تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس التاسع والثلاثون حديث ( 441 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس التاسع والثلاثون حديث ( 441 )

مشاهدات: 500

تعليقات على سنن ( النسائي  )  ـ الدرس التاسع والثلاثون

حديث ( 441 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ باب الأمر بالوضوء من النوم ]

حديث رقم – 441 –

( صحيح ) أخبرنا عمران بن يزيد قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثنا الأوزاعي قال حدثنا محمد بن مسلم الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب قال حدثني أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده )

( من الفوائد  )

أن في سنده ( سعيد بن المسيب ) وقد ذكر النووي رحمه الله في ” المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ” أن  المسيب بالكسر وبالفتح ، سعيد بن المسيِّب ، ابن المسيَّب ” ويقول الأشهر بالفتح ” سعيد بن المسيَّب “

( ومن الفوائد  )

أن اليد إذا أطلقت في النصوص الشرعية فالمقصود بها اليد .

( ومن الفوائد  )

أن اليد لا يجوز غمسها في الإناء إذا قام من النوم .

وبعض العلماء حمل ذلك على ” الكراهة “

والصواب : التحريم ، لأن

[ الأصل في النهي التحريم ]

كما هي القاعدة الأصولية .

ولكن هل يشمل نوم الليل ونوم النهار ؟

بعض العلماء قال : إن نوم النهار يدخل في ذلك ، لما جاء في الروايات الأخرى ( إذا استيقظ من نومه ) وكلمة ( نوم ) مفرد أضيف إلى الضمير وهو معرفة فيفيد عموم النوم ، بالليل وبالنهار ، وكذلك ذكر ” البيتوتة ” في آخر الحديث ( فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) و” البيتوتة ” لا تكون إلا بالليل .

وقال بعض العلماء : إن الحكم منوط بنوم الليل فقط لا بنوم النهار، لأنه ذكر البيتوتة ، ولأنه ذكر هنا الليل ( إذا قام من الليل )

`وهذا هو الأقرب : مع أن الأولى بالإنسان إن يحترز في نوم الليل وفي نوم النهار ، لكن الأقرب أن هذا الحديث يخص نوم الليل ، لاسيما وأنه لا يدري أين باتت يده ، وذلك بسبب ما يفعله الشيطان في هذه اليد أثناء النوم ، فلربما نقل إليها شيئا ضارا فيتلوث هذا الماء ويتضرر .

( ومن الفوائد  )

أن هذا الحديث كما قال الفقهاء يراد منه المكلف ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، ويدل لذلك قوله ( إذا قام أحدكم ) و

( أحد ) مضاف إلى الضمير وهو ( الكاف ) فيعم .

( ومن الفوائد  )

أن صب الماء على الكفين بعد الاستيقاظ من النوم يخرج الإنسان من الوقوع في هذا المحظور ، بحلاف إدخال اليدين في الإناء .

وهذا الإناء جاء عن صيغة العموم ، لأن ( أل ) تفيد العموم ، فيشمل أي إناء ، سواء كان كبيرا أم صغيرا .

بينما بعض العلماء استثنى الأواني الكبيرة كما أفاد ذلك الصنعاني رحمه الله في سبل السلام .

والصواب / أنه يشمل الأواني الصغيرة والكبيرة ، لم ؟ لأنه صح عن ابن عمر رضي الله عنهما لما ذكر هذا الحديث ( قيل له أرأيت الأحواض الكبيرة ؟ فقال أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول ما رأيك في الأحواض الكبيرة ؟! ) فهذا من باب الإنكار على التفريق بينهما ، ففهم ابن عمر رضي الله عنهما العموم .

( ومن الفوائد  )

أن المسلم لا يجوز له أن يدخل يده في الإناء إذا استيقظ من النوم حتى يغسلها مرتين أو ثلاثا ، كما جاءت رواية الشك هنا .

ولكن جاء عند مسلم رواية بالجزم من أنه لابد أن يغسلها ثلاثا .

ومن الفوائد :

أنه يشترط في هذا النوم حتى يكون بهذا الاعتبار يشترط أن يكون نوما مستغرقا فيه الإنسان ، بمعنى أنه نوم كثير، لأن النوم الكثير هو الذي لا يشعر الإنسان أين ذهبت يده ، فإذا كان نوما يسيرا لا ينقض الوضوء فإنه لا يدخل في هذا الباب .

ومن الفوائد :

أن العلة منصوص عليها ، قال ( فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) وهذه العلة إذا ضممناها مع ما جاء في الصحيحين ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه ) استفدنا من ذلك أن ” الشيطان يدخل الضرر على ابن آدم لأنه مُلابس له ” وهذه هي العلة الصحيحة التي ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله ، من أن الإنسان لو علم أين باتت يده فيلزمه الغسل، فلو وضع يديه في قفازين وأحكمهما بإتقان فيجب عليه إذا قام من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، لأن للشيطان قدرة على أن يلج ويدخل الضرر على ابن آدم ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) فإذا كان يجري في ابن آدم ، فما ظنكم بهذا الغطاء !

وحديث ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه ) يؤكد أن الحكم متعلق بنوم الليل لاسيما أنه عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا نام ثلاث عقد ، يقول عليك ليل طويل فارقد ، فإذا قام فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) فذكر ( الصباح ) قال ( أصبح نشيطا وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) دل على أن الأمر يتعلق بالليل ، لاسيما وأن الشياطين تنتشر في الليل ما لا تنتشر  في النهار كما جاءت بذلك الأحاديث .