الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (72) قوله تعالى ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة )

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (72) قوله تعالى ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة )

مشاهدات: 508

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ــ الدرس (72)

قوله تعالى ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف رحمه الله :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله تعالى : {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }

الشرح :

ـــــــــــــــــــ

هذه الآية لها متعلق بما قبلها :

قال تعالى : ((قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً{56} أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله : ((قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ ))  :

يعني من عُبد من دون الله

من هم هؤلاء المدعون من دون الله ؟

قال بعض المفسرين : ” عيسى والملائكة “

وقيل : عيسى وأمه

ولكن لتعلم :

ــــــــــــــ

أن القاعدة في التفسير كما قال شيخ الإسلام قال : ” إن بعض المفسرين يفسر الشيء ببعض أنواعه ، ولا يريد بذلك الحصر “

فتشمل هذه الآية كل من عُبد من دون الله

لكن المفسرين يفسرون في بعض الأحيان الشيء ببعض أفراده :

مثال ذلك :

قال تعالى : ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ))

فمنهم ظالم لنفسه :

قال بعض المفسرين : هذا في حق من أخَّر الصلاة عن وقتها أو فرَّط في شيء منها

وأما المقتصد :

فهو المحافظ على الصلوات المفروضة

والسابق إلى الخيرات :

هو المحافظ على الصلوات المفروضة مع نوافلها

وقال بعضهم :

إن الظالم لنفسه :

هو الذي يتهاون في أداء الزكاة

والمقتصد :

هو الذي يخرج الزكاة المفروضة

والسابق بالخيرات :

هو الذي يزكي الزكاة المفروضة مع إخراج صدقات التطوع

ـــ فليس معنى هذا :

أن يُحصر معنى الآية في هذه الأشياء ، إنما يذكرون نوعا من أجل أن يتضح المعنى للقارئ والسامع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : ((فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً{56} ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكشف : هو الإزالة والرفع

والتحويل : هو الصرف

فيكون معنى هذا : أن من دُعي من دون الله لا يستطيع أن يرفع ما نزل بداعيه ، ولا أن يصرف ما سينزل به .

وتأمل كلمة : ((تَحْوِيلاً ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نكرة في سياق النفي فتعم أي تحويل

فهم لا يستطيعون أن يصرفوا هذا الضر جملة وكلية ، وكذلك لا يستطيعون أن يحولوه أو يصرفوا بعضه أو أن يصرفوا أثره

بمعنى : أن يقللوا من أثره على داعيهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم قال : ((أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يدعون ـــــــــــ الضمير هنا للداعين

ويبتغون ـــــ الضمير فيه للمدعوين

كعيسى والملائكة ونحوهم

فيكون معنى الآية :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أن أولئك الداعين لغير الله لا يستطيع هؤلاء المدعون ان يصرفوا عنهم شيئا

وأن هؤلاء المدعون يبحثون عن الوسيلة القريبة التي تقربهم إلى الله عز وجل ، فهم بحاجة ماسَّة إلى ان يدعو الله ، فكيف يُدعون من دون الله ؟

وقوله : ((يَدْعُونَ ))

يشمل دعاء العبادة ودعاء المسألة

وسبق بيان هذين النوعين

وقوله : ((يَبْتَغُونَ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمعنى : يطلبون

فهؤلاء المدعوون من ملائكة ورسل وأولياء يبتغون إلى ربهم الوسيلة

الوسيلة :

ـــــــــــــــــ

هو ما يُتوسل به ويتوصل به إلى الشيء

ولذا قال تعالى : ((وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ))

أي الوسائل التي تنجيهم من عذاب الله

وقال تعالى عن ” ذي القرنين “ : {فَأَتْبَعَ سَبَباً } أي : اتخذ

وقوله : ((إِلَى رَبِّهِمُ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فائدة ذكر ” الرب ” هنا والعدول إليها عن كلمة لفظ الجلالة : ” الله “ الفائدة من هذا :

أن هذه الربوبية ربوبية خاصة ، لن الربوبية نوعان :

ـــــ ربوبية عامة / تفيد جميع الخلق :

فهو جل وعلا يرزقهم ويشفيهم ويعطيهم

ــــ وأما الربوبية الخاصة :

فهي للمؤمنين ، فهو يربي ويغذي نفوسهم بالإيمان

وهذا هو سبيل المتقين إذا دعوا الله أتوا باسم ” الرب “

قال عز وجل : ((وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ))

وقال تعالى : ((وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ))

وقال تعالى : ((رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ ))

((رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ))

فنجد أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأن الصالحين إذا دعوا الله عز وجل دعوه باسم الرب في غالب الأحوال

فهذا يدل على الربوبية الخاصة .

فكذلك هؤلاء كما جاء في هذه الآية يتوافق مع ما جاء في آيات متعددة ؛ لن معنى : (( يبتغون )) يطلبون ويسألون

فهم يدعون الله باسمه الرب الذي ربَّى قلوبهم وغذَّى نفوسهم بالإيمان والخير والصلاح .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( الوسيلة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فُسرت كما سبق ، ولكن هذه  الكلمة مع قوله : ((وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ))

هذه الكلمة مع الجملتين الآتيتين يدل على أن هؤلاء المدعوين قد حققوا العبادة بأركانها الثلاثة :

المحبة

والرجاء

والخوف

ومع أنهم حققوا هذه العبادة وأتوا بأركانها هم مع ذلك في مسيس الحاجة إلى فضل الله عز وجل ورحمته فكيف يدعون من دون الله .

فقوله : (( الوسيلة )) تدل على المحبة .

وذلك لأن الإنسان لا يسعى لشيء إلا لكونه يحبه :

كما قال ابن القيم : ” إن مدار كل شيء على المحبة “

 فحينما تسعى إلى أكل الطعام ـــــــــــ لم ؟

لأنك تحبه

إلى الشراب لأنك تحبه

فأنت لا تسعى إلى شيء إلا لكونك تحبه

هل يمكن لعاقل أن يسعى لشيء يضره أو يكرهه ؟

لا يمكن

ولذا مر معنا في حديث ” عتبان بن مالك ” كما في الصحيحين :

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( فإن الله حرَّم على النار من قال : ” لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ))

يعني : يسعى إلى طلب مرضاة الله :

ولذا كما قال شيخ الإسلام قال : ” إن المحبة تلقي بالعبد في طريق الله ، والخوف يمنعه من أن يخرج عن هذا الطريق ، والرجاء يقوده في هذا الطريق “

ما الذي دعا ابن القيم أن يقول : ” إن المحبة بمثابة رأس الطائر “

فهي أعظم من ركن الخوف والرجاء

” بينما الخوف والرجاء هما جناحا الطائر “

” فإذا أُزيل الرأس يهلك الطائر ، وإذا أزيل الجناح أو الجناحان كان هذا الطائر عرضة لكل صائد أو كاسر “

فدل على أن المحبة هي أعظم أركان العبادة :

ولذا : وصفها رحمه الله كأنها رأس الطائر ـــــــــ لم ؟

لأن الرأس أشرف ما في الإنسان أو أشرف ما في المخلوق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله : (( الوسيلة أيهم أقرب )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوسيلة تدل على المحبة

وقوله : (( أيهم أقرب )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه من الآيات التي يستدل بها على حق الناس إلى التسابق إلى الخيرات :

قال عز وجل : ((وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ))

((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ))

{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ }

((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ))

فهو لا يسبق فحسب وإنما يسابق وينافس غيره

ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : (( إذا رأى أحدكم من فضل الله عليه في المال فلينظر إلى من هو دونه فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ))

ففُهم من هذا :

أن المنافسة في الخير أمر شريف ، ويمدح عليه العبد :

ولذا جاء عند الترمذي :

أن النبي عليه الصلاة والسلام لما حثّ الصحابة على الإنفاق في سبيل الله أتى عمر بنصف ماله ، وقال : ” اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته ” ))

إذاً فيه تنافس .

فجاء أبو بكر بماله كله :، فاقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما تركت لأهلك يا أبا بكر ؟ ))

قال : ” تركت لهم الله ورسوله “

فقال عمر: ” لا أسابقك إلى خير أبدا

معنى هذا : يعني لا يمكن ان أصل على ما وصلت إليه يا أبا بكر

الشاهد من هذا :

أن على المسلم أن يتسابق مع إخوانه في الخير :

سواء في طلب العلم

أو في عبادة

فليتنافس فإن هذا هو دأب الصالحين والأنبياء

(( أيهم أقرب )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

يستفاد منها :

أن التقرب إلى الله هو ديدن ودأب الأخيار

وقد بيَّن الشرع أن القرب من الله يكون في السجود

قال النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم – : (( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ))

فإذاً السجود من الوسائل التي تقربك إلى الله

وقوله : ((  ويرجون رحمته ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا هو الركن الثاني من أركان العبادة ، وهو الرجاء

وسبق الحديث عن هذا مفصلا

وقوله : (( ويخافون عذابه )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا هو الركن الثالث من أركان العبادة

وقال هنا : (( ويرجون رحمته )) بينما  في بعض الآيات كما في قصة مدين قال : ((وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ))

فالرجاء هنا رجاء لليوم الآخر

وفي هذه الآية رجاء لرحمة الله

ولا تناقض بين الأمرين ــــــــــــــ لم ؟

لأن رحمة الله تكون أعظم ما تكون في اليوم الآخر :

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إن الله خلق مائة رحمة فجعل رحمة في الأرض فبها يتراحم الخلق ، فإذا جاء يوم القيامة جعل هذه الرحمة مع تسع وتسعين رحمة ))

ثم إن قوله : ((وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ))

فيه شيء من الوعيد والترهيب

وذلك لن الرجاء يتضمن الخوف ، والخوف يتضمن الرجاء

أنت إذا رجوتَ شيئا خفت أن يفوتك ، وإذا خفت من ذهاب شيء رجوت أن لا يفوتك

ولذا قال تعالى : {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً }

يعني : مالكم لا تعظمون الله حق تعظيمه وتخشونه حق خشيته

ثم قال عز وجل : (( إن عذاب ربك كان محذورا )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عذابه عز وجل الواجب على المسلم ان يحذره وان لا يأمن عقوبة الله

وختام الآية بقوله : ((إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً )) لأن غالبية الناس يغلِّبون الرجاء على الخوف

فمن غلَّب جانب الرجاء على الخوف امن مكر الله ،” وإذا امن مكر الله لم يعظم شعائره ووقع في محارمه

فإذا أسرف في الرجاء وقع في الأمن من مكر الله

وإذا أسرف في  الخوف وقع في اليأس والقنوط من رحمة الله

ولذا قال عز وجل :((نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ{50} ))

يجمع بين الرجاء والخوف

وقال تعالى : ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ))

وقال تعالى : ((غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ))

وقال تعالى لما ذكر كوكبة من الأنبياء ، وهذه الآية تتوافق مع الآية التي نحن بصدد الحديث عنها :

لما ذكر الأنبياء ـــــــــــــ ماذا قال ؟

((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ))

والمسارعة تدل على المحبة كقوله تعالى : (( يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ))

((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))

وهذا يدل على أن من أحب الله وخشيه ورجاه سابق إلى الخيرات

فمن أراد أن يتسابق إلى الخيرات فليكن الله أحب لديه

وأن هذه المحبة كلما ضعفت كلما ضعفت العبادة

وإذا ضعفت العبادة من باب أولى أن لا تحصل له مسارعة ولا مسابقة للخيرات

والمتأمل لكتاب الله يجد انه جل وعلا يجمع بين الرجاء  وبين الخوف

لو قال قائل :

ما الشاهد ؟

ما الدلالة من ذكر هذه الآية تحت هذا الباب ؟

ما علاقتها بتفسير التوحيد ؟

علاقتها :

ــــــــــــــــــ

أن من دعا غير الله فقد أشرك ، ومن ثم فإن إخلاص الدعاء لله عز وجل هو ” التوحيد “

إذاً تتبين الأشياء بمعرفة أضدادها

دعاء غير الله شرك ، إذاً ترك الدعاء لغير الله وصرف الدعاء له جل وعلا هو التوحيد

ومن ثم فإن البعض قد يصلي ويصوم ويزكي ويحج ومع ذلك يكون مشركا ـــــــــــ لم ؟

لأنه يدعو غير الله عز وجل

يأتي للموتى ويستغيث بهم ، ويتوجه إليهم

كما يصنع البعض إذا أتى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو إذا أتى إلى قبر الصحابة في البقيع يتوجهون إليهم ويرفعون أيديهم ، ويستغيثون بهم ، ويقولون : ” أغثنا ” أو ” مدد يا رسول الله “

أو ما شابه ذلك من الألفاظ الشركية

مع أنهم يصلون ويصومون ويحجون لكن هذه لا تنفع ــــــــــ لم ؟

لأن الأساس قد انهار وهو ” التوحيد “

بل إن هؤلاء لما ضعفت محبتهم لله أحبوا غير الله ، صرفت العبادة لهؤلاء الذين لا يملكون ضرا ولا نفعا

ونحن لما ذكرنا الآية التي قبلها فكذلك نذكر الآية التي بعدها فلها متعلق :

قال تعالى : {وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً }

فدل على أحد وجوه التفسير دل على أن : ” ترك التوحيد سبب للعذاب في الدنيا وفي الآخرة

وقال بعض المفسرين : ((وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا ))

يعني : المؤمنين يهلكهم الله

((أَوْ مُعَذِّبُوهَا )) هذا في حق المشركين