الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (23) حديث (أتدرى ما حق الله على العباد … )(4)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (23) حديث (أتدرى ما حق الله على العباد … )(4)

مشاهدات: 413

التوحيد الموسع لكتاب التوحيد

الدرس ( 23 )

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال : ” كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي : ( يا معاذ ، أتدرى ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله ) ؟

الجزء الرابع

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال : ” كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي : (( يا معاذ ، أتدرى ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله ؟ فقلت : ” الله ورسوله اعلم ” ، قال : (( فإن حق الله على العباد : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد على الله ان لا يعذب من لا يشرك به شيئا ))

فقلت : ” يا رسول أفلا أبشر الناس ؟

قال : لا تبشرهم فيتكلوا ))

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقول معاذ رضي الله عنه : (( أفلا أبشر الناس ؟

فقال عليه الصلاة والسلام : لا تبشرهم فيتكلوا  ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا لا يتعارض مع حديث أبي هريرة الذي جاء فيه :

(( أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه نعليه “، وكان في حائط ( يعني بستان ) فقال : اذهب فمن لقيته خلف هذا الحائط يشهد ” أن لا إله إلا الله خالصا من قلبه فبشره بالجنة “

أن من قال : ” لا إله إلا الله خالصا من قلبه او صدقا من قلبه دخل الجنة “

فهذا الحديث : حديث أبي هريرة يُحمل على انه عليه الصلاة والسلام أُعلم أن أبا هريرة لن يلتقي إلا بأناس إذا علموا بهذا ما زادهم إلا خيرا ورغبة في العبادة

أما حديث معاذ فعام

ونظير حديث أبي هريرة :

قوله عليه الصلاة والسلام : (( وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : ” اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم ” ))

وهذا يدل على أن أهل بدر لن يتكلوا على هذا القول بل يزدادوا خيرا وحرصا على الخير شكرا لله جل وعلا

وكيف والنبي صلى الله عليه وسلم تتفطر قدماه من القيام فتقول عائشة رضي الله عنها : ” كيف تصنع بنفسك هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر “

فقال عليه الصلاة والسلام : (( أفلا أكون عبدا شكورا ))

ولذلك أول من لقي أبا هريرة رضي الله عنه : عمر رضي الله عنه فأخذ بمجامع ثوبه ، فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على عدم إخبار أبي هريرة الناس ذلك

ولماذا قلنا بهذا المحمل في الحديث ؟

الجواب :

إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى معاذا ، ولا يمكن أن يكون هناك تعارض بين أقواله عليه الصلاة والسلام

ولو قال قائل : ” لعل حديث أبي هريرة متأخر، فأجاز ما لم يجزه حديث معاذ ؟

الجواب :

إن مثل هذا بعيد أن معاذا أخبر به عند موته تأثما ( أي خيفة من كتمان العلم

بل ممكن أن نعكس ونقول : ” إن حديث أبي هريرة هو المتقدم فكان جوابه عليه الصلاة والسلام لمعاذ موافقا لرأي عمر لاسيما أن عمر رضي الله عنه توافق النصوص آراءه في غالب الأحيان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله عليه الصلاة والسلام : (( لا تبشرهم فيتكلوا ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يستفاد من هذه الجملة :

أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وذلك ان في إخبارهم مصلحة ، وهي مصلحة نشر العلم

لكن لما كانت المفسدة بإخبارهم تفوق هذه المصلحة نهى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا أن يخبرهم

ويستفاد من هذه الجملة أيضا :

فضيلة معاذ :

إ خصه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العلم دون غيره

وقد سبق أن معاذا هو إمام العلماء يوم القيامة

ومن فوائد هذه الجملة :

جواز كتمان العلم للمصلحة :

ولا يتعارض هذا مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ))

فليس ثمة تعارض :

وذلك لأن ظاهر حديث معاذ يختلف عن ظاهر حديث : ” من سئل عن علم ” :

ففرق بين نشر العلم ابتداء وبين نشره عن سؤال

وهذا وجه

وجه آخر :

أن حديث : ” من سئل عن علم فكتمه ” مقيد بحديث معاذ

فإذا سئل العالم فكتمه للمصلحة فلا يدخل ضمن هذا الوعيد لدلالة حديث معاذ

وذلك لأن العلم قد يكون لبعض الناس فتنة ، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه – كما في مقدمة صحيح مسلم

وفرق بين ما في صحيح مسلم من أحاديث ، وبين ما في مقدمة مسلم من الأحاديث :

فما في صحيح مسلم من أحاديث اشترط مسلم فيها الصحة ، ولا يلزم أن يكون ما في مقدمة مسلم أن يكون صحيحا

قال ابن مسعود رضي الله عنه : ” إنك لا تحدث قوما بحديث لا تبلغه عقولهم ( يعني لا تدركه ولا تفهمه ) إلا كان لبعضهم فتنة “

وجاء في صحيح البخاري :

إن علي رضي الله عنه أنه قال : ” حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله ؟! “

وسيأتي لهذين الأثرين بإذن الله مزيد حديث حيث إن المصنف أدرج قول علي تحت أحد الأبواب

ومن فوائد هذه الجملة :

أن الرسول صلى الله عليه وسلم نر إلى الأغلب من النفوس :

وذلك أن النفوس البشرية بطبيعتها ضعيفة تحب الراحة والدعة

وإن كان البعض قد يترفع عن هذا المقام بتوفيق من الله عز وجل كأهل بدر ، و  نحوهم من الصحابة الأجلاء كالذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ؟، فما زادهم ذلك إلا خيرا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله عليه الصلاة والسلام : (( لا تبشرهم ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” لا ” ناهية

و ” تبشر ” فعل مضارع مجزوم بـ ” لا ” الناهية وعلامة جزمه السكون

والغرض من هذا الإعراب : بيان صيغة النهي

والنهي في اللغة العربية ليس له إلا صيغة واحدة وهي : ” صيغة الفعل المضارع مع : ” لا ” الناهية كما هنا

بينما الأمر – كما سبق – له أربع صيغ

وقلت : ” عن هذا من حيث اللغة ، لأن هناك صيغا في الشرع قد تدل على النهي وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى بعض الأمثلة على ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله عليه الصلاة والسلام : (( فيتكلوا ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” الفاء ” للترتيب والتعقيب :

يعني : بمجرد إعلامهم بهذه البشرى يتكلون ، لأن النفس البشرية كما سلف ضعيفة

ولذا قال تعالى : ((وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ))

فالأصل في ابن آدم الجهل والظلم لكن بتوفيق من الله عز وجل يرتفع العبد فيكون عالما عدلا

فـ ” الفاء ” هنا سببية

و ” يتكلوا ” منصوب بعد فاء السببية ، لسبوقه بالنهي ، وعلامة نصبه حذف النون

فيكون المعنى : لا تبشرهم فتكون هذه البشرى سببا للاتكال

ولتعلم : أن كتم العلم لا يجوز أن يكون كتما مطلقا

فبجوازه يكون محددا إما عن ؟أشخاص وإما عن أوقات معينة خيفة الفتنة والفساد. 

ولذا معاذا رضي الله عنه أخبر بها ثأثما

يعني أخبر بها قل موته خيفة من إثم كتمان العلم

وإنما قلنا بهذا لأنه عليه الصلاة والسلام علل فقال : (( لا تبشرهم فيتكلوا ))

و ” الفاء ” كما هي القاعدة في الأصول : مسلك من مسالك العلة : أي يتكلون لكونك بشرتهم

والحكم كما هو مقرر في الأصول يدور مع علته وجودا وعدما

وإذا انتفت العلة انتفى المعلول

وإذا وُجدت العلة وجد المعلول

وأمثلة مجيء الفاء للتعليل كثير :

منها ما ذكر هنا

ومنها قوله تعالى عن إبليس والملائكة : ((فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ))

ففسقه لكينونته من الجن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سـ 1 / ورد حديث :  ” أن أبا هريرة قال : ” حفظت وعاءين من العلم من النبي صلى الله عليه وسلم فوعاء بثثته  ووعاء لم أبثثه ”

فما هو قولكم في هذا الكتمان من أبي هريرة لهذا الوعاء من العلم ؟

الجواب :

أن أبا هريرة رضي الله عنه قال – كما عند البخاري – : (( حفظته من النبي صلى الله عليه وسلم وعاءين من العلم : فوعاء بثثته ، ووعاء لو بثثته لقُطع هذا الحلقوم ))

فهذا القول من أبي هريرة رضي الله عنه ليس فيه دلالة على جواز كتمان العلم مطلقا ، وذلك لسببين :

السبب الأول :

أن هذا الوعاء الذي لم يبح به ليس وعاء علم شرعي يعود على الناس بمزيد فائدة ، وإنما هو وعاء فيه أسماء الظلمة من أمراء بني أمية ، فسواء علم الناس بهؤلاء أم لم يعلموا فلا فائدة تحصل لهم بهذه المعرفة ، لأن قضاء الله عز وجل الكوني سيظهر أن هؤلاء ظلمة .

ويزيد وضوحا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله عليه الصلاة والسلام : (( هلاك أمتي على يد أُغيلمة من قريش ))

السبب الثاني :

على افتراض أنه علم فلم يكتمه رضي الله عنه ، إذ كان يبوح به تورية وتلميحا دون تصريح :

فقد كان يقول رضي الله عنه : ” أعوذ بالله من إمارة الستين “

أي إمارة من يكون أميرا في سنة ستين للهجرة

فظهر في علم ستين للهجرة مُلك ” يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ” الذي جار وظلم واستباح المدينة ، وقتل جمعا من الصحابة

وسيأتي حديث مفصل عما فعله : ” يزيد بن معاوية ، وما موقف أهل السنة والجماعة في الحكم عليه ؟

ولذا استجاب الله دعاء أبي هريرة ، فتوفي سنة ثمان وخمسون للهجرة ، ولم يدرك هذه الإمارة

فهو بهذا عل  افتراض أنه وعاء علم شرعي لم يكتمه رضي الله عنه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله رحمه الله : ” أخرجاه ”

أي البخاري ومسلم

وقوله في ” الصحيحين :

أي صحيح البخاري

وصحيح مسلم

ثم لو قال قائل : كيف يسوغ للمصنف أن يقول : أخرجاه في الصحيحين مع أن هناك كتبا في الحديث مسماة بالصحيحة : كصحيح ابن عوانة ، وصحيح ابن خزيمة  ، فكيف يسوغ هذا التعبير الذي قد يوقع في الإيهام ؟

الجواب : /

إن العرف عند العلماء انطبق على أن كلمة الصحيحين إذا أُطلقت : فالمراد منها : صحيح البخاري وصحيح مسلم

ولذا  قد يقال : أخرجه الشيخان : أي البخاري ومسلم

وقد يقال : ” وفيهما ” أي البخاري ومسلم

وقد يقال : ” ولهما ” أي البخاري ومسلم

وقد يقال : أخرجاه  : والمراد : البخاري ومسلم

وصحيح البخاري :

صاحبه الإمام : ” محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي “مولاهم : يعني :  كان مولى

ومن شيوخه : الإمام أحمد يرحمه الله

ومن طلابه : الإمام مسلم ، والنسائي ، والترمذي

عاش في نهاية القرن الثاني ، وبدايات القرن الثالث

قد وفقه الله عز وجل إلى وضع هذا المصنف ، والذي سماه : ” الجامع الصحيح المسند من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وسننه “

ومن ورعه :

أنه ما وضع حديثا إلا صلى لله ركعتين مستخيرا الله عز وجل فيه

وقد رأى رؤيا :

وهي أنه كان يُروح عن النبي صلى الله عليه وسلم بمروحة 

فعُبِّرت له بأنه يذبُّ عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم

ورأى رؤيا أخرى :

أنه كان يسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلا يضع عليه الصلاة والسلام قدمه في موضع فيرفعها إلا ويضع البخاري قدمه في هذا الموضع

وقد عرض هذا الجامع على الإمام أحمد فاستحسنه

وقد بلغت شهرة البخاري الآفاق ، وكان من الحفاظ حتى ذكرت كتب السير :

أنه لما قدم العراق ، قالوا : يقدم عليكم البخاري الحافظ المعروف ، فليتهيأ كل واحد منكم بعشرة أحاديث ، وكان عددهم عشرة ، فاتفقوا على أن يجعلوا هذه الأسانيد مبعثرة في أسماء رجالها ، فلما التقوا به وعرضوا عليه هذه الأحاديث كان يقول عند كل حديث لا أعرفه حتى أتى على الأحاديث كلها ، فقالوا : أهذا هو البخاري المزعوم أنه من الحفاظ ؟!

فسألوه : لماذا لا تعرف ؟

فقال : لا أعرف هذه الأحاديث بهذه الأسانيد ، وإنما هذا الحديث إسناده كذا ، وهذا إسناده كذا حتى أتى على المئة فرتبها حسب أسانيدها

والبخاري من أفقه العلماء ، ولذا يقولون : فقه البخاري في تبويبه .

 

 

 

 

كتاب البخاري الذي هو الجامع الصحيح قد تفنن فيه رحمه الله  وأوضح فيه غزارة فقه ، ولذا فإن له مقصودا في أي باب يضعه في  هذا الكتاب

ولذا قال العلماء : إن فقه البخاري في تبويبه

وهو فقه دقيق حتى إنه ليورد أحاديث تحت باب يعجب القارئ من إيراده تحت هذا الباب لكون هذا الحديث بعيدا في نظر القارئ عن هذا التبويب ، لكن مع تدقيق النظر يجد أن هناك مناسبة جميلة من اجلها أورد هذا الحديث تحت هذا الباب

وقد أوضح ابن حجر رحمه الله ، وغيره  من العلماء أوضحوا مقاصد البخاري رحمه الله في هذه الأبواب

وقد قام : ” ابن حجر ” رحمه الله بجهد عظيم يشكر على هذا الجهد ، وشرحه للبخاري الذي هو المعروف بفتح الباري شرح يدل على عمق علم هذا العالم الجليل

ولذا يُطلق عليه ” أمير المؤمنين ” في الحديث

وقد قال العلماء إن شرح صحيح البخاري دين على المسلمين ما وفّى به إلا ابن حجر رحمه الله

وإن كان هناك علماء  قد سبقوه في شرحه ، ولهم منا الدعاء إلا أن شرح ابن حجر رحمه الله كما قيل : ” لا هجرة بعد الفتح “

يعني : لا شرح بعد فتح الباري .

وإن كان رحمه الله قد أغفل بعض الأشياء ، وتأبى حكمة الله عز وجل إلا أن تظهر نقص المخلوق مهما كان لديه من الكمال  النسبي

وأقول : إن من ضبط الفتح سيضبط بإذن الله علما غزيرا

وضبطه ليس بتلك السهولة فإنه رحمه الله يورد :

عجائب وفرائد في الأسانيد

وفي الروايات

وفي النكت النحوية والبلاغية ، والحديثية ، والفقهية

وقد جعل لشرحه مقدمة جُعلت في كتاب  واحد

وقد قام مشكورا برد كل قول طُعن فيه أو انتقد فيه على بعض الأحاديث في صحيح البخاري ، وذلك أن بعض الأحاديث انتقد فيها على البخاري .

وكذلك انتُقدت أحاديث على مسلم

والجواب عن هذا الانتقاد يكون من وجهين :

أحدهما مجمل ، والآخر مفصل

فأما المجمل : فإن البخاري ومسلما قد عورضا في هذه الأحاديث ، وعند التعارض نرى أن قول هذين العالمين أرجح من قول غيرهما ، وذلك لبراعتهما في هذا الفن

وأما المفصل :

فهو أن ابن حجر وضح ما انتُقد به على البخاري ، وكذا النووي رحمه الله في الأحاديث التي انتقدت على مسلم

ومسلم :

هو مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري

وهو احد طلاب  البخاري ، ومن طلابه الترمذي رحمه الله ، وقد عاش في القرن الثالث

وهذا الصحيح شرحه علماء ، وممن شرحه : ” النووي ” وسماه : (( المنهاج شرح صحيح مسلم بن  الحجاج ))

وشرحه له مختصر لكنه حاوٍ فوائد

والنووي رحمه الله يُعد من العلماء  الذين لم تطل أعمارهم    فلا يكاد عمره يتجاوز خمسا وأربعين سنة ، وقد أُعطي قبولا في كتبه ، وانتشرت بين الناس ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء

في مثل هذه الحقبة اليسيرة يكون له هذا الذكر ، ويكون لكتبه هذا القبول ، هذه نعمة من الله وفضل

وكان يرفض أن يلعب مع الصبيان ، وهو في سن السابعة ، وكانوا إذا أرغموه على اللعب بكى

وكتبه مثل :

: ” الأربعون النووية “

” رياض الصالحين “

و ” الأذكار “

حتى كان يقال : ” بع الدار واشتر الأذكار “

أي إنه إذا ما كان لديك مال تشتري به هذا الكتاب فخليق بك أن تبيع دارك

ومنها :

” المنهاج “

ومنها :

” المجموع شرح المهذب في الفقه ، ولم يكمله رحمه الله ، فقد وقف عند باب الربا “

ولذا يقول ابن كثير يرحمه الله : ” ما رأيت في الفقه أحسن منه “

والبخاري في صحيحه يشترط شروطا في الصحة أقوى من شروط مسلم

ولذا فهو رحمه الله يشترط في قبول رواية الراوي يشترط : ” أن يكون معاصرا لمن يروي عنه وملتقيا به ”

أما مسلم : فيشترط المعاصرة مع إمكان اللقيا

ولذا فاق البخاري مسلما في درجة الصحة بينما فاق مسلم البخاري في ترتيب وتنظيم الأحاديث

فيورد الأحاديث المتعلقة بهذا الباب يوردها كلها

أما البخاري :

فيقطع منها ، وربما يورد حديثا في باب آخر ، وقد يورده بلفظ آخر وبسند آخر

ولذا لبراعته في هذا الفن يتفنن حتى في الأسانيد

ولا يعرف قدر صحيح البخاري إلا من اطلع إطلاعا واسعا على شرح ابن حجر له

وكما أسلفت في الذكر أن من ضبط الفتح أظن أنه سيضبط نصف الأحاديث أو نصف السنة ، فهو لا يدع رحمه الله شاذة ولا فاذة : أعني ابن حجر إلا ويوردها

وقد قام بعض المعاصرين بذكر بعض الفوائد المتناثرة من الفتح في كتب واحد ، وهي نُقُول

لكن لو أن هناك أحدا قام بتقريب فوائد الفتح حظي بإذن الله المسلمون على خير عظيم

والحديث عن هذين الكتابين يطول ويطول ، فيُكتفى بهذا القدر