بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت
حديث رقم -432-
( صحيح ) حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم الدمشقي ثنا الوليد ثنا الأوزاعي حدثني حسان يعني بن عطية عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال : قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا قال فسمعت تكبيره مع الفجر رجل أجش الصوت قال فألقيت عليه محبتي فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتا ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت بن مسعود فلزمته حتى مات فقال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله قال صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة ” )
من الفوائد التي تزيد على ما ذكر في الحديث السابق :
بيان فضل ملازمة العلماء ، وأن ملازمة العلماء لا يجني منها الإنسان إلا خيرا .
ومن الفوائد :
بيان فضل محبة العلماء وأن من الناس من إذا رئي فإن المحبة تصل إلى قلب الرائي .
ومن الفوائد :
أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الأمراء قد وقع في بني أمية ، فإنهم كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها المختار .
ومن الفوائد :
أن معنى ( أجشُّّ الصوت ) يعني ضخم الصوت مع غنة ، فبعض الناس يكون ضخم الصوت وفي صوته غنة .
ومن الفوائد :
بيان فضل الرواة وأنهم ينقلون ما رأوه وما سمعوه بحذافيره ، ولذا لا تجد في أي أمة من الأمم حفظت تاريخها مثل هذه الأمة ، من حيث السعة ومن حيث الدقة ومن حيث العدل فيما ينقل ، فهذا مما امتاز به التاريخ الإسلامي على غيره ، ولذا فإن التاريخ الإسلامي فيه عدل وإنصاف .
ومن الفوائد :
أن الصلاة الثانية المؤداة سماها النبي صلى الله عليه وسلم سبحة ، والسبحة المقصود منها النافلة ، كما تقول ” سبحة الضحى ” أي سنة الضحى .
وهناك فوائد مرت معنا تضاف إلى ما ذكر هنا .
حديث رقم -433-
( صحيح ) حدثنا محمد بن قدامة بن أعين ثنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى عن بن أخت عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت ح وثنا محمد بن سليمان الأنباري ثنا وكيع عن سفيان المعنى عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى الحمصي عن أبي أبي بن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها فصلوا الصلاة لوقتها فقال رجل يا رسول الله أصلي معهم قال نعم إن شئت ” وقال سفيان – إن أدركتها معهم أأصلي معهم قال نعم إن شئت )
من الفوائد :
أن الصحيح في هذا الرجل أنه ليس ابن أخت عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، وإنما هو ابن امرأة عبادة ، فهو ابن لزوجته .
واسمه كما قال الحافظ اسمه ” عبد الله “
وقد قال رحمه الله في التقريب ” إنه آخر من مات من الصحابة في بيت المقدس “
لأن فيه أناسا من الصحابة آخر من مات في المدينة ، وآخر من مات في مكة ، فهذا آخر من مات في بيت المقدس .
ومن الفوائد :
أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر الصحابة رضي الله عنهم الذين نقلوا عنه هذا الحديث ومن حضره لم يأمرهم بالخروج على هؤلاء الأئمة الذين ضيعوا مثل هذا الواجب ، فدل على أن الخروج على الأئمة لا يجوز إلا إذا كان هناك كفر بواح يعني ظاهر ، وهناك برهان ساطع ليس فيه مرية ولا شك ، ولذلك كما سيأتي معنا ( ما صلَّوا القبلة ) فما دام أن أئمة الجور يصلون فإنه لا يجوز الخروج عليهم ، بل لو كانوا كفارا قد ظهر كفرهم واستبان فلا يجوز أن يخرج عليهم إلا إذا كانت هناك قوة لدى المسلمين يمكن أن يزيلوه ، أما إذا ترتب على ذلك قتل وسفك للدماء وخوف ورعب ، فإنه يُبقى على ما هو عليه حتى يريح الله عز وجل المسلمين من شره .
ومن الفوائد :
أن الأمر الوارد بالصلاة معهم في الأحاديث السابقة ليس على سبيل الوجوب ، وإنما هو على سبيل الاستحباب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرجع الأمر إلى مشيئة المسلم إذا حضر هؤلاء ، فله أن يصلي معهم الصلاة الثانية وله أن يتخلف ، لكن إن كان في تخلفه مفسدة أو مضرة عليه فليحضر .
حديث رقم -434-
( صحيح ) حدثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا أبو هاشم يعني الزعفراني حدثني صالح بن عبيد عن قبيصة بن وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم فصلوا معهم ما صلَّوا القبلة )
من الفوائد :
أن الصلاة مع هؤلاء الأئمة إذا صلى الإنسان الصلاة وحده منفردا عنهم ، أن الصلاة معهم فيها خير له ، لم ؟
لأنه أدرك الصلاة أول الوقت فنال فضيلة إدراك الوقت ونال فضيلة الجماعة معهم ، بينما هذه الصلاة عليهم إثم ووزر ، لم ؟ لأنهم أخروها عن وقتها المختار ، فلا يعدم المسلم إذا قدَّر الله عز وجل عليه وحضر زمنا من هذه الأزمان الظالمة الآثمة لا يعدم خيرا إذا صلى معهم .
ومن الفوائد :
أن هؤلاء – وهم أئمة الهوى والجور – إذا صلَّوا يصلى خلفهم ما صلَّوا القبلة ، يعني ما دام اتجاههم إلى القبلة فإنهم مازالوا مسلمين ، لكن لو انحرفوا عن القبلة فاتجهوا إلى جهة أخرى دل على أنهم ليسوا بمسلمين ، لأن قبلة المسلمين هي الكعبة .
ومن الفوائد :
بيان فضيلة الصلاة ، ولذا جعلها النبي صلى الله عليه وسلم فارقة وعلامة بين المسلم وبين الكافر .
ومن الفوائد :
أن فيه دليلا على أن الأئمة وهم الولاة فيما سبق ، كانوا يؤمون بالناس الجمع والأعياد ، ولذلك نص علماء السلف على أنه يجب أن يصلى خلف أئمة الجور ولا يجوز التخلف عنهم في صلاة العيد والجمع ، ولذا كان ابن عمر رضي الله عنهما وغيره من الصحابة رضي الله عنهم يصلون خلف الحجاج بن يوسف الثقفي ، وفيه من الظلم ما فيه .
ومن الفوائد :
أن الصلاة من أعظم الشعائر الظاهرة للمسلمين ، فإذا اختفت هذه الشعرية فقد اختفت معالم الإسلام في ذلك البلد ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغزو قوما انتظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار عليهم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .