بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب ما جاء في مسح الأذنين
حديث رقم – 440-
( حسن ) عن الربيع أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح ظاهر أذنيه وباطنهما )
من الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على مسح أذنيه ، فدل هذا على ما ذهب إليه جمع غفير من العلماء من أن مسح الأذنين مع الرأس واجب ، ويستدلون عليه بأحاديث منها كما سيأتي ( الأذان من الرأس ) وهذا الحديث وإن كان فيه مقال ، فبعض العلماء يصححه وبعض العلماء يضعفه إلا أن هناك دليلا آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر فضل الوضوء قال ( فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من أذنيه ) بينما بعض العلماء يرى أن حديث ( الأذنان من الرأس ) ضعيف ولا يجب مسح الأذنين ، ولعلهم يستدلون بدعائه صلى الله عليه وسلم في السجود ( سجد وجهي للذي خلقه فصوره وشق سمعه وبصره ) فقالوا إن الأذن تابعة للوجه وليست من الرأس ، ويجاب عن هذا بأن هناك فرقا بين السمع وبين الأذن ، قال هنا ( شق سمعه ) بينما الأذن تختلف ، ولذلك في الشرع في دية الأذن حكم يختلف عن دية السمع ، فلو أن شخصا قطعت أذنه فعليه نصف الدية ، بينما لو أن شخصا ضُرِب فبقيت أذناه وذهب سمعه فإن عليه الدية كاملة ، فالسمع يختلف عن الأذن ، فقد يذهب السمع وتبقى الأذن ، وقد تذهب الأذن ويبقى السمع .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين صفة مسح الأذنين ، والمراد الصفة المسنونة ، فالله عز وجل أطلق مسح الرأس ، قال { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ }المائدة6 ، وأثبتنا أن الأذنين من الرأس، فلو مسح الإنسان رأسه أو أذنيه على أي صفة كانت أجزأ ، لكن ما هو الأفضل ؟ الأفضل أن يمسح باطن أذنين وظاهرهما ، وبيان ذلك كما في الحديث الآتي بأن يضع أصبعيه في جحري أذنيه ويمسح بهما باطن الأذن وبالإبهام يمسح ظاهر الأذن ، هذا هو الأفضل والأحسن .
ومن الفوائد :
بيان فضل الصحابة رضي الله عنهم فإنهم نقلوا لنا ما فعله صلوات ربي وسلامه عليه ، فمن حقهم علينا أن نترضى عليهم وأن ندعو لهم ، فهذا ما أقل ما نقدمه لهم رضي الله عنهم .
حديث رقم – 441-
( حسن ) عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء قالت توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فأدخل إصبعيه في جحري أذنيه )
من الفوائد :
أن هذا الحديث يبين ما أجمل في الحديث السابق وأن أصبعيه أدخلهما في جحري أذنيه ، وهذا يدل على أن تتبع الروايات يفيد طالب العلم ، فإنه إذا علم بالروايات الأخرى استطاع بإذن الله سبحانه وتعالى أن يصل للحكم الشرعي وأن يصيبه بإذن الله تعالى ، ولذلك نرى بعض الناس ممن بدأ في علم الحديث من حين ما يسمع حديثا يبني عليه أحكاما ولا ينظر إلى أن هناك أدلة أخرى تكمل ما قد نقص من هذا الحديث أو اختصر منه وبقيته نقله صحابي آخر أو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره في موطن ثم ذكره في موطن آخر بزيادة ، ولذا قد يقع بعض الأئمة في مثل هذا الخطأ ، ومن أحسن من يجمع الروايات هو ابن حجر رحمه الله فله باع في هذا ، ولكن قد يقع بعض الأئمة فيبني حكما بناء على حديث ، وهو معذور لأنه عالم ومجتهد ، بينما غيره ممن هو في بداية الطلب ليس بمعذور ، مثل الإمام النووي رحمه الله فإنه قال لا يصح للإنسان إذا قال الدعاء الذي بعد الأذان أن يقول ( وبعثه المقام المحمود ) وإنما يقول كما جاء في القرآن ( وابعثه مقاما محمودا ) وقال لعدم الدليل ، وقد رد عليه ابن حجر رحمه الله وذكر أن بعض أهل السنن ذكره ، وهذا يدل على ضعف ابن آدم مهما بلغ في العلم مبلغا فإنه لا يرى نفسه شيئا ، فإنه لو حضر عنده شيء فإنه يفوت عليه أشياء ، ومن حرص على هذا المبدأ فإن الله عز وجل ييسر له العلم ويفتح له أبوابا من العلم لأنه تواضع للعلم ، لأن هذا العلم دين ويتعبد الله عز وجل به .
حديث رقم – 442-
( صحيح ) عن المقدام بن معديكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما )
من الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه ثم أتبعه بمسح الأذنين ، فلعل فيه مؤشرا على أن الأذنين تابعة للرأس .
باب الأذنان من الرأس
حديث رقم – 443-
( حسن ) عن عبد الله بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس )
من الفوائد :
هذا الحديث يحسنه الألباني رحمه الله ويضعفه غيره ، فإذا أثبتناه أثبتنا أن الأذنين من الرأس فيجب مسحهما ، ومن ضعفه فإنه يرى عدم وجوب مسح الأذنين ، مع أنه يرى السنية ، لكن الوجوب ليس بلازم عنده ، ولكن كما أسلفنا لو لم يصح هذا الحديث ، فالحديث الوارد في فضل الوضوء ( إذا مسح رأسه خرجت خطاياه من أذنيه ) يؤكد أن الأذنين من الرأس .
حديث رقم – 444-
( حسن دون ” مسح المأقين ” ) عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأذنان من الرأس وكان يمسح رأسه مرة وكان يمسح المأقين )
من الفوائد :
أنه يدل على مسح الرأس وعلى مسح المأقين ، ولكن جملة ( مسح المأقين ) فيها ما فيها من الضعف ، وعلى افتراض صحة هذه الجملة فإن هذا من السنة وليس من الواجب .
و ( المأقين ) هو ما انحدر من العين جهة الأنف ، لأنه ربما بقي فيها أثر من آثار الكحل الذي كان يكتحل به عليه الصلاة والسلام أو أثر من آثار النوم ، فهذا من البالغة في الإسباغ في الوضوء .
ومن الفوائد :
أن مسح الرأس يكون مرة واحدة ، وقد مر معنا الحديث عن مسح الرأس ، مر معنا أنه مُسح مرتين ، ومسح ثلاثا ، وكلها شاذة ، وعلى افتراض صحة ( مسح مرتين ) فالمقصود أنه مسح ما استقبل من شعره وما استدبر منه ، بمعنى أنه وضع كفيه على رأسه في المقدمة ثم ذهب بهما إلى المؤخرة ثم عاد مرة أخرى إلى المقدمة فصدق أنه مسح مرتين ، وأما أنه ( مسح ثلاثا ) على افتراض صحتها فالمقصود أنه عمم رأسه مرة واحدة ولكن بثلاث مرات .
حديث رقم – 445-
( حسن ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس )