عمدة الأحكام الدرس الأول ( كتاب الصلاة – باب المواقيت ) ( 1 )

عمدة الأحكام الدرس الأول ( كتاب الصلاة – باب المواقيت ) ( 1 )

مشاهدات: 532

  عمدة الأحكام  ( كتاب الصلاة )

الدرس الأول

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد /  نستعين الله عز وجل في شرح أحاديث الصلاة من كتاب

[ عمدة الأحكام ] وأول حديث ذكره المصنف رحمه الله :

باب المواقيت

الحديث الأول

 

عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ إيَاسٍ – قَالَ : حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ – وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ( قَالَ :           سَأَلْتُ النَّبِيَّ ( : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : بِرُّ الْوَالِدَيْنِ , قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , قَالَ : حَدَّثَنِي بِهِنَّ ( وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي )  .

 

 

الشرح

من فوائد هذا الحديث ما يلي :-

حرص الصحابة رضي الله عنهما على نشر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ أخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أبا عمرو الشيباني بهذا الحديث .

ومن الفوائد :

تأكيد النقل إذ نقل هذا الراوي هذا الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه نقلا مؤكدا حتى لا يرتاب أحد فيما نقله ، كما هو شأن بعض الرواة يقول [ وعاه قلبي وسمعته أذناي ] فأشار هذا الراوي إلى دار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من باب التأكيد على نقله عن ابن مسعود رضي الله عنه .

ومن الفوائد :

حرص الصحابة رضي الله عنهم على تلقي العلم من الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يظهر من سؤال ابن مسعود رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث .

ومن الفوائد :

إثبات صفة [ المحبة ] لله عز وجل وأن هذه المحبة تتفاوت بحسب تفاوت الأعمال إذ أتى بصيغة [ أحب ] وهي صيغة تفضيل يدل على أن العمل المحبوب إلى الله عز وجل ليس في درجة واحدة ، كما أن محبة الله سبحانه وتعالى للعبد ليست على درجة واحدة وإنما تتفاوت بحسب العمل وبحسب الوقت فلربما يكون العبد متقربا إلى الله سبحانه وتعالى بأمور أكثر محبوبة إليه سبحانه وتعالى فيكون أحب إليه من وقت آخر قلَّل فيه من العمل .

ومن الفوائد :

حسن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للجواب ، فإنه عليه الصلاة والسلام سُئل في أحاديث أخرى عن أحب الأعمال إلى الله فذكر غير ما ذكر هنا وفي بعضها قدَّم ما كان في المرتبة الثانية أو الثالثة في هذا الحديث على ما كان في المرتبة الأولى وهذا يدل على ماذا ؟

يدل على أن العمل الصالح يفضل بحسب الأحوال والأشخاص ، أما فضل العمل من حيث الأشخاص فلربما يكون هذا السائل مفرطا أو مقلِلا لعمل ما ومكثرا من عمل آخر فيرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا العمل المُقَلَّل فيه بالنسبة إليه  أفضل من العمل الآخر ، ولربما أن يكون الشخص حاله في هذا العمل وثمرته في هذا العمل أحسن من العمل الآخر .

مثاله / ذُكِر هنا ( الجهاد في سبيل الله ) فإذا أتى شخص وهو شجاع مقدام وليس عنده مثلا من الاجتهاد في العلم ما ليس عندغيره فهنا يكون الجهاد في حقه أفضل بينما لو كان شخصا مجتهدا فاهما ذكيا حافظا فيكون العلم أفضل إليه من الجهاد هذا إذا تساوت المرتبتان ، وأما فضل العمل باعتبار الأحوال فعلى نفس المثال السابق فلربما يكون الناس منصرفين في وقت ما عن العلم فيكون العلم في هذا الحال أفضل من الجهاد وكذلك يكون العكس فيما لو كان الناس مفرطين في الجهاد فيكون الجهاد في حقهم أفضل من العلم .

ومن الفوائد :

أن هذه الأعمال المحبوبة إلى الله عز وجل لا يستقر لها قرار إلا بالإيمان لأن الإيمان هو الأصل والقاعدة فإذا انهارت القاعدة انهار البنيان ولذا في بعض الأحاديث لما سئل عليه الصلاة والسلام عن أحب الأعمال إلى الله قال ( إيمان بالله ) .

ومن الفوائد :

فضل إقامة الصلاة في وقتها وقد جاءت رواية في السنن أن أفضليتها تكمن فيما لو أديت في أول الوقت ، لقوله عليه الصلاة والسلام ( لما سئل عن أحب الأعمال إلى الله ؟ قال : الصلاة لأول وقتها ) .

ومن الفوائد :

أن دخول الوقت للصلاة شرط من شروط صحة الصلاة ولذا نص هنا على ذكر الوقت فدل على أن الوقت مطلوب في أداء هذه الصلاة .

ومن الفوائد :

فضل بر الوالدين والإحسان إليهما ولا سيما الأم لأن الشرع جعل لها ثلاثة حقوق لما عانته مع هذا الولد من الحمل والولادة والتربية وما شابه ذلك .

 

 

ومن الفوائد :

فضل الجهاد في سبيل الله ولم يقل هنا ( الجهاد ) وإنما قال ( الجهاد في سبيل الله ) ولذا في الصحيحين ( لما سئل عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حميَّة ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) فدل على أن معنى ( في سبيل الله ) هنا أن يجاهد من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا .

ومن الفوائد :

مراعاة الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وسلم حينما يسألونه إذ قال ابن مسعود رضي الله عنه ( وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي ) فرفِق ابن مسعود رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم مراعاة له.

ومن الفوائد :

بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرم في نشر العلم حتى ولو كان ذلك على حساب راحته وسعادته ولذا كان الصحابة يشقون عليه بكثرة مناجاته عليه الصلاة والسلام فأوجب الله سبحانه وتعالى تخفيفا على النبي صلى الله عليه وسلم أوجب على مَنْ أراد يناجيه أن يتصدق بصدقة حتى يخف عليه الناس في قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } المجادلة 12 ، ثم لما أتعبهم هذا الأمر نسخه الله سبحانه وتعالى وخفف عنهم ، لكن نزول هذه الآية يدل على ماذا ؟ يدل على عِظم معاناته عليه الصلاة والسلام من كثرة الناس.

ومن الفوائد :

أن على آحاد الناس أن يراعوا مَنْ لديه أعمال كثيرة من العلماء والمسؤولين وأن يحسن الظن بهم وذلك لأن طالب الحاجة إنما ينظر إلى حاجته هو ويظن أن هذا المسؤول أو هذا العالم يظن أنه في فراغ دائم ولم يدرِ أن هناك مَنْ يسأله كثيرا ومن يطلبه كثيرا ،ولا يعني أن يكون العالم والمسؤول في معزل عن قضاء حوائج الناس ، ولكن يجب على الطرفين أن يبذل ما وجب الله عز وجل عليه .

ومن الفوائد :

أن أخذ العلم من العالم نفسه أعلى وأنفع مما لو أخذه بطريق الواسطة ولذلك ماذا قال أبو عمرو الشيباني ؟ قال 🙁 حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ ) وماذا قال ابن مسعود رضي الله عنه ؟ قال:(  حَدَّثَنِي بِهِنَّ } يعني مَنْ ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إذاً هذا الحديث يدل على ماذا ؟

يدل على أن الصلاة لها فضل ومكانة وإذا أراد العالم أو الداعية أن يبين فضل الصلاة أن يذكر من بين الأحاديث هذا الحديث .

 

 

 

الحديث الثاني

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ( لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُصَلِّي الْفَجْرَ , فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ , مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ  مِنْ الْغَلَسِ ) .

الشرح

المصنف رحمه الله ذكر معاني بعض الكلمات التي تحتاج إلى توضيح قال : المروط /  أكسية معلَّمة تكون من ( خز ) وهو نوع من أنواع الحرير ، وتكون من ( صوف ) .

متلفعات / متلفحات أو متغطيات .

الغلس / اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل .

من فوائد هذا الحديث ما يلي :-

بيان حضور النساء لصلاة الجماعة في المساجد وأن هذا معهود في عصر النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن الفوائد :

أن الواجب على المرأة أن تكون متسترة إذا خرجت من بيتها حتى ولو كان هذا الخروج إلى أطهر وأفضل البقاع وهي المساجد ، ولا شك أن المسجد الذي فيه ذكر حضور النساء لصلاة الفجر هو المسجد النبوي وله فضل ومزية كما هو معلوم .

 

 

ومن الفوائد :

وجوب ستر المرأة وجهها ودلالته من هذا الحديث أنها رضي الله عنها أخبرت أن هؤلاء النساء يرجعن إلى بيوتهن والظلمة قد غطت الأُفق مما يبرهن على أنها لو كشفت عن وجهها أو عن شيء من بدنها ما ظهر فلما أخبرت رضي الله عنها بأن هؤلاء النسوة ( مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ) وفي شدة الظلمة يدل على ماذا ؟ يدل على أن ستر الوجه معهود في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قالت ( مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ  مِنْ الْغَلَسِ ) ولذلك ذكرت أنهن ( مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ ) .

ومن الفوائد :

أن على المرأة إذا خرجت من بيتها لحاجة معينة أن عليها أن تعود إليه فَوْر انتهاء هذه الحاجة لقولها رضي الله عنها (ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ ) فلما فرغن من قضاء الصلاة عدن إلى البيوت .

ومن الفوائد :

أن صلاة الفجر يستحب كما هو ظاهر هذا الحديث يستحب أن تؤدى بغلس ، يعني أن يبدأ فيها وفي الأفق ظلمة وهذا يدل على التبكير بها ، وهذا هو أحد قولي العلماء في هذه المسألة فهل الأفضل أن يبدأ بصلاة الفجر بغلس أو تؤخر حتى الإسفار أي حتى يظهر النور ؟

قيل بهذا وقيل بهذا ، ويستدل مَنْ قال بأفضلية إيقاع صلاة الفجر حينما يظهر النور قبل طلوع الشمس يستدل بحديث ( أسفروا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم )

والصواب / أن صلاة الفجر الأفضل فيها أن تؤدى بغلس ، وأما هذا الحديث المذكور ( أسفروا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم ) هذا الحديث أُجيب عنه بأجوبة من بينها :-

أولا : أن هذا الحديث لا يقاوم في القوة ما ذُكر في حديث عائشة رضي الله عنها .

ثانيا : أن هذا الحديث منسوخ فكان في أول الأول يُسفر عليه الصلاة والسلام ويأمر أمته بالإسفار ثم عدل عن ذلك إلى إيقاع صلاة الفجر بغلس .

ثالثا :  وهو أفضلها وأحسنها / أن هذا الحديث لا يتعارض مع حديث الغلس وإنما يتوافق معه ، كيف ؟

تكون صلاة الفجر مؤداة بغلس ولكن الصلاة يطال فيها حتى يخرج منها الناس وقد أسفروا بدليل أنه قال في آخر الحديث ( فإنه أعظم لأجوركم ) ، ويؤيد ما ذهبنا إليه من أن الصلاة توقع بغلس أن كلمة             ( كان ) تفيد في اللغة الاستمرار والدوام ما لم يرد دليل على أن               ( كان ) لا تدل على هذا ، فإذا ذكرت ( كان ) دل على أن هذا الفعل منه عليه الصلاة والسلام يدل على أنه مستمر على هذا الفعل ما لم يرد دليل يخالف هذه القاعدة في ( كان ) .

