شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 65 ) حديث 74 ( من أصابه قيء أو رعاف )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 65 ) حديث 74 ( من أصابه قيء أو رعاف )

مشاهدات: 497

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 65 حديث 74

( باب نواقض الوضوء  )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

( أما بعد )

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن عائشة رضي الله عنها أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال :

” من أصابه قيء أو رعاف ، أو قلْس ، أو مذي فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم “

أخرجه : ابن ماجه ، وضعفه أحمد وغيره .

 (من الفوائد )

هذا الحديث استدل به الحنفية على أن من خرج منه شيء من هذه الأشياء:

 ” الرعاف  ” الذي هو الدم .

و ” القلْس ” ويصح ” القَلَس ” وهو أقل من القيء ، واشترطوا أن يكون ملء فم الإنسان ، وأما ما زاد على ذلك فيعتبر قيئا  .

و ” المذي ” مر  معنا .

فالحنفية استدلوا بهذا الحديث على أن من خرج منه شيء من هذه الأشياء وكان في الركعة الأولى – مثلا – يقولون ليذهب فليتوضأ ،ولكن دون أن يتكلم ، ودون أن يأكل أو يشرب ، ثم ليعد فليبن على صلاته ، فلو صلى ركعة فإن ركعته تكون صحيحة ، ويكمل الصلاة .

ولكن جمهور العلماء / يرون أن هذا الحديث ضعيف ، ومعارض للأحاديث الأخرى ، كقوله عليه الصلاة والسلام عند أبي داود :

( إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف وليعد الصلاة )

فيكون هذا الحديث ضعيفا ولا يكون دليلا للحنيفة على ما ذهبوا إليه .

لكن هل هذه الأشياء المذكورة ناقضة للوضوء أم لا ؟

” الرعاف ” وهو ما يخرج من الأنف .

” القيء ” وهو ما يخرج من المعدة .

” القلس ” وهو ما يخرج من المعدة بمقدار ما يملأ الفم .

” المذي ” معروف .

هل هذه نواقض للوضوء ؟

” المذي ” مر معنا ، انه ناقض للوضوء .

ومر معنا ” أن الخارج من السبيلين ” ناقض للوضوء ، بقطع النظر عن هذا الخارج ، سواء كان دما  أو صديدا أو بولا أو غائطا .

لكن  لو خرج غير البول وغير الغائط وغير الريح من بدن الإنسان ، كما لو أن الإنسان جُرح وصب منه دم ، أو نزل من أنفه دم ، أو تقيأ أو احتجم  وكان على وضوء ، هل ينتقض وضوؤه ؟

رواية في مذهب الإمام أحمد تقول : إنه إن كان كثيرا ينقض الوضوء ، وإن كان قليلا فلا ينقض الوضوء .

ولكن القول الراجح / أنه ليس بنواقض للوضوء كثر أم قلَّ ، لم ؟

لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أصحابه يصابون في المعارك وتتصبب منهم الدماء ، ومع ذلك ما كانوا يتوضئون ، قال الحسن رحمه الله كما عند البخاري :

( ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم )

أما ما جاء عند الترمذي / أن النبي صلى الله عليه وسلم:

( قاء فتوضأ )

فهذا مختلف في ثبوته ، وعلى اعتبار أنه ثابت – كما رأى ذلك بعض أهل العلم – فإن هذا مجرد فعل ” ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب “

ولذا لو أن الإنسان احتجم فنزل منه دم أو تقيأ، نقول :الأفضل أن تتوضأ ، لكن أيلزمك ذلك ؟ الجواب / لا .

ولذا لو كان الإنسان في صلاته ، فنزف منه دم ، وهذا الدم ليس بكثير يؤثر على بدنه فاستمر في صلاته فصلاته صحيحة .

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود :

( إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف )

فهذا يشمل من وقع منه الحدث في ثنايا الصلاة أو قبل الصلاة وتذكر في ثنايا الصلاة  .

هذا الحديث كما قال العلماء ” تورية ” لأن الإنسان يستحي أن يخرج من الصلاة ، فقد يصيبه نوع من الحياء أنه لو خرج قيل في حقه أنه ” فسا أو ضرط” مع أنه طبيعي ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :

( علام أحدكم يضحك مما يفعل )

وقد وعظهم في ” الضرطة ” يعني لو ضرط أخوك المسلم في مجلس من المجالس فلا تضحك، لأن هذا مما يحصل لك ، لكن الإسلام أراد أن يهون عليه ، حتى يخرج فيظن من خلفه أو من عمن يمينه أو شماله ، يظن أنه رعاف فخشي على نفسه لو استمر في الصلاة فوضع يده على أنفه حتى يخرج من هذا الحرج .

ولا يدل على أن خروج الدم ناقض للوضوء .

سؤال : …بلع الريق في الصلاة………………….

الجواب / ما أحد يسلم من بلع الريق ، ولذا لو أن الإنسان وضع في فمه علك ” اللبان ” وهو يصلي ، ولم يحرك فمه وإنما وضعه في جانب من الفم ، فلا يؤثر ، لم ؟

لأنه إذا كان لا يؤثر في الصوم فمن باب أولى في الصلاة .