( مختصر فقه العبادات ) [ 8 ] كتاب الطهارة ( باب الحيض – باب النفاس )

( مختصر فقه العبادات ) [ 8 ] كتاب الطهارة ( باب الحيض – باب النفاس )

مشاهدات: 536

مختصر فقه العبادات

[ 8 ]

كتاب الطهارة

( باب الحيض  )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين :

[ باب الحيض  ]

الحيض : كما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين :

( شيءٌ قد كتبه الله على بنات آدم )

خلقه الله عز وجل لغذاء الجنين ، ولذا الحامل في الغالب أنها لا تحيض ، لأن هذا الدم ينحبس فيتغذى به الجنين عن طريق السرة .

( مسألة )

 [ الحيض لا حد لأقله في السن ، ولا  لأكثره ، وكذا لا حد في عدد أيامه قلة أو كثرة ، ما لم يتجاوز أكثر الشهر فتكون مستحاضة ، أما من كانت عادتها مستقرة ولو كانت أكثر الشهر كمن عادتها عشرين يوماً فحيض  ]

( الشرح )

أحكام الحيض عَقدَهُا أي : (صعبها) بعض فقهاء الحنابلة ،  لكن أتى شيخ الإسلام رحمه الله فطرح ما لم يدل عليه الدليل / فأصبح هذا الباب من أيسر الأبواب ، لأن من قرأ في كتاب الحيض في كتب الفقهاء يصعب على طالب العلم فهمه فكيف بالنساء ؟

وعلى كل حال ما ذكر هنا هو القول الراجح .

أولاً  : : ” لا حد لأقله في السن ولا لأكثره  “

دم الحيض له صفات : ” أسود – ثخين يعني غليظ – كريه الرائحة  “

إذا وجد هذا الدم بهذه الصفات فهو دم حيض ، وإذا لم توجد فيه هذه الصفات فليس بدم حيض ولا يترتب عليه أحكام الحيض .

فلو أن البنت جاءها الحيض وهي بنت ست سنين فهو حيض ،  بنت سبع فهو حيض ، عمرها خمسون سنة أو ستون سنة ومعها هذا الدم المعروف بهذه الصفات فهو دم حيض ، لأن الله عز وجل قال  :

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى }البقرة222

ولم يقيد بسن معين .

وكذلك ” لا حد في عدد أيامه قلة أو كثرة “

فلو أن المرأة رأت هذا الدم المعروف بهذه الصفات في يوم فهو دم حيض  ، يمكن المرأة ما يأتيها في الشهر هذا الدم إلا يوماً ثم تطهر فهذا دم حيض ، يأتيها في يومين دم حيض ، يأتيها في عشرة أيام دم حيض  ، عادتها خمسة عشر يوماً حيض .

لكن إذا كان ستة عشر أو سبعة عشر أو عشرين أو خمسة وعشرين ” فليس بدم حيض لأنه تجاوز أكثر الشهر ”

إلا في حالة واحدة : ” إذا كانت المرأة تكون عادتها مستقرة ” بعض النساء قد تكون عادتها عشرين يوماً ما تختلف فعادتها عشرون يوماً ، بعض النساء عادتها سبعة عشر يوماً مستقرة في كل شهر فعادتها سبعة عشر يوماً ، لكن إن اختلفت العادة مرة ومرة قد تجاوز أكثر الشهر فليس بحيض وإنما يكون استحاضة وحكم المستحاضة سيأتي – إن شاء الله جل وعلا  .

( مسألة )

[ متى ما وُجِدَ الدم الذي هو أذى بصفاته المعروفة السواد والغلظة والنتانة وعدم التجمد فهو حيض  ]

( الشرح  )

هو لا يتجمد عند الأطباء لأنه تجمد في الرحم فهذه هي صفاته .

( مسألة )

 [ الأصل في الحامل أنها لا تحيض ، لكن لو جاءها الدم في وقته كما كان يأتيها قبل الحمل دون زيادة أو نقصان فهو حيض ]

( الشرح )

 الحامل في الغالب لا تحيض وذلك لأن هذا الدم ينحبس فيتغذى منه الجنين ، لكن قد تحيض بشرط  : وهو أن يأتيها الدم بهذه الصفات المعروفة ، وهو نفس الدم الذي كان يأتيها قبل الحمل ، وفي نفس اليوم ، ونفس العدد ، فإذا كانت قبل الحمل تحيض سبعة أيام في اليوم الأول من الشهر فجاءها نفسه بعد ما حملت في اليوم الأول وسبعة أيام ، فيعد دم حيض .

وأما إذا اضطرب  – هذا حتى لو كان بصفات دم الحيض – فلا يعد حيضاً لأن الأصل في الحامل أنها لا تحيض .

( مسألة )

[ من أتاها الحيض أول أمرها فلا تتقيد بعدد ، فإن طال فهو دم حيض ما لم يتجاوز أكثر الشهر ، فنقول لها في الشهر القادم اعملي بالتمييز ، فإن لم يكن لها تمييز ، أو لها تمييز غير منضبط فتجلس غالب حيض نساء أهلها  ]

( الشرح )

هذه المرأة  التي هي البنت أول مرة يأتيها الحيض – هذه المبتدئة  – أول مرة يأتيها الحيض ، فنقول لها إذا كان هذا الحيض بصفاته المعروفة فهو دم حيض ، لكن إن تجاوز أكثر الشهر ، استمر معها الدم فتجاوز أكثر الشهر ، فنقول أنت مستحاضة .

فلو قالت : ماذا أعمل في الشهر القادم ؟

نقول الأيام التي يأتي فيها الدم وهو أسود ثخين فهي أيام حيض ، فإذا زالت هذه الصفات منه اغتسلي وصلي ، وأما الدم الأحمر فهو دم استحاضة .

إن قالت لا أستطيع أن أميز الدم مضطرب ، ربما ساعة يأتي أسود وساعة يأتي أحمر ؟

فنقول اجلسي غالب حيض نسائك .

بمعنى /  نقول لها أخواتك ، أمهاتك الأكثر منهن كم يحضن ؟

فإن قالت : الغالب فيهن أنهن يحضن عشرة أيام والقلة منهن ، أي بعضهن يحضن خمسة أيام وبعضهن سبعة أيام  .

فنقول : ما هو الأكثر هل هي الخمسة أو السبعة أو العشرة ؟

قالت العشرة ، نقول إذن أنتي عادتك عشرة أيام .

إذاً المبتدئة نقول لها / إن الدم المعروف بهذه الصفات هو دم حيض ، فإن تجاوز  أكثر الشهر فنقول لها اعملي بالتمييز ، ما كان في الأيام يأتيك الدم بصفاته الاسوداد والنتانة ، فهو دم حيض ، وأما الأحمر فهو استحاضة  .

إن قالت : لا أستطيع أن أميز  ؟

فنقول انظري إلى غلب عادة نسائك.

( مسألة )

[ من زادت عادتها أو نقصت أو تقدمت عن وقتها أو تأخرت فيعتبر حيضاً لأنه أذى  ]

( الشرح )

ربما تكون عادة المرأة عشرة أيام ، وفي أحد الشهور نقصت أصبحت سبعة “

فنقول : عادتك سبعة أيام .

نحن مع هذا الدم المعروف بهذه الصفات ،  هنا نقصت عادتها فعادتها عشرة أيام ثم أصبحت سبعة أيام وفي أحد الشهور أصبحت عادتها ثلاثة عشر يوماً .

فنقول : عادتك ثلاثة عشر يوماً .

فنحن مع هذا الدم ، إلا إذا تجاوز أكثر الشهر فيكون دم استحاضة ، فإذا كان دم استحاضة نقول لها ما سيأتي إن شاء الله تعالى .

لو أن المرأة تأتيها العادة في اليوم السابع من كