(مختصر فقه العبادات) [15] كتاب الصلاة ( صفة الصلاة [ 2 ] )

(مختصر فقه العبادات) [15] كتاب الصلاة ( صفة الصلاة [ 2 ] )

مشاهدات: 471

مختصر فقه العبادات

[ 15 ]

( كتاب الصلاة )

صفة الصلاة [ 2 ]

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

 ( مسألة )

[ ثم يركع مكبراً وحده أن من رآه قال ( هذا راكع ) مستوياً ظهره جاعلاً رأسه حياله فيجافي فيه ،  وضابطه من قاعد : مقابلة وجهه أمام ركبتيه أقل مقابلة ، ويقول سبحان ربي العظيم وأدنى الكمال ثلاثاً ، ولا حد لأعلاه على الصحيح . ولا يجوز القراءة  بالقران فيه ولا في السجود ،ويعظم الله فيه  ]

الشرح

” ثم يركع مكبراً  “

والركوع /  ركن من أركان الصلاة .

وحدُّه / أن من يراه يقول هذا راكع .

وهذا ضابط ، وهناك ضابط آخر ، لكن هذا الضابط عندي أنه أضبط .

وحدُه أن من يراه يقول : ” إنه راكع “

فيكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى القيام التام  .

فلو استربت في حال مصلي : هل هو قائم أم راكع ؟ لأن البعض قد لا يركع ركوعاً مستوياً ، فقد يظن البعض أنه بين الركوع وبين القيام .

فنقول إذا حكم عليه بأن حاله هذا اجل حالة ركوع . فهو راكع .وإن حكم عليه بأنه إلى القيام أقرب فهو قائم .

فإذن متى نقول إن هذا راكع ؟

إذا كان في عرف الناس أنه يصدق عليه أنه راكع وليس بقائم ،والسنة أن يسوي ظهره برأسه  ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع ” لوصب الماء على ظهره لاستقر فلا يرفع رأسه ولا ينزله )

وأما ضابطه من قاعد /

لأن البعض قد يصلي وهو قاعد فهو أن ينحني بظهره ، بحيث يكون وجهه مقابل لما أمام ركبتيه أدنى مقابلة ، لكنه لو زاد على أدنى المقابلة فهو أفضل ، فأقل ما يجزئ  فيه أن يقابل بوجهه ما أمام ركبتيه أقل مقابلة .

والواجب فيه أن يقول :

( سبحان ربي العظيم مرة واحدة )

لما عند أبي داود وسكت عنه : ( لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال عليه الصلاة والسلام اجعلوها في ركوعكم )

ولو زاد فهو أفضل ، وأقل الكمال ثلاث ، وكان عليه الصلاة والسلام يزيد , كما عند أبي داود : ( سبحان ربي العظيم وبحمده )

ويقول ما ورد مثل ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي )

وأنا أنصح في هذا المقام لمن أراد أن يطَلع على هذه الأذكار ، وما استوفى فيها أن يطَلع على صفة الصلاة للألباني رحمه الله .

وليس له حد /

بعض الفقهاء يقول . إن حده عشر مرات أن يقول :

( سبحان ربي العظيم ) عشر مرات لأثر ورد في ذلك لكنه ضعيف .

والصحيح أنه يكون التسبيح بقدر قيامه  ، لأن البراء رضي الله عنه قال:

( رمقت صلاة النبي عليه الصلاة والسلام فرأيت قيامه فركوعه فاعتداله فسجوده فجلسته بين السجدتين قريباً من السواء )

وهذا دليل على أنه لا يحد بعشر في أكثره.

والنبي عليه الصلاة والسلام  كما عند مسلم ( نهى أن يقرأ القرآن في حال الركوع والسجود )

قال شيخ الإسلام : رحمه الله :لأنهما حالتا ذل فلا يتناسبان مع القرآن ولذا القراءة فيهما بالقرآن محرمة حتى إن الظاهرية يبطلون الصلاة بها .

( مسـألة )

[ و يقول ( سمع الله لمن حمده ) الإمام والمنفرد وقول ربنا و لك الحمد للجميع والسنة بعد الرفع أن يضع يديه على صدره  ]

الشرح

بعد ذلك يقول  ” سمع الله لمن حمده”

وقول (سمع الله لمن حمده ) واجب من واجبات الصلاة ، ومعنى ( سمع الله لمن حمده )

يعني استجاب الله لمن حمده ، لأن الله يسمع جل وعلا من يحمده ومن لا يحمده . فالمراد استجاب الله لمن حمده كما في حديث النبي عليه الصلاة والسلام عند مسلم: ( وأعوذ بك من دعاء لا يسمع ) ورواية الترمذي  ( من دعاء لا يستجاب له )

ويكون هذا القول من حين الرفع لأن بعض الأئمة يخطأ خطأ فادحاً فيقول سمع الله لمن حمده إذا استتم قائماً وهذا قد أخطأ لأنه قد يكون خلفه صفوف ويأتي مسبوق ويظن أن الإمام في الركوع وإذا به في القيام وهولا يدري هذا المأموم .

فالواجب عليه كما جاء في حديث أبي هريرة في الصحيحين قال ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع ويكبر حين يسجد )

ثم هذا القول يكون في حق المنفرد يقول سمع الله لمن حمده وفي حق الإمام

أما المأموم فهل يقول سمع الله لمن حمده ، تصلي خلف إمام فقال سمع الله لمن حمده ، أتقول سمع الله لمن حمده ؟

قولان لأهل العلم : والصحيح أنه لا يقولها لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا و لك الحمد )  

وأما قول (ربنا ولك الحمد) فيكون من الجميع :

[ المنفرد –الإمام – المأموم ]

وورد في الصحيحين ( ربنا ولك الحمد ) و ( ربنا لك الحمد ) و ( اللهم ربنا لك الحمد )

وورد عند البخاري (  اللهم ربنا ولك الحمد )

وورد عند مسلم ( اللهم لك الحمد )

وورد عند أبي داود ( لربي الحمد )

فينوع .

 وقول (ربنا ولك الحمد ) واجب من واجبات الصلاة  ولابد أن نعرف الواجب من الركن حتى نفهم سجود السهو كما سيأتي إن شاء الله تعالى .

والسنة بعد الرفع أن يضع يديه على صدره واختلف العلماء في ذلك :

إذا رفع من الركوع هل يضع يديه على صدره ام يرسلهما ؟

بعض العلماء قال : يرسلهما ، لأن الوضع إنما جاء في القيام الذي قبل الركوع ،ولكن الناظر إلى حديث سهل ابن سعد في صحيح البخاري : قال : كان الناس يأمرون أن يضعوا أيمانهم على شمائلهم في الصلاة ” قال ” في الصلاة “

ولم يقل ” في القيام ”  قال ” في الصلاة ” إذن لو نأتي إلى هذه الأيدي في الصلاة حالها في السجود لها وضع , حالها بين السجدتين لها وضع , حالها عند الركوع لها وضع .إذن لم يبق عندنا إلا القيام , فيشمل القيام الأول والقيام الثاني , فلو أنه قال :كانوا يؤمرون بوضع أيمانهم علي شمائلهم في القيام لكان القيام الأول لكن لما قال في الصلاة دل على أن الأصل أن توضع اليمين على الشمال في جميع الصلوات . لكن لما جاءت الأدلة بذكر اليدين في السجود ولهما حال . وفي الركوع ولهما حال , وفي الجلسة بين السجدتين ولهما حال . دل على أنه شامل للقيام الذي قبل الركوع ,والذي بعده .

( مسألة )

[  ويجافي عن جنبيه ويضم أصابعه إذا سجد على الأعضاء السبعة : الجبهة –والكفان-والركبتان – وأطراف القدمين – والأنف ، والأنف تابع للجبهة حكماً ،ويقدم ركبتيه قبل يديه عند السجود على الصحيح وإن سجد على عضو من أعضاء السجود بطل .وإن كان على حائل متصل به فيكره كالشماغ وإلا فيجوز ،  ويجب على الصحيح السجود على كل عضو بأكمله لا بعضه ما لم يكن عاجزاً . ويجافي عن عضديه ويرص عقبيه في السجود . ويرفع بطنه عن فخذيه . وفخذيه عن ساقيه فلا يمتد ولا ينقبض ولا يفرش ذراعيه افتراش السبع ،  ثم يرفع رأسه ويفترش أو ينصب قدميه ويجلس على عقبيه ، وهذا هو  الإقعاء المسنون. ويداه على فخذيه وإن شاء القم يده اليسرى ركبته اليسرى ويقول ما ورد ،والواجب (ربي اغفر لي) . ثم ينهض على صدور قدميه معتمداً على ركبتيه إن سهل وإن احتاج إلى جلسة الاستراحة فتسن . والركعة الثانية كالأولى ما عدا التحريمة والاستفتاح والاستعاذة والأمر فيها واسع ، ولا يطيل في التشهد الأول ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير . و له صفات متنوعة ويستعيذ بالله من أربع في التشهد الأخير ” من عذاب جهنم –ومن عذاب القبر – ومن فتنة المحيى والممات –ومن فتنة المسيح الدجال ” حتى أوجبها بعض العلماء . وله أن يدعوا بما شاء ديناً أو دنيا .

 والتسليم له صفات ولا يجزأ على الصحيح الاقتصارعلى تسليمة واحدة في الفرض،  وأما النفل فنعم . والسنة أن يتورك في التشهد الأخير والمرأة كالرجل فيما مضى ، وسن الأذكار بعد الصلاة كما ورد  ]

الشرح

ثم بعد الاعتدال من الركوع وقول ما ورد ، يسجد ويجافي عن جنبيه لما ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام ، حتى إن الصحابة ليشفقون على النبي عليه الصلاة والسلام من شدة مجا فاته ولقد ورد عند مسلم ( أن البهمة – وهي الصغيرة من الغنم – لو شاءت أن تمر بين جنبيه لفعلت  )

وهذا يدل على شدة مجافاته عليه الصلاة والسلام ولكن إذا كان مأموماً فعليه أن يراعي من حوله حتى لا يُضيق على الآخرين .

والسنة ( أن يضم أصابعه في أثناء السجود )

إذا سجد على الأعضاء السبعة وتكون الكفان إما عند حذو منكبيه في أثناء السجود او تكون كما عند مسلم ( تكون محاذية لرأسه  )

بمعنى أن النبي عليه الصلاة والسلام :

( إذا سجد سجد بين كفيه )

فهو بين صفتين/  إما أن يسجد وكفاه تحاذي منكبيه أو تحاذي رأسه ,

و السجود على الأعضاء السبعة ركن من أركان الصلاة  “

قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين  :

(  أُمِرتُ أن أسجد على سبعة أعظم  )

فذكر عليه الصلاة والسلام :

( أطراف القدمين وذكر الركبتين وذكر الكفين وذكر الجبهة وأشار إلى أنفه عليه الصلاة والسلام  )

مما يدل على أن الأنف تابع للجبهة في الحكم الشرعي .

ولذا على الصحيح / لو أنه سجد على جبهته دون أنفه لم يصح السجود ومن ثم لا تصح الصلاة .

أو سجد على أنفه،  وترك جبهته ، فكذلك لا يصح سجوده .

والسنة / “

أن يقدم ركبتيه قبل يديه إذا أراد أن يسجد “

فإذا هوى للسجود ، فالسنة أن يقدم ركبتيه قبل يديه لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك كما في حديث وائل ابن حُجر وقد صححه ابن القيم رحمه الله ، وطعن فيه بعض العلماء ولكن حديث أبي هريرة صحيح وهو قوله عليه الصلاة والسلام :

(  إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليقدم يديه قبل ركبتيه  )

هذا هو المذكور لكن قال ابن القيم رحمه الله إن فيه قلباً ، والأصل (وليقدم ركبتيه قبل يديه )

والنبي عليه الصلاة والسلام قال : (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير)، قال (كما) والبعير معلوم أنه يقدم مقدمته على مؤخرته فلو قال عليه الصلاة والسلام ” فلا يبرك على ما يبرك البعير “

لكانت السنة أن يقدم اليدين قبل الركبتين ، ففرق بين الكاف التي للتشبيه وفرق بين على التي هي للاستعلام ، والأمر فيه واسع ، فبعض طلاب العلم يشنع ويعظم هذا الأمر ، وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله من قدم ركبتيه أو قدم يديه فالأمر فيه واسع ،

وقد نصر ابن القيم رحمه الله هذا القول الذي ذكرناه من عشرة أوجه كما في زاد المعاد .

وإن سجد على عضو من أعضائه السبعة لم يصح سجوده ، وذلك لو أنه سجد على كفه فلا يصح السجود لم ؟ لأنه لم يسجد على جميع أعضائه السبعة فإذاً / إن سجد على عضو من أعضاء السجود فلا يصح السجود ، وإن سجد على شيء متصل به مثل الشماغ متصلة بالمصلي فلو فرش شماغه وسجد فهو مكروه إلا إذا وجدت الحاجة وذلك لإن الصحابة رضي الله عنهم يقول أحدهم ( كنا نصلي مع النبي في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يسجد بسط ثوبه فسجد عليه) فقوله (فإذا لم يستطع)

يدل على أن المأمور به أن يسجد على الأرض دون هذا المتصل به.

الصورة الثالثة / أن يسجد على شيء منفصل عنه مثل أن يسجد على سجادة أو يسجد على خرقة وهي منفصلة عنه ليس لابساً لها فهذا جائز لأن النبي عليه الصلاة والسلام :

( صلى على الخمرة  )

وهو ما ينسج من الحصير بمقدار الجبهة أو بمقدار الوجه والكفين .

وصلى عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح :

(  صلى على الحصير  )

فالشاهد من هذا : انه إذا سجد على عضو من أعضائه السبعة لم يصح السجود .وإن سجد على شيء متصل به فيكره إلا إذا كان هناك حاجة فيجوز .

وإن سجد على شيء منفصل عنه فجائز لما ورد من فعله عليه الصلاة والسلام وإن سجد على ستة أعضاء دون عضو فإن سجوده لا يصح .

فلابد من السجود على جميع الأعضاء السبعة ، بعض الناس قد يسجد ولا يسجد على أنفه والنبي عليه الصلاة والسلام كان يمكن انفه وجبهته من الأرض وبعض الناس قد يسجد وقد رفع أطراف أصابع قدميه أو يرفع كفاً ويسجد على الكف الأخرى .

فخلاصة القول أنه على الصحيح يجب أن يسجد على جميع الأعضاء السبعة ،  وكذلك على الصحيح يجب أن يسجد على كل عضو بأكمله فلو سجد على أطراف أصابع كفيه دون باطن كفيه فلا يصح فلابد أن يسجد بجميع العضو. خلافاً لمن قال إن السجود على بعض العضو كافي والصحيح أنه لا يكفي ما لم يكن عاجزاً ،  فالعاجز تخرجه القاعدة الشرعية وهي :

[ لا واجب مع العجز]

والسنة / ” أن يرص عقبيه “

لما ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام في صحيح ابن خزيمة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام  :

( اعتدلوا في السجود  )

والاعتدال في السجود أن يكون متوسطاً في سجوده فلا يمتد كالمنبطح ولا ينقبض بجسمه ، وإنما يرفع بطنه عن فخذيه ويرفع فخذيه عن ساقيه ولا يفرش ذراعيه افتراس السبع لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك .

وذلك أن يسجد على كفيه ، وعلى ساعديه فهذا منهي عنه  .

وهل النهي للكراهة أم للتحريم؟ 

الصحيح أنه للتحريم ، لأن النهي صريح في ذلك .

ثم يرفع رأسه للجلسة بين السجدتين وهي ركن من أركان الصلاة ، وله في ذلك إما أن يفترش بمعنى أن يفرش رجله اليسرى ، ويجلس بمقعدته عليها وينصب قدمه اليمنى .

وإما أن ينصب القدمين اليمنى واليسرى ويجلس على عقبيه .

وهذا هو الإقعاء الوارد في صحيح مسلم وهو ثابت على الصحيح ،  فإن رجلاً قال يا ابن عباس :

( إنا نرى الإقعاء جفاء بالرجل ،  فقال تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم  )

أما الإقعاء المنهي عنه في الصلاة / فهو إقعاء كإقعاء الكلب ، وذلك أن ينصب قدميه ويجلس بمقعدته على الأرض فهذه صورة من صور إقعاء الكلب . فالإقعاء نوعان : جائز بل مسنون كما عند مسلم –وإقعاء منهي عنه .

وفي أثناء الجلسة بين السجدتين تكون يده اليمنى على فخذه الأيمن وتكون يده اليسرى على فخذه الأيسر ، وتكون أطراف أصابع الكفين عند الركبتين اليمنى واليسرى وإن شاء قبض بكفه اليسرى ركبته اليسرى .

والسنة في ذلك أن ينوع  .

ويقول ما ورد /  والوارد كما في حديث حذيفة   :

( ربي اغفر لي  ) وهو واجب من واجبات الصلاة . فيقول ربي اغفر لي فهذا هو الواجب وإن زاد مما جاءت به السنة فحسن ومما جاء من مجموع ما جاء في السنن:

[ربي اغفر لي وارحمني وعافيني واهديني وارزقني وارفعني واجبرني ]

وإن شاء كما في حديث حذيفة أن يكرر [ربي اغفر لي ]بقدر جلسته   .

والواجب في قول ( ربي اغفر لي ) مرة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث ولا حد له . والأصابع تكون على الركبتين مضمومة ثم يسجد السجدة الثانية .

ثم ينهض على صدور قدميه معتمداً على ركبتيه  ، فقد جاء هذا عن النبي عليه الصلاة والسلام ويصححه ابن القيم رحمه الله ، ويطعن فيه البعض لكن وردت آثار عن السلف أنهم كانوا يفعلونه ، وهو رحمه الله بذلك يرى أن جلسة الاستراحة ليست مسنونة على الإطلاق وجلسة الاستراحة / ” هي أنه إذا قام من السجدة الثانية من الركعة الأولى إلى الركعة الثانية فإنه يجلس جلسة خفيفة ثم يعتمد بيديه على الأرض ثم يقوم ” هذا إذا قام إلى الركعة الثانية أو إذا قام إلى الركعة الرابعة لما جاء عند البخاري في حديث مالك ابن الحويرث  :

( كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان في وترفي صلاته جلس على الأرض ثم اعتمد على يديه )

وقد اختلف العلماء في جلسة الاستراحة /

فقال بعضهم إنها ليست مسنونة مطلقاً  .

وبعضهم قال / إنها مسنونة مطلقاً .

وبعضهم قال / إنها مسنونة عند الحاجة  .

وهذا هو الأقرب ، لأن مالك بن الحويرث قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة ، ولم يكن يفعلها صلى الله عليه وسلم في أول حياته وإنما فعلها في آخر حياته لما كبر وضعف . ولذا لما أسن عليه الصلاة والسلام جعل عموداً في مصلاه يعتمد عليه وقال عليه الصلاة والسلام كما عند ابن ماجه  (إني بدَّنت ] يعني كبرت (فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود).

وقد جاء عند مسلم أنه عليه الصلاة والسلام في آخر حياته كان يصلي جالساً مما يدل على أن هذه الجلسة لم يفعلها عليه الصلاة والسلام لذاتها وإنما لغيرها .

ولذا يسميها العلماء ( بجلسة الاستراحة ) فهي ليست مقصودة لذاتها  ، فلو كانت مقصودة لذاتها لكان فيها ذكر .

ثم إن اعتماده عليه الصلاة والسلام بيديه على الأرض يدل على انه كان محتاجاً إليها .

فهذا هو الأقرب في جلسة الاستراحة ،  فإن كان الإنسان مريضاً أو عاجزاً أو كبيراً في السن فليفعلها وإلا فليقم معتمداً على ركبتيه .

وتكون الركعة الثانية كالركعة الأولى سواءً بسواء لكن لا يستفتح لأن الاستفتاح في أول الصلاة ، حتى لو فاته الاستفتاح في أول الركعة لا يقضيه في الركعة الثانية فالركعة الثانية ليس فيها استفتاح وكذلك ليس فيها تحريمه ، لأنه لو أتى بالتكبيرة على أنها نية تكبيرة الإحرام ، لبطلت صلاته لأن تكبيرة الإحرام إنما تكون في أول الصلاة .

وأما الاستعاذة ، هل يستعيذ أو لا ؟

فقولان لأهل العلم ، والأمر في ذلك واسع .

ولا يطيل في التشهد الأول ، وقد جاء عند أبي داود ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جلس للتشهد الأول كأنما يجلس على الرضف )

وهي الحجارة المحماة ، فيدل على سرعته عليه الصلاة والسلام في هذه الجلسة .

وفيه ما فيه ولكن يؤيده أن  أبا بكر رضي الله عنه كان يفعل ذلك كما صححه ابن حجر يرحمه الله , ويدل عليه أيضاً أنه جاء عند ابن ماجه  :

( أن النبي عليه الصلاة والسلام لما صلى الوتر تسع ركعات بتسليمه واحدة جلس في الثامنة  )

 قالت عائشة رضي الله عنها(  فذكر الله وأثنى عليه ولم يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام، فلما جلس للتاسعة ذكر الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم )

فدل على أن الصلاة في هذا الموطن وهو التشهد الأول لا تجب خلافاً لمن أوجبها ، فلا دليل على الوجوب .

وأما هذه الصلاة وهي الصلاة الإبراهيمية “اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد “فتكون في التشهد الأخير  ، وهل هي ركن أم غير ركن ؟

المشهور  أنها ركن من أركان الصلاة.

والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لها صفات متنوعة من شاء أن يقف عليها فليقرأ كتاب صفة الصلاة للألباني رحمه الله .

وفي التشهد الأخير كما جاء عند مسلم ” إذا جلس أحدكم للتشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيى والممات ومن فتنة المسيح الدجال”

والجمهور على أن هذا الذكر سنة ، وبعض العلماء يقول إنه واجب من واجبات الصلاة لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر به ولازمه.

وطاووس الذي رواه عن الصحابة كان يرى بطلان صلاة من لم يأت بهذا الذكر.

ولذا فليحرص عليه المسلم وهو إلى الوجوب أقرب منه إلى الاستحباب ، وله أن يدعو بما شاء لما جاء في الصحيحين من حديث بن مسعود رضي الله عنه [ قال عليه الصلاة والسلام ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ]

وفي رواية [ ما أحب ]

وهذا يشمل ما يحبه من أمور الآخرة وكذلك ما يحبه من أمور الدنيا على القول الراجح  ، لأن بعض العلماء يقول لا يطلب شيئا من محبوبات الدنيا في الصلاة لكن لا دليل على ذلك .

والسنة أن يرفع أصبعه لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام [ كان يشير بإصبعه ] كما جاء عند مسلم.

وهل يحركها أولاً؟

الصحيح انه يحركها ، لثبوت ذلك عنه عليه الصلاة والسلام لكن متى يحركها متى يشير بها؟

خلاف طويل ، والبعض يشنع ، والأمر فيه واسع لكن أقرب الأقوال في ذلك قولان قول الإمام مالك من أنه من حين ما يجلس للتشهد ويقول التحيات أنه يرفع.

والقول الآخر / أنه لا يرفع ولا يشير بها إلا إذا دعا وهذا هو أقرب من الأول لما ورد عند مسلم [ كان يشير بها عليه الصلاة والسلام إذا دعا ]

والأمر في ذلك واسع فهذان القولان هما أقرب الأقوال .

ويسلم و التسليمتان كلتاهما ركن من أركان الصلاة على القول الصحيح .

وأبو حنيفة لا يرى أن التسليم ركن ، لا الأولى ولا الثانية ، لكن القول الصحيح أنه لابد في الفرض من التسليمتين لقوله عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم :

(  إنما كان يكفي أحدكم أن يقول عن يمينه السلام عليكم وعن يساره السلام عليكم )

 فقوله : ( إنما كان يكفي أحدكم )

يدل على أن ما دون ذلك لا يكفي .

وبعض العلماء يقول تكفي تسليمة واحدة لما ورد :

(  أنه عليه الصلاة والسلام صلى فقالت عائشة فسلم  )

وهذا مطلق ، لكن القول الراجح أن :

” التسليمتين كلتيهما في الفرض الركن “

أما في النفل فتكفي تسليمة واحدة ، لثبوت ذلك عنه عليه الصلاة والسلام  :

(  فقد صلى في صلاة الليل وسلم تلقاء وجهه عن يمينه شيئاً يسيراً  )

فتكون التسليمة واحدة ، يعني أنه سلم ووجهه تلقاء ما أمامه لكن انحرف يسيراً عن يمينه ، وإن أتى بالتسليمتين في النفل فحسن ، وإن نوع فحسن لكن الفرض فلا يكفي تسليمة واحدة  .

وقد وردت صفات في التسليم ذكرها الألباني رحمه الله في صفة الصلاة لكن قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق [ إنما كان يكفي أحدكم أن يقول عن يمينه السلام عليكم وعن يساره السلام عليكم ] يدل على أن كلمة أو جملة [ ورحمه الله ] ليست واجبة فلو قال  عن يمينه ” السلام عليكم ” وعن يساره ” السلام عليكم  ” فعلى القول الراجح أن صلاته صحيحة .

