تعليقات على سنن ابن ماجه ( 41 ) من حديث ( 469-470 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 41 ) من حديث ( 469-470 )

مشاهدات: 435

تعليقات على سنن (  ابن ماجه )

الدرس الحادي والأربعون

469-470

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب ما يقال بعد الوضوء

حديث رقم – 469-

( ضعيف ) حدثنا موسى بن عبد الرحمن حدثنا الحسين بن علي وزيد بن الحباب ح و حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو نعيم قالوا حدثنا عمرو بن عبد الله بن وهب أبو سليمان النخعي قال حدثني زيد العمي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرات أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتح له ثمانية أبواب الجنة من أيها شاء دخل )

من الفوائد :

هذا الحديث ضعفه الألباني رحمه الله بذكر من قال ذلك ثلاثا ، وإلا فالحديث ثابت عند مسلم ، فإذا قالها مرة فهذا هو الوارد ، أما قولها ثلاث مرات فإنه حديث ضعيف ، وكان من الأحسن أن يبين رحمه الله أنه ضعيف بذكر الثلاث وأن أصل الحديث عند مسلم رحمه الله .

حديث رقم – 470-

( صحيح )  عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء )

من الفوائد :

بيان فضل إحسان الوضوء ، فإذا أُحْسِن الوضوء وقيل هذا الذكر ظفر الإنسان بهذا الأجر ، وهو تفتيح أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .

ومن الفوائد :

بيان فضل كلمة التوحيد ، فإنه لما طهَّر ظاهره بغسل وإسباغ أعضاء الوضوء طَهَّر قلبه بذكر هذا الذكر الشريف ، فحصلت له طهارتان ظاهرة وباطنة .

ومن الفوائد :

أن اللفظ الأول يختلف عن اللفظ الثاني ، اللفظ الأول فيه جملة زائدة وهي ( وحده لا شريك له ) بينما الحديث الذي يليه ليست موجودة فيه ، ومن ثم فإن الإنسان لو نوَّع مرة يقول هذه الجملة ومرة يتركها لكان حسنا .

أو ربما يقال إن جملة ( وحده لا شريك له ) تركت في الحديث الثاني اختصارا أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أُعْلِم بها لاحقا .

ومن الفوائد :

أن الجنة لها ثمانية أبواب ، وهذه الأبواب الثمانية تفتح لقائل هذا الذكر بعد هذا الوضوء الحسن تفتح له تكريما ، وإلا فالدخول من باب واحد ، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح أن دخوله من الباب الذي تكثر فيه نوافله ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن للصلاة بابا ، فإذا كانت النافلة منه في الصلاة أكثر دخل من باب الصلاة ، وذكر أن للصدقة بابا ، فإذا كانت نوافل الصدقة منه أكثر من العبادات الأخرى دخل من باب الصدقة ، وهلم جرا ، ولذلك في آخر الحديث الذي في الصحيحين ، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء أكثر الأبواب ، قال أبو بكر رضي الله عنه ( ما على أحد دخل من تلك الأبواب من ضرورة ) يعني لو دخل إنسان من باب واحد يكفي ، فخر واعتزاز ( فهل يدعى أحد من جميع هذه الأبواب ؟ فقال عليه الصلاة والسلام نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ) والرجاء من الله عز وجل أو من النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتت في النصوص تدل على الوقوع ، يعني أنها واجبة ومتحققة ، فتحقق هنا أن أبا بكر رضي الله عنه يدعى من جميع الأبواب .

فلو قال قائل : إذاً لا مزية لأبي بكر رضي الله عنه على أحد من المسلمين لأن المسلم إذا أحسن الوضوء وذكر هذا الذكر حصل له تفتيح أبواب الجنة ؟ فكيف يخصه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المنقبة ؟

فيجاب : من أنه لا تعارض ، لأنه فرق بين أن تفتح لك الأبواب وبين أن تفتح لك وتدعى ، ولذلك في الرواية الأخرى ( كل خزنة باب تقول له ” هلم هلم ) ففرق بين تفتيح الأبواب وبين تفتيحها والدعاء للدخول منها .

ومن الفوائد :

أنه جاءت زيادة عند الترمذي وهي ثابتة صحيحة أن يقول بعد هذا الذكر ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )

ويستحسن أن يذكر ما ذكره النسائي رحمه الله في ” عمل اليوم والليلة ” أن يقول ( سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ) فهذا الذكر يقال بعد الوضوء ، وهو الذكر الذي يقال عند مغادرة المجلس ، فنص الذكر الذي  يقال بعد الوضوء هو نفس نص لفظ كفارة المجلس ، قال عليه الصلاة والسلام من قال هذا ( كتب له في رَق ) يعني في جلد ثم ختم بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة ) يعني أنها لا تفتح إلا في يوم القيامة تكريما لقائل هذا الذكر .

وهذا يدل على فضل التوحيد ، لأن هذه الأذكار الواردة كلها تعنى بالتوحيد وهو إخلاص العبادة لله عز وجل .

وهناك بعض الناس يرفع سبابته إذا قال هذا الذكر، ولا أعلم له أصلا .

سؤال : هل له أن يجمع بين هذه الأذكار ؟

الجواب : نعم ، يجمع بين هذه الأذكار ، لأن كل ذكر منها له ثواب مخصص .

ومن الفوائد :

بيان فضل الوضوء ، فإن هذا الثواب مترتب على هذا الذكر وما يسبقه من فعل وهو الوضوء ، وليس أي وضوء وإنما هو الوضوء الذي أُسبغ وأُحسن .

ومن الفوائد :

أن هذا الفعل لا يكون إلا للمسلم ، لأنه أطلق وعمم في الحديث الأول وخصص في الحديث الثاني بذكر المسلم .

ومن الفوائد :

أن الفاء هنا في قوله ( من توضأ فأحسن الوضوء ) تفسيرية ، ففسرت هذا الوضوء المطلق من أنه وضوء حسن .

ومن الفوائد :

أن هذا الذكر لا يقال قبل الوضوء وإنما يقال بعده .

ومن الفوائد :

أنه لا ذكر في ثنايا الوضوء ، ولم يصح ذكرٌ في ثنايا الوضوء ، ولم يصح قراءة أي سورة ، ولم يصح أي دعاء ، ولذلك الذكر الذي يقال عند الوضوء ابتداء ” البسملة ” مع أن العلماء مختلفون في ثبوت الحديث فيها ، وأما في ثنايا الوضوء فلا ذكر صحيح ، وأما بعد الوضوء فيقول هذا الذكر ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له ، وأشهد أن محمدا عبده رسوله ) ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك )

وقد جاء ذكر عند ابن السني ( اللهم وسِّع لي في داري وبارك لي فيما رزقتني ) فجعله بعض العلماء من أذكار الوضوء ، ولكن الألباني رحمه الله يرى أن هذا الذكر ما صح بعد الوضوء ، يعني أتى الحديث مطلقا ، فهو ذكر صحيح ولكن قال رحمه الله ” توهم من زعم أنه يقال بعد الوضوء “

ومن الفوائد :

أن الفاتح لهذه الأبواب مبهم ، ومعلوم أن لهذه الأبواب خزنة ، ففيه إثبات أن لأبواب الجنة خزنة ، ولذلك إذا طرق النبي صلى الله عليه وسلم باب الجنة بعدما يعبر المسلمون الصراط ( فيقول خازنها من أنت ؟ فيقول أنا محمد ، فيقول بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك ) وهذا يدل على عظم الجنة .

ومن الفوائد :

أن فيه إشارة إلى فضل التوحيد وأنه مفتاح لأبواب الجنة ، وإلا فما مناسبة هذا الذكر في هذا الثواب ؟ فالمناسبة واضحة أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ” سبب لدخول الجنة ، فهو مفتاحها ” مفتاح الجنة لا إله إلا الله ” وورد حديث بهذا النص لكنه ضعيف ، لكن من حيث المعنى صحيح .