء :

 أنه يجوز أن يستغاث بالمخلوق بشروط :

الشرط الأول :

أن يكون هذا المخلوق :

موجودا

حيا

قادرا

معتقدا أنه سبب

ويستدلون لذلك بقصة موسى :

((فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ))

أن يكون المستغاث به :

حيا

موجودا

قادرا

معتقدا المستغيث بأن المستغاث به سبب

فلو أتينا إلى هذه الشروط

قلنا :

أن يكون ” حيا ”

فالميت لا  يجوز أن يستغاث به

لو قال لشخص  ميت وكان في  دنياه من أثرى الناس أو من أقوى الناس : أستغيث بك في  دفع فلان من الناس عني

وهذا الشخص من أضعف الناس فيعتبر شركا

فلابد أن يكون حيا

ثانيا : أن يون موجودا

قد يكون قادرا حيا لكنه غير موجود :

كمن ينادي شخصا وهو ليس موجود في هذا المكان فهذا شرك

ــ أن يكون  قادرا :

قد يكون موجودا حيا لكنه ليس بقادر

وقد تتوفر الشروط الثلاثة حيا موجودا قادرا لكنه اعتمد بقلبه على هذا الشخص فيكون شركا

فلابد أن تتوفر هذه الشروط الأربعة

ودليل الاستغاثة :

قوله تعالى : ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ))

هذا دليل على ان الاستغاثة عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله

هذه الآية تحكي حال النبي عليه الصلاة والسلام في  غزوة بدر لما رأى تلك الجموع الغفيرة في  جيش قريش جعل يناشد ربه وسيستغيث به كان يقول : ((  اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض اللهم أنجز لي ما وعدتي ))

حتى سقط رداؤه عن منكبه فأشفق عليه أبو بكر

وقال : (( كفاك مناشدتك لربك فإن الله منجز لك ما وعدك ))

فهو في  تلك الحال العصيبة لم يستغيث بأي مخلوق ، وإنما استغاث بربه فأتاه المدد فأنزل الله الملائكة وشاركت المسلمين في قتال الكفار

{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ }الأنفال9

(( ودليل الذبح )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يقل النحر لأن الذبح هو الغالب

وإلا فالحكم سواء من نحر لغير الله أو ذبح  لغير الله فقد أشرك بالله شركا أكبر ،

وإنما عبر بالذبح لأن الذبح هو الغالب

والذبح يكون في الحلق ، وذلك بأن يقطع الحلقوم والمريء والوَدِجان

وهما عرقان يحيطان بالعنق

وأما النحر  : لا

هو أن يطعن الحيوان في  حلقه

وهو في الإبل أفضل

والأفضل في البقر والغنم  أن تذبح

وذلك أن تنحر  الإبل بحيث تطعن في الوهدة التي بين الصدر وأصل العنق

ويجوز أن يذبح ما ينحر ، وينحر ما  يذبح لكن هذا على سبيل الأفضلية

الشاهد من هذا :

أن الذبح عبادة

وتعبيره بالذبح لا يدل على جواز النحر لغير الله

قوله :

((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162} لاَ شَرِيكَ لَهُ ))

هذا هو الدليل على أن الذبح لا يجوز
أن يصرف لغيره

(( قل )) :

أمر من الله للنبي عليه الصلاة والسلام أن يقول : ((إِنَّ صَلاَتِي )) الصلاة معروفة ((وَنُسُكِي ))

يعني : ذبحي

ولذا قال : ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً ))

فالذبائح موجودة حتى في الأمم السابقة

وهي مما يتعبد بها لله

((وَمَحْيَايَ )) يعني : ما أحيا عليه من الأعمال الصالحة

((وَمَمَاتِي ))

يعني : وما أموت عليه من العمل الصالح لمن ؟

((لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162}))

انظر : كيف حُصرت هذه العبادات لله

ثم قال : ((لاَ شَرِيكَ لَهُ ))

