شرح الألفية الدرس ( 1 ) [ البيتان 8 ـ 9 كلامنا لفظ مفيد … ]

شرح الألفية الدرس ( 1 ) [ البيتان 8 ـ 9 كلامنا لفظ مفيد … ]

مشاهدات: 553

شرح ( ألفية ابن مالك )

الدرس الأول

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

نستعين الله عز وجل في شرح ” ألفية ابن مالك ” في علم النحو ، فرغنا فيما مضى من شرح متن ” الآجرومية ” وهو بمثابة القاعدة والأساس لطالب هذا العلم ، وهذه الألفية ألفها رحمه الله ، وهي بمثابة العلم الذي ضمَّنه في هذه الأبيات هو علم غزير في هذا الفن ، وقد أعطي رحمه الله سلاسة في الألفاظ التي حوت معاني كثيرة ، نحن لن نخوض في خلاف النحويين وما جرى بينهم من خلاف ، إلا إذا اقتضت الحاجة ذلك فيما يذكره رحمه الله من أبيات ، فشرح هذه الأبيات إذا شرحت شرحا موجزا واستوعبها طالب هذا العلم ، أغنته عن كثير من الكتب في هذا الفن ، سنعمد إلى شرح  هذه الأبيات بإذن الله تعالى ، ثم نترك مجالا للأسئلة ، ثم يقوم أحد الحاضرين بشرح ما مضى شرحا مختصرا ، ثم برهة من الزمن يراجع من شاء أن يراجع هذا البيت حتى يحفظه ويُسمِّعه علينا ، وسنأخذ هذه الأشياء شيئا فشيئا حتى تهضم وحتى تحفظ حفظا متقنا بإذن الله تعالى .

يقول رحمه الله :

كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ  ***   وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ

وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ والقَوْلُ عَمْ ***   وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُــؤَمّ

 

 ( الشرح  ) :

فيقول رحمه الله :

( كَلامُنَا ) يقصد من ذلك كلام أهل النحو ، لأن لكل فن ولكل أهل علم اصطلاح في الكلام ، لكن كلام النحويين كما قال رحمه الله [ لفظٌ مفيدٌ كاستقمْ ]

( لفظ ) يخرج ما سوى اللفظ من الإشارة ، ومن الكتابة ولو كانت تلك الكتابة مفهومة .

( مفيد ) لا يمكن أن يكون كلام عند أهل النحو حتى يكون مفيدا .

ثم لمَّا قال ( مفيد ) كأن النفوس اشتاقت إلى مثال فقال رحمه الله :

( كاستقم ) ومن قوله ( كاستقم ) نأخذ شرطا آخر للكلام عند أهل النحو أن هذا الكلام يحسن السكوت عليه ، فإذا كان لا يحسن السكوت عليه ، فإنه لا يعد كلاما ، ونأخذ من قوله ( كاستقم ) أن الكلام عند أهل النحو يشترط أن يتكون من كلمتين فأكثر .

مثال : ” استقامَ زيدٌ “

استقام : كلمة .

زيد  : كلمة .

هنا ( استقم ) تضمنت كلمتين ، أصلها [ استقم أنت ]

لو قلت : ” استقام زيدٌ على طريق الخير “

( استقام ) كلمة ( زيد ) كلمة  ( على ) كلمة ( طريق) كلمة ( الخير ) كلمة ، إذاً خمس كلمات ، تُعد كلاما ، نحن نشترط أن يكون من كلمتين فأكثر .

ثم بين رحمه الله أقسام الكلام :

[ واسم وافعل ثم حرف ]

إذاً / أنواع الكلام ثلاثة : ” الاسم ، والفعل ، والحرف ” ويشترط في الحرف أن يكون له معنى ، مثلا ( في ) حرف له معاني ، قد يفيد الظرفية ، قد يفيد السببية ( الباء ) له معاني قد يفيد الظرفية ، وقد يفيد السببية ( طاء ) ليست كلاماً عند أهل النحو ، لم مع أنه حرف ؟ لأنه ليس له معنى .

ثم لما ذكر رحمه الله أنواع الكلام ماذا قال ؟

( الكَلِم ) الكَلِم يختلف عن الكلام ، فالكَلِم يلزم أن يكون من ثلاث كلمات فأكثر ، أفادت هذه الجملة أم لم تُفد ، ولذلك قال ( واسم ) هذا واحد ( وفعل ) هذا اثنان ( ثم حرف ) هذا ثلاثة ، ثم قال ( الكَلِم ) يعني الكلم لابد أن يتكون من ثلاث كلمات فأكثر

إذاً ” استقام زيدٌ ” ليس بكَلِم – هو كلام – لمَ لمْ يكن كَلِما ؟ لأنه أقل من ثلاث كلمات

” استقام زيدٌ على طريق الخير ” كَلِم وكلام ، لأنه أفاد وهو أكثر من كلمتين وأيضا هو كَلِم .

مثال : ” إن جاء زيدٌ “

( إن ) كلمة ( جاء ) كلمة ( زيد ) كلمة ، نُطلق عليه كَلِما ، هل نطلق عليه كلاما ؟ لا ، لأنه لا يُحسن السكوت عليه .

( واحده كلمة )  واحد كلم : كلمة .

الاسم كلمة ، والفعل كلمة ، والحرف كلمة .

( والقول عم ) يشير رحمه الله إلى أن كل ما تُلفظ به يعد قولا ، فالكلم يطلق عليه قول ، والكلام يطلق عليه قول .

( وكِلمة بها كلام قد يؤم ) مفرد الكَلِم : كلمة ، سواء كان اسما أو فعلا ، أو حرفا .

” إن جاء زيدٌ “

( إن ) كلمة ( جاء ) كلمة ( زيد ) كلمة ، لكن قد يكون الكلام المفيد المكوَّن من ثلاث كلمات أو خمس كلمات أو عشر كلمات أو عشرين كلمة يطلق عليه كلمة .

مثال : ” لا إله إلا الله ” كلمة التوحيد .

مثال : { قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا }  .

مثال : { وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً{4} مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً } .

وعلى هذا فقس .

( وكلمة بها كلام قد يؤم ) يعني قد يقصد من الكلام الكثير ويطلق عليه كلمة .

فائدة : الكلام عند أهل النحو لابد أن يكون على وِفق القواعد العربية وإلا فليس بكلام عندهم ، فلو أتى إنسان بلهجة من اللهجات التي عندنا وليست على أصول وقواعد اللغة العربية فإنه لا يُعدُّ كلاما عند أهل النحو.

مثال : ” ما ني برايح معكم ” لا يُعده كلاما عند أهل النحو .

إذاً / قوله رحمه الله :

كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ  ***   وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ

      وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ والقَوْلُ عَمْ ***   وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُــؤَمّ

سبحان الله ! إذا وُفِّق الإنسان في الاشتغال بفن من الفنون وأجهد نفسه في ذلك – وهذا ينطبق على جميع الفنون – يبدع فيه إذا كان قلبه معه ، انظروا إلى هذا الكلام الذي ذكرناه كله ، لخصه رحمه الله في بيتين سهلين يسيرين .