تفسير سورة البقرة الدرس ( 166 ) [ ومن أظم ممن منع مساجد الله .. ] الآية ( 114 ) الجزء الخامس

تفسير سورة البقرة الدرس ( 166 ) [ ومن أظم ممن منع مساجد الله .. ] الآية ( 114 ) الجزء الخامس

مشاهدات: 474

تفسير سورة البقرة ــ الدرس ( 166 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

 { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) }

سورة البقرة ( 114 ) / الجزء الخامس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مازلنا في ذكر الفوائد المتعلقة بقوله تعالى :

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) }

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أننا ذكرنا بالأمس أن تخريب المساجد نوعان :حسي ومعنوي

فالحسي هو هدمها ، أما المعنوي أن يوضع فيها ما لم يشرعه الله وما لم يشرعه رسوله عليه الصلاة والسلام ، وهذا هو أعظم النوعين من تخريب  المساجد

والشيء بالشيء يذكر:

أرسلت بعض الرسائل في مثل هذا اليوم من أن هناك محاضرة لأحد الدعاة في أحد المساجد وإذا بتلك المحاضرة وضعت عليها صورة مع اسمه ومع اسم المحاضرة ، وهذا لا شك أنه ينبئ عن خطر وعن قلة بعد نظر للمستقبل

مثل هذه الإعلانات أين ستوضع ؟ توضع في المساجد وبها هذه الصور وهذه الصور لا مصلحة منها والأصل أن التصوير محرم ولا نخادع  أنفسنا ولا نبرر لأنفسنا

يعني من أخطأ ووقع في الخطأ فلا يأتي ويرتكب خطأ أشنع وأعظم مع خطئه السابق

إذا كان هو واقع في مثل هذا فإنه يأثم لكن يزيد على هذا الاثم إثما أعظم هو  أن يتعدى النصوص الشرعية ويلوي أعناقها حتى تتوافق مع ما يذهب إليه

فمثل هذه الإعلانات في المحاضرات لاشك أنها ستوضع مستقبلا في المساجد وهذا فتح باب شر

في صحيح مسلم ( يقول أبو الهياج قال لي علي ألا أبعثك على ما بعثني به رسول الله عليه الصلاة والسلام : ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته )

فكيف نسوغ لأنفسنا أن نضع مثل هذه في المحاضرات ما الفائدة ؟ ما الثمرة ؟ ما هناك ثمرة ، مجرد إخبار بأن فلانا سيلقي محاضرة وانتهى الأمر ، لا نحتاج إلى صور ولا يقل أحد إن العلماء الكبار يصورون صور فيديو لإلقاء  محاضراتهم :

أولا : هذا يختلف عما يراد من المقاصد والمصالح ، الأصل في التصوير التحريم ، وليعلم أن التصوير بالفيديو ، وإن كان يدخل حقيقة ضمن التصوير إلا إنه لا يقارن بالصور الأخرى لأن التصوير بالفيديو عبارة عن إخراج صورة الإنسان كما تخرجه المرآة لا أقل ولا أكثر ، ومع هذا كله فلا يدخل الإنسان في التصوير بجميع أنواعه ، ولي مقطع في اليوتبوب متكامل في بيان أقسام التصوير ومتى يجوز ؟ فلا يدخل في هذا الباب إلا إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة ملحة مثل ما يحتاج الناس إليه الآن في نشر العلم

قد لا يكون العلم بالصوت أبلغ من العلم بالصوت والصورة ، لكن صورة توضع في محاضرة ماذا سأستفيد منها ؟

ويجري هذا أيضا ما يوضع بعضهم تساهل في السنوات الماضية يضع صورته كإعلان له لمحاضرة في مخيم دعوي أو لقاء دعوي ، أيضا ما الفائدة من هذا ؟

ولذلك لا يجني المسلم على النصوص الشرعية ولا يلوي أعناقها من أجل ما وقع فيه

الآن بعض الناس ابتلي وعمت وطمت بتقصير اللحى

اللحية لا نعول على أنها هي الدين ، لا ،  لكنها من الواجبات في الدين

النبي عليه الصلاة والسلام قال : (  أرخوا اللحى  ــ أرجئوا اللحى  ــ وفوا اللحى ــ وفروا اللحى ــ أعفوا اللحى )  كلها تدل على الترك وعلى عدم أخذ شيء من اللحية

