شرح القواعد الأربع
شرح قول المؤلف :
[[قال المؤلف رحمه الله :
[ الشفاعة شفاعتان : شفاعة منفية وشفاعة مثبتة
فالشفاعة المنفية : ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله
والدليل قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
أنواع الشفاعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المؤلف رحمه الله :
[ الشفاعة شفاعتان : شفاعة منفية وشفاعة مثبتة
فالشفاعة المنفية : ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله
والدليل قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } البقرة254
وشفاعة مثبتة : وهي التي تطلب من الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشفاعة كما ذكر المؤلف رحمه الله تنقسم إلى قسمين:
شفاعة منفية :
وهي أن تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى
واستدل عليها بدليل :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
وتحدثنا عن بعض الفوائد في هذه الآية ونشرع بإذن الله تعالى في بيان النوع الثاني من أنواع الشفاعة :
وشفاعة مثبتة : وهي التي تطلب من الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرع بإذن الله تعالى في بيان النوع الثاني من أنواع الشفاعة :
والشفاعة المثبتة :
[[ هي التي تطلب من الله عز وجل ]]
هذا هو النوع الثاني من أنواع الشفاعة وعرفها رحمه الله :
[[ بأنها هي التي تطلب من الله ]]
لم ؟
لأنه عز وجل قال :{ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً }
وإذا كانت الشفاعة ملكا لله عز وجل فلا تطلب إلا منه ، وطلبها منه سبحانه وتعالى يشترط لها شرطان :
ما هما هذان الشرطان ؟
ذكرهما المؤلف رحمه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المؤلف رحمه الله :
[[ والشافع مكرم بالشفاعة ، والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن . ]]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــ
لو قال قائل / :
ما فائدة الشفاعة التي يأذن فيها الله سبحانه وتعالى ؟
ذكر رحمه الله فائدة واحدة :
وهي إكرام الشافع :
وذلك أن النبي أو الرسول أو المؤمنين أو الملائكة إذا شفعوا يوم القيامة ففيه إكرام لهم
وأي كرم :
أن يعلن في الملأ يوم القيامة أن فلانا من الناس يشفع عنده سبحانه وتعالى ، فهنا فيه تكريم وفيه دلالة على أن هذا الشافع قد نال الخير وهو الجنة وجنب الشر وهو النار .
فالنفع قد وصل إليه والضر قد اندفع عنه ثم أُكرم على هذا الكرم منه سبحانه وتعالى بأن يشفع للعصاة أو لغيرهم ، لرفع درجات لهم في الجنة ، أو لإخراجهم من النار ، أو لصيانتهم ومنعهم من دخول النار
فهذه هي فائدة الشفاعة .
تصور :
لو قام فلان من الناس يوم القيامة وشفع ماذا يدل عليه ؟
يدل على أنه في مقام كريم
وهناك فائدة أخرى :
ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله :
وهي نفع المشفوع له ، الشافع يكرم ، المشفوع له ينتفع
كيفية انتفاعه إما يجلب نفع أو دفع شر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والشفاعة التي تكون يوم القيامة أقسام :
منها :
ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها أحد ، ومنها ما هو مشترك
فالتي هي خاصة به عليه الصلاة والسلام ثلاث شفاعات :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولا : الشفاعة العظمى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أسلفنا :
[[ أن الناس يعرقون ويلم بهم الكرب ويأتون إلى الأنبياء وكل يعتذر حتى يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي ويسجد لله سبحانه وتعالى ويقال له يا محمد : (( ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع ))
هذه هي الشفاعة العظمى :
وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها المقام المحمود ، المذكور في قوله تعالى :{ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً}
قال بعض العلماء :
[ إن المقام المحمود : هو كل مقام يقوم فيه النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فيحمد عليه ]
ولا تنافي بين هذا القول وبين تفسيره عليه الصلاة والسلام في المقام المحمود بأنه الشفاعة العظمى لأن من أعظم المقامات التي يحمد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا ؟
الشفاعة العظمى .
ثانيا :
النوع الثاني من أنواع الشفاعة التي تخص النبي صلى الله عليه وسلم :
أن يشفع لأهل الجنة أن يدخلوها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[[ وذلك أن المؤمنين اجتازوا الصراط ــ نسأل الله الكريم من فضله ــ وكل يمر عليه على قدر عمله منهم كالبرق ، ومنهم كالريح ، ومنهم كأجاويد الإبل ومنهم من يحبوا حبوا ، يحبسون في قنطرة فيجلسون في هذه القنطرة وهي مكان بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذِن لهم بدخول الجنة
ولكن متى يكون هذا الإذن ؟
إذا شفع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول عليه الصلاة والسلام :
ــ كما جاء في صحيح مسلم ــ : ( ( آتي باب الجنة فيقول لي خازنها من أنت ؟ فأقول : أنا محمد ، فيقول : بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك ) )
ثالثا :
النوع الثالث من أنواع الشفاعة الخاصة به عليه الصلاة والسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شفاعته لعمه أبي طالب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو طالب مات على الكفر :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلافا لما ادعته الروافض من أنه مات على الإسلام .
يقول العباس بن عبد المطلب ــ وهو أخ لأبي طالب ــ :
(( قال يا رسول الله : إن أبا طالب كان ينافح عنك ، فهلَّا نفعته بشيء ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : هو في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه ))
يوضع له جمرتان في قدميه وهذا أخف أهل النار عذابا ــ نسأل الله العافية ــ جمرتان توضعان في أخمص القدمين
ما الذي يصاب به الدماغ ؟
الغليان .
هذا والدماغ بعيد عن القدمين فما ظنكم بالساقين القريبين من القدمين ، ما ظنكم بالفخذين نسأل الله أن يرحمنا .
قال : (( هو في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ))
لأن الشفاعة لا تكون للكفار كما قال تعالى :
{فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }المدثر48
لكنه عليه الصلاة والسلام خُصَّ بالشفاعة لعمه أبي طالب تخفيفا من العذاب لا إخراجا منه وهو باق في النار لكن هو في قليل من العذاب أليس هذا كرما من الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم أن ينفرد بهذه الأنواع ؟
بلى
إذاً :
هذه هي فائدة الشفاعة : [ إكرام الشافع ]
لو تأتي إلى أهل الموقف : مشفوع لهم
لو تأتي إلى المؤمنين وهم في الفطرة : مشفوع لهم
لو تأتي إلى أبي طالب : مشفوع له
أليس في هذا نفع لهؤلاء المشفوع لهم ؟
بـــــــــــلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما بقية أنواع الشفاعات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيشرك فيها الأنبياء , الملائكة , المؤمنون ، حتى الأفراط يشفعون :” وهم الصغار الذين ماتوا قبل البلوغ يشفعون لوالديهم “
فبقية أنواع الشفاعات مشتركة :
ما هي هذه الشفاعة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج العصاة الذي دخلوا النار فلا يبقون فيها بقدر ذنوبهم وإنما يخرجون منها قبل ذلك بشفاعة من شاء الله عز وجل أن يشفع لهم .
ومن أنواع الشفاعة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أناس استوجبوا دخول النار ألا يدخلوها أناس عصاة وجب لهم دخول النار فيشفع من يشفع بإذنه سبحانه وتعالى فلا يدخلون النار .
ومن أنواع الشفاعات :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشفاعات لأهل الجنة أن يرتفعوا درجاتٍ أكثر من درجاتهم :
بعض أهل الجنة يرتقي إلى درجة أعلى من درجته التي يستحقها بفضل من الله عز وجل عن طريق الشفاعة.
والمعتزلة والخوارج ينكرون شفاعة العقاب بناء على أصلهم الفاسد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هو أصلهم الفاسد ؟
أن صاحب الكبيرة خالد مخلد في نار جهنم
فهم يقولون : ” لا شفاعة في العقاب ، من استحق العقاب عوقب . “
أما بالنسبة إلى شفاعة الثواب :
كرفعة درجات بعض أهل الجنة ، أو إدخال المؤمنين الجنة . فهذه الشفاعة يثبتونها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومما يدل على تميز الرسول صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء في الشفاعة للكفار :
أنه جاء في صحيح البخاري :
(( أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يأتيه أبوه يوم القيامة فيستشفع به ويتوسل إليه أن يشفع له. فيقول له إبراهيم عليه الصلاة والسلام : ” ألم أنْهَك ” ، وشفقة الولد على والده ومحبة الولد لوالده دعت إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يقول : ” يا ربي هذا أبي ، فيقال له : ” يا إبراهيم انظر إلى ما وراءك فإذا به زيخٌ ملطخ ــ أي الضبع ــ ثم أخذ وألقي به في النار ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