تفسير سورة البقرة الدرس 171 (بديع السماوات والأرض ….. ) الآية ـ 117

تفسير سورة البقرة الدرس 171 (بديع السماوات والأرض ….. ) الآية ـ 117

مشاهدات: 485

النوادر العلمية من قوله تعالى :

{ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

الآية 117 / سورة البقرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قول الله عز وجل : { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أن قوله { بَدِيعُ } يعني مبدع الأصل مبدع لكن أتى بوزن فعيل من باب المبالغة كما يقالعن العذاب أليم أصله مؤلم

فهنا بديع يعني مبدع السموات والأرض على غير مثال سابق

ولذا المبتدع في دين الله عز وجل سمي بهذا الاسم لأنه اخترع وأنشأ عبادة ليس لها أصل في الشرع ف { بَدِيعُ } مبدع ومحدث ، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم ( وكل محدثة بدعة )

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أن السموات جمع والأرض مفردة كما في هذه الآية وعددها سبع أعني السموات بنص القرآن قال عز وجل { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ }

قال هنا { وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } المثلية هنا التي تماثل الأرض للسموات من حيث الصفة أم من حيث العدد ؟ من حيث العدد

لماذا قلنا من حيث العدد لأنه من حيث الصفة ليست السموات في صفتها كصفة الأرض فلما لم تكن صفة الأرض كصفة السموات صارت المثلية هنا من حيث العدد وقد جاء النص النبوي كما في الصحيحين من أن الأرض سبع ، قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين ( من اقتطع شبرا من الأرض طوقه من سبع أراضين )

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أنه قال جل وعلا هنا { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

{ قَضَى } تأتي في القرآن على معاني من بينها الإعلام { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ } يعني أعلمنا بني إسرائيل

تأتي بمعنى الفصل والحكم قال النبي عليه الصلاة والسلام وهذا في شأن القاضي لأنه يفصل بين المتنازعين قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين ( إنما أقضي على نحو ما أسمع ) هذا مما ورد في السنة

تأتي { قَضَى } بمعنى الخلق { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ }

والأمر يأتي في القرآن أيضا على معاني من بينها وقد أوصلها القرطبي في التفسير إلى أربعة عشر معنى لكن من بينها :

أن الأمر يأتي بمعنى القول { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } يعني القول

ويأتي الأمر بمعنى الذم { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا } ويأتي الأمر بمعنى الحال والشأن { وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ }

ولا نقف عند هذا طويلا لكن ليعلم : أن قضى وأمر لها معاني متعددة

قضى هنا { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا } هنا هو القضاء الكوني يعني إذا أراد جل وعلا القضاء الكوني ، لماذا قلنا بالقضاء الكوني ؟

لأن القضاء نوعان قضاء شرعي وقضاء كوني

قضاء شرعي : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } يعني أمر وشرع أن يعبد عز وجل ، وألا يشرك به وأن يبر بالوالدين ويمكن أن يقع ويمكن أنه لا يقع ، لكن القضاء الكوني القدري لابد أن يقع { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا } يعني إذا أراد عز وجل أمرا ، لماذا قلنا أراد  ؟ نقرأ الآية الأخرى ، القرآن يفسر بعضه بعضا { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أن قوله { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } هذا يتصل بما سبق من الرد على من ؟ من نسب إلى الله الولد

وأيضا الجملة التي قبلها { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } يرد بهما لأن من خلق السموات والأرض ليس بحاجة إلى الولد بل خلق السموات والأرض أعظم وأعظم { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ }

وقال بعدها { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

لو تأملنا القرآن حينما نقرأ بتؤدة وبتأني ومررنا بآية وكل آية تستوقفنا ثم نحن إذا مررنا بآيات أخر لكن يلزم على هذا أن يكون الإنسان مكثرا لتلاوة القرآن مع التعمن ، هنا يجمع معاني كثيرة

{ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } لما قالوا عن عيسى ما قالوا ماذا قال عز وجل في سورة آل عمران { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

انظر يعني إذن ما أتت هذه الجملة إلا من أجل بيان عظمة الله وأنه ينفي عن نفسه الولد

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

إثبات صفة القول لله عز وجل وأنه يتكلم

يتكلم بصوت وبحروف لا يشابه كلام البشر وقد ضل في هذا الباب ثمان طوائف في صفة الكلام ولم ينج من هؤلاء إلا الطائفة التاسعة وهي أهل السنة والجماعة الذين أثبتوا الكلام لله عز وجل وأنه حروف ومعاني وأنه مسموع يسمع لا يشابه كلام البشر .

ولذلك قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية هو كلام الله الحروف والمعاني ليس الحروف فقط وليس المعاني فقط ليرد على الطوائف الضالة من الكرامية والمعتزلة وأتباع هؤلاء ، أين الدليل ؟ هنا

والأدلة كثيرة لكن هنا { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } يقول لهذا الشيء لما يقول له شيئا لابد أن يسمع هذا الشيء أليس كذلك ؟

ولله المثل الأعلى : لو قلت لشخص شيئا فاستجاب لك ألم يسمعك ؟ بلى

وإلا كيف استجاب ؟

فإذن { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

لما قال له فكان إذن هو سمع كلام الله وأين الدلالة على الحروف ؟      كلمة { كُنْ } لكن كلام يليق بجلاله وبعظمته ليس صوته كصوت المخلوقين ، وإنما هو يليق بجلاله وعظمته { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ولذلك الكلام من صفاته عز وجل الذاتية الفعلية يتكلم هو متكلم من حيث الأزل ويتكلم متى شاء جل وعلا

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

لو قال قائل : هو جل وعلا وهذه أذكرها لأن المعتزلة المعتزلة من الطوائف الضالة تقول إن المعدوم شيء

والذي عليه أهل السنة والجماعة أن المعدوم ليس بشي ء الذي لم يوجد ليس بشيء والدليل { خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا }

وقوله عز وجل عن السراب { يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا } فالمعدوم ليس بشيء ، ليس بشيء في الوجود لكنه في علم الله موجود ، ولذلك كيف يخاطبه جل وعلا مع أنه معدوم ولماذا سماه شيئا

باعتبار علمه جل وعلا وأنه متى ما قال لهذا المعدوم أو أراد أن يحصل هذا المعدوم حصل ، ولذلك سماه شيئا باعتبار أنه متحقق ، لم ؟

لأن الله أراده فاعتبر شيئا

المعدوم هنا في هذه الآية اعتبر شيئا باعتبار أنه متحقق وحاصل ولا محالة  ، لم ؟ لأن الله أراده  ، { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } لم يأت بعد لماذا قال { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } لأن ما قدره الله سيتحقق وسيقع

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أنه قال هنا { كُنْ فَيَكُونُ } يعني ما يحتاج جل وعلا إلى معين يعينه على هذا الشيء ليس هناك أحد أن يمنع الله من إحداث شيء أو إيجاد شيء  وليس هناك أحد أن يعارض الله في إيجاد هذا الشيء وإنما مرة واحدة     { كُنْ فَيَكُونُ } وهذا يجعل العبد يتعلق بربه عز وجل وأنه على كل شيء قدير فلا تستبعد أن يحقق الله لك ما تريد

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

قال { كُنْ فَيَكُونُ }

بالرفع هذه قراءة { كُنْ فَيَكُونُ } يعني فهو يكون

وهناك قراءة سبعية { كُنْ فَيَكُونَ } بالنصب ، لم ؟

لأن يكون فعل مضارع أتى بعد فاء السببية فيكون منصوبا بأن المضمرة بعد فاء السببة لأنها واقعة في فعل الأمر ، أين فعل الأمر ؟ { كُنْ }

{ كُنْ فَيَكُونَ } ، والقراءة المعروفة { كُنْ فَيَكُونُ }