بعض الناس لما يأخذ  منها ولو كان من الأخيار ولو كان من طلاب العلم يأتي إلى النصوص الشرعية الواضحة هنا وإذا به يصرفها عن ظاهرها

وقعت في الخطأ لا تجمع مع هذا خطأ آخر فيقتدي بك غيرك

ولي مقطع أيضا في اليوتيوب في الرد على من أجاز تقصير اللحى

وأقول ، وهذا شيء نشاهده في الواقع من كانت لحيته طويلة ووضع فيها المقص لا تأمن من أن تذهب كلها وأنتم رأيتم أناسا كانت لحاهم طويلة فلما دخل المقص ، إن دخل المقص في لحيتك فإن هذه اللحية ستزول إلا ما شاء الله عز وجل

فهذه إمرارة سريعة وعابرة للتفطن لخطورة هذا الأمر ، وهذا يدل على قلة العلم الشرعي حقيقة لأنه إن فتح الباب غدا أو بعد غد إذا بالمساجد ملأى بصور الدعاة من غير ما فائدة

لو هناك فائدة يمكن أن نقول لكن ليست هناك فائدة فالحذر الحذر

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أنه قال هنا : {مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} ما معناها ؟

معناها : يعني ما كان ينبغي لهؤلاء الكفار أن يدخلوها إلا وهم خائفون فكيف لهم أن يمنعوا عباد الله من الدخول فيها ، لكن لولا ظلم الظلمة ما تجرأ هؤلاء الكفار على منع المسلمين من الدخول فيها مع أنه من حيث  الأصل ما كان يحق لهؤلاء أن يدخولها إلا على وجه الخوف

أو يكون المعنى يعني : لا تمكنوا هؤلاء من دخول المساجد إلا على سبيل الخوف يعني خوفوهم لا يدخلون ، هذا سياق خبرر يراد منه الطلب

مثل ما قال عز وجل : {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}

ما معنى الآية ؟

يعني لا تؤذوا رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا تنكحوا أزواجه من بعده

أو فيه بشارة من أن هؤلاء لن يدخلوها إلا على سبيل الخوف ، وقد وقع مثل هذا  ، والآية تحتمل كل هذه المعاني كلها

فالشاهد من هذا : أنه وقع

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح  بعث وفدا وهو علي وأبو بكر معا : ( ألا يحجن بعد هذا العام مشرك )

 في السنة التاسعة من الهجرة ففيها بشارة

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن من هذه الآية أخذ بعض العلماء تحريم إدخال المشرك المسجد

طبعا المسجد الحرام معروف التحريم وليس المقصود فقط المسجد الحرام بل حدود الحرم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}

لكن المساجد الأخرى هناك خمسة أقوال ليس الموضوع موضع بيانها في مسألة دخول الكفار للمساجد ، لكن غير المسجد الحرام فإنه يجوز إدخال الكافر للحاجة إن احتيج إلى إدخاله لإصلاح شيء في المساجد لا يصلحه إلا  كافر فلا بأس  ، لحاجة فلا إشكال

والدليل : أن النبي عليه الصلاة والسلام ربط ثمامة في المسجد وكان مشركا حتى أسلم بعد ذلك رضي الله عنه

فأدخله أي مسجد ؟ المسجد النبوي

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

 أنه لا يغتر باعتداء الظالمين ولو طغوا ولو بغوا فإن الله سيجازيهم على مغبة ما فعلوا في هذه الدنيا قبل الاخرة ، ولذا قال هنا : {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } ما هو هذا الخزي ؟ مطلق ، الله أعلم به

إذن من اعتدى وطغى وتجبر فإن له الخزي  في الدنيا

ولذلك من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام كما في المسند وفيه اختلاف بين أهل العلم في إثباته ويرى ابن كثير أن إسناده حسن ( اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة )

موضع الشاهد :

( من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ) لو تأتي إلى هذه الآية  تتوافق مع الحديث : {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

إثبات يوم القيامة لأنه قال: {فِي الْآخِرَةِ}

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن عذاب الآخرة عذاب عظيم شديد ، نسأل الله أن ينجينا وإياكم منه

والدليل على أنه عظيم قوله عز وجل في سورة الفجر : {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ {25} وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ {26}}