تفسير سورة الصافات من الآية ( 1 ) إلى ( 74 ) الدرس (215 )

تفسير سورة الصافات من الآية ( 1 ) إلى ( 74 ) الدرس (215 )

مشاهدات: 512

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ زيد البحري تفسير سورة الصافات من الآية (1) إلى (74) الدرس (215)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(تفسير سورة الصافات)

 ﴿وَٱلصَّٰٓفَّٰتِ صَفّٗا (1)فَٱلزَّٰجِرَٰتِ زَجۡرٗا (2) فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكۡرًا (3)إِنَّ إِلَٰهَكُمۡ لَوَٰحِدٞ (4) رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ(5)﴾

 

وهي من السور المكية، أقسم الله ﷻ بالصافات ﴿والصافات صفا﴾، الأشهر والذي يدل عليه السياق أن الله ﷻ أقسم بالملائكة ﴿والصافات صفا﴾ فإنها تصفّ عند عبادة الله ﷻ، ولذلك ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: ” أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا ؟ ” فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا ؟ قَالَ : ” يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ ” وأكد ذلك ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾.

﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾ الملائكة تزجر السحاب، وأيضًا هي تُنزل الوحي الذي به زجر الناس عن الذنوب، مما يقوي أن المقصود من ذلك الملائكة قوله: ﴿فـ ﴾  ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾: فدل على أن الفاء مرتبة على ما مضى.

﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ تتلوا ذِكر الله وهو الوحي، ولذلك قال تعالى: ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات:5-6].

﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ أقسم بالملائكة أن الإله واحد الذي يستحق العبودية وهو الله ﷻ.

وبعض المفسرين قال: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾ يعني: الطيور ﴿وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ [النور:41]. وقال بعض المفسرين أن ﴿الصَّافَّاتِ صَفًّا﴾: هم العلماء يصفون عند عبادة الله ﷻ، وهم يزجرون الناس عن الوقوع في الفواحش وهم يتلون كتاب الله ﷻ.

وعلى كل حال وإن كان هذا لا يتنافى مع ما مضى لكن الأظهر أن السياق سياق القسم بالملائكة.

ثم قال: ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ يعني: أنتم تقرون بذلك يا كفار قريش، أفلا تقرون بأن الله هو إله واحد ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ من هواء وأجرام ﴿وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ أي: ورب المشارق والمغارب، فكلمة: ﴿المشارق﴾ تدل على المغارب.

لكن لماذا قال: ﴿المشارق﴾؟ وفي آية أخرى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ [الرحمن:17]. وفي آية أخرى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ [المزمل:9]. فالمقصود من ذلك كما قال المفسرون: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ يعني: جهة المشرق وجهة المغرب، ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ في الصيف للشمس مشرق ومغرب، وفي الشتاء لها مشرق ومغرب، والمشارق هو مشرق كل يوم في السَنة، أو رب المشارق يعني كل ما تشرق عليه الشمس وتغرب عليه فيكون مشرقاً.

 

﴿إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ (6) وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ (7) لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰ وَيُقۡذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٖ (8) دُحُورٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ وَاصِبٌ (9)إِلَّا مَنۡ خَطِفَ ٱلۡخَطۡفَةَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ ثَاقِبٞ (10) فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَهُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَم مَّنۡ خَلَقۡنَآۚ إِنَّا خَلَقۡنَٰهُم مِّن طِينٖ لَّازِبِۭ(11)﴾

 

﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا﴾ السماء القريبة ﴿بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ وهذه دلالة على عِظم الله ﷻ، والكواكب هي بدل، أي الزينة هي الكواكب، كما قال ﷻ: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ [فصلت:12]. ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [فصلت:12].

فقال هنا: ﴿وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾ المارد الشديد في الطغيان، البالغ في العصيان.

﴿لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الأَعْلَى﴾ لا يتسمعون إلى الملأ الأعلى وهم الملائكة ﴿وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ﴾ ولذلك القرطبي رحمه الله قال: “كان الجن يُرمون بالشُهب قبل بعثة النبي ﷺ، فلما بُعث قذفوا من كل جانب”.

ولذلك قال تعالى في سورة الجن ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ﴾ [الجن:8]. فدل على أنها فيما مضى لم تُملأ، لما بُعث النبي ﷺ قال ﴿مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾.

﴿دُحُورًا﴾ أي: مبعدين عن هذه السماء ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ﴾ يعني: عذاب مستمر في الدنيا من هذه الشهب وفي الآخرة.

﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ من استمع وخطف الخطفة ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ شهاب يثقبه أو يهلكه ويحرقه، وقد يسلم كما جاء بذلك الحديث، لكن ليُعلم أنه إذا خطف الخطفة إنما هي الشيء الذي لا يتعلق بالوحي، أما الوحي فمحفوظ لا خطفة ولا غير ذلك، لكن مما يُقدره الله ﷻ في الكون مما يجري على الناس ويُخبر به الملائكة قد يخطف الأمر هذا الجني، لكن فيما يتعلق بالوحي لا يكون ذلك، ولذلك قال تعالى كما مر معنا تفسيره في سورة الشعراء: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء:212].

﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ اسأل هؤلاء واستخبرهم يعني بعد تلك الدلائل ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا﴾ هل خلقهم أشد، أمن خلق السماوات والأرض وما خلقناه من مخلوقاتٍ عظيمة ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾ خلقهم من طين لازب يعني أنه يلصق باليد، فخلقهم ضعيف.

 

﴿بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ (12) وَإِذَا ذُكِّرُواْ لَا يَذۡكُرُونَ (13) وَإِذَا رَأَوۡاْ ءَايَةٗ يَسۡتَسۡخِرُونَ (14) وَقَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٌ (15) أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ (16) أَوَءَابَآؤُنَا ٱلۡأَوَّلُونَ (17) قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ (19)وَقَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا هَٰذَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ (20) هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ (21) ۞ ٱحۡشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ (22) مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡجَحِيمِ(23)﴾

 

﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ بل عجبت يا محمد من إنكارهم بالبعث، ولذلك قال ﷻ ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد:5].

﴿وَيَسْخَرُونَ﴾ ويسخرون ويستهزئون من تعجبك لما أنكرت عليهم، وفي القراءة السبعية: ﴿بل عجبتُ﴾ فدل هذا على أن العجب صفة من صفات الله ﷻ تليق بجلاله وبعظمته لا تشابه صفة المخلوقين.

﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا﴾ بهذا القرآن ﴿لا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً﴾ من الآيات كانشقاق القمر ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾ أي يجعلونها محل السخرية، وهذا يدل على كفرهم.

﴿وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ يعني ما أتيت به يا محمد إلا سحر مبين واضح، ﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ﴾ يعني أيضا يبعث معنا آباؤنا الأولون؟ قل يا محمد لهؤلاء: نعم تبعثون ويُبعث آباؤكم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة:49-50].

وقال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ﴾ [المرسلات:38]. ﴿قُلْ نَعَمْ﴾ تُجمعون ﴿وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ﴾ وأنتم صاغرون أذلاء، كما قال ﷻ: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل:87].

﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ صيحة واحدة، وسميت الصيحة بالزجرة لأنه يكون للزجرة صوت كما يُزجر الشيء، ﴿فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ﴾ ينظرون إلى هذا اليوم وما فيه من العذاب لهم.

﴿وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا﴾ في يوم القيامة ﴿هَذَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ هذا يوم الجزاء والحساب فيُقال لهم: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾ [النبأ:17].

فيقول الله ﷻ للملائكة: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ أي: وأشباههم ونظراءهم ممن كان على شاكلتهم في الكفر والطغيان والعناد، وأيضًا يُقرنون بأزواجهم من شياطين الجن، وكذلك من زوجاتهم إذا كانوا على نفس طريقتهم ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ كما قال ﷻ: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء:98].

﴿فَاهْدُوهُمْ﴾ أي: دلوهم بِسَوْقً عنيف ﴿إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِإلى طريق الجحيم، من التجحم وشدة العذاب.

 

﴿وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ (24) مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلۡ هُمُ ٱلۡيَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ (26) وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ (27) قَالُوٓاْ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ ٱلۡيَمِينِ (28) قَالُواْ بَل لَّمۡ تَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا طَٰغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَآۖ إِنَّا لَذَآئِقُونَ (31) فَأَغۡوَيۡنَٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَٰوِينَ (32) فَإِنَّهُمۡ يَوۡمَئِذٖ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ (34) إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۭ (36) بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (37) إِنَّكُمۡ لَذَآئِقُواْ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَلِيمِ (38) وَمَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ(39)﴾

 

﴿وَقِفُوهُمْ﴾ وهذا يدل على الحبس يُحبسون للسؤال بزجر ﴿إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ﴾ يقال لهم: أين نصرتكم كما كنتم تقولون ذلك في الدنيا وتفعلونه ﴿بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ﴾ انقادوا لأمر الله ﷻ.

﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ أقبل الضعفاء والمستكبرون، الزعماء القادة ومن يتبعهم فكلٌّ منهم يقول للآخر هذا القول، يعني قال الضعفاء  ﴿قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ﴾ ﴿عن اليمين﴾ عن الجهة التي نأمنكم فيها، وأيضًا عن اليمين أنكم تحلفون لنا أننا على الحق، أو ﴿عن اليمين﴾ أي بطريق القوة تقهروننا على أن نتبعكم، وذلك لما لكم من السلطة والمال ﴿قَالُوا﴾ أي الزعماء ﴿بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ الخلل منكم، كما قال تعالى عنهم في سورة سبأ: ﴿بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ﴾ [سبأ:32].

﴿وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾ ما كان لنا عليكم من حجة وسلطان نقهركم بها، ﴿بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ﴾ أنتم عندكم الطغيان فقبلتم ما قلناه لكم ﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ﴾ يقولون وجب علينا واعترفوا بذلك، وجب علينا قول ربنا.

﴿فَأَغْوَيْنَاكُمْ﴾ يقول الزعماء: فحق علينا قول ربنا ﴿إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ﴾ أمرناكم بالغواية والضلال فاتبعتمونا لأننا أصلا في غواية وفي ضلال، ﴿فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:38] .

﴿إِنَّا كَذَلِكَ﴾ مثل هذا العذاب ﴿نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ أي مجرم كحالهم يكون هذا الحال حاله، ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا﴾ وهم كفار قريش ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ أي لا معبود بحقٍ إلا الله ﴿يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أنفة وعدم رضا وقبول.

﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا﴾ على وجه الاستبعاد والإنكار ﴿أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ يعني: لـ محمد وهو ليس بشاعر فحسب بل به الجنون ﴿بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ﴾ محمد ﷺ ما جاء إلا بالحق ﴿وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ﴾ الذين قبله، ليس بِدعًا من الرسل ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف:9]

ثم قال ﷻ: ﴿إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الأَلِيمِ﴾ ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وما ظلمهم الله ﷻ.

 

﴿إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ (40) أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ رِزۡقٞ مَّعۡلُومٞ (41) فَوَٰكِهُ وَهُم مُّكۡرَمُونَ (42) فِي جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ (43) عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيۡهِم بِكَأۡسٖ مِّن مَّعِينِۭ (45) بَيۡضَآءَ لَذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوۡلٞ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ (47) وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيۡضٞ مَّكۡنُونٞ(49)﴾

﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ استثناء منقطع، لكن ﴿عباد الله المخلصين﴾ لا يذوقون العذاب لأن لهم شأنًا آخر، ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ﴾ رزق معلوم يتنعمون به في أوقات معينة ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم:62].

﴿أولئك لهم رزق معلوم﴾ فواكه يتلذذون بها، ﴿وهم مكرمون﴾ كرمهم الله ﷻ ورفع درجاتهم ﴿في جنات النعيم﴾ التي بها “ما لا عَيْنٌ رأَت، ولا أُذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قَلب بَشَر”.

﴿عَلَى سُرُرٍ﴾ الأماكن التي يُجلس عليها للاتكاء ﴿عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾

كلٌ منهم يقابل الآخر يدل على صفاء النفوس ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر:47].

﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ﴾ هناك من يخدمهم من الولدان كما في الآيات الأخرى ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الإنسان:19].

﴿بكأس من معين﴾ الكأس تسمى: “كأسًا” إذا كان بها ما يُشرب، ويُطلق أيضاً على الشراب كأس.

﴿مِنْ مَعِينٍ﴾ من خمر الجنة وهو معين ظاهر واضح، ولذلك ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قَالَ: «لَعَلَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ أُخْدُودٌ فِي الْأَرْضِ، لَا وَاللهِ، إِنَّهَا لَسَائِحَةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ” يعني ليس لها حواجز.

﴿بَيْضَاءَ﴾ صفة هذه الخمر بيضاء من حيث صفتها، ومن حيث تأثيرها ﴿لذةٍ للشاربين﴾ يعني هي لذة يتلذذ بها من يشربها.

﴿لا فيها غول﴾ ليس فيها ما يكون به ضرر عليهم في أبدانهم، ولا صداع في رؤوسهم، ولا وجع في بطونهم ﴿وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ﴾ لا تذهب عقولهم كخمر الدنيا.

﴿قاصرات الطرف﴾ الزوجات اللواتي قصرن أعينهن على أزواجهن ﴿عين﴾ ضخام العيون، حسنات العيون ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ كالبيض المكنون المصون، يقولون: كبيض النعام فإنه يُوضع عليه الريش، فهو محفوظ فيكون أبيض مع نوع من الاصفرار وهذا ألذ ما يكون من ألوان النساء من حيث الجمال.

 

﴿فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ (50) قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ (51) يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُصَدِّقِينَ (52) أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلۡ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54) فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ (55) قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرۡدِينِ (56) وَلَوۡلَا نِعۡمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحۡنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوۡتَتَنَا ٱلۡأُولَىٰ وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ (60) لِمِثۡلِ هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ(61)﴾

﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ مع ذلك النعيم جلسوا يتحدثون فيما بينهم، كما قال ﷻ في سورة الطور ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ [الطور:25-27].

فقال الله ﷻ هنا: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ﴾ من أهل الجنة ﴿إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ مقارن وصديق يقول: ﴿يقول أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ﴾ هل أنت من المصدقين بالبعث؟ ﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ يعني: لمجزيون؟ ﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾ قال لمن معه: هل أنتم مطلعون معي على حاله في النار؟ قال الله ﷻ ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾[ الأنبياء:102].

وهنا يطلعون بأمرٍ من الله ﷻ هل ينظرون إليهم عن بعد أو ما شابه ذلك، المهم سواء كان بوسيلة أو بغير وسيلة فلهم من أمر الله ﷻ حالٌ يطلعون به على أهل النار.

﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾ بعض المفسرين قال: إنهم اطلعوا معه، وعلى كل حال لما قال: ﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾ لعله يقوي قولهم أنه لما قال لهم هذا الشيء وهو يريده أن أمنيته تحققت ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ﴾ [الزخرف:71]

﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ في وسط الجحيم، وسمي السواء وسط لأن الجوانب بالنسبة إليه مستوية.

﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ﴾ لتهلكني لو أطعتك ﴿وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي﴾ إذ نجاني منك ومن طريقك ﴿لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ معك في النار.

﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ﴾ أي يقول أهل الجنة من باب التنعم: ﴿أفما نحن بميتين﴾ وقيل إنهم يقولون للملائكة بعدما ذُبِح الموت ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾.

وهذا يدل على أنهم يقولون هذا الكلام من باب الثناء على الله ﷻ لأنهم باقون فيها ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ وهو ما يكون في الجنة ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ لمثل هذا الأمر فليعمل العاملون لمثل هذا النعيم فليعمل العاملون، قد يكون السياق سياق ﴿لمثل هذا﴾ يعني يكون الله ﷻ ﴿لمثل هذا فليعمل العاملون﴾.

 

﴿أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّٰلِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٞ تَخۡرُجُ فِيٓ أَصۡلِ ٱلۡجَحِيمِ (64) طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ (65) فَإِنَّهُمۡ لَأٓكِلُونَ مِنۡهَا فَمَالِـُٔونَ مِنۡهَا ٱلۡبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمۡ عَلَيۡهَا لَشَوۡبٗا مِّنۡ حَمِيمٖ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ(68)﴾

﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ﴾ هذا خير نُزل ومكان أم شجرة الزقوم؟ الجواب: أنه لا خير في شجرة الزقوم، وإنما قيل: {خير} باعتبار التهكم لحال هؤلاء. ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ﴾ لأنهم يقولون: هي شجرة فكيف تخرج في النار وما علموا أن الله ﷻ قادرٌ على أن يخلق من الشيء شيئًا منه من جنسه، فالله على كل شيء قدير.

﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ في عمق الجحيم ﴿طَلْعُهَا﴾ قد انتشرت فروعها ﴿كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ لخبثها.

ولذلك بعض المفسرين يقول: كان هناك بعض الشجر كأن هيئته مثل رؤوس الشياطين، لكن لو قيل رؤوس الشياطين لم يروها؟ فالجواب عن هذا أن العرب إذا أرادوا أن يشنعوا بشيء قالوا هو مثل رؤوس الشياطين.

﴿فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾ يعني: ستمتلئ بطونهم منها، ولذلك قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الواقعة:51-56].

 

فقال الله ﷻ: ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا﴾ يعني لخلطًا ﴿لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ﴾ يعني أنه يُخلط مع الزقوم ما يشوبه من ماء حار قد تناهى في حره.

﴿ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ﴾ لا يدل هذا على أنهم يخرجون من النار، وإنما في النار أماكن فيها العذاب المتنوع، ولذلك يُعادون مرةً أخرى إلى النار، لأنهم بين حميم وبين عذاب ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ [الرحمن:44]. ولكن ليس معنى ذلك أنهم يخرجون، ولذلك قال ﷻ ﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ [الانفطار:16]. فقال الله ﷻ: ﴿خالدين فيها أبدا﴾.

 

 

 

 

 

 

﴿إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ ضَآلِّينَ (69) فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ (70) وَلَقَدۡ ضَلَّ قَبۡلَهُمۡ أَكۡثَرُ ٱلۡأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ (72) فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ (73) إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ (74)﴾

فقال الله ﷻ: ﴿إِنَّهُمْ﴾ هذا هو السبب ﴿أَلْفَوْا﴾ وجدوا ﴿آبَاءَهُمْ﴾ السابقين ﴿ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ﴾ على طريقتهم ﴿يُهْرَعُونَ﴾أي أنهم يسرعون على طريقتهم دون أن يتفكروا وأن يتأملوا.

﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ﴾ قبل كفار قريش ﴿أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ﴾ فتسلَّ يا محمد، ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا﴾ في الأمم السابقة ﴿فِيهِمْ مُنذِرِينَ﴾ ينذروهم من عذاب الله. ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ﴾ كانت عاقبتهم العقوبة الشديدة ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ فالله ﷻ نجاهم لما نزل العذاب بهؤلاء المجرمين.

 

وللحديث تتمة إن شاء الله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.