شرح ( سنن الترمذي )
الدرس السابع / كتاب الصلاة /
من الحديث 149 ــ 152
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَبْوَابُ الصَّلَاةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَابُ مَا جَاءَ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حديث رقم – 149-
( حسن صحيح )
( حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ وَهُوَ ابْنُ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ البَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الأُولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَ ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الفَجْرُ، وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى المَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ العَصْرِ بِالأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ الآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الأَرْضُ، ثُمَّ التَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ)
حديث رقم -150-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ»، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لِوَقْتِ العَصْرِ بِالأَمْسِ )
من الفوائد :
هذا الحديث هو حديث إمامة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم عقيب الإسراء والمعراج .
ومن الفوائد:
أن قوله أمَّني جبريل عند البيت مرتين ) يعني يومين لدلالة آخر الحديث .
ومن الفوائد:
أن قوله فصلى الظهر في الأولى منهما) المراد بالأولى صلاة الظهر باعتبار أنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الفوائد:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به جبريل عليه السلام حين زالت الشمس وكانت مثل شراك النعل وهي السيور التي في مقدمة النعل ، لأن الشمس إذا توسطت في السماء قبيل الزوال لا يكون هناك ظل ، فإذا زالت لا يكون لها ظل إلا مثل ظل الشراك ، يعني أنه يسير جدا ، والظل بعد الزوال يسمى فيئا ، لأنه رجع ، فحينما يوضع شاخص حينما تشرق الشمس يكون هناك ظل حينما ترتفع الشمس في كبد السماء ، فيتناقص هذا الظل ، فإذا زالت الشمس أتى هذا الظل الذي يسمى فيئا .
ومن الفوائد:
أن وقت صلاة العصر يبدأ حينما يكون للشيء نظيره في الظل لقوله : ( ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله )
ومن الفوائد:
أنه يستحب في صلاة المغرب أن يبادر بها من حين يسقط قرص الشمس لقوله ( ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس )
وقوله : ( وأفطر الصائم ) الواو هنا تفسيرية لأنه إذا غربت الشمس حلَّ للصائم أن يفطر .
ومن الفوائد:
أن قوله : ( ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ) يدل على أن وقت صلاة العشاء يكون حينما يغيب الشفق ، والمراد بالشفق ( الشفق الأحمر ) وهي الحمرة التي تبقى بعد غروب الشمس
ومن الفوائد:
أن بداية وقت الفجر من طلوع الفجر الثاني وليس الفجر الأول ، والفجر الثاني هو البياض الذي يعترض من الشمال إلى الجنوب ، وليس بينه وبين الأفق ظلمة بخلاف الفجر الأول الذي يسمى بالفجر الكاذب ، أما الفجر الثاني فيسمى بالفجر الصادق ، ولذلك الفجر الثاني كلما مضى ازداد بياضا ونورا .
ومن الفوائد:
أن في اليوم الثاني صلى الظهر عند آخر وقت صلاة الظهر ولذا قال : ( وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس ) يعني لما فرغ من صلاة الظهر دخل وقت صلاة العصر .
ومن الفوائد:
الرد على بعض العلماء الذين قالوا إن بين وقت الظهر والعصر فاصل بمقدار أربع ركعات ، نقول ليس هناك فاصل بل الوقتان متصل أحدهما بالآخر .
ومن الفوائد:
أن جملة ( ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ) يستدل بها بعض العلماء على أن وقت صلاة العصر ينتهي حينما يصير ظل الشيء مثليه .
ومن الفوائد:
ذهب بعض العلماء إلى أن وقت صلاة المغرب وقت واحد وهو حينما تغرب الشمس فلا يجوز له بعد غروب الشمس أن يؤخر الصلاة إلا بمقدار أن يتوضأ ويستر عورته ، فإن فرَّط فصلى بعد ذلك فقد صلاها قضاء لأن وقت صلاة المغرب وقت واحد
ولذا قال ثم صلى المغرب لوقته الأول ) فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى به جبريل في اليوم الأول وفي اليوم الثاني حينما وجبت الشمس .
ولكن الصواب :
أنه يمتد لأحاديث ستأتي معنا بيَّن فيها النبي صلى الله عليه وسلم ن وقت المغرب يمتد إلى غياب الشفق ، وبيانه عليه الصلاة والسلام كان في المدينة وهو آخر ما كان من حاله عليه الصلاة والسلام في المواقيت ، بينما إمامة جبريل في مكة .
ومن الفوائد:
أن وقت صلاة العشاء يستحب أن تؤخر إلى ثلث الليل ، وفي هذا الحديث نص على أن الوقت ينتهي بثلث الليل ، وفي حديث آخر ( إلى نصف الليل )
والصواب من قولي العلماء أن وقت صلاة العشاء ينتهي بنصف الليل ولا يمتد إلى طلوع الفجر الثاني .
ومن الفوائد:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به جبريل قبل أن تطلع الشمس ، فلم يصل في اليوم الثاني بغلس وإنما حينما أسفر جدا .
ومن الفوائد:
أن للأنبياء صلوات ، فهم يصلون وقد ذكر الله جل وعلا ذلك في أكثر من موضع : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً{54} وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً{55}
لكن قوله : ( هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك ) ليس المقصود أن هذه الأوقات التي بينها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم هي نفس أوقات الأنبياء – لا – المقصود من هذه الجملة أنه كما أن للأنبياء طرفين في الوقت أول وآخر فكذلك لك أنت يا محمد – صلى الله عليه وسلم .
باب منه
حديث رقم – 151-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَآخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ العَصْرِ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ العَصْرِ حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ المَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الأُفُقُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ العِشَاءِ الآخِرَةِ حِينَ يَغِيبُ الأُفُقُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ» )
من الفوائد:
أن الحديث يؤكد أنه ليس هناك فاصل بين وقت صلاة الظهر ووقت صلاة العصر ، فبين أن وقت صلاة الظهر إلى حين يدخل وقت صلاة العصر .
ومن الفوائد:
أن قوله : ( إلى أن تصفر الشمس ) ذهب بعض العلماء إلى أن وقت صلاة العصر الاختياري يكون إلى اصفرار الشمس ، بينما آخرون – كما مر معنا – إلى أن يصير الظل مثليه ، هذا الوقت الاختياري .
والصواب :
إما أن يقال إن وقت اصفرار الشمس زائد على ظل كل شيء مثليه فيؤخذ بالزيادة .
وإما أن يقال إن هذا في بعض الفصول ، فإنه لو بدأ في صلاة العصر حينما يؤخرها إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه يخرج منها وقد اصفرت الشمس .
بينما الوقت الاضطراري من أن يصير كل الشيء مثليه على قول أو من اصفرار الشمس إلى أن تغرب الشمس ، ولا يجوز لأحد أن يؤخر صلاة العصر إلى ما بعد الوقت الاختياري لأي عذر من الأعذار ، أما الوقت الاضطراري هو الذي يكون فيه الإنسان مضطرا ، كأن يسلم الكافر في ذلك الوقت ، أو يفيق المجنون أو المغمى عليه ، أو تطهر الحائض .
ومن الفوائد:
أن هذا الحديث دليل لمن ذهب إلى أن لصلاة المغرب طرفا آخر وهو أن يغيب الأفق .
ومن الفوائد:
بيان أن وقت صلاة العشاء إلى أن ينتصف الليل .
وشيخ الإسلام رحمه الله يقول : إن الحديث الذي ذكر فيه
( أن صلاة العشاء إلى ثلث الليل )
والحديث الآخر ( إلى نصف الليل ) يحمل على اختلاف العلماء في انتهاء وقت الليل وابتداء وقت النهار ، هل الليل ينتهي بطلوع الفجر الثاني أم أنه ينتهي بطلوع الشمس ؟
فيقول رحمه الله من قال إنه ينتهي بطلوع الفجر الثاني يكون من الثلث ، ومن قال إنه ينتهي بطلوع الشمس يكون إلى النصف .
ومن الفوائد:
أن هذا الحديث والذي قبله يشير إلى أن وقت صلاة العشاء ليس فيه إلا وقت واحد ، وليس فيه وقت اختياري ووقت اضطراري كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء .
إذاً يكون من بين الأوقات فقط الذي له وقتان اختياري واضطراري ( العصر )
أما صلاة العشاء :
فليس لها إلا وقت واحد ، وذهب بعض العلماء إلى أن لها وقتا اختياريا إلى نصف الليل أو إلى ثلث الليل وأن لها وقتا اضطراريا إلى طلوع الفجر الثاني لحديث أبي قتادة رضي الله عنه ( ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى ) فقالوا إن هذا فيه دليل على أن الأوقات مترابطة .
لكن هذا الحديث لا يؤخذ على عمومه لأنه ثبت بالإجماع أن وقت صلاة الفجر لا يمتد إلى الظهر ، إذاً هذا الحديث ليس على عمومه ، ويكفينا النص الفاصل في ذلك ( إلى أن ينتصف الليل )
ثم إن الله سبحانه وتعالى في كتابه {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } فجعل جل وعلا صلوات من الزوال إلى غسق الليل ، وغسق الليل أي شدة الظلمة ، وشدة الظلمة لا تكون إلا في منتصف الليل ، فجعل من دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات وصلاة أخرى منفصلة وهي الفجر { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }الإسراء78 ، فدل على أن هناك فواصل بين صلاة الفجر وصلاة العشاء .
باب منه
حديث رقم – 152-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَالحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، المَعْنَى وَاحِدٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «أَقِمْ مَعَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ حِينَ طَلَعَ الفَجْرُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ، فَصَلَّى العَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالعِشَاءِ فَأَقَامَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ مِنَ الغَدِ فَنَوَّرَ بِالفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ، فَأَبْرَدَ وَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالعَصْرِ فَأَقَامَ، وَالشَّمْسُ آخِرَ وَقْتِهَا فَوْقَ مَا كَانَتْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَخَّرَ المَغْرِبَ إِلَى قُبَيْلِ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالعِشَاءِ فَأَقَامَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ؟»، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، فَقَالَ: «مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ كَمَا بَيْنَ هَذَيْنِ»)
من الفوائد:
قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل ( أقم معنا إن شاء الله ) الأمر لا يقال فيه إن شاء الله ، لكن قال العلماء إن هذا من باب التبرك بالمشيئة ، ويمكن أن يقال هو خبر بصيغة الأمر كأنه أراد ( إذا قمت معنا إن شاء الله وضحنا لك ذلك ) ولكن الأول هو الأصح والأقرب .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( والشمس بيضاء ) دل على أن صلاة العصر يستحب تقديمها ، وعلامة أول وقت صلاة العصر أن تكون الشمس بيضاء حية لم يدخلها الضعف بقرب الاصفرار .
ومن الفوائد :
أن قوله وأنعم أن يبرد ) أي زاد في الإبراد ، والمقصود من ذلك أن صلاة الظهر أخرت إلى وقت الإبراد ، والصواب من ذلك أنه يبرد بحيث يؤدي صلاة الظهر في آخر وقتها ، فإذا فرغ من صلاة الظهر إذا بصلاة العصر قد دخلت ، أما ما يظن من أنه يؤخر صلاة الظهر إلى ما بعد الزوال بساعة أو ساعة ونصف فهذا إحرار وليس بإبراد ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى البردين دخل الجنة )
والبردان ” الفجر والعصر ” فدل على أن الإبراد يكون قبيل وقت العصر .
وسيأتي حديث للإبراد إن شاء الله تعالى .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( حتى ذهب ثلث الليل ) كأن فيه إشارة إلى أن الحديث السابق ( إلى ثلث الليل ) أنه ليس مرادا الثلث الأول ، فدل على أن المقصود هو نصف الليل .
ومن الفوائد :
أن ما بين هذين الطرفين إذا أديت فيه الصلاة فإنها صلاة في وقتها ، لأن البعض يظن أن الإنسان مثلا لو أخر صلاة العشاء عما بعد الأذان بساعة يظن أنه خرج وقتها – هذا خطأ – لكن بشرط ألا يفوت عليه صلاة الجماعة .