الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس العشرون

الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس العشرون

مشاهدات: 492

شرح ثلاثة الأصول موسع

تتمة أنواع العبادة وأدلتها ( 1 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله :

ودليل الرجاء قوله تعالى :

 ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من باب التذكير لما سبق  :

 

فعندنا أركان العبادة ثلاثة :

المحبة

الخوف

الرجاء

لو قال قائل :

كيف تغذي هذه الأركان ؟

وكيف يزيدها المسلم ؟

وقد ذكر  شيخ الإسلام :

ــــ  أن المحبة تزيد بكثرة ذكر الله والاطلاع على آلائه ومخلوقاته فمن أكثر ذكره واطلع على ما خلق وعلى آياته وآلائه وما تفضل به زاده هذا الأمر محبة لله

ــــ وأما  زيادة الخوف فبالاطلاع على آيات الوعيد وآيات الترهيب

فهذا الاطلاع على آيات الوعيد وآيات الترهيب تزيد من هذا الركن الذي هو الخوف

ـــ ومما يزيد الرجاء :

الاطلاع على آيات الوعد وآيات الترغيب

فإذا اخذ المسلم بهذه الوصية ازدادت عنده هذه الأركان

 

والخوف قد ذكر العلماء أنه أنواع :

أولا :

خوف السر:

كأن يخاف من الأصنام والأوثان أن تصيبه بسوء

كما قالت أعداء الرسل : ((إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ  ))

قوم هود قالوا له ذلك :

((إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{54} مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ{55} )

يطرأ هنا سؤال  :

و يقيم العلماء سؤالا :

كل نبي له معجزة

لكن ما هي معجزة هود؟

معجزته أنه لوحده تحدى هؤلاء :

قال : ((فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ{55} إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{56} )

فهذا خوف  السر من صرفه لغير الله فقد أشرك بالله شركا أكبر

النوع الثاني :

ويحكمون عليه بأنه شرك أصغر :

أن يدع الواجب خوفا من المخلوق :

مع اعتقاد هذا الخائف بأن هذا المخوف  لا يقدر على ما  يقدر عليه الله

النوع الثالث :

وهو الخوف الطبيعي 

وقد تحدثنا عن هذا كأن يخاف من  سبع أو من نار أو من عدو

كما قال تعالى عن موسى : ( (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى{67} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى{68} )

وإبراهيم :

لما قدم الطعام إلى الملائكة :

((فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ{70} ))

وهناك :

ما هو أقل من الخوف ولا ينبغي للمسلم أن يكون بهذه الصفة وهو التوهم :

أن يظل الإنسان متوهما :

كان يرى أن هذا الشيء الثابت قد تحرك

أو أن هناك صورا  تحدث أمامه أو أنه يسمع أصواتا

فلا يليق بالمسلم أن يكون  بهذه الصفة

ثم قال رحمه الله :

وقوله : (( ودليل الرجاء  )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه الآية تذكرنا بما سلف من أن الرجاء لا يكو ن نافعا ولا محمودا إلا إذا أتبع بعمل  صالح

ومن ثم قال هنا : ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ ))

ماذا يصنع ؟

((فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))

ثم  إن في قوله : ((وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))

ذكر العبادة مع اسم الله “ الرب ” هذا يذكرنا بماذا ؟

بأن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية

((وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))

قال :

((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ ))

لقاء الله جل وعلا على نوعين :

لقاء عام لجميع المخلوقات

فيحاسب كل شخص على عمله :

((يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ{6} ))

أما اللقاء الثاني :

وهو لقاء خاص للمؤمنين

يحصل لهم من التشريف والتنعيم والتكريم

فمن أراد هذا اللقاء الخاص فماذا عليه : أن يعمل عملا صالحا

كما في  هذه الآية

لقاء ربه :

الربوبية تطلق على معنيين :

ربوبية عامة

وربوبية خاصة

فالربوبية العامة لجميع الخلق :

كيف تكون ؟

يربيهم جل  وعلا بإطعامهم بإرزاقهم وما شابه ذلك من أنواع الربوبية

أما بالنسبة إلى الربوبية الخاصة :

فهي  خاصة بالمؤمنين

يربيهم:

بالإيمان

بالطاعة

بالتوفيق

بالتسديد

ولذا :

لو تدبرت القرآن  لوجدت أن الدعاء الصادر من الرسل بقوله :
(( ربنا ))

الراسخون في العلم ماذا قالوا :  ((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا))

التابعون ومن جاء بعدهم يقولون :

( (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ))

((رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ ))

فالربوبية نوعان :

ربوبية عامة

وربوبية خاصة

((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً))

ما شروط العمل الصالح ؟

شرطان :

الإخلاص لله

الثاني :

متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام

وسيأتي لها حديث بإذن الله في الأصل الثاني

حينما ذكر المصنف :

شهادة أن لا إله إلا الله

وشهادة أن محمدا رسول الله

((وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))

هنا عن الشرك بجميع أنواعه الأكبر و الأصغر :

وما هو تعريف الشرك ؟

سبق معنا :

صرف شيء من العبادة لغير الله

وقلنا إن أنواع الشرك قيل ثلاثة وقيل نوعان :

شرك أكبر  وشرك أصغر

وقيل :

شرك أكبر

وشرك أصغر

وشرك خفي

والصحيح أن الشرك الخفي داخل في الأصغر

وقلنا إن الشرك الأكبر أربعة أنواع :

شرك الطاعة

شرك المحبة

شرك الإرادة والقصد والنية

شرك الدعاء

((وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))

أحدا :

نكرة في سياق النهي  فتعم

فلا يجوز أن يشرك مع الله غيره لا ملك مقرب ولا نبي  مرسل

فعلى كل حال ما أراده المصنف إثبات بأن هذا الرجاء عليه دليل ، وأن هذا الرجاء ركن من أركان العبادة

{ ودليل التوكل : قوله تعالى :{ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}المائدة23) .

هنا قدَّم المعمول على العامل لأن العامل هنا { فَتَوَكَّلُواْ } وحق العامل أن يُقدم ، فإذا أُخر العامل وقُدم المعمول دل على الحصر ، فدل هنا في تقديمه للمعمول    { وَعَلَى اللّهِ } على العامل { فَتَوَكَّلُواْ } لأن أصل الكلام في غير كلام الله عز وجل [ فتوكلوا على الله ] فلما قدَّم المعمول على العامل دل على أن التوكل لا يكون إلا على الله سبحانه وتعالى وحده ، ثم كما قلت لكم ينبغي لقارئ القرآن أن يتنبه إلى صدر الآية وإلى ختامها ، ثم ختم الآية ؟ { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } فدل على أن التوكل على الله هو الإيمان وأن التوكل على غير الله مناف للإيمان .

( وقوله تعالى : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } الطلاق3 ) .

أفادت هذه الآية بيان ثواب المتوكل .

والتوكل / هو تفويض الأمر إلي الله سبحانه وتعالى مع فعل الأسباب ،  أما مَنْ يتوكل على الله في ظنه وهو لا يفعل السبب فليس بمتوكل{ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } أي كافيه ، وإذا كفاك الله سبحانه وتعالى فلا تسأل عن الخير الذي يأتي إليك ولا تسأل عن الشر الذي يدفعه عنك ، وهذا يدل على عظم منزلة التوكل على الله سبحانه وتعالى