تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس السابع والثلاثون من حديث ( 433 ) حتى ( 434 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس السابع والثلاثون من حديث ( 433 ) حتى ( 434 )

مشاهدات: 399

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس السابع والثلاثون

من حديث ( 433 ) حتى ( 434 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

 [ باب التيمم لمن يجد الماء بعد الصلاة]

الحديث رقم – 433-

( صحيح ) أخبرنا مسلم بن عمرو بن مسلم قال حدثني بن نافع عن الليث بن سعد عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد :   أن رجلين تيمما وصليا ثم وجدا ماء في الوقت فتوضأ أحدهما وعاد لصلاته ما كان في الوقت ولم يعد الآخر فسألا النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال للذي لم يعد أصبت السنة وأجزأتك صلاتك وقال للآخر أما أنت فلك مثل سهم جمع )

 

 

( من الفوائد )

أن فاقد الماء يرخص له في التيمم ، لقوله تعالى { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }المائدة6 .

( ومن الفوائد )

أن هذين الصحابيين فقدا الماء في الوقت فوجداه آخر الوقت ، فدل على أن من فقد الماء لا يلزم بالانتظار إلى آخر الوقت ولو رجيا  وجود الماء .

( ومن الفوائد )

قال شيخ الإسلام رحمه الله ” أن السنة أن تؤدى الصلاة أول وقتها “

( ومن الفوائد )

قال شيخ الإسلام رحمه الله ” أن من أخطأ في اجتهاده فله أجر عمله ” ولذا من يفعل البدعة جهلا بأنها بدعة يظن أنها من الأعمال الصالحة فإنه لا يأثم بل يثاب لحسن نيته ، لكن متى ما علم أو عُلِّم يجب عليه أن يدعها ، لقوله عليه الصلاة والسلام لمن أعاد الصلاة ( لك الأجر مرتين ) وفي إحدى الروايات ( لك سهم جمع ) يعني سهم مجموع إليه سهم آخر ، يعني لك سهمان .

ودليل هذه الفائدة ” أنه قال في حق الأول ( أصبت السنة ) فدل على أن صاحبه الآخر لم يصب السنة ، ومن لم يصب السنة وقع في البدعة .

( ومن الفوائد )

أن من صلى بالتيمم فوجد الماء بعد فراغه من الصلاة فلا يعد الصلاة لو وجد الماء ، وكذلك من باب أولى لو خرج وقت الصلاة .

أما لو حضر الماء وهو في الصلاة ، فقولان لأهل العلم :

بعضهم يقول يكمل صلاته ، لأنه دخل فيها بمقتضى الشرع فلا نبطلها إلا بدليل واضح .

ومنهم من قال : يجب عليه أن يقطعها ويتوضأ ويصلي بطهارة الماء – وهو الصواب – لعموم قوله تعالى { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }المائدة6 .

وهذا واجد للماء ، والآية أطلقت لم تخصص وقتا دون وقت ، لا شك أنه بمقتضى الشرع ، ولكن الشرع قضى بأن من وجد الماء بطل تيممه .

( ومن الفوائد )

أن فيه دليلا على ما رجحه بعض الأصوليين من أن ” الاجتهاد المصيب فيه واحد وليس كل مجتهد مصيبا ” بمعنى إصابة الحق ، فالذي يصيب الحق واحد من المجتهدين ، ولذلك فرَّق عليه الصلاة والسلام بين الاثنين ، اجتهد فصوَّب أحدهما ولم يصوب الآخر ، لكن عبارة [ كل مجتهد مصيب ]

 نقول : إن أراد إصابة الحق ، فهذه الجملة ليست صحيحة .

وإن كان المقصود : ( كل مجتهد مصيب ) باعتبار أن الشرع أذن له بالاجتهاد ، فهذه الجملة صحيحة .

( ومن الفوائد )

بيان فضل الله عز وجل على هذه الأمة إذ شرع لهم التيمم إذا فقدوا الماء ، وكذلك من فضله عز وجل أنه أباح لهم أن يصلوا في أي مكان متى ما حضرت الصلاة بخلاف الأمم السابقة فلا يتيمم عندهم ، ولا تصح لهم صلاة  إلا في كنائسهم وبِيَعهم .

( ومن الفوائد )

أن الاجتهاد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم واقع ، فإنهم اجتهدوا وإن كانوا في غيبته عليه الصلاة والسلام ، ولكن الاجتهاد واقع ، وهذا يرد قول من يقول إن الاجتهاد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قد أغلق بابه ، كيف والصحابة رضي الله عنهم اجتهدوا في غيبته في عصره واجتهدوا بعد وفاته .

_ولو قيل بهذا لما كان الأمر بتدبر القرآن وتفهم معانيه ، لم يكن له أي فائدة ، ولم يكن في العبارة المشهورة أي فائدة وليس لها قدر ( أن هذا الدين يصلح لكل زمان ومكان ) فإن القضايا تتجدد .

وابن القيم رحمه الله يقول ” إنه لا غنية لأي عالم من التقليد ” فلابد أن يقع في التقليد لا محالة ، ولكن لا يكون إلا عند الضرورة ، فإن الإنسان العالم لو حضرت له قضية من القضايا تستدعي الفعل في حينها فإنه يباح له التقليد لأن هذا المقام مقام ضرورة ، فلو انتظر الاجتهاد لفاتت هذه الحال .

وكذلك العامي الذي ليس عنده أهلية يقلد غيره .

حديث رقم – 434-

( صحيح الإسناد )  أخبرنا سويد بن نصر قال حدثنا عبد الله عن ليث بن سعد قال حدثني عميرة وغيره عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار أن رجلين :   وساق الحديث .

 

حديث رقم – 434 م –

( صحيح الإسناد ) أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا خالد قال أنبأنا شعبة أن مخارقا أخبرهم عن طارق :   أن رجلا أجنب فلم يصل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ؟ فقال أصبت ، فأجنب رجل آخر فتيمم وصلى فأتاه فقال نحو ما قال للآخر يعني أصبت )

(من الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم صوَّب الاثنين ، مع أنهما اجتهدا واختلف اجتهادهما ، ولعله مستند من يقول من العلماء ” إن كل مجتهد مصيب “

ولكن كما أسلفنا الحديث السابق بيَّن أن المصيب للحق واحد ، بينما الإصابة هنا ” إصابة الاجتهاد ” بمعنى أنه لما اجتهد أصاب .

( ومن الفوائد )

أن من أجنب فلم يصل حتى انتظر الماء مستند لمن قال – وهو رأي لعمر رضي الله عنه – أن الجنب لا يتيمم  .

والصواب / أنه يتيمم كما جاء في حديث عمار بن ياسر ( لما تمرغ كما تتمرغ الدابة ، فقال عليه الصلاة والسلام ” إنما يكفيك أن تقول هكذا ، وضرب بيده الأرض فمسح وجهه وكفيه ” )