الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (144) مسائل على باب قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (144) مسائل على باب قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت)

مشاهدات: 545

الشرح الموسع لكتاب التوحيد  ـ درس ( 144)

مسائل على باب قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 قال المصنف :

فيه مسائل :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الأولى :

ـــــــــــــــــــ

تفسير قوله تعالى : ((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

ومضى تفسير هذه الآية ، وأنها نزلت في أبي طالب

الثانية :

ــــــــــــــ

تفسير قوله تعالى : ((مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــ

مضى تفسيرها

الثالثة :

ـــــــــــــــــــ

وهي المسألة الكبيرة تفسير قوله عليه الصلاة والسلام : (( قل : لا إله إلا الله )) بخلاف ما عليه من يدعي  العلم :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــ

وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر عمه أن يقول ” لا إله إلا الله ” قال أبو جهل وعبد الله بن أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟

فدل على أن أبا جهل وعبد الله بن أمية يعلمان مقتضى هذه الكلمة ، وأن مقتضاها : ” ان يخلص الإنسان وأن يتخلص وان يتعرى من دينه السابق

ولذا لو كان المقصود أن يتلفظ بها لأقدمت صناديد قريش بالتلفظ بها

لكنهم يعلمون : أن التلفظ بها يقتضي أن يَدَعوا ما كانوا عليه

ـــ فأبو جهل فهم معنى ” لا إله إلا الله ” فقال : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟

فإذا قلت هذه الكلمة فإنك يا أبا طالب ستتخلى عن ملة أبيك بمقتضى هذه الكلمة

فيقول الإمام المجدد :(( بخلاف ما عليه من يدعي العلم )) :

في هذا العصر أناس يقولون ” لا إله إلا الله ” ولكنهم لا يعرفون معناها ، ولا مقتضياتها ، ولذلك يطوفون بالقبور ، ويذبحون وينذرون لغير الله

وهذا يدل على أن أبا جهل أفقه منهم بهذه الكلمة

ولذا : يقول المجدد في كشف الشبهات : (( فتبا لقوم أبو جهل أعلم منهم بهذه الكلمة ))

الرابعة :

ــــــــــــــــــــــــــ

أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي عليه الصلاة والسلام إذا قال للرجل : ((قل : لا إله إلا الله )) فقبح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام

الشرح :

ــــــــــــــــ

وهذه المسألة ترتبط بالمسألة السابقة ، ولذلك لما شكت كفار قريش النبي عليه الصلاة والسلام لأبي طالب ، وقالوا : عن يعيب آلهتنا ويسفه أحلامنا

فقال أبو طالب للنبي عليه الصلاة والسلام : لماذا تصنع هذا يا ابن أخي ؟

فقال : أريد منهم كلمة لو قالوها تدين لهم بها العرب والعجم

فقال أبو جهل : نقول عشر كلمات

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : قولوا : لا إله إلا الله

فخرجوا كما قال تعالى : {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ }

وقبلها قال : ((أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً ))

انظروا كيف فهموا معنى هذه الكلمة :

((أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ{5} وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا ))

تواصوا على الباطل

((وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ{6} مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ{7} ))

فهؤلاء يعرفون معنى ” لا إله إلا الله ”

ومن ثم : فإنه لابد في ” لا إله إلا الله ” مع التلفظ بها أن يُعرف معناها

ـــ فإذا تلفظ بها ولم يعرف معناها وقع في الشرك ـ كحال من هم في هذا العصر ممن يطوف بالقبور ويذبح وينذر لغير الله

وإن علم معناها ولم يتلفظ بها كان مشركا كحال أبي جهل

الخامسة :

ــــــــــــــــــــــــ

جده ومبالغته عليه الصلاة والسلام في إسلام عمه :

ـــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــ

يعني : اجتهاده فهو مجتهد إلى أن يهتدي الناس ، وأحق من هُدي على يديه هو ” عمه أبو طالب ” وذلك واضح من تكراراه لهذه الكلمة

فإنهما لما قالا : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ أعادها عليه عليه الصلاة والسلام

السادسة :

ــــــــــــــــــــ

الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه :

ـــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

فيه رد على من زعم إسلام عبد المطلب

ويرد عليه بأنهما قالا : أترغب عن مكلة عبد المطلب ؟

ومعلوم أن عبد المطلب كانت ملته الكفر

فكيف يكون مسلما إذ لو كان مسلما لما قالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب

السابعة :

ــــــــــــــــ

كونه استغفر له فلم يُغفر له بل نُهي عن ذلك :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــ

النبي عليه الصلاة والسلام استغفر له ، ومع أنه استغفر له لم يغفر له

وهذا يفيدنا بأنه ليس كل دعاء يدعو به النبي عليه الصلاة والسلام مستجاب

ولذا جاء عند مسلم قوله عليه الصلاة والسلام :

(( سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة ))

ولما استغفر له لم تُستجب دعوته بالمغفرة بل إنه نُهي عن ذلك

فدل على أنه لا يجوز للمسلم أن يستغفر لكافر امتثالا لأمر الله عز وجل واقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام في هذا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الثامنة :

ــــــــــــــ

مضرة أصحاب السوء على الإنسان :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

وضرر رفقاء السوء على الإنسان مما لا يخفى على المسلم ، وقد ذكر تعالى أمثلة على مضرة هؤلاء على دين الإنسان .

كقوله عن ذلك الرجل في سورة الفرقان قال : ((يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً{28} لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً{29} ))

وقال عن أحوال الأخلاء :

{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }

وأخبر تعالى عن ذلك الرجل الذي من أهل الجنة : كيف أنعم الله عليه بعدم إلحاق ضرر رفيق السوء عنه إذ هداه الله عز وجل ، قال :

((قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ{51} يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ{52} أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ{53} قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ{54} فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ{55} قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ{56} وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ{57} ))

والنبي عليه الصلاة والسلام ذكر عن الرفيق الضال قال :

(( كنافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة ))

وقال – كما عند الترمذي وغيره : (( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ))

وقد سبق الإشارة إلى شيء من هذا

وهذه المسألة التي ذكرها تستنبط من موقف أبي جهل وعبد الله بن أمية مع أبي طالب

فإنهما حضاه على أن يبقى على ملة عبد المطلب

التاسعة :

ــــــــــــــــــ

مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــ

وهذه تستنبط من قول هذين الرجلين : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ )) فإنهما أعادا أبا طالب إلى أسلافه ، وأعظم أسلاف الإنسان هو أبوه ، وعبد المطلب هو أب لأبي طالب فقالا : ” أترغب عن ملة عبد المطلب ؟

فيكون تعظيم الأسلاف والأكابر إذا كانوا على باطل فيه ضرر عظيم ، وأي ضرر ؟

ــ وأما إذا كان تعظيم الأسلاف والأكابر ممن هو على الحق فإنه خير شريطة أن لا يرفع هؤلاء فوق منزلتهم

وقد سبق الإشارة إلى هذا

العاشرة :

ــــــــــــــ

الشبهة للمبطلين في ذلك لاستدلال أبي جهل بذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

وهذا مأخوذ من قول هذين الرجلين: ” أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ “

فهذه شبهة أوقعها هذان الرجلان في قلب أبي طالب

وهذا مذكور في كتاب الله عز وجل :

قال تعالى :

{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }

والشبهة من أعظم ما يصرف به العبد عن طاعة الله عز وجل

وهي قرينة وشقيقة الشهوة

الشهوة تمنع من العمل ، والشبهة تمنع من التصديق بالخبر

ولذا قال تعالى :

((فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى{31} وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى{32} ))

” كذب ” بما جاءه من الحق

و ” تولى ” يعني أعرض عن العمل

والمتأمل في النصوص الشرعية بجد أن التكذيب والتولي أو الإعراض موجودان ويقترنان كثيرا

وهذا دليل على أن سبب ضلال الناس :

إما أمر الشبهة

وإما أمر الشهوة

الحادية عشرة :

ـــــــــــــــــــــــــ

الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم أنه لو قالها لنفعته :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــ

هذه المسألة مبنية على أحد القولين في قوله :

(( لما حضرت أبا طالب الوفاة ))

هل حضرت علامات الوفاة أم أن أبا طالب قد بلغت روحه الحلقوم فكان لهذه الكلمة لو قالها كان لها أثر ؟

وذلك بشهادة النبي عليه الصلاة والسلام بها عند الله عز وجل

لكن المصنف يرى أن قوله :

و” لما حضرت أبا طالب الوفاة “

المراد منها : العلامات

أما كون العمال بالخواتيم فهذا وارد في صحيح البخاري :

قوله :

(( إنما الأعمال بالخواتيم ))

وله شواهد كثيرة كقوله عليه الصلاة والسلام :

(( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ))

وكقوله عند مسلم :

((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ))

وكقوله :

(( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ))

وكقوله في الصحيحين :

(( إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ))

الثانية عشرة :

ـــــــــــــــــــــــ

التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها مع مبالغة النبي عليه الصلاة والسلام وتكريره فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصروا عليها :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــ

ـ هذه الشبهة هي تعظيم الأسلاف :

” أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ “

فهم لم يزيدوا عليها شيئا مع أن النبي عليه الصلاة والسلام حرص على أن يغتنم الفرصة فيلقن أبا طالب ” لا إله إلا الله ” لكن هذين الرجلين لم يتوانيا في تكرير هذه الجملة لما يريان من عظمها في قلب أبي طالب

ولذا فهذه الشبهة من أعظم الشبه :

(( قالا : أترغب عن ملة عبد المطلب؟ ))

ولم تكن هناك زيادة منهما على هذه الكلمة

ومن ثم :

فإنه لا يجوز للإنسان أن يفتخر بآبائه ، ولا أن يحذو حذوهم إذا كانوا على غير هدى

ولذا قال تعالى :

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ{172} أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ{173}}

ــ وقد لا يقتصر أمر الشبهة على من كان قريبا في النسب حتى ولو لم يكن قريبا

ولذا قال تعالى عن المشركين :

{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ }

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