شرح كتاب التوحيد
( 6 )
باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :
https://www.youtube.com/watch?v=DP-7QL71ryM&index=7&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقول الله تعالى :
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ﴾ [الإسراء57]
فقول المؤلف: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، هذا من باب عطف المترادفات، لأن التوحيد هو الشهادة ولذا في حديث معاذ رضي الله عنه قال: «فليكنْ أولَ مَا تَدْعُوهُم إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» وفي رواية «إلى أن يوحدوا الله»
من الفوائد تحت هذه الآية :
1 ـ أن هذه الآية اشتملت على دعاء العبادة ودعاء المسألة.
2 ـ أن شيخ الإسلام رحمه الله قال: إن كل آية جاءت بذكر الدعاء من الكفار الأظهر أنها في دعاء العبادة وإن كانت تستلزم دعاء المسألة.
3 ـ أن من نواقض التوحيد أن يُدعا غيرُ الله عز وجل .
4 ـ أن هؤلاء المدعوين الصالحين يرجون رحمة الله عز وجل فهم فقراءٌ إليه فكيف يُدعون؟ .
5 ـ أن هؤلاء المدعوين الصالحين جمعوا بين الرجاء والخوف , وهما ركنان من أركان العبادة لأن أركان العبادة ثلاثة : «محبة ورجاء وخوف».
6 ـ أن على العبد أن يكون بين الرجاء والخوف ، لأنه إذا غَلَّب جانب الرجاء أمن من مكر الله عز وجل فوقع في الذنوب ، وإذا غلَّب جانب الخوف قنط من رحمة الله عز وجل .
7 ـ حرص الأولياء الصالحين على التنافس في الخير، ودلالة هذا من الآية قوله : ﴿ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ﴾ [الإسراء 57]، فهم يتنافسون.
8 ـ أن قرب العبد من ربه يظهر في السجود لقوله صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم: «أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» «فَقَمِنٌ» أي حري «أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى :
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ(27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(28)﴾ [إبراهيم].
من الفوائد:
1 ـ أن التوحيد لا يتم إلا بالبراءة من الشرك وأهله.
2 ـ إثبات ركني التوحيد النفي والإثبات، فالنفي في قوله : ﴿بَرَاءٌ مِمَا تَعْبُدُونَ﴾ [إبراهيم 27] والإثبات في قوله : ﴿ إِلَّا اَلْذِي فَطَرَنِي ﴾
3 ـ أن رضا الله عز وجل مقدم على رضا المخلوق ، ومن ثمَّ فإن المخلوق المشرك لا يجوز أن يوالى وأن يُحب ولو كان أقرب قريب، وقدوتُنا في ذلك إبراهيم عليه السلام إذ تبرأ من أبيه وقومه.
4 ـ أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية ، وذلك لأنه قال: ﴿إِلَّا اَلْذِي فَطَرَنِي﴾ فالذي فطر وأوجد هو الذي يستحق أن يعبد
5ـ أن من لم يخلق ولم يفطر فإنه ضعيف فكيف يعتمد ويستعان ويستعاذ ويستغاث بهذا الضعيف؟
6 ـ أن الموحد ينال ثمرة ، ما هي هذه الثمرة ؟
ثمرة الهداية ، ولذا قال : ﴿إِلَّا اَلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيهْدِينِ﴾ نظيرها ما تقدم ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمْ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الإسراء 25].
7 ـ أن الهداية التي هي هداية التوفيق والإلهام إنما هي من الخالق الفاطر فمقولة إبراهيم عليه السلام هنا تُشبه مقولته في سورة الشعراء إذ قال عن آلهتهم : ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ( 78 ) ﴾ [الشعراء : 77 ، 78].
8 ـ أن القرآن يفسر بعضه بعضاً، فقوله: ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيةً ﴾ هذه الكلمة فسرتها آيةُ البقرة قال تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [البقرة132].
9 ـ أن دين إبراهيم عليه السلام ظل موجوداً إلى عهد قريش؛ ولذا قال عز وجل : ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون ﴾ [إبراهيم 28] لعل كفارَ قريش يرجعون إلى هذه الكلمة.
10 ـ أن إبراهيم عليه السلام تبرأ من أبيه ، فإنه قد وعد أباه أن يستغفر له قال : ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً ﴾ [مريم47] لكن جاءت آية التوبة فأوضحت ذلك فقال : ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة114]
11 ـ أن إبراهيم عليه السلام تبرأ مما يعبده أبوه وقومه ، بل جعل هذه المعبودات عدواً له إذ قال ـ كما في سورة الشعراء ـ : ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾[إبراهيم 27]
12 ـ تتابعت دعوات إبراهيم عليه السلام لأبنائه وأبناء عقبه ، فإنه كان حريصا عليهم ، فقد مر معنا قوله: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾[إبراهيم35] وهنا قال : ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الزخرف28] وقال في سورة إبراهيم : ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَتِي﴾ [إبراهيم 40]
13 ـ أن الوالد وكذلك الداعية إلى الله عز وجل عليه أن ينصح وأن يوجه أبناءه وإخوانه ويتفاءل ويؤمِّل أن يكون فيهم خير ولا يتشاءم، ولذلك لمَّا جاء مَلِك الجبال، وقال: «يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»
وقول الله تعالى:
﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة31].
من الفوائد :
1 ـ أن من نواقض التوحيد أن يُطاع شخص في تحريم الحلال أو في تحليل الحرام ؛ ولذا قال عدي بن حاتم رضي الله عنه : يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : « أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ » فقلت : بلى. قال : «فتلك عبادتهم»
2 ـ أن ذكر الأمم السابقة من باب التحذير لهذه الأمة أن يقع شخص منهم فيما وقع فيه أولئك.
3 ـ أن سؤال عدي بن حاتم رضي الله عنه عن هذه الآية وجوابَ النبي صلى الله عليه وسلم له من باب تفسير الكتاب بالسنة.
4 ـ التحذير من علماء السوء، كما في قوله : ﴿أَحْبَارَهُمْ﴾ وكذلك التحذير من عباد السوء كما في قوله :﴿وَرُهْبَانَهُمْ﴾.
5 ـ أن هذه الآية تبين صورة من صور عبادة الطواغيت ، فالطاغوت كما فسره ابن القيم رحمه الله ما تجاوز العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
6 ـ أن خلقه عز وجل للإنس والجن لعبادته وكذلك أمرهم بها، ولذا قال: ﴿وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً﴾ [التوبة 31] وقال عن أهل الكتاب في سورة البينة: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة5].
7 ـ أن اليهود والنصارى يطلق عليهم حكم الشرك فهم لا شك مشركون، ويوصفون بأنهم أهل الكتاب، ويقرن بهم المشركون، كما قال تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ [البينة1]، وقال تعالى: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [البقرة105]، فوصفهم بأنهم أهل كتاب لا يعني أنهم ليسوا بمشركين , ولذا قال هنا : ﴿سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة31] وهذه الآية في اليهود وفي النصارى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾
[البقرة165] .
من الفوائد :
1 ـ أن من أحب أحداً مع الله عز وجل فهو مشرك شركاً في المحبة كحال أهل الجاهلية يحبون أصنامهم كحب الله عز وجل .
2 ـ بيان أعظم أركان العبادة وهي المحبة، لأن المحبة تُلْقي العبد في طريق الله عز وجل ولذا جعلها ابن القيم رحمه الله كرأس الطائر، إذا قُطِع هلك الطائر .
3 ـ أن محبة الشخص لله وفي الله من مكملات محبة الله عز وجل .
4 ـ وجوب الإخلاص في محبة الله عز وجل ؛ ولذا قال تعالى: ﴿وَالّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباً للهِ﴾ لم؟
لأن الذين آمنوا يحبون الله عز وجل في الرخاء والضراء، أما الكفار فإنهم يحبون الله عز وجل في الضراء كما قال تعالى : ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت65] حتى قيل : إنهم كانوا يحملون أصنامهم فإذا جاءت الريح وخشوا من الهلاك رموا بأصنامهم في البحر .
وهذه الآية والتي قبلها ، وهي قوله تعالى : ﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون ﴾ [التوبة31].
سيأتي لها مزيد حديث في أبواب آتية بإذن الله تعالى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عز وجل » .
من الفوائد :
1 ـ اشتراط لفظ القول في الشهادة فلابد من التلفظ بها كما سلف ذكره.
2 ـ أن من نواقض التوحيد أن يعتقد وأن يقر شخص بصحة دين مع الإسلام أو يعتقد بأن الإسلام هو الدين الصحيح ، لكنه لا يكفر بغيره من الأديان ، وهذا مخالف لقوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل36].
3 ـ أن الدعوة في هذا الزمن إلى وحدة الأديان كفر صريح بنص هذا الحديث، وبقوله تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران85]، فلا يمكن أن يجتمع الحق مع الباطل فتقريب الأديان والتنسيق بينها دعوة كفرية ، أما محاورة أهل الأديان فلا بأس بها ، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: 46] فمحاورتهم لتبيين محاسن الإسلام أمر مطلوب شرعًا.
4 ـ أن من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله عز وجل فهو مسلم في ظاهر الأمر، أما الباطن فلا نبحث عنه ، فعلمه عند الله عز وجل فهو يحاسب صاحبه عليه.
5 ـ إثبات صفة العزة لله عز وجل ، والعزة تتضمن ثلاثة معانٍ كما قال ابن القيم رحمه الله تتضمن :
أ ـ القوة ، بمعنى أنه عز وجل قوي.
ب ـ الغالب.
ج ـ الممتنع .
أي لا ينال بسوء كما قال عز وجل : ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ [المؤمنون88]، وكما قال تعالى : ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا(14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا(15)﴾ [الشمس 14].
لا يخاف أن يُتبع بسوء لمَّا أنزل عليهم العقوبة ، وكما قال عز وجل : ﴿ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً ﴾ [الإسراء69].
6 ـ قال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم :
« إنه يصح الإسلام مع الشرط الفاسد » كما لو قال: أسلم بشرط ألا أصلي أو ألا أزكي، فيقال له:أسلم، فإذا أسلم ودخل في الإسلام بطل الشرط وفسد، فإذا رجع إلى كفره بمقتضى شرطه فإنه يحكم عليه بالردة لقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، ولذا صلى الله عليه وسلم لما قال حكيم بن حزام رضي الله عنه : «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ أَخِرَّ إِلاَّ قَائِماً»
بمعنى : أنه أراد أن يسقط الركوع من صلاته، فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وهذا أحد الأوجه لمعنى الحديث ، ولما قالت ثقيف : نبايعك على الإسلام شريطة ألا نتصدق وألا نجاهد ، فقال صلى الله عليه وسلم : «سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ»
ولما جاءه رجل فقال : يا رسول الله إنني سأسلم وأنا كاره، قال:«أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْتَ كَارِهًا»
7 ـ أن كلمة التوحيد من فضائلها أنها تُؤمِّن قائلها، فلا يُعتدى عليه لا في مال ولا في دم.
8 ـ أن الشُبهة مع قول الإنسان لكلمة التوحيد لا يبرر الاعتداءَ عليه في مال أو دم، فإن الأصل بقاؤه على الإسلام، ولذا قال صلى الله عليه وسلم لما ذكر الولاة، وسئل عن الخروج عليهم قال:«إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» ولا يُعدل عن اليقين بالشك والظنون.
9 ـ بيان تعظيم الله لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «وحسابه على الله عز وجل »، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن 78] الجلال: أي ذي العظمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