ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
فقد قال المصنف رحمه الله :
بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ
حديث رقم –22-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»)
قال أبو عيسى :
(وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيحٌ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِنَّمَا صَحَّ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَصَحُّ [ص:35] وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَتَمَّامِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَوَاثِلَةَ، وَأَبِي مُوسَى)
من الفوائد :
أن بعض العلماء يرد عليه بهذا الحديث إذ قال ” إن السواك شرط من شروط صحة الصلاة ” فمن لم يستك قبل صلاته فإن صلاته غير صحيحة ، فهذا الحديث يرد عليه .
وسبقت فوائد هذا الحديث في السنن الأخرى .
حديث رقم – 23-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» قَالَ: فَكَانَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ لَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا اسْتَنَّ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
من الفوائد :
أيضا مر معنا هذا الحديث في سنن أبي داود .
بَابُ مَا جَاءَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا
حديث رقم – 24 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَحْمَدُ بْنُ بَكَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ مِنْ وَلَدِ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»)
(وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أُحِبُّ لِكُلِّ مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ قَائِلَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، أَنْ لَا يُدْخِلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا، فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا، كَرِهْتُ ذَلِكَ لَهُ، وَلَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ الْمَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ نَجَاسَةٌ» وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَأَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُهْرِيقَ الْمَاءَ» وقَالَ إِسْحَاقُ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا»)
من الفوائد :
أن هذا الحكم معلق بنوم الليل ، لأنه قال ( من الليل ) فدل على أن المقصود هو نوم الليل لا نوم النهار مع نوم الليل ، والمسألة خلافية .
ومن الفوائد :
أنه شك هل الغسل لليدين مرتين أو ثلاثا ؟ وهذا الشك منتفي بما جاء من الروايات الأخرى من عدم الشك من أنها ( ثلاث مرات ) .
ومن الفوائد :
أن اليدين إذ اطلقتا فالمراد منها الكفان ، أما إذا قيدتا فعلى ما قيدت به ، ولذلك قال تعالى : { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }المائدة6، فالغسل في الآية يكون من أطراف أصابع اليد إلى المرفق ، فإذا أطلق فالمراد الكف .
بَابٌ فِي التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ
حديث رقم – 25-
( حسن )
(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي ثِفَالٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» )
قال : وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا لَهُ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وقَالَ إِسْحَاقُ: إِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا أَعَادَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُتَأَوِّلًا أَجْزَأَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أَبِيهَا، وَأَبُوهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَأَبُو ثِفَالٍ الْمُرِّيُّ اسْمُهُ ثُمَامَةُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَرَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حُوَيْطِبٍ. مِنْهُمْ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حُوَيْطِبٍ، فَنَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ.
من الفوائد :
هذا الحديث يحسنه الألباني رحمه الله ، ويحسنه آخرون باعتبار أن له طرقا يعضد بعضها بعضا ، بينما كثير من العلماء لا يرون صحة هذا الحديث ، ومن ثم فإنه لا يؤخذ به على سبيل الوجوب ، ولذا فجمهور العلماء يرون أن التسمية قبل الوضوء سنة ، وليست بواجبة .
ومن أوجب البسملة فإن البعض منهم أوجبها على الإطلاق ذكر أو لم يذكر ، وبعضهم قال إذا نسي فله أن يستمر ولا يلزم بالإعادة .
وبعض العلماء جعلها شرطا من شروط صحة الوضوء .
ولكن الصواب أنه ليس هناك حديث قوي يفصل في هذه المسألة ، لأن الأصل براءة ذمة المسلم ، ولا يمكن أن تبطل وضوءه إذا لم يذكر التسمية .
ومن ثم فإن الأقرب هو رأي الجمهور وهو السنية ، ولا شك أن على المسلم أن يحرص عليها .
حديث رقم – 26-
( حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي ثِفَالٍ المُرِّيِّ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، عَنْ جَدَّتِهِ بِنْتِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ )
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ
حديث رقم – 27-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَجَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ». )
قال :
(وَفِي الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ، وَلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِذَا تَرَكَهُمَا فِي الْوُضُوءِ حَتَّى صَلَّى أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَرَأَوْا ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ وَالْجَنَابَةِ سَوَاءً، وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وقَالَ أَحْمَدُ: الِاسْتِنْشَاقُ أَوْكَدُ مِنَ الْمَضْمَضَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُعِيدُ فِي الْجَنَابَةِ، وَلَا يُعِيدُ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَبَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُعِيدُ فِي الْوُضُوءِ، وَلَا فِي الْجَنَابَةِ، لِأَنَّهُمَا سُنَّةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُمَا فِي الْوُضُوءِ، وَلَا فِي الْجَنَابَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ )
قال الترمذي : حسن صحيح
من الفوائد :
أن الاستنشاق واجب ، لأنه أمر بالاستنثار ، ومعلوم أنه لا استنثار إلا مع استنشاق ، ففيه الرد على من قال إن الاستنشاق غير واجب في الوضوء .
ومن الفوائد :
أن هذا الاستنثار مطلق ، وقد قيدته رواية النسائي من فعله عليه الصلاة والسلام بأنه ( بيده اليسرى ) ولذا كره بعض العلماء أن يستنثر من غير يد ، لأنه إذا استنثر بغير يد فإنه يشبه البهيمة ، وينبغي للإنسان أن يترفع عن مشابهة البهائم .
فإذا كان مستنثرا فليستنثر بيده اليسرى .
ومن الفوائد :
أن في ظاهره وجوب الإيتار في الاستنجمار ، لكن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من استجمر فليوتر ، فمن فعل فعل فقد أحسن ومن لا فلا ) يدل على أن الأمر مندوب إليه وليس بواجب .
بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ
حديث رقم – 28 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا»)
قال أبو عيسى:
(وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْحَرْفَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخَالِدٌ ثِقَةٌ حَافِظٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ يُجْزِئُ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: يُفَرِّقُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْنَا. وقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ جَمَعَهُمَا فِي كَفٍّ وَاحِدٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ فَرَّقَهُمَا فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا )
قال الترمذي : حسن غريب .
من الفوائد :
هذا الحديث استدل به بعض العلماء على أن السنة أن يجمع بين المضمضة والاستنشاق بثلاث غرفات ، ولا يفصل بين المضمضة والاستنشاق ، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله لم يصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفصل بين المضضمة والاستنشاق .
ومن الفوائد :
أنه قد يستدل بهذا الحديث على أن المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء ، لأن هذا فعل من النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن يرد عليهم بأن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر مع أحاديث أخرى تدل على الوجوب ، ويكفي في ذلك قوله تعالى : { فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ } ومعلوم أن الفم والأنف من الوجه ، والدليل على أنه من الوجه أنه يجوز لنا أن نتمضمض وأن نستنشق حال الصيام ، فدل على أنهما من الظاهر وليسا من الباطن .
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ
حديث رقم – 29 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: – أَوْ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: – أَتُخَلِّلُ لِحْيَتَكَ؟، قَالَ: «وَمَا يَمْنَعُنِي؟ وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ»)
من الفوائد :
أن أحاديث تخليل اللحية اختلف في ثبوتها ، فالألباني رحمه الله كما هنا يقول بثبوتها وتصحيحها ، وعلماء آخرون يرون أنه لم يصح شيء في تخليل اللحية .
والصواب أن كثرة الأدلة تدل على أن لها أصلا ، ولكن تخليل اللحية لا يرتقي للوجوب ، وإنما يكون على وجه الاستحباب .
حديث رقم – 30 –
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ)
قال أبو عيسى :
(وَفِي الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ، يَقُولُ: قَالَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَسْمَعْ عَبْدُ الْكَرِيمِ مِنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ حَدِيثَ التَّخْلِيلِ. وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عُثْمَانَ. وقَالَ بِهَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ: رَأَوْا تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ. وقَالَ أَحْمَدُ: «إِنْ سَهَا عَنْ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ فَهُوَ جَائِزٌ»، وقَالَ إِسْحَاقُ: «إِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا أَوْ مُتَأَوِّلًا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا أَعَادَ» )
حديث رقم – 31-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ». هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ
حديث رقم – 32-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ». )
وَفِي الْبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَعَائِشَةَ. حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ
من الفوائد :
هذا الحديث بين فيه عبد الله بن زيد ما صنعه النبي صلى الله عليه وسلم في مسحه لرأسه في الوضوء ، فإنه بدأ بمقدمة الرأس ثم رجع بيديه كلتيهما إلى المؤخرة ثم عاد إلى الموضع الذي بدأ منه .
ومن الفوائد :
وهذه هي الصفة المندوب إليها ، ولكن إن مسح بأي طريقة كانت فإنه مجزئ ، لم ؟
لأن الله سبحانه وتعالى أطلق ، قال : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } فعلى أي وجه مسح أجزأ ، لكن بشرط أن يعمم ، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنه عمم، لأنه بدأ بالمقدمة ثم المؤخرة ثم رجع ، وبيديه كلتيهما .
وأما قوله تعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } فالباء هنا للإلصاق ، ولذلك قال ابن برهان وغيره ” إن من قال إن الباء تأتي في اللغة العربية بمعنى التبعيض فقد أتى لأهل اللغة بما لا يعرفونه “
بَابُ مَا جَاءَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ
حديث رقم – 33 –
( حسن )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ، بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ، وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا»)
من الفوائد :
هذا الحديث يستفاد منه صفة أخرى في مسح الرأس ، ولذلك لا يرى بعض العلماء هذه الصفة ، باعتبار أن حديث عبد الله بن زيد أصح ، والصواب أن يقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة وفعل ذلك مرة ، فالتنويع في هذا مطلوب ، ولا تعارض بين السنن .
فيبدأ بمؤخرة الرأس ثم يأتي المقدمة ثم من المقدمة إلى المؤخرة .
وقوله : ( مرتين ) ليس المقصود مرتين ، وإنما المقصود بالمرتين هنا مفسر بما بعده ( بدأ بالمقدمة إلى المؤخرة ) هذه واحدة ( ومن المؤخرة إلى المقدمة ) هذه واحدة ، فالعدد اثنتان .
ومن الفوائد :
أن الأذنين تمسحان ويعمم المسح عليهما من الظاهر ومن الباطن ، لكن ما صفة هذا المسح ؟
سيأتي إن شاء الله تعالى .
بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةً
حديث رقم – 34 –
( حسن الإسناد )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ، قَالَتْ: «مَسَحَ رَأْسَهُ، وَمَسَحَ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ، وَمَا أَدْبَرَ، وَصُدْغَيْهِ، وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً». وَفِي الْبَابِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَجَدِّ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفِ. حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَبِهِ يَقُولُ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، رَأَوْا مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَال: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ أَيُجْزِئُ مَرَّةً؟ فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ )
من الفوائد :
أن الأذنين والصدغين يمسحان مع الرأس .
والصدغ : من العين إلى الأذن ، والشعر الذي يكون بينهما هذا يدخل ضمن الرأس ، فإن السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم جاءت بذلك .
ومن الفوائد :
أن مسح الرأس إنما يكون مرة واحدة ، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المسح على الرأس يكون ثلاثا ، أسوة ببقية الأعضاء ، وقد ذكروا في ذلك أحاديث ولكنها معلولة ، ولو صحت من حيث الإسناد فهي شاذة لأنها خالفت من هو أوثق منها في الأسانيد .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم ( توضأ ثلاثا ) فهذا مطلق يفسره فعله عليه الصلاة والسلام من أنه توضأ ثلاثا ما عدا الرأس ، ولذلك يقول ابن حجر رحمه الله ” إن ما جاء من تثليث الرأس لا يدل على العدد وإنما يدل على استيعاب المسح ، فلعله مسح من جانب ومن جانب آخر ومن جانب آخر فعمم مسح الرأس بثلاث مرات ، لا المقصود أنه مسح ثلاث مرات في كل مرة يعم المسح ، فليس هذا هو المقصود .
بَابُ مَا جَاءَ أَنَّهُ يَأْخُذُ لِرَأْسِهِ مَاءً جَدِيدًا
حديث رقم – 35-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، وَأَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ»)
قال أبو عيسى :
(هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، وَأَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غُبْرٍ فَضْلِ يَدَيْهِ، وَرِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَبَّانَ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ هَذَا الْحَدِيثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ لِرَأْسِهِ مَاءً جَدِيدًا وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ رَأَوْا: أَنْ يَأْخُذَ لِرَأْسِهِ مَاءً جَدِيدًا
)
من الفوائد :
أن هذا الحديث قد يستدل به من قال إن الماء المستعمل في طهارة لا يستعمل مرة أخرى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا لرأسه غير الماء الذي بقي في يديه .
فلم يكتف في مسح رأسه بما بقي من بلل في يديه بل أخذ ماء آخر .
بَابُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا
حديث رقم – 36 –
( حسن صحيح )
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا».)
قال أبو عيسى :
(وَفِي الْبَابِ عَنِ الرُّبَيِّعِ. حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَرَوْنَ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا )
من الفوائد :
الصحابة رضي الله عنهم لما ذكروا الأذنين مع مسح الرأس ، دل على أن الأذنين من الرأس وليستا من الوجه كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء ، بل إن البعض من العلماء يغسلهما مع الوجه ويمسحهما مع الرأس .
ولكن لا دليل على هذا الفعل ، ومما يدل على أن الأذنين من الرأس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا توضأ المسلم فتمضمض خرجت خطاياه من فمه ) إلى أن قال : ( فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من أذنيه ) فدل على أن الأذنين من الرأس .
وأما دعاء سجود التلاوة ( فشق سمعه وبصره ) والمقصود الوجه ، فمعلوم أن السمع يختلف عن الأذن ، ففرق بين السمع وبين الأذن ، ولذلك لو قطعت أذن الإنسان قد يسمع ، فالسمع يكون من الوجه والأذن تكون من الرأس .
بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ
حديث رقم – 37 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَقَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ»)
قال أبو عيسى :
(قَالَ قُتَيْبَةُ: قَالَ حَمَّادٌ: لَا أَدْرِي هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي أُمَامَةَ؟ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ، هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ الْقَائِمِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَا أَقْبَلَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ فَمِنَ الْوَجْهِ، وَمَا أَدْبَرَ فَمِنَ الرَّأْسِ. قَالَ إِسْحَاقُ: «وَأَخْتَارُ أَنْ يَمْسَحَ مُقَدَّمَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ، وَمُؤَخَّرَهُمَا مَعَ رَأْسِهِ»
.)
من الفوائد :
جملة ( الأذنان من الرأس ) يصححها الألباني رحمه الله ، ثم رجع رحمه الله إلى تضعيفها ، وهذا الحديث بين مصحح له من العلماء وبين مضعف ، فمن صحح هذا الحديث قال بأن الأذنين تمسح ، ومن قال بضعفه فيقول إن مسحهما سنة وليس بواجب .
والصواب كما ذكرنا أن مسحهما واجب وأنهما من الرأس ، لأن الله سبحانه وتعالى أمر بمسح الرأس والأذان منه ، وبينا لكم في الحديث أنه ( إذا مسح رأسه خرجت خطاياه من أذنيه )
بَابٌ فِي تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ
حديث رقم – 38 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلِ الْأَصَابِعَ»)
قال :
(وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُسَتَوْرِدِ وَهُوَ ابْنُ شَدَّادٍ الْفِهْرِيُّ، وَأبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ يُخَلِّلُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: يُخَلِّلُ أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ. وَأَبُو هَاشِمٍ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ )
من الفوائد :
أن هذا الحديث استدل به بعض العلماء على أن تخليل الأصابع واجب على وجه الإطلاق ، أمكن معه وصول الماء إلى ما بين الأصابع أو لم يتمكن .
وقال بعض العلماء : يجب إذا علم أنه لم يتمكن الماء من الوصول ، وهذا هو الصواب ، ولذلك بعض الأئمة يرى أنه سنة ، لم ؟ لأن الماء سيال يصل بنفسه إلى هذه الأماكن ، لكن إذا تيقن أنه لم يصل فيجب عليه أن يخلل .
حديث رقم – 39 –
( حسن صحيح )
( حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ».
قال أبو عيسى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
.
من الفوائد :
هذا الحديث فصَّل فيه النبي صلى الله عليه وسلم موضع التخليل ، وأنه لأصابع اليدين والقدمين ، خلافا لمن قال إن أصابع اليدين لا تخلل ، فهذا الحديث يرد عليه .
حديث رقم – 40 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ دَلَكَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ»
قال أبو عيسى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ
من الفوائد :
أن الخنصر هو الأصبع الصغير الذي في الطرف ، مما يقابل الإبهام في الجهة الأخرى .
ومن الفوائد :
أن السنة للمسلم إذا خلل أصابعه أن يخلل بالخنصر .
بَابُ مَا جَاءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ
حديث رقم – 41-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».)
قال :
(وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، وَمُعَيْقِيبٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ، وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ»، وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا خُفَّانِ أَوْ جَوْرَبَانِ )
من الفوائد :
وجوب تعميم غسل القدمين ظاهرا وباطنا ويراعا في ذلك العقبان .
ومن الفوائد :
الرد على الروافض الذين قالوا بأن المسح على القدمين إنما يكون بالماء على أعلى القدم ، فهم لا يرون المسح على الخفين ولا يرون غسل القدمين ، إنما يرون مسح أعلى القدمين بالماء .
ومن الفوائد :
الرد على من قال إن المسح على النعلين جائز ، وقد جاءت أحاديث تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على نعليه ، وللعلماء في ذلك أقول :
فبعضهم يرى المسح على النعلين ، باعتبار تلك الأحاديث
وبعضهم يضعفها ، وبعضهم يصححها .
والصواب : إن ثبتت هذه الأحاديث وهي أحاديث المسح على النعلين ، فهو مسح منه عليه الصلاة والسلام على نعلين وجوربين معا ، لأنه لو كان يمسح على النعلين لخالف هذا الحديث الصحيح ، ولذلك بوب البخاري رحمه تبويبا يرد على من زعم بأن المسح على النعلين مجردا ، وأتى بهذا الحديث .
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً
حديث رقم -42-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّادٌ، وَقُتَيْبَةُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً»)
قال :
(وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَبُرَيْدَةَ، وَأبِي رَافِعٍ، وَابْنِ الْفَاكِهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّ وَرَوَى رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً». وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى ابْنُ عَجْلَانَ، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
من الفوائد :
أن الواجب في الوضوء مرة واحدة ، وأن ما زاد على الواحدة يعد سنة ، ويؤكده إطلاق الآية ، ومعلوم أن النص المطلق عند أهل الأصول أنه يحصل ولو بمرة واحدة .
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ
حديث رقم – 43-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ». )
قال أبو عيسى:
( وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفَضْلِ، وَهُوَ إِسْنَادٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» )
من الفوائد :
هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يفعل في بعض الأحيان ، ولعله عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة ، وتوضأ مرتين مرتين من باب بيان أن ما زاد على الواحدة سنة وأن الواجب واحدة .
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا
حديث رقم 44-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، وَفِي الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَالرُّبَيِّعِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي رَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُبَيٍّ، حَدِيثُ عَلِيٍّ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْوُضُوءَ يُجْزِئُ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ أَفْضَلُ، وَأَفْضَلُهُ ثَلَاثٌ، وَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ. وقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «لَا آمَنُ إِذَا زَادَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ أَنْ يَأْثَمَ»، وقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: «لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ إِلَّا رَجُلٌ مُبْتَلًى» )
من الفوائد :
هذا الحديث استدل به الشافعية على أن التثليث يكون للرأس ، لأنه قال ( توضأ ثلاثا )
فيقال بأن هذا مبهم بينته الروايات الأخرى من أن المسح على الرأس مستثنى بمرة واحدة .
بَابٌ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا
حديث رقم – 45 –
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ: حَدَّثَكَ جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا؟» قَالَ: نَعَمْ )
هذا الحديث ضعيف والضعيف لا تقوم به حجة وله شواهد .
حديث رقم – 46 –
( صحيح بحديث ابن عباس المتقدم
برقم ( 42 ))
قال أبو عيسى :
( وَرَوَى وَكِيعٌ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ: حَدَّثَكَ جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً؟ قَالَ: نَعَمْ، وحَدَّثَنَا بِذَلِكَ هَنَّادٌ، وَقُتَيْبَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، هَذَا عَنْ ثَابِتٍ، نَحْوَ رِوَايَةِ وَكِيعٍ. وَشَرِيكٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ. وَثَابِتُ بْنُ أَبِي صَفِيَّةَ هُوَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ )
بَابٌ فِيمَنْ يَتَوَضَّأُ بَعْضَ وُضُوئِهِ مَرَّتَيْنِ، وَبَعْضَهُ ثَلَاثًا
حديث رقم –47-
( صحيح الإسناد ، وقوله في الرجلين ” مريتن ” شاذ )
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بَعْضَ وُضُوئِهِ مَرَّةً، وَبَعْضَهُ ثَلَاثًا. وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَرَوْا بَأْسًا أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بَعْضَ وُضُوئِهِ ثَلَاثًا، وَبَعْضَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّةً )
من الفوائد :
جاء في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل القدمين مرة واحدة وورد مرتين ، وذكر المرتين شاذ لأنه يخالف من هو أوثق منه .
ومن الفوائد :
أن تنوع الأعداد في أعضاء الوضوء فيزاد منها وينتقص في حدود المشروع جاءت به السنة .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على غسل القدمين مرة واحدة ، لعل هذا يؤكد ما ذهب إليه بعض العلماء من أن الله عز وجل عبر عن القدمين بالمسح { وَأَرْجُلَكُمْ } على قراءة الخفض ، من باب أن يبين أن القدمين لا يبالغ في غسلهما أكثر من المشروع ، لأن القدمين كما هو معروف يعلق بهما التراب ما لا يعلق بغيرهما ، فلربما توهم أحد أنه لابد أن يزاد فيها زيادة بالغة ، ولذا أتت قراءة الخفض ، وهناك وجوه أخرى في قراءة الخفض ، فلعل فعله عليه الصلاة والسلام أنه غسل قدميه مرة واحدة لتأكيد ما ذهب إليه أولئك العلماء .
بَابٌ فِي وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ كَانَ
حديث رقم – 48-
( صحيح )
( حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَقُتَيْبَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا «تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَأَخَذَ فَضْلَ طَهُورِهِ فَشَرِبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ»، ثُمَّ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَالرُّبَيِّعِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، وَعَائِشَةَ،)
من الفوائد :
أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين أشد الحرص على نقل ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، فنقل علي رضي الله عنه ما رأى من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلي رضي الله عنه شرب ما فضل من طهوره ليبين أن هذا الماء المتبقي طاهر وأنه لا بأس بشربه .
ومن الفوائد :
استفاد بعض العلماء من فعل علي رضي الله عنه – ولكنها بعيدة في نظري – من أن شربه رضي الله عنه من أن هذا الماء فيه بركة ، لأنه من أثر عبادة وهي الوضوء ، ولكن هذا بعيد .
ومن الفوائد :
أن عليا رضي الله عنه شرب وهو قائم ليبين ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان ، فقد شرب قائما
وقد نهى عن الشرب قائما في أحاديث كثيرة ، ولعلها تأتي معنا إن شاء الله تعالى .
والصواب أن شربه قائم عليه الصلاة والسلام يدل على الجواز ، وأن السنة أن يشرب المسلم قاعدا .
حديث رقم -49 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، ذَكَرَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي حَيَّةَ، إِلَّا أَنَّ عَبْدَ خَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طُهُورِهِ أَخَذَ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ بِكَفِّهِ فَشَرِبَهُ»)
بَابٌ فِي النَّضْحِ بَعْدَ الْوُضُوءِ
حديث رقم – 50 –
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ السَّلِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَضِحْ ” )
قال أبو عيسى :
(هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وسَمِعْت مُحَمَّدًا، يَقُولُ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وقَالَ بَعْضُهُمْ سُفْيَانُ بْنُ الْحَكَمِ، أَوِ الْحَكَمُ بْنُ سُفْيَانَ، وَاضْطَرَبُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ )
من الفوائد :
لو صح هذا الحديث لدل على وجوب الانتضاح بعد الوضوء ، وقد مر معنا أن الانتضاح من سنن الفطرة ، هذا إذا كان معنى الانتضاح هو أن يرش ماء على سراويله بعد الوضوء قطعا للوساوس ، لأن بعض العلماء يرى أن الانتضاح هو الاستنجاء بالماء .
فلو صح الحديث لحمل على الاستنجاء بالماء .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .