( مختصر فقه العبادات ) [ 4 ] كتاب الطهارة ( باب المسح على الخفين )

( مختصر فقه العبادات ) [ 4 ] كتاب الطهارة ( باب المسح على الخفين )

مشاهدات: 525

مختصر فقه العبادات

[ 4 ]

كتاب الطهارة

( باب المسح على الخفين )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين :

[ باب المسح على الخفين ]

إذا كان الساتر من جلد يقال ” خفان ”

وإن كان الساتر من غيره كالشراب المعروفة عندنا فهي ” الجوارب “

 وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام :

( أنه مسح على الخفين ومسح على الجوربين)  

( مسألة )

[ المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة ، ولم يخالف فيه إلا الرافضة  ]

( الشرح )

لم يخالف في المسح على الخفين إلا الروافض ، فهم لا يرون المسح على الخفين ، وإنما يرون غسل القدم ، وليس كل القدم وإنما المقدمة من القدم .

( مسألة )

[ الأفضل ما وافق حال الرجل :

إن كانت مستورة فالمسح أفضل ، وإن كانت مكشوفة فالغسل أفضل ]

( الشرح )

هذا هو الصحيح من أقوال العلماء :

أن القدم إذا كانت مستورة فالمسح أفضل وإن كانت مكشوفة فالغسل أفضل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ” لا يتكلف ضد حال قدمه “

 ( مسألة )

[ يمسح المقيم بعد الحدث يوماً وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ]

(الشرح )

هذه هي مدة المسح ، دليلها ما جاء عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام :

( يمسح المقيم يوماً وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن )

فيكون للمقيم : ”  أربع وعشرون ساعة ” .

وللمسافر ”  اثنتان وسبعون ساعة ” .

وتكون البداية : ” من المسح بعد الحدث “

فإذا لبس المقيم الخفين الساعة الخامسة فجرا ، ًثم مسح عليها بعد ما أحدث الساعة الثانية عشرة ظهراً فتبدأ المدة من الساعة الثانية عشر ظهراً إلى اليوم التالي في نفس الساعة ، فيكون المبتدأ من المسح بعد الحدث .

أما إذا مسح مسح تجديد ليس عن حدث فلا يعتبر، فلو أن إنساناً لبس الخفين الساعة الخامسة فجراً ، وظل على وضوئه إلى الساعة الثانية عشر ظهراً فمسح مسح تجديد الساعة الثانية عشر ظهرا ثم لما جاءت الساعة الثالثة عصرا مسح بعد الحدث فتكون بداية المدة من ” الساعة الثالثة عصرا ” مع أنه لبسها في الساعة الخامسة فجراً ومسح عليها الساعة الثانية عشر ظهراً مسح تجديد وليس مسح حدث ، فبداية المدة من المسح بعد الحدث فيحسب المقيم أربعاً وعشرين ساعة والمسافر اثنتين وسبعين ساعة .

( مسألة )

 [ المسح جائز ، ويجب إذا ترتب على تركه فوات واجب كجمعة  ]

( الشرح )

المسح جائز ، فللإنسان مع بقاء المدة أن يخلع خفيه وأن يتوضأ ويغسل قدميه ، لكن إذا كان هذا الخلع يترتب عليه فوات واجب كما لو كان الناس في صلاة الجمعة والمدة باقية ولو خلع خفيه ثم توضأ وغسل قدميه لفاتته صلاة الجمعة ،نقول له: إن المسح في حقك الآن واجب لأنك لو خلعت لأخذ منك مدة ، فيفوت هذا الواجب. وكذلك لو ترتب عليه فوات صلاة الجماعة ،فالمسح جائز ما لم يترتب عليه فوات واجب فيجب إذا كانت المدة باقية .

شروط المسح على الخفين

[ أولا :  أن يكون الجورب طاهراً.

ثانيا :  أن يبقى اسم الخف ولو وجد فيه ثقوب فيجزأ المسح على الصحيح .

ثالثا : أن يكون المسح في الحدث الأصغر .

رابعا : أن يلبسهما بعد كمال الطهارة  .

وأما ماعداها من الشروط فلا دليل عليها  ]

( الشرح ) 

هذه هي شروط المسح على الخفين :

الشرط الأول

” أن يكون الخفان طاهرين “

فإن كان نجساً فلا يجوز المسح عليه .

الشرط الثاني

 ” أن يبقى اسم الخف “

فالخروق التي لا تخرج الخف عن مسماه معفي عنها ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام “أطلق المسح على الخفين ” ولم يقيد خفاً مثقوباً أو غير مثقوب .

والصحابة رضي الله عنهم ( كانوا يمشون على خفافهم )

وهي في الغالب كان يحدث معها ثقوب .

وكانوا في قلة من المال وكانوا يمسحون ،وإن احتاط الإنسان فلم يمسح إلا على ما ستر كل قدمه فهو أحسن .

الشرط الثالث 

” أن يكون المسح في الحدث الأصغر  “

فلو أجنب فلا يصح أن يغتسل ، ثم إذا بلغ القدمين مسح على الخفين ، بل يجب أن يخلعهما فالمسح إنما يكون في الحدث الأصغر :

لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث صفوان قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ) يعني مسافرين ( ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن ، إلا من جنابة ، لكن من بول وغائط ونوم )

الشرط الرابع 

” أن يلبسهما بعد كمال الطهارة “

فلو غسل قدمه اليمنى قبل أن يغسل اليسرى ، فلما غسل اليمنى أدخل الخف ثم غسل اليسرى فأدخل الخف فلا يصح المسح عند كثير من العلماء .

وشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : يرى الصحة .

والصحيح : الأول ، لما ورد :

(  توضأ فمسح على خفيه )

وأما ما عادها من الشروط فلا دليل عليها.

( مسألة )

[ من مسح في سفر ثم أقام مسح مسح مقيم إن بقي شئ من المدة ، وأما عكسه فالصحيح أنه يمسح مسح مسافر ]

( الشرح )

إذا كان الإنسان مسافراً فله ثلاثة أيام بلياليهن ، فإذا قدم بلده فيمسح مسح مقيم ، فإن كان سفره في نفس اليوم ثم عاد في نفس اليوم .

مثلاً :

” سافر الفجر ثم عاد العشاء ، وكان مسحه من الفجر ” متى ينتهي المسح ؟

ينتهي فجر اليوم الثاني ، فهنا يكمل مسح مقيم .

لكن لوا أنه مسح في السفر يومين فوصل إلى بلدة فهل يمسح ؟

لا يمسح لأن المدة قد انتهت .

وأما عكسه / فيمسح مسح مسافر  .

بمعنى / إنسان مسح في البلد مسح الفجر ثم سافر الظهر فهل يمسح في سفره ثلاثة أيام أو يوماً وليلة؟

 اختلف العلماء في هذا :

والصواب / ” أنه يمسح مسح المسافر  “

لأنه وُجِدَ السبب الذي هو السفر ، والنبي عليه الصلاة والسلام جعل مدة المسافر ( ثلاثة أيام بلياليهن ).

فخلاصة القول / أنه لو كان مسافراً ثم قدم إلى بلده فيمسح مسح مقيم إن بقي شئ من المدة فإن انتهت المدة فيخلع خفيه .

والصورة الثانية : أن يمسح في بلده ثم يسافر فهل يمسح مسح سفر أو مسح مقيم  ؟

هناك خلاف ، والصحيح أنه يمسح مسح مسافر .

 ( مسألة )

 [ يكره غسل الخف ، وتكرار مسحه ، ومسح أسفله وعقبه ]

( الشرح )

غسل الخف ليس عليه دليل ، ولذا يكره ، بل إذا اكتفى بغسله دون مسحه فلا يصح الوضوء .

” ويكره تكرار مسحه ” فالسنة أن يمسح مرة واحدة .

” ولا يسن أن يمسح الأسفل أو العقب “

إنما كما سيأتي أنه يمسح ظاهر الخف من أطراف أصابع القدم إلى الساق ، ولا يمسح الأسفل ولا يمسح العقب .

 وما ورد ” أنه يمسح أسفله ”  فلا يثبت .

قال علي رضي الله عنه كما عند أبى داود وغيره :

(  لو كان الدين بالرأي ، لكان مسح أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ” وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ” يمسح ظاهر خفيخ ”   )  .

( مسألة )

[ ما ورد من أحاديث في المسح على النعلين محمول على لبسهما فوق الجوربين ]

( الشرح )

وردت أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم :

( مسح على نعليه )

 لكنها مقيدة بما إذا كانت هذه النعال على الجوربين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( ويلٌ للأعقاب من النار )

فلو كان المسح على النعلين من غير جوربين جائزا لناقض الوعيد الشديد في الأحاديث الأخرى .

( مسألة )

 [ إن مسح على الجورب بعد الحدث ثم توضأ ولبس خفا آخر فالراجح أنه يمسح على الأعلى،  والمدة مرتبطة بالخف الأول ، أما عكسها وهو مسحه الأعلى ثم خلعه فلأحوط عدم المسح على الأسفل ، ولو مسح عليه فالأظهر الجواز ]

( الشرح )

  صورة هذه المسألة :

لو أن أنساناً لبس الخفين فمسح عليهما فأراد أن يلبس أخرى لشدة البرد فيقال له ” توضأ وامسح على خفيك والبس الخفين ” فإذا جاء الوقت الآخر فتمسح على الخف الأعلى “

لكن مدة المسح على الأعلى متى تنتهي ؟

تنتهي بانتهاء مدة المسح على الأسفل.

 مثال ذلك / ” لو أنه مسح الساعة الخامسة فجرا ، ثم اشتد البرد فلبس خفاً آخر في الظهر “

نقول له : لا تلبس إلا بعد ما تتوضأ ثم تلبس هذا الخف ، وعليك أن تمسح على هذا الخف الأعلى الجديد لكن إلى متى ؟

إلى الساعة الخامسة فجراً تبعا للخف الأول .

عكسها /  لو أن إنسانا لبس خفين اثنين لشدة البرد ثم تضايق من الخف الأعلى فخلعه فهل له أن يمسح على الأسفل ؟

نعم له أن يمسح على الأسفل ، مع أنه مسح في بداية الأمر على الأعلى .

( مسألة )

[ حكم من حدثه مستمر كغيره في المسح إذا لبس بعد كمال الطهارة ]

( الشرح )

من به سلس بول أو سلس ريح له أن يمسح ، فهو كغيره ، لكن متى يتوضأ ؟

يتوضأ إذا دخل وقت الصلاة ، فإذا دخل وقت الصلاة فتوضأ ولبس الخفين فله إذا جاء الوقت الآخر أن يتوضأ وأن يمسح على هذين الخفين مثاله/

لما دخل وقت الظهر توضأ ولبس الخفين “

فهنا نلزمه إذا جاء وقت العصر بأن يتوضأ لصلاة العصر ، فله أن يتوضأ فإذا وصل إلى القدمين فليمسح .

( مسألة )

[ يمسح ظاهر الخف من أطراف أصابعه إلى ساقه – كمسح الأذنين – وإن بدأ باليمين فقولٌ وجيه ، والواجب مسح أكثر الخف  ]

( الشرح )

هذه هي صفة مسح الخف :

” يبدأ من أطراف أصابع القدم إلى ساقه مرة  واحدة ، يمسحهما مثل أذنيه وإن بدأ باليمين ثم ثنى باليسار فقولٌ وجيه فالأمر فيه سعة .

فدليل الوجه الأول قول علي الله عنه  :

( فمسح ظاهر خفيه )

دل على أن مسحهما يكون كمسح الأذنين معاً فحينما تمسح أذنيك لا تمسح اليمنى قبل اليسرى بل إنك تمسحهما في حالة واحدة .

وإن بدأت بالخف اليمين ثم باليسار فقول ٌ وجيه لقول عائشة رضي الله عنها :

( كان يعجبه عليه الصلاة والسلام التيمن في تنعله ، وترجله ، طهوره ، وفى شأنه كله )

والواجب عليه : أن يمسح أكثر الخف فيمسح الظاهر مفرقاً أصابع يديه .

( مسألة )

[ الراجح أنه إذا خلع الخف بعد الوضوء فطهارته باقية ، كمن حلق شعره بعد الوضوء ، وكذا لو تمت المدة وهو على طهارة  ]

( الشرح )

هذه مسألة مختلفٌ فيها :

إنسانٌ مسح بعد الحدث الساعة الخامسة فجراً ، فلما جاءت الساعة السادسة صباحاً خلع خفيه هل تنتقض طهارته السابقة أم لا ؟

فيها أقوال ، لكن الراجح – هو قول شيخ الإسلام رحمه الله :

” أن طهارته باقية لعدم الدليل على نقض طهارته”

فمثله : كمثل من توضأ ثم حلق رأسه إذا كان شعره كثيفاً فإن الماء لا يصل إلى أصول الشعر ، ومع ذلك جاز له أن يحلق شعره وأن يصلي .

وكذلك ” لو تمت المدة “

مثال / إنسان بداية مسحه من الساعة الخامسة فجراً متى تنتهي مدة المسح ؟

تنتهي الساعة الخامسة فجراً ،  لو أنه قبل الساعة الخامسة فجراً مثلاً الساعة الخامسة إلا خمس دقائق مسح ، قال أمسح قبل أن تنتهي المدة فمسح ، والصلاة للفجر تكون الساعة الخامسة والربع “

فبعض العلماء / يقول ” إن صلاته غير صحيحة لماذا ؟

لأن المدة انتهت الساعة الخامسة .

ولكن الراجح / أن صلاته صحيحة ، لماذا؟

لأنه مسح في وقت المسح ، وليس هناك دليل على نقض الطهارة.

( مسألة )

[  لا تشترط نية المسح عند اللبس كستر العورة  ]

( الشرح )

  مثالها /

لو أن إنساناً كان على وضوء ثم دهن قدميه ، وقال ألبس الخفين من أجل أن تتسخن القدم ، هو لا يريد المسح لكن لما جاء الفجر بعدما لبسه في الليل ، قال أنا أدخلت الخفين على طهارة فهل أمسح عليهما لصلاة الفجر ؟

نقول / امسح، فلا تشترط نية لبس الخف ،أهم شيء عندنا أن هذين الخفين لبسا على طهارة .

( مسألة )

[  لو شك في ابتداء مسحه هل هو من الظهر أو من العصر ؟ يبني على الأصل ، وهو عدم المسح ، فتكون ابتداء مدته من العصر  ]

( الشرح )

  سبق معنا أن هناك قاعدة وهي :

[ أن الأصل بقاء ما كان على ما كان ]

فلو أن إنساناً مسح في يوم الاثنين ، فلما جاء يوم الثلاثاء قال ما أدري هل بداية مسحي يوم الاثنين من الظهر أم من العصر ؟ شك .

فنقول له / ” الأصل عدم المسح ” فليكن حسابك أن المدة قد ابتدأت من العصر لا من الظهر .

ومن ثم / فله أن يصلي يوم الثلاثاء صلاة الظهر بوضوء المسح .

( مسألة )

 [ إبداء شيء يسير من القدم لا يضر إن أعاد الخف ]

( الشرح )

لو أن إنساناً أظهر شيئاً من قدمه ثم أعاد الخف مرة أخرى فله أن يمسح ،  ولكن لو أظهر شيئاً  كثيراً من القدم فلا ينفع المسح .

( مسألة )

[ المسح على العمامة كالمسح على الخف في مسح أكثرها ، ويسن أن يمسح معها ما ظهر من الرأس ، ولا توقيت فيها ، ولا اشتراط طهارة على الصحيح ، وكذا لا يشترط عمامة بصفات معينة ، وإنما يشترط فيها أن تكون ساترة لما جرت العادة بستره ]

( الشرح )

المسح على العمامة قد فعله عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم .

لكن يجب في هذه العمامة أن تستر ما جرت العادة بستره على حسب عرف الناس .

ويكون الواجب فيها / أن يمسح أكثرها مثل الخف .

وأن مسح ما ظهر من الرأس فهو حسن وليس بلازم  .

وهل يشترط فيها مدة معينة أو تلبس بعد الوضوء ؟

خلاف ، والراجح / أنه لا توقيت فيها ولا اشتراط للطهارة فيها لعدم الدليل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام إنما حدد المدة في المسح على الخفين .

وأي عمامة لبسها كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ، وهو الراجح فله أن يمسح عليها .

وما اشترطه بعض العلماء من شروط في صفة العمامة / فلا دليل عليه فالأحاديث جاءت بإطلاق العمامة .

( مسألة )

[ خُمُر النساء تمسح مع الحاجة ، وينبغي أن يمسح معها بعض الشعر ، أما إن لم تكن حاجة فخلاف في المسح عليها  ]

( الشرح )

الأصل في المسح على الرأس / ” أن يكون على الرأس ”

لكن جاءت الشريعة باستثناء العمامة ، فهل تلحق خمر النساء بالعمامة أم لا ؟ وذلك أن تضع المرأة خمارا على رأسها  ؟

فإن كانت هناك حاجة لوضع الخمار ، فلتمسح على الخمار وعلى شيء من الشعر وإن لم تكن هناك حاجة فهل يجوز لها أن تمسح أم لا ؟

خلاف بين العلماء ، والراجح أنها لا تمسح لأن الأصل في الرأس أن يمسح دون حائل .

( مسألة )

[  طهارة مسح الرأس الأصل فيها التسهيل فيصح المسح و لو كان الشعر ملبداً بالحناء  ]

( الشرح )

الشرع خفف في مسح الرأس ، ولذلك جعله مرة واحدة ، فلو أن الإنسان لبَّد شعره بحناء ،  أو امرأة لبدت شعرها بحناء : فلها أن تمسح عليه ، والدليل ما جاء في الصحيحين :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ملبداً رأسه )

ومعلوم أنه حج قارناً ، فظل على هذا التلبيد إلى يوم النحر ، وكان يتوضأ صلى الله عليه وسلم مع هذا التلبيد ” وهو مادة تشبه الصمغ يجمع شعر الرأس “

( مسألة )

[ يمسح كل الجبيرة أعلاها وأسفلها من جميع الجهات ، ويشترط فيها ألا تتجاوز قدر الحاجة فإن ستر شيئا قريبا منها لا يحتاج أليه في شدها فيجب نزعها إلا أن يترتب على النزع ضرر فيبقيها ، ويتيمم لهذا الزائد على أقرب القولين  ]

( الشرح )

الجبيرة تختلف عن المسح على العمامة ، وعن المسح على الخفين فالشرع تسامح في المسح على الخفين وعلى العمامة ، لكن الجبيرة ليست من باب الرخص وإنما شيء وقع بالإنسان ككسر فجبر أو جبس ، فهنا إذا جبست القدم أو اليد فيجب أن تمسح الجبيرة كلها الأعلى والأسفل والجوانب ، بينما قلنا في المسح على العمامة والخفين قلنا يمسح الأكثر ، أما الجبيرة فيجب أن تمسح كلها .

ولا يجوز أن يزيد في الجبيرة إلا إذا كان يحتاج إلى الزيادة “

 فمثلاً / لو أن الكسر في شبرٍ من يده ، واحتاج إلى نصف شبر لكي يشد هذه الجبيرة “

فنقول / يأخذ مع هذا الشبر الذي هو مقدار الكسر يأخذ نصف الشبر ، وله أن يمسح على هذا الشبر والنصف ، لكن لو أنه زاد فلم يكتفي بنصف الشبر جعله شبرا فالزائد نصف شبر قد أخطأ فيجب عليه أن ينزع الجبيرة ويعيد ربطها بمقدار شبر ونصف .

فإن قيل لو نزعها لأصابه ضرر كبير  ؟

فنقول له / يبقيها ويمسح مقدار شبر ونصف ، والنصف الزائد يتمم عنه .

بمعنى أنه إذا فرغ من الوضوء يضرب بيديه الأرض ويمسح وجهه وكفيه وهذا التيمم عن هذا النصف الشبر الزائد .

( مسألة )

 [ المسح على الجبيرة من باب الضرورة فلا يشترط أن تكون بعد طهارة ، ومثل الجبيرة دواء وضع على جرح ونحوه وخاف من نزعه فيمسح عليه كله و لا وقت محدد للجبيرة فمتى ما شفي وجب إزالتها  ]

( الشرح )

لا يشترط في الجبيرة أن توضع بعد طهارة ، وذلك لأنها تأتي مفاجأة ليست كالخفين .

ومثل الجبيرة / لو أن إنساناً وضع على جرح دواء ، كأن يوضع هذا الدواء على جرح في اليد فنقول عند غسله أزل هذا الدواء .

فإن قال : أتضرر  ، فيقال له تبقيه وتمسح عليه مسحاً

” والجبيرة لا وقت لها محدد “

لو ظلت في يد إنسان أو في قدمه شهراً أو شهرين فله أن يمسح لكن أن شفي فيجب أن ينزعها ولا يصح مع البرء والشفاء مسح .

( مسألة )

 [ لم تأتِ الشريعة بجواز المسح على المستور رخصة إلا في موضعين الرأس والقدم  ]

( الشرح )

الشريعة رخصت في المسح على العمامة وموضع العمامة كما هو معلوم ( الرأس ) .

وكذلك الشريعة رخصت في المسح على الخفين وموضع الخفين ( القدم )

أما ما عداها فلا يجوز المسح ، ولذا لو أن المرأة وضعت مناكير بعد ما توضأت فهل لها أن تمسح على هذه المناكير لأنها تمنع وصول الماء إلى البشرة هل لها أن تمسح ؟

الجواب /  لا ، لأن المسح في الشريعة جاء رخصة في موضعين اثنين لا ثالث لهما :

أولا : الرأس .

ثانيا : القدم .

( مسألة )

[ الجرح إن كان مكشوفاً وجب غسله فإن تعذر فيمسح فإن تعذر فيتيمم فإن كان مستورأً فالمسح فإن تعذر فالتيمم  ]

( الشرح )

الجرح لا يخلو /

” إما أن يكون مكشوفاً ، أو مستورا “

فإن كان مكشوفاً / كأن يكون في يد الإنسان جرح لم يغطه بشيء فإذا وصل إلى غسل يده يقال له / اغسل هذا الجرح مع يدك .

فإن قال : إن الغسل أتضرر به “

نقول له اغسل يدك ، وأما موضع الجرح تمسح عليه بالماء مسحاً خفيفاً .

 فإن قال إن المسح يضر بي “

فيقال له اغسل اليد ودع موضع الجرح ، فإذا فرغت من الوضوء تيمم لهذا الجرح .

هذا إذا كان الجرح مكشوفاً ، فيجب الغسل لهذا الجرح فإن خاف فليمسح فإن خاف فليتيمم .

أما إذا كان مستوراً بشاشٍ أو خرقة و نحو ذلك /

فلا يقال له اغسل هذا المستور إنما لك أمران :

نقول له / امسح على هذا الشاش مسحاً بالماء خفيفاً ، فإن قال أتتضرر فنقول له إذا فرغت من الوضوء تيمم.