شرح دروس البلاغة ( علم المعاني (2 ) [ المسند إليه وأحكامه (2)

شرح دروس البلاغة ( علم المعاني (2 ) [ المسند إليه وأحكامه (2)

مشاهدات: 593

البلاغة

علم المعاني 2

المسند إليه (2 )

تتمة أحكام تتعلق بالمسند إليه

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مازلنا في الحديث عن المسند إليه من حيث أحقيته للتعريف :

ومن الأشياء التي يعرف بها المسند إليه  :

الإشارة :

ــــــــــــــ

فيكون المسند إليه اسم إشارة فيما إذا كان المتكلم أو السامع لا يعرفان الشيء الحاضر المحسوس

كقولك :

أتبيع هذا ؟

تشير إلى شيء لا تعرف  له اسما ولا وصفا

أما إذا لم يتعين طريقا إلى ذلك فيكون لأغراض أخرى :

إما بيان حاله قربا نحو :

((هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا))

أو بيان حاله توسطا :

كقولك : ذاك ولدي

أو بيان حاله بعدا :

كقولك : ذلك ولدي

ومن الأغراض :

ــــــــــــــــــــــــــ

تعظيم درجته إما بالقرب :

نحو : ((  إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ))

وإما  بتعظيم درجته بالبعد :

مثاله : ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ))

ومن الأغراض :

تحقيره :

إما تحقيره بالقرب :

مثاله : ((هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ))

وإما تحقيره بالبعد :

كقوله تعالى : {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ }

ومن الأغراض :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن يُظهَر الاستغراب :

كقولك : هذا الذي فعلها

ومن الأغراض :

ـــــــــــــــــــــــــ

كمال العناية به

كقول الشاعر :

هذا الذي تعرف البطحاء  وطأته

من الأغراض :

ــــــــــــــــــــ

التعريض بغباوة المخاطب :

كقول  الفرزدق لجرير :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جامعتنا يا جرير المجامعُ

من الأغراض :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

التنبيه على أن المشار إليه المعقب بأوصاف جدير لأجلها بما يذكر بعد اسم الإشارة :

مثاله قوله تعالى :

((أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  ))

وقد ذكر صفاتهم من قبل تنبيها على أنهم أحقاء من أجل تلك الخصال

من الفوائد التي تندرج تحت تعريف المسند إليه بالإشارة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنه كثيرا ما يشار إلى القريب غير المشاهد يشار إليه بإشارة البعيد تنزيلا للبعيد عن العيان منزلة البعد عن المكان :

قوله تعالى : ((ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً))

ولم يشر بالقريب :فيقول : هذا

وأيضا يعرف المسند إليه :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالموصولية :

ـــــــــــــــــــــــ

إذا تعيَّن طريقا لإحضار معناه :

كقولك :

الذي معنا أمس رجل كريم

إذا لم تعرف اسمه

أما إذا لم يتعين طريقا لإحضار معناه فما عدل عن هذا إلا:

لأغراض :

منها :

ـــــــــــــ

التشويق

ــــــــــــــ

كقولك : الذي اشتبه عليك هو قلم

ومن الأغراض :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

التنبيه على خطأ المخاطب :

قوله تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ))

ومن الأغراض :

ــــــــــــــــــــــ

أن يخفى الأمر عن غير المخاطب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كقولك : أخذت ما جادت به نفس  زيد

ومن الأغراض :

التهويل تعظيما :

ــــــــــــــــــــــــ

((فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ))

فما هنا : موصولة

إذاً هذه الأغراض وما  سيأتي بعدها الشيء يكون معروفا لدى المتحدث

ومن الأغراض :

أن يستهجن التصريح بالاسم لكون الاسم ذميما :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نحو :

إن الذي رباني أبي

كان يكون اسمه : حمارا

ومن الأغراض :

التوبيخ :

ــــــــــــــــــــــ

نحو : الذي أحسن إليك قد أسأتَ إليه

إذاً هذه الأغراض ونحوها خرجت الموصولية فيها عن أصلها

ومما يعرف به المسند إليه ” الـ ” :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و ” ال “ كما سبق معنا في الآجرومية أنواع :

منها ”  ال ” العهدية :

وهي تدخل على المسند إليه للإشارة إلى معهود ، وهذا المعهود إما ان يكون متقدما في الذكر تصريحا

قوله تعالى : ((كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً{15} فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ))

ف” ال ” التي في الرسول للعهد

وإما أن يكون قد تقدم ذكره إشارة وتلويحا :

مثل : ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى))

فـ “ال “ التي في الذَّكَر ” ال ” عهدية

وإن لم يصرح به إلا أنه أشار إليه في قوله تعالى :

((إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً))

وكانوا لا يحررون لبيت المقدس إلا الذكور ، ويسمى هذا بالعهد:

” الكنائي “

وإما أن يكون حضوره بذاته :

كما في قوله تعالى : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ))

والمراد : يوم عرفة

وقد نزلت هذه الآية في يوم عرفة

وإما أن يكون بمعرفة السامع له :

كان يقول الزميل لزميله :

هل بدأ الدرس ؟

فـ ” ال “ التي في الدرس للعهد لأنه يعرف ما هو هذا الدرس ، ويسمى عهدا (( حضوريا ))

أما بالنسبة إلى الأول يسمى ” تقدم ذكره تصريحا ” يسمى عهده صريحيا

فإذً عندنا ثلاثة أنواع :

إما عهدا صريحيا :

في قوله تعالى : ((كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً{15} فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ))

وإما عهدا كنائيا :

كما في قوله تعالى : ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى))

وإما عهدا حضوريا :

إما حضوره بذاته : ( (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ))

وإما حضورا يكو ن بمعرفة السامع له

فهذه هي ” ال “ العهدية التي يحصل بها تعريف المسند إليه :

أما ” ال  ” الجنسية :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

تسمى “لام ” الحقيقة

وتدخل على المسند إليه لأغراض أربعة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا :

أن يشار بها إلى الحقيقة من حيث هي :

أي من حيث جنسها لا أفرادها :

كما تقول : الذهب أنفس من الفضة

الغرض  الثاني :

ــــــــــــــــــــــــــــ

الإشارة إلى الحقيقة في ضمن مفرد مبهم إذا وجدت القرينة :

كقوله تعالى : ((وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ))

وتسمى هذه بلام العهد الذهني ، وليس  مراده أن يأكله كل الذئاب

الغرض  الثالث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإشارة إلى كل الأفراد مقيدا :

نحو: جمع الأمير التجارَ

فالمراد هنا : كل التجار الذين في مملكته وليس  المراد : جمع تجار العالم

ويسمى هذا باستغراق عرفي

أي : لام الاستغراق العرفية

الغرض الرابع :

ــــــــــــــــــــــــــــ

الإشارة إلى كل الأفراد التي  يتناولها بحسب اللغة :

وذلك إما بمعونة قرينة لفظية مثاله :

(( إن الإنسان لفي خسر ))

فلو حذفت ” ال ” التي في الإنسان لكان المعنى : إن كل إنسان

ويدل لهذا : وجود الاستثناء (( إلا الذين آمنوا ))

أو بمعونة قرينة ليست لفظية وإنما حالية :

كقوله تعالى : (( عالم الغيب والشهادة ))

فـ “ ال ” التي في الغيب و” ال ” التي  في الشهادة لو حذفتها :

يكون المعنى : أي كل غائب وشاهد

وتسمى هنا بـ “اللام الاستغراقية الحقيقية

وبما أننا في الاستغراق كفائدة عرضية :

وهي أن النكرة المنفية لا تخلو :

إما أن تكون مفردة كقولك : لا رجل

أو تكون مثنى : لا رجلين

أو تكون جمعا : لا رجال

ومن هنا : يكون استغراق المفرد أشمل من استغراق المثنى والجمع

لأن المفرد يتناول كل واحد واحد من الأفراد

والمثنى إنما يتناول كل اثنين اثنين

والجمع : يتناول كل جماعة جماعة

ولذا :

لو كان :

في الدار رجل أو رجلان

لا يصح أن تقول : لا رجل في الدار

بينما يصح : لا رجلين في الدار

لا رجال في الدار.

آخر ما  يعرف به المسند إليه :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإضافة :

ـــــــــــــــ

ويعرف بها لأغراض :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منها :

الاختصار :

ـــــــــــــــــــــــ

نحو : أنفقت مالي

وهو أصل من قولك : أنفقت المال الذي لي

ومن الأغراض :

أن يتعذر الإحاطة بالعدد أو يعسر:

فتقول : أجمع أهل الحق على كذا

من الأغراض :

ــــــــــــــــــ

السلامة من التبعة :

فيما لو قدمت أحدا على أحد نحو :

حضر أمراء الجند

فربما لو قلت : حضر الأمير الفلاني  والأمير الفلاني فلو قدمت أحدهما على الآخر لحوسبت حتى يسلم قال : حضر أمراء الجند

من الأغراض :

تعظيم المضاف :

ــــــــــــــــــــــــــــ

نحو : كتاب :

كتاب الملك حضر

فهنا : عظم الكتاب لأنه أضيف إلى الملك

أو تعظيم المضاف إليه :

كقولك : الأمير تلميذي

فتلميذ مضاف إلي  ياء المتكلم

وتلميذ : شريف لأنه هو الأمير فعظم المتكلم

ومن الأغراض التحقير :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

إما للمضاف :

كقولك : ولد السارق قادم

أو تحقير المضاف إليه :

كقولك :

صديق  عمرو سارق