 

 

 

ومن الفوائد : 

هناك قضية كثيرة ما تحكى وهي قضية وقت صلاة الفجر في هذا الزمن ، هل التوقيت الموجود في هذه الأوراق موافق للواقع أم أنه سابق للوقت بنصف ساعة أو أقل أو أكثر ؟  هذا يجعل الناس في حرج ولا سيما في رمضان إذا بكروا بصلاة الفجر لأن الناس مجتمعون ولا سيما في العشر الأواخر إذا كان هناك معتكفون ، ثم في غير رمضان بالنسبة للنساء فلربما تصلي المرأة من حين ما يؤذن ،وتكون على ما يحكى من هذه القضية تكون قد صلت قبل وقت دخول الصلاة ومن ثم تكون صلاتها غير صحيحة لأن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت ، هذه القضية المعاصرة ليست وليدة هذه السنوات بل إنني أذكرها من عشرين سنة ولذا تنازع العلماء في هذا الأمر

فبعضهم يقول : إن الوقت هو هو ، ما في الأوراق موافق للواقع وهذا ما عليه عامة علماء دار الإفتاء ولذلك لا يسمعون لأحد في هذا الأمر ويؤكد هذا ما يُفعل في الحرمين فإنه في رمضان وفي مواسم الزحام يمكن لا يمكثون إلا خمس دقائق ثم يقيمون الصلاة .

وبعض العلماء : يرى أن الوقت متقدم بخمس دقائق ، وهذا ما ذهب إليه ابن عثيمين رحمه الله يقول إن كان هناك تقديم في الأوراق على الواقع يقول يصل إلى خمس دقائق كما ذكر ذلك في شرحه رحمه الله في كتاب [ رياض الصالحين ] .

وبعضهم أوصلها إلى ثلث ساعة .

وبعضهم أوصلها إلى ساعة إلا ربعاً .

فخلاصة القول في هذا الأمر : أن على المسلم أن يتورع وأن يؤخر هذه الصلاة نصف ساعة أو خمسا وعشرين دقيقة أو ما شابه ذلك تورعا ، ولكن من أوقعها قبل ذلك لا يقال إن صلاتك باطلة وذلك لأن الإفتاء بحثوا في هذا الأمر وأخرجوا ثقاة ولم يجدوا أن هناك فرقا بين ما في الأوراق وبين ما في الواقع .

ومن الفوائد :

أن عائشة رضي الله عنها وصفت هؤلاء النساء بأنهن ( مُؤْمِنَاتِ ) لم ؟ لكي يتوافق مع قولها رضي الله عنها كما في صحيح مسلم إذ قالت           ( لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما يفعله النساء لمنعهن كما مُنعت نساء بني إسرائيل من المساجد ) وذلك لأنها رضي الله عنها رأت تغيرا في أحوال النساء إذا خرجن من بيوتهن إلى المساجد فما ظنك لو رأت حال نسائنا في هذا الزمن !؟

ولذلك قالت رضي الله عنها (  نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ ) لأن الإيمان الذي دعاها إلى الخروج إلى المسجد من بيتها يمنعها من أن تخرج وهي تريد طلب الأجر ، يمنعها من أن تخرج لكي تفتن غيرها لأن الإيمان يدعوها إلى أن تتستر وأن تعود فور انقضاء الصلاة .

إذاً مراد المصنف رحمه الله من هذا الحديث أن يبين أن أفضل أوقات صلاة الفجر أن تؤدى بغلس .

 

الحديث الثالث

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : ( كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ , وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ , وَالْعِشَاءَ أَحْيَاناً وَأَحْيَاناً إذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ . وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ , وَالصُّبْحُ كَانَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ ).

 

الشرح

معاني الكلمات /

الهاجرة : شدة الحر .

نقيـة  : بيضاء لم تخالطها صفرة .

وجَبَتْ : غابت .

من فوائد هذا الحديث ما يلي :-

فضل أداء الصلوات في أول وقتها ما لم يدل دليل على فضل تأخيرها .

ومن الفوائد

أن صلاة الظهر من الأفضل أن تؤدى في أول الوقت ما لم يكن الجو شديد الحرارة فإذا كان الجو شديد الحرارة فإن الأفضل أن تؤخر حتى يبرد الجو نوعا ما لقوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين قال    ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم ) .

 

ومن الفوائد :

أن الأفضل في العصر أن تؤدى في أول الوقت وكذلك المغرب .

ومن الفوائد :

أن قوله (وَالْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ ) لا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام من حين ما تغرب الشمس يصلي وإنما مراد جابر رضي الله عنه مراده أن يبين مسارعة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء صلاة المغرب في أول وقتها لم ؟ لأن هناك فاصلا بين الغروب وبين صلاته عليه الصلاة والسلام ، ما دليل هذا الفاصل ؟

أولا : ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( بين كل أذانين صلاة كررها ثلاثا ، قال في الثالثة : لمن شاء ) فدل على أن بين الأذان والإقامة فاصلا .

ثانيا : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( يخرج على الصحابة ويرى بعضهم يصلون بعد أذان المغرب ) فلم ينههم عن ذلك .

ثالثا : ما جاء في صحيح البخاري قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا قبل المغرب كررها ثلاثا ، قال في الثالثة : لمن شاء ) فدل على أن هناك فاصلا بين أذان المغرب وبين أداء الصلاة منه عليه الصلاة والسلام ، لكنه كان يسارع بالمغرب في أول وقتها ظأظهر من غيرها من الصلوات الأخرى .

 

 

ومن الفوائد :

أن صلاة العشاء كان يؤخرها أحيانا ويعجِّلها أحيانا بحسب حال صحابته وهذا من شفقته عليه الصلاة والسلام ورحمته بهم وإلا فإنه يرى عليه الصلاة والسلام كما سيأتي بإذن الله تعالى يرى أن الأفضل في صلاة العشاء أن تؤخر إلى ثلث الليل .

ومن الفوائد :

أن صلاة الصبح كما سلف أن الأفضل أن تؤدى في أول وقتها .

 

 

الحديث الرابع

 

عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلامَةَ قَالَ : ( دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه , فَقَالَ لَهُ أَبِي : كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ( يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ؟ فَقَالَ : كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ – الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى – حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ , وَيُصَلِّي الْعَصْرَ , ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ . وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ . وَكَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ الْعِشَاءِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ . وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا , وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا . وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلَ جَلِيسَهُ . وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ ) .

الشرح

معاني الكلمات :

المكتوبة : المفروضة .

الهجـير: صلاة الظهر .

رحــله: أي منزله .

حيـــة: أي نقية كما في حديث جابر المتقدم .

ينفتــل : أي ينصرف .

الغــداة : أي صلاة الفجر .

من فوائد هذا الحديث ما يلي :-

حرص السلف رحمهم الله على تلقي العلم من الصحابة رضي الله عنهم.

ومن الفوائد :

أن العلم لا يأتي وإنما يؤتى إليه ، وهذا ظاهر من فعل أبي المنهال وأبيه .

ومن الفوائد :

أن على الولي أو الأب أن يُصْحِب معه أبناءه إلى حلقات العلم وإلى زيارة الفضلاء للاستفادة منهم .

ومن الفوائد :

بيان أن صلاة الظهر الأفضل فيها أن تؤدى ( حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ ) أي تزول الشمس وذلك إذا زالت الشمس وانتقلت من جهة المشرق إلى جهة المغرب فهنا يدخل وقت صلاة الظهر .

ومن الفوائد :

أن الصلاة الأولى هي ( صلاة الظهر ) سميت بهذا الاسم لأن أول صلاة صلاها جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم هي صلاة الظهر ، ولكن هل هذا على إطلاقه ؟ أن صلاة الظهر تؤدى حين تزول الشمس ؟ ( لا ) فكما أسلفنا من أنه إذا اشتد الحر الأفضل أن يُبرد بالصلاة .

ولو سأل سائل : كيف يُبْرد بصلاة الظهر  ؟

الجواب / الإبراد أن تؤخر صلاة الظهر إلى ما قبل دخول وقت صلاة العصر بزمن ووقت ، هذا الزمن وهذا الوقت يمكن أن تؤدى فيه صلاة الظهر بمعنى أنه إذا بقي مثلا على وقت صلاة العصر إذا بقي عشر دقائق أو ربع ساعة على حسب إطالة الصلاة وقصرها من قِبل المصلي هنا يحصل الإبراد وسيأتي له مزيد حديث بإذن الله تعالى .

ومن الفوائد :

استحباب أداة صلاة العصر في أوَّل الوقت ويؤكد هذا قول أبي برزة قال ( ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ ) .

 

 

ومن الفوائد :

أن آفة العلم ( النسيان ) ولذا يقول الحسن البصري رحمه الله ( لولا النسيان لكان العلم كثيرا ) وهنا هل قلَّ العلم إلى حد ما ؟ قلَّ في بيان صلاة المغرب .

ومن الفوائد :

أن على العالم وطالب العلم إذا تلقى علما فغاب عن ذهنه أن عليه إذا سئل عنه أن يقول نسيت هذا العلم أو لا أدري حتى لا يُحمِّل ذمته ما لا تحتمل فيعاقب من قِبل الله عز وجل .

ومن الفوائد :

أن العالم إذا نسي علما ما الأفضل له أن يقول للسائل نسيتُ هذا العلم من أجل أن يُحرِّص هذا السائل إلى أن يذهب إلى عالم آخر فيسأله فلربما وجد عنده علما ، وفي هذا المسألة ألا يوجد علم ؟ بلى ، في حديث جابر المتقدم قال ( والمغرب إذا وجبت ) .

ومن الفوائد :

استحباب تأخير صلاة العشاء مطلقا إلى ثلث الليل ، ولكن قد يكون الأفضل أن تقدم صلاة العشاء باعتبار أمر مُعيَّن وهو إذا شق أمر التأخير على الناس فالأفضل أن تقدم ويدل له حديث جابر المتقدم قال     ( وَالْعِشَاءَ أَحْيَاناً وَأَحْيَاناً إذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ . وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ ) .

 

 

ومن الفوائد :

أن الصلاة كلما كانت في ظلمة كلما كانت أفضل ولذلك صلاة العشاء لما غاب الشفق الأحمر دخل وقتها إذاً أصبحت صلاةً تصلى في ظلمة فالأفضل أن تؤدى في شدة الظلمة فلعل هذا يؤيد ما ذهبنا إليه من أن الأفضل في صلاة الفجر أن تؤدى بغلس .

ولم صلاة العشاء وصلاة الفجر ؟

لأنهما اجتمعا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفضل ماذا قال كما سيأتي معنا ؟ قال ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ) لماذا هي أثقل ؟ قيل : لأنها تؤدى في ظلمة وإذا أديت في ظلمة فالمنافقون يأتون إليها من أجل مراءاة الناس فإذا كانت هناك ظلمة أمنوا على أنفسهم إذا تغيبوا عن هاتين الصلاتين .

ومن الفوائد :

أن الأفضل في ذكر صلاة العشاء أن تُذْكر ويقال ( صلاة العشاء ) ولا يقال ( صلاة العتمة ) لأن الاسم الشرعي الغالب في النصوص أن تذكر صلاة العشاء بأنها صلاة عشاء لكن لو ذكرت بأنها صلاة العتمة أحيانا لا بأس بذلك كما يشار إلى هذا في هذا الحديث وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذكر صلاة العشاء بأنها صلاة العتمة .

ومن الفوائد :

أن النوم يُكْره قبل أداة صلاة العشاء ، لم ؟ لأن الناس قد فرغوا من أشغالهم وأبدانهم وأذهانهم فلما فرغوا من هذه الأشغال لربما لو ناموا قبلها أن يستغرق بهم النوم فيخرجونها عن وقتها .

ومن الفوائد :

كراهية الحديث بعد صلاة العشاء ويدخل في ذلك كل شيء يمنع الإنسان من النوم بعدها ، فالسهر مذموم ولا يوصل الإنسان إلى خير وذلك لأن الحديث بعدها ربما يترتب عليه أن يستمر بهم الحديث إلى أن يطول بهم الليل فلربما ينامون فيفوَّتُون على أنفسهم إما صلاة الليل وإما صلاة الفجر جماعة وإما صلاة الفجر عن وقتها ، إلا إذا وجد أمر مهم فلا بأس في الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في أحاديث كثيرة ( في بعض الأحيان يحدث أصحابه بعد صلاة العشاء ) وكان يُحدِّث عائشة رضي الله عنها في بعض الأحيان بعد صلاة العشاء شريطة أن لا يؤدي هذا الحديث إلى أن تضيع صلاة الفجر فإذا ترتب عليه ضياع صلاة الفجر فلا يجوز الحديث أبدا لأي أمر من الأمور الأخرى ، لم ؟ لأن الصلاة أهم من كل شيء آخر .

فإذاً / إذا كان هناك نفع فلا بأس بالحديث ما لم يترتب على ذلك فوات صلاة الفجر كأن يكون هناك درس علمي أو ملاطفة ومجالسة مع الزوجة أو إكرام ضيف أو ما شابه ذلك من هذه الأمور بالشرط السابق الذي ذكرناه .

ومن الفوائد :

أن حديث عائشة رضي الله عنها السابق وكذلك حديث جابر من أنه عليه الصلاة والسلام ( يصلي الفجر بغلس ) وقد رجحنا ذلك وقلنا إن هناك توجيها حسنا وهو أنه يبدأ الصلاة بغلس ولكنه ينصرف منها وقد أسفر ، يدل على هذا الوجه هذا الحديث مع حديث عائشة وجابر رضي الله عنهم ماذا قال أبو بزرة ؟ قال (وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلَ جَلِيسَهُ ) متى يعرف جليسه ؟ إذا أسفر ، وكيف يتأتَّى إيقاع صلاة الفجر بغلس مع الإسفار ؟ بالإطالة ، ولذلك ذكر هنا قال           ( وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ ) أي ستين آية إلى المائة .

 

ومن الفوائد :

أن الأفضل في صلاة الفجر أن يُطوَّل فيها القراءة ولكن لا يعني أن التطويل أمر مُطَّرِد مستمر عليه ( كلا ) فإن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بأقل من هذا فالخير كل الخير أن تتبع سنته عليه الصلاة والسلام .

الحديث الخامس

عَنْ عَلِيٍّ بن أبي طاب رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ : ( مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا , كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ ) . وهي صلاة العصر .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ ( شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى – صَلاةِ الْعَصْرِ – ثُمَّ صَلاهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ) .

الشرح

معاني الكلمات :

يوم الخندق : أي غزوة الخندق .

 

من فوائد هذا الحديث ما يلي :-

بيان فضل صلاة العصر وأنها هي الصلاة الوسطى المذكورة في كلام الله سبحانه وتعالى  { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ } البقرة238، فقد أفردها في الآية بالذكر مع أنها داخلة ضمن الصلوات وهذا يدل على فضلها ولا شك أن لها فضلا إذ إن ملائكة الليل والنهار تجتمعان في صلاة الفجر والعصر ، وقد اختلف العلماء في الصلاة الوسطى ما هي ؟ هل هي الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر أو صلاة العيد ؟ وهناك أقوال أخرى ، ولكن الأصوب والصحيح من هذه الأقوال ما ذكر في الحديث من أنها صلاة العصر .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بأن يملأ قبورهم وبيوتهم نارا وهذا قد يتعارض مع حديث آخر وهو حديث ( لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار ) فلا يجوز لمسلم أن يلعن أحدا بعينه أو أن يقول لأحد بعينه : أسأل الله أن يغضب عليك ، ولا يقول لأحد بعينه : أسأل الله أن يذيقك النار ، ولذلك بعض الناس إذا جرى له مخاصمة مع آخر يقول : اذهب في نار جهنم ، لا يجوز له ، فكما أن لعن المُعيَّن حرام كذلك الدعوة عليه بغضب من الله أو بالنار حرام ، إلا إذا كان على غير مُعيَّن كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام ( لعن الله النامصة والمتنمصة ) لم يحدد أحدا بعينه ، ولذلك لما لعن عليه الصلاة والسلام بعض أفراد قريش عاتبه الله عز وجل فقال { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } آل عمران128 ، فكذلك الحكم في النار وإنما دعا عليهم عليه الصلاة والسلام لأنهم على وجه العموم ليس على وجه التعيين وإنما على وجه العموم كما لو دعوت على الكفار باللعن تقول : لعنة الله على الكافرين ، فهذا جائز أو ملأ الله قلوب الكافرين نارا ، هذا جائز لكن تأتي إلى كافر معين وتدعو عليه بالنار فهذا منهي عنه ( لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار ) إذاً هذا الحديث وفيه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على هؤلاء بالنار على وجه العموم .

