شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 16 ) حديث ( 18 ) ( إذا دبِغ الإهاب فقد طهر )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 16 ) حديث ( 18 ) ( إذا دبِغ الإهاب فقد طهر )

مشاهدات: 538

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 16 حديث 18

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله  عليه وسلم :

( إذا دُبِغ الإهاب فقد طهر    ) .

أخرجه مسلم

وعند الأربعة :

( أيما إهاب دبغ )

ذكر ابن حجر رحمه الله هذا الحديث

في باب الآنية : لأن إيراده له واضح المقصد ، لأن فيما سبق كان الحديث عن الماء ، فذكر رحمه الله الأواني المحرمة التي تستخدم في الماء وهي :

” أواني الذهب والفضة ”

ثم ثنَّى رحمه الله بذكر نوع من أنواع الأواني المباحة وهي الجلود ، فذكر هذا الحديث ، فمن فوائد هذا الحديث :

أن في هذا الحديث دليلا لمن قال من العلماء : إن أي جلد دُبغ من أي حيوان كائنا ما كان ” فإنه يطهر ” .

والروايات كلتاهما تدل على ذلك .

الرواية الأولى ” عند مسلم ” قال :

( إذا دبغ الإهاب )

و( أل ) في أصلها  [ تفيد العموم ]

والرواية الثانية ( عند الأربعة ) بذكر اسم الشرط ( أي ) وكما ذكر الأصوليون أن [ أسماء الشرط تفيد العموم ]

ومسألة : ” طهارة الجلود بعد الدبغ “

اختلف العلماء فيها :

القول الأول

أن ” أي جلد من أي حيوان يطهر بالدبغ ”

القول الثاني :

أن ” الجلود كلها لا تطهر بالدبغ ” ويستدلون على ذلك بما عند أحمد وأصحاب السنن من حديث عبد الله بن عكيم ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :

( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )

فكلمة : ( إهاب )

[ نكرة في سياق النهي فتعم ]

إذاً / لا ينتفع به لا قبل الدبغ ولا بعده ، كما هو ظاهر الحديث .

القول الثالث

أن الذي يطهر بعد الدبغ هو  ” جلد مأكول اللحم ” لحديث ميمونة الذي سيذكره ابن حجر رحمه الله ، وسنتحدث عنه لاحقا بإذن الله .

القول الرابع

أن جميع الجلود تطهر ما عدا جلد الخنزير ”  لأن الله عز وجل قال :

{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ }الأنعام145 .

فيقولون : ” عاد الضمير إلى الخنزير “

القول الخامس

أن ” الجلود كلها تطهر بالدباغ ما عدا الخنزير والكلب وما تولد منهما “

والدليل : الآية السابقة إذ إن الكلب مقيس على الخنزير .

القول السادس

أن ” الجلود كلها تطهر بالدبغ ظاهرا لا باطنا ”

فتستعمل في اليابسات دون المائعات .

القول السابع

وهو منسوب إلى الزهري رحمه الله – :

أن ” الجلود كلها طاهرة ولو لم تدبغ “

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري :

أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الميتة :

( إنما حرم أكلها )

وسنذكر القول الراجح إن شاء الله تعالى إذا أتت معنا الأحاديث الأخرى ، وسنجيب إن شاء الله تعالى عن كل دليل ذكره أصحاب كل قول .

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( طهر ) يصح فيها مع ضم الهاء فتحتها ، فيصح قولك ( طَهُر ) أو ( طَهَر )  .

 

 

( ومن الفوائد )

إذا كان جواب الشرط أتى بصيغة ( قد ) فيؤتى ( بالفاء ) وجوباً ، تسمى هذه الفاء ( الرابطة بين جواب الشرط وفعله )

وستأتي معنا إن شاء الله تعالى في النحو .

( ومن الفوائد )

أن ( قد  ) لها ثلاثة معاني :

المعنى الأول : ( التقليل )

مثل : ” قد ينجح الكسلان “

المعنى الثاني : ( التقريب )

مثل ” قد قامت الصلاة “

المعنى الثالث  : ” التحقيق “

وهو المراد هنا  ، أي فقد تحققت طهارته

 

 

( ومن الفوائد )

أن جلد الحيوان قبل الدبغ يسمى ( إهاباً ) ولا يسمى ( جلدا ) إلا إذا دبغ .

أما إذا لم يدبغ فيبقى على اسم ( إهاب )

( ومن الفوائد )

أن قول ابن حجر رحمه الله ( عند الأربعة ) يراد منهم ( أصحاب السنن )

[ أبو داود – النسائي – الترمذي – ابن ماجه ]

رحمهم الله .

والمسألة لها بقية إن شاء الله تعالى إذا ذكرنا الأحاديث الأخرى في الدروس القادمة بإذن الله تعالى .