تفسير سورة البقرة الدرس ( 111 ) [ وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا … ] الآية ( 93 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 111 ) [ وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا … ] الآية ( 93 ) الجزء الأول

مشاهدات: 532

تفسير سورة البقرة ــ الدرس  { 111 }

ــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

 { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {93} }

سورة البقرة ـ الآية { 93 }  ــ الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عندنا تفسير قوله تعالى :

{  وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {93} }

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

أن كلمة ” إذ ” كما مر معنا تتضمن فعلا ، ذلكم الفعل يكون مفردا إذا كان السياق يخاطب فيه من هو مفرد ، ويكون جمعا إذا كان المخاطب به جمعا

هنا جمع

{وَإِذْ أَخَذْنَا} فيكون الفعل المقدر هنا اذكروا

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

أن اللفظ هنا { أَخَذْنَا } أتى بصيغة الجمع أو بضمير الجمع ، والله واحد

{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } لكن قال هنا  {وَإِذْ أَخَذْنَا }  بينما في آيات  

{ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } هنا { وَإِذْ أَخَذْنَا } لماذا اختلف الأسلوبان ؟

من باب التفنن في الأسلوب ، وفي عرض خزايا هؤلاء اليهود ومن باب إحضار ذهن القارئ حين يقرأ فيكون في هذا دعوة إلى ذهن المسلم للحضور حال قراءة القرآن كما قال تعالى في أواخر سورة ق { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ {37} }

يعني حاضر القلب ليس غافلا

وإذا أتى الضمير ” نا ” الذي هو للجمع مع الفعل ويراد منه الله فالمقصود التعظيم لأن ” نا ” إما أن يكون ضميرا لمجموعة وإما أن يكون المفرد الذي يريد أن يعظم نفسه ، وهنا لتعظيم الله جل وعلا

 { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا } والله جل وعلا له يدان فقط  لكن هنا ” نا ” من باب تعظيم الله جل وعلا

كما يقال لما يصدر الأمر من الملك يقول نحن وهو مفرد هذا من باب التعظيم

الشاهد من هذا :

أن هذا أسلوب لغوي

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــ

أن الخطاب هنا موجه لليهود الذين هم في عصر النبي عليه الصلاة والسلام وهل  اليهود الذين في عصرالنبي عليه الصلاة والسلام أخذ عليهم الميثاق ورفع عليهم الطور الذي هو الجبل ؟ لا ، وإنما هذا هو ما وقع لأسلافهم

لكن لماذا وجه الخطاب لبني إسرائيل الذين في عصر النبي عليه الصلاة والسلام مع أن الأمر لا يتعلق بهم ، وإنما يتعلق بالأسلاف ؟

لم ؟

لأن هؤلاء اليهود الذين عاصروا النبي عليه الصلاة والسلام لم يتبرءوا مما فعله أسلافهم بل إن أفعالهم توافق أفعال أسلافهم فوجه إليهم الخطاب من باب التبكيت لهم والتحقير لهم

وهذا يدل على أن الراضي كالفاعل ، وإن لم يكونا في الإثم سواء  من حيث  المباشرة ، ولكن من رضي فيكون شريكا في الإثم

 

من الفوائد :  

ــــــــــــــــــ

أن اليهود امتنعوا من قبول التوراة وما قبلوها إلا بالقهر والقوة  كيف ؟

يوم أن رفع الله عليهم الطور : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ}  الطور هنا هو الجبل ، ذلكم الرفع للطور مبين في سورة الأعراف :

{وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} أخذ الجبل من أصوله { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ}  أصبح مثل الظلة {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ } انظر إلى عظم القرآن وأن القرآن يفسر بعضه بعضا وأن بعض ما يكون من قصص في القرآن تزداد معلومات أخرى ليست مذكورة هنا

هنا {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} لكن في سورة الأعراف وضحت ذلك

 

من الفوائد :  

ــــــــــــــــــ

بيان عظيم قدرة الله جل وعلا  ، كيف ؟

 إذ نتق الجبل وجعله كالظلة فوقهم وهذا لا  يقدر عليه إلا من هو ذو قوة وهو الله جل وعلا

 

من الفوائد :  

ــــــــــــــــــ

أن الإيجاز في اللغة  ، الإيجاز هو التعبير بلفظ يحوي معاني كثيرة وعظيمة

ولقد ميز النبي عليه الصلاة والسلام من بين الأنبياء أنه أتي جوامع الكلم يعني يأتي النبي بكلمة أو كلمتين وإذا بها تحوي معاني كثيرة

القرآن أتى بنوعي الإيجاز ، هناك إيجاز قصر ، يعني من حيث المعنى

وإيجاز حذف من حيث اللفظ :

قوله تعالى : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى } في غير القرآن وما قلاك هنا إيجاز حذف حذف حرف

النوع الثاني إيجاز قصر : والمراد منه المعنى وهو أن تدرج كلمات أو جمل ضمن السياق لم تذكر لدلالة السياق عليها ، وهذا أعظم ما يكون من الإيجاز في القرآن

هنا إيجاز قصر  ، الأصل : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا } { خُذُوا } قبلها شيء : قلنا خذوا لأن السياق يدل عليها

 

من الفوائد :   

ــــــــــــــــــ

أنه قال هنا {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ } ما الذي أوتيه هؤلاء ؟

التوراة  ، ما الدليل ؟

{ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {53} }

كما مر معنا

سبحان الله ! آيات يتقدم بعضها على بعض ولم تحصر كما أسلفنا في موضع واحد من أجل أن يتحرك ذهن المسلم ، ومن أجل أن يفضح الله اليهود فضحا مستمرا حتى لا تنسى قصتهم ،  فقصتهم مشينة لذلك تجزأت في موضع يطال السياق فيها وموضع يقصر السياق فيها  كل هذا من أجل أن يبين فحش اليهود

 

من الفوائد :   

ــــــــــــــــــ

أن اليهود كما أمروا أن يأخذوا التوراة بقوة يعني بجد ونشاط  فنحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام من باب أولى { خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ }

لا تأخذ شرع الله جل وعلا بضعف ، فكلما أخذت شرع الله بقوة كلما قويت وإذا أخذته بضعف كلما ضعفت ، ولذلك انظروا إلى حال الصحابة هم أخذوا القرآن بقوة فسطر التاريخ لهم أعجب ما يكون.

هم أخذوا الكتاب بقوة وهم من حيث الأصل والعتاد والأسلحة ضعفاء لكن قواهم الله عز وجل بالقرآن { خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ } هم أخذوا القرآن بقوة فأفلحوا وصاروا الأقوياء بل سادوا الأمم.