الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (140) حديث (لما حضرت أبا طالب الوفاة )(1)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (140) حديث (لما حضرت أبا طالب الوفاة )(1)

مشاهدات: 427

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 140 )

حديث (لما حضرت أبا طالب الوفاة ) الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف :

عن ” المسيب ” عن أبيه قال :

لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده : عبد الله بن أبي أمية ، وأبو جهل

فقال له : (( يا عم قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ))

فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟

فأعادها عليه النبي عليه الصلاة والسلام فأعادا

فكان آخر ما قال : هو علة ملة عبد المطلب

فأبى أن يقول : ” لا إله إلا الله ”

فقال النبي عليه الصلاة والسلام ” (( لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك ))

فأنزل الله عز وجل :

{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }

وأنزل في أبي طالب :

((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال المصنف :

عن “ابن المسيب ” عن أبيه قال :

لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده : عبد الله بن أبي أمية ، وأبو جهل

فقال له : (( يا عم قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ))

فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟

فأعادها عليه النبي عليه الصلاة والسلام فأعادا

فكان آخر ما قال : هو علة ملة عبد المطلب

فأبى أن يقول : ” لا إله إلا الله ”

فقال النبي عليه الصلاة والسلام ” (( لأستغفرنّ لك ما لم أُنه عنك ))

فأنزل الله عز وجل :

{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }

وأنزل في أبي طالب :

((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

ــــــــــــــــ

ذكر المصنف ما ذكره ” ابن المسيب ” عما جرى للنبي عليه الصلاة والسلام مع عمه أبي طالب

وهي قوله تعالى :

((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ))  تكون نازلة في شأن أبي طالب ، وذلك بدلالة هذا الأثر

ــــــــــــــ فقوله : (( وفي الصحيح )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سبق وأن قيل أن كلمة ” الصحيح ” في مصطلح المصنف ليست كالمصطلح العام عند عامة العلماء :

فإن عامة العلماء إذا ذكروا الحديث في الصحيح يريدون به صحيح البخاري

ــ وإن كان البعض قد يتجوز في بعض إطلاقاته :

ويقول : وفي الصحيح ويريد من ذلك صحيح الإمام مسلم ، ويكون بذلك إما في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم

لكن المصنف كما هي قاعدته حسب التتبع لهذا المصنَّف قاعدته في هذا ” أنه إذا أطلق الصحيح مراده : إما ان يكون فيهما كليهما، وإما ان يكون في أحدهما

فيكون قوله في هذا الأثر :

(( وفي الصحيح )) يكون في صحيحي البخاري ومسلم

ــــــــــ وقوله : (( عن ابن المسيب )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ هو : سعيد بن المسيب التابعي الجليل من كبار التابعين ، ـــ ومن أعلمهم وأفقههم ، وقد عُمَّر إلى أن وصل ” الثمانين ” من عمره حتى إنه لعلو درجته عند بعض العلماء يرون أن ما أرسله يعد مقبولا ، ولا يكون ضمن الحديث الضعيف لأن مراسيل الصحابة مقبولة

وأما التابعون فمراسيلهم على أحد قولي العلماء غير مقبولة

والبعض قد فصل القول :

ــ إن كانت هذه المراسيل من كبار التابعين كابن المسيب فتكون مقبولة

و [ المرسل ] : هو أن يرسل التابعي الحديث إلى النبي عليه الصلاة والسلام دون أن يذكر الصحابي

و (( سعيد بن المسيب )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أبوه صحابي ، وكذلك جده ، وهو “حزن “

ـــ ولذا : لما أتى جده إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأراد أن يغير اسمه من حزن إلى سهل ، قال : لا أغير اسما سمنيه أبي إن السهل ليوطأ

فيقول سعيد : لم تزل فينا الحزونة بعد ذلك

ـــ فجده ” حزن ” رفض تسمية النبي عليه الصلاة والسلام له بسهل ، ولكنه من الصحابة ، فيكون أبوه وجده من الصحابة

ــــ وهل تنطق كلمة المسيب بالفتح أم بالكسر ؟

يصح الوجهان كما أشار النووي في شرحه على صحيح  مسلم

يصح أن تقول : هو ابن المسيَّب

أو ابن المسيِّب

لكن الأفصح والأشهر كما قال النووي الفتح بأن تفتح الياء ” ابن المسيَّب “

قوله : ( عن ابن المسيب عن أبيه )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من هو أبوه ؟

المسيب

قوله : (( قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه النبي عليه الصلاة والسلام )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا فيه دلالة وإشارة إلى أن المسيب قد حضر هذه الواقعة ولا يبعد هذا لأنه من بني مخزوم ، وأبو جهل وعبد الله بن أمية من قبيلة بني مخزوم

فلا يبعد أن يحضر هؤلاء الثلاثة هذه الواقعة

قوله : (( لما حضرت أبا طالب الوفاة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف ، وطالب مضاف إليه ، والفاعل ” الوفاة ” فيكون الأصل : ” لما حضرت الوفاة أبا طالب “

والفائدة :

ــــــــــــــــ

من حيث التقديم هو”  التأكيد والاهتمام “

وذلك لأن المفعول به حقه أن يؤخر ، والفاعل حقه أن يقدم

(( وما كان حقه التقديم فأُخر فإنه يدل على الحصر والاهتمام ))

ففيه التأكيد على أن أبا طالب قد حضرته الوفاة ، وحضرته الوفاة وهو على هذه الحال التي ذكرها المسيب

ـــ فيكون في هذه إشارة وحجة في نفس الوقت على ” الروافض ” الذين زعموا أن أبا طالب قد أسلم

فيُرد عليهم بأن أبا طالب قد توفاه الله على الكفر بدلالة هذا الأثر

قوله : (( لما ……. )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مر معنا أن ” لما ”  – كما في حديث ابن عباس –  : (( لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام معاذا إلى اليمن ))

فنقول : إن ” لما ” هي أداة وجود لوجود :

فلما وجدت الوفاة في أبي طالب وُجد مجيء النبي عليه الصلاة والسلام

فوجود النبي عليه الصلاة والسلام مرتب على وجود الوفاة لأبي طالب

قوله : (( لما حضرت أبا طالب الوفاة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حسب ما قرأته واطلعت عليه أن إسلام المسيب بعد ذلك

وإذا كان الأمر كذلك فإنه نستفيد فائدة وهي : أنه لا يشترط في تحمل الحديث أن يكون الراوي له وقت التحمل مسلما إنما يشترط وقت الأداء

فغن المسيب على ما ذكر أنه أسلم بعد ذلك تحمل نقل هذه الواقعة حال كفره فقُبلت منه حال إسلامه

فلو بقي على كفره لما قُبلت منه حال أداء هذه الواقعة

ويؤكد ذلك :

ــــــــــــــــ

أن ” جبير بن مطعم ” لما وفد على النبي عليه الصلاة والسلام في شأن أسارى بدر ،كان وقتها كافرا قال : فسمعته يقرأ في سورة الطور فلما قرأ : {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ }

كاد قلبي أن يطير

ــ  فهو لما تحملها تحملها حال كفره لكنه أداها ونقلها إلينا ورواها بعد ما أسلم

وهذه فائدة في مصطلح الحديث نستفيدها من هذا الأثر

(( لما حضرت أبا طالب الوفاة )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[[ لما حضرت ]] :

هل هذا الحضور لعلامات وأمارات الوفاة أم أنه حضور للوفاة في وقت لا تقبل فيه التوبة ؟

قال بعض العلماء : – وهو ما مشى عليه المصنف – :

قالوا :

ــــــــــــــــــــــــــــ

هو حضور علاماتها :

وإذا كان المراد من هذا حضور علاماتها فيكون أبو طالب لو قال ” لا إله إلا الله ” فمات على هذه لكانت ” لا إله إلا الله ” نافعة له لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( من كان آخر كلامه ” لا إله إلا الله دخل الجنة ))

ويستفاد منها فائدة :

ـــــــــــــــــــــــ

وهي أن العبرة بالخواتيم كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري : قال : (( إنما الأعمال بالخواتيم ))

ومن ثم :

فإن موتة أبي طالب موتة سوء لأن خاتمته خاتمة سوء

بعض العلماء :

ــــــــــــــــــ

يرى أن حضور الوفاة لأبي طالب ليست حضور علامات ، وإنما العلامات قد زالت إلى أن بلغ أبو طالب مرحلة لا يُقبل فيها كلمة ” لا إله إلا الله ويستدلون على ذلك بأدلة :

ــ 1ــ أن قوله : (( لما حضرت أبا طالب الوفاة )) يشابه قوله تعالى : ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ))

ومعلوم أن هذه الآية حضور الوفاة فيها إنما هو في وقت لا تنفع فيه التوبة

ـــ 2ــ أن أبا طالب خُص دون غيره بالأمر كما خُص دون غيره بشفاعة النبي عليه الصلاة والسلام له بتخفيف العذاب عنه

وليست ثمة تعارض وثمة استبعاد بأن تنفع كلمة ” لا إله إلا الله أبا طالب في هذه الحال

ــ 3ــ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( أُحاج لك بها عند الله ))

وفي رواية : (( أشهد لك بها عند الله ))

وليس هناك جزم

ومعلوم أن من مات وكان آخر كلامه ” لا إله إلا الله ” قبل أن يصل إلى درجة لا تقبل فيها التوبة أن ” لا إله إلا الله ” تنفعه ، فكلمة ” أحاج ” وكلمة ” أشهد ” كما في رواية مسلم تدلان على هذا

ومن ثم فإن قوله تعالى : ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ))

يكون أبو طالب على هذا القول مستثنى من عموم هذه الآية

وكذلك حديث النبي عليه الصلاة والسلام : (( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ))

يعني : ما لم تصل روحه إلى حلقومه

فيكون أبو طالب قد استثني من عموم هذا الحديث

[ وعلى كل حال ] سواء قيل بالقول الأول أم بالقول الثاني فإن أبا طالب مات كافرا

ومن ثم :  فإن هذا الخلاف لا أثر له في الواقع ، وذلك لأن الأمر محصور في أبي طالب ، وأبو طالب قد مات على الكفر ، فلو أسلم لكان لهذا الخلاف أثر

فلما لم يسلم ، ومات على الكفر فليس هناك أثر في التطبيق في واقع الناس

قوله : (( جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يستفاد من مجيء النبي عليه الصلاة والسلام أن العالم والداعية ولاسيما العالم يحسن به إذا رأى أن المصلحة تقتضي أن يُزار كبير أو شريف للتأثير عليه أن يحمل هذا العلم

ومن ثم :

فإن قول بعض السلف (( العلم لا يأتي وإنما يؤتى إليه )) لا يؤخذ على عمومه

فإذا وجدت مصلحة لحمل العلم فإنه لا يؤخذ بعموم هذا القول

ويدل له أيضا ما ثبت عند البخاري :

أن النبي عليه الصلاة والسلام زار ذلك الغلام اليهودي فلما زاره قال : (( أسلمْ ))

فنظر إلى أبيه فقال : أطعْ أبا القاسم

فأسلم

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( الحمد لله الذي أنقذه من النار ))

فهو حمل العلم لما وجد مصلحة في هذا

وقوله : (( وعنده : عبد الله بن أمية ، وأبو جهل )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعنده : العندية تفيد القرب

فيكون هذان الرجلان قريبين من أبي طالب

وقوله : (( فقال له : ……… )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القائل : هو النبي عليه الصلاة والسلام

(( فقال له : يا عم )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يا : حرف نداء

و عم : منادى مضاف إلى ياء المتكلم ، وياء المتكلم هنا حذفت ، وجعلت الكسرة علامة عليها

فيصح ان تقول في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم :

تقول : يا عمِ  بوجود الكسرة

أو : يا عمي   بإثبات الياء

فيصح لإثبات الياء ، ويصح حذفها

و (( العم )) :

ــــــــــــــــــــــــ

أخبر النبي عليه الصلاة والسلام كما في سنن سعيد بن منصور وحسنه الألباني في الجامع :

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( العم والد ))

وقال – لما ذكر العباس كما جاء عنه انه قال : (( إن عم الرجل صنو أبيه ))

يعني : من أصل واحد فلا يفترقان

كما هو شأن النخلة الصغيرة التي تنبت مع نخلة أخرى ،قال تعالى :

((وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ ))

وقال تعالى عن صفة أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام :

((وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ))

ـــ ومما يدل على ان العم والد قوله تعالى في شأن يعقوب :

{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }

قالوا : نعبد إلهك وإله آبائك وذكر : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق

ومعلوم أن يعقوب هو ابن إسحاق بن إبراهيم ، وأما إسماعيل فهو أخ لإسحاق ، فيكون ” إسماعيل ” عما ليعقوب ومع ذلك قالوا : هو أب

قوله : (( فقال : يا عم قل : لا إله إلا الله )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قل : أمر من النبي عليه الصلاة والسلام

والأمر كما هو مقرر في اللغة وعند الأصوليين هو ” طلب الفعل من الأعلى إلى الأدنى على وجه الاستعلاء بإحدى صيغ الأمر “

والصيغة المذكورة هنا هي صيغة [ افعلْ ] : (( قل ))

فهل هذا الأمر على بابه؟

قال بعض العلماء :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم هو على بابه ، وذلك لعلو مرتبته عليه الصلاة والسلام

وقال بعض العلماء :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

إنه خرج هذا الأمر عن أصله

فيكون هذا الأمر أمر ترحم واستعطاف وتودد لعله أن يقولها

(( قل : لا إله إلا الله )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الحديث لا يخالف ما جاء عند مسلم : (( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ))

ولم يقل :

“” مروا موتاكم بلا إله إلا الله “

والموتى هنا : هم من حضرتهم الوفاة ، وذلك باعتبار ما يؤولون إليه وهو الموت

قال : (( لقنوا موتاكم ))

يعني : مَن هو قد حضرته علامات الوفاة

لقنوهم ماذا ؟

لا إله إلا الله ، حتى يموتوا عليها

فقال : (( لقنوا موتاكم ))

والتلقين يختلف عن الأمر ، وذلك أن تلقن الميت كما تلقن الطفل ، وذلك بأن تذكر عنده ” لا إله إلا الله ” دون ان تأمره ، وذلك لأنك لو أرمته لربما من جزع الموت وشدته لا يقولها ، ومن ثم تحصل مفسدة كبرى

بينما هنا في هذا الأثر : (( قال : قل : لا إله إلا الله ))

فإن أبا طالب أُمر بهذا لأنه كافر ، لأنه لو جزع فهو كافر يعني لم نخسر شيئا ، ولم تحصل مفسدة فهذه الكلمة ” قل : لا إله إلا الله ” شبيهة بقوله للغلام (( أسلمْ )) فهي شبيهة لهها في ثبوت هذا الحكم ،

وأن الكافر يؤمر

وأما المسلم فإنه يلقن

قوله :(( لا إله إلا الله كلمة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة : بالنصب على أنها بدل

بمعنى : أنك لو حذفت كلمة : لا إله إلا الله ووضعت بدلا لها كلمة ” كلمة ” لصح : (( قل كلمة ))

وضُبطت (( كلمةٌ )) بالرفع : فتكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : ” هي كلم ”

ولكن النصب أولى : وذلك لأن القاعدة في اللغة : [ ان عدم الحذف أولى من إثبات الحذف ]

وذلك لأن الأصل عدم الحذف

فنحن إذا قلنا ” كلمةً ” لا نحتاج إلى أن نقول : هناك شيء محذوف

وأما إذا قلنا ” كلمةٌ ” فنحتاج إلى أن نقول : إن هناك شيئا محذوفا

قوله : (( كلمةً أحاج لك بها عند الله )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” أحاج “ إذا كانت مرفوعة فتكون صفة لكلمة المرفوعة

وإن كانت مفتوحة ” أحاجَ ” فتكون مجزومة لأنها واقعة في جواب الأمر : (( قل ))

(( أحاج لك بها عند الله )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورد عند مسلم :

(( أشهد لك بها عند الله ))

وفي هذا دلالة على ان النبي عليه الصلاة والسلام لا يملك من الأمر شيء : إذ لو كان يملك من الأمر شيئا لقدم النفع لعمه أبي طالب الذي كان يحوطه وينصره