وقد ورد عن اليمين [ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)  وعن اليسار ( السلام عليكم ورحمة الله )

وقد ورد عن اليمين [ السلام عليكم ورحمة الله ] وعن [ اليسار السلام عليكم ] .

إذاً عندنا (  السلام عليكم _السلام عليكم  )

 وعن اليمين ( السلام عليكم ورحمة الله) وعن اليسار ( السلام عليكم  )

 وعن اليمين ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )

وعن اليسار ( السلام عليكم ورحمة الله  )

وقد ورد ووهم ابن حجر في ذلك لكن من وهمه هو الذي وقع في الوهم وورد عند أبي داود كما ذكره ابن حجر في بلوغ المرام [ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن اليسار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ]

والسنة / ” أن يتورك في التشهد الأخير  ”

والتورك هو / أن يفرش رجله اليسرى ويجلس بمقعدته على الأرض وينصب قدمه اليمنى .

وقد ورد عند أبي داود :

( أنه عليه الصلاة والسلام فرش قدميه كلتيهما اليمنى واليسرى وأخرجهما من جهة اليمين وجلس بمقعدته على الأرض ، وجعل قدميه كلتيهما مفروشتين من جهة اليمين )

ووردت صفة عند مسلم فيها كلام طويل .

” والمرأة كالرجل فيما مضى “

خلافاً لمن أخرج المرأة ، وقال إنها تُسدِل يديها وأنها تضم نفسها في السجود ، ولكن لا دليل على ذلك وما ورد من آثار قال الألباني رحمه الله ليست صحيحة . وإنما الصحيح ما ثبت عن أم الدر داء وكانت فقيهة [ أنها كانت تجلس كما يجلس الرجل في الصلاة ]

فهي والرجل سواء .

وبعد الصلاة تسن الأذكار والأذكار معروفة :

[أستغفر الله ثلاثاً – اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام . لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )

 وإن زاد يحي ويميت فهي ثابتة كما في مسند الإمام أحمد .

والأذكار معروفة ولكن أذكر لكم الزائد على ذلك .

وقد ورد : [اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ]. جاء عند الطبراني [ ولا راد لما قضيت ] وصححها ابن حجر رحمه الله في الفتح . ويقول التهليلة بعد كل صلاة مرة واحدة وبعد صلاة المغرب والفجر عشراً .

وإن قال التهليلة بعد كل صلاة ثلاثاً فقد ثبت ذلك . ويقول : ( سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد و هو على كل شيء قدير )

كما عند مسلم .

أو كما ورد عند مسلم يقولها ( ثلاثاً وثلاثين ويختم بالتكبير  )

يعني يجعل التسبيحات ثلاثاً وثلاثين والتحميدات ثلاثاً وثلاثين والتكبيرات أربعاً وثلاثين .

أو يقول كما عند النسائي : ”  سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمساً وعشرين فيكون المجموع مائة )

أو يقول كما في السنن [سبحان الله عشر مرات والحمد لله عشر مرات والله أكبر عشر مرات) فيكون المجموع ثلاثين .

والسنة أن ينوع المسلم مرة ومرة .

ويقرأ سورة الإخلاص ، و ” المعوذتين مرة واحدة ، إلا بعد المغرب والفجر فيقرأها ثلاث مرات .

ويقرأ آية الكرسي مرة واحدة بعد كل صلاة .

وبعض الناس يقرأ سورة الفاتحة ، ولم أر دليل على قراءة الفاتحة بعد الفرض

.وبعضهم يأتي بالآيتين الأخيرتين من سورة البقرة . ولم أر دليلاً على ذلك .

والسنة للإمام أن لا يزيد في بقائه مستقبلاً للقبلة بعد التسليمة إلا بمقدار :” أستغفر الله ثلاثاً ،  اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .

وبعض الناس يقول”  تباركت وتعاليت “

وتعاليت ” زيادة لا نعرف لها مستند !

والإمام إذا انصرف إلى المأمومين/

فله أن ينصرف عن يمينه ، وله أن ينصرف عن يساره .

كل ذلك ثابت عنه عليه الصلاة والسلام .