يفهم : من هذا :  أن  من صرف واحدة من هذه العبادات لغيره فهو مشرك

قال : ((وَبِذَلِكَ ))

يعني : بهذا القول ، وبهذه الطريقة

وبهذا المنهج : ((أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{163}))

ونظير ههذ الآية قوله : {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }الكوثر2

وإنما ذكرت هاتان العبادتان : الصلاة والنحر والذبح لأن الصلاة أعظم العبادات البدنية ، وأما الذبح أعظم العبادات المالية

ولذا كان النبي عليه الصلاة  والسلام : إذا أراد أن يبين فضل شيء ربطهم بالحيوانات التي هي نفيسة عندهم ، فتأبى نفوسهم بذبحها

فلذا صارت هي أعظم العبادات المالية لأن نفوسهم تتطلع إلى هذه البهائم

وتحزن نفوسهم إذا ذبحوها قال : (( فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمْر النعم ))

وقال تعالى : (( وإذا العشار عطلت ))

النوق التي هي  حامل في الشهر العاشر تعطل وتهمل مع أنها كانت محبوبة ومرغوبة لديهم فهذا يدل على أن الذبح عبادة لا يجوز أن يصرف لغيره

أما لو ذبح لشخص إكراما له لا عبادة له فهذا مما جاءت به السنة أن يكرم الضيوف

ولذا لو قدم ملك فإن ذبحت له وتركتها هذه عبادة لغير الله

أما إذا ذبحتها وأعددتها وهيئتها له

فهذا لا يكون من الشرك

قوله : (( ومن السنة :

(( لعن الله من ذبح لغير الله ))

من السنة على أن الذبح عبادة قوله في صحيح مسلم  ((  لعن الله من ذبح لغير الله ))

واللعن :

هو الطر والإبعاد عن رحمة الله

قوله : ((  ودليل النذر )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعريف النذر :

هو إلزام المكلف نفسه بشيء لم يكن واجبا عليه بأصل الشرع كأن ينذر مثلا أن يصلي ركعتين ، هاتان الركعتان ليستا واجبتين عليه لكنه بنذره هنا أصبحت واجبة

فلو قال شخص :

نذر لجبريل أو نذر للنبي أن أصلي أو أن أذبح

هنا شرك بالله شرك اكبر

لماذا ؟

لأنه صرف هذه  العبادة وهي عبادة النذر صرفها لغير الله

قوله تعالى :

{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً }الإنسان7

هذا دليل على أن النذر عبادة

كيف كان عبادة ؟

لأن الله أثنى على الموفين به ، وهو لا يثني إلا على ما هو عبادة فثناؤه على الذين يوفون بالنذر يدل على انه عبادة

(( مستطيرا ))

أي عظيما منتشرا

وأما بالنسبة في ابتداء  النذر فأصله مكروه

يكره للإنسان أن ينذر

بل إن بعض العلماء يرى تحريم ابتداء النذر

لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن النذر وقال : (( إنه لا يأتي بخير وإنما  يستخرج به من البخيل ))

لأن البعض من الناس لا ينفق إلا إذا تحق له مرغوب

فإذا تحقق المرغوب أخرج ما نذره

وهذا يدل على بخله ولو كان كريما وُقِى شح نفسه لأنفق وبذل وأعطى دون أن يربط هذا الإنفاق بنذر

ولذا كثير من النذَّار إذا نذروا وتحقق ما يريدون عجزوا عن الإنفاق بالنذر

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( لا يأتي بخير))

فكون الله يثني على الموفين بالنذر يدل على أنه عبادة

وقد ذكر  المصنف في  كتاب التوحيد : {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ ))

جعل هذه  الآية دليلا على أن النذر عبادة

ما موضع الشاهد ؟

أن الله علق هذه الأشياء بعلمه فلما علقها بعلمه دل على أنها محل جزاء

فهو يعلم قبل أن يفعل المخلوق  هذا الفعل

هو العالم بكل شيء أولا وآخرا

لكن كونه يعلق هذه  العبادات على علمه يدل على أنها محل جزاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