ولتعلم أن مَنْ لعنه الله أو حكم عليه بالنار في كتابه أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجوز أن يلعن مثل أبي لهب ، فلو قلت لعنة الله على أبي لهب فهذا جائز .

ومن الفوائد :

أن قول البعض إذا سئل : أين أنت يا فلان ؟ قال : أنا مشغول ، فيقول البعض [ الله لا يشغلنا إلا بطاعته ] أتجوز هذه المقولة ؟

الجواب / نعم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يشغل بهؤلاء لاشتغل بالصلاة ، ولذلك كما سيأتي معنا إن شاء الله ( لما أتاه ابن مسعود رضي الله عنه فسلم عليه في الصلاة ولم يرد عليه ، فلما فرغ عليه الصلاة والسلام قال : إن في الصلاة لشغلا ) فدل على أن هذه المقولة مستساغة وليس فيها ملامة ولا عيب ولا محظور شرعي .

ومن الفوائد :

أن الجزاء من جنس العمل ، فإن هؤلاء لما أشغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم دعا عليه لأنهم أشغلوه عن الصلاة وأي صلاة ؟ إنها صلاة العصر .

ومن الفوائد :

أن أفضل ما تُبين به النصوص الشرعية النصوص الشرعية الأخرى فمثلا القرآن قال تعالى { وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى } الضحى8 .

{ عَائِلاً } يعني فقيرا ، ما الذي دل عليها ؟ ما بعدها { فَأَغْنَى }

{ اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } الرعد8

ما معنى { وَمَا تَغِيضُ } ؟ اقرأ ما بعدها { وَمَا تَزْدَادُ } يعني تنقص .

هنا فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الوسطى كما في لفظ مسلم بأنها صلاة العصر .

 

 

ومن الفوائد :

بيان غلظ النبي صلى الله عليه وسلم وشدته على الكفار إذ بلغ به الأمر إلى أن يأتي بتعبير غليظ فقال ( مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا ) .

ومن الفوائد :

أن سعادة ابن آدم في دنياه وفي أخراه أن يكون له دار وبيت للاستقرار أليس كذلك ؟ بلى ، الإنسان الآن يتمنى أن يكون له منزل ويكون مستقرا فيه ، إذاً هذا عنوان السعادة في الدنيا وفي الآخرة ولذا عبَّر هنا فماذا قال ؟  ( مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ ) لأن القبور مستقر لابن آدم وليس استقرارا مستمرا لأنه منتقل إما إلى جنة وإما إلى نار ولكن القبر أول منزل من منازل الآخرة كما أخبر بذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام ماذا الذي بعدها ؟ { وَبُيُوتَهُمْ } هذا في الدنيا ، فإذا انتكست عليك أمورك في بيتك وفي قبرك ذهبت منك السعادة ، إذاً ما يحرص عليه ابن آدم من توفير مسكن له في هذه الدنيا ويلهث لهثا شديدا على ذلك عليه ألا ينس المسكن الذي يكون بعد موته وأن يحرص على أن يهيئه وهو القبر الذي بعده إذا أفلح الإنسان وسعد فيه أفلح فيما بعده في يوم المعاد فيكون في جنات النعيم .

وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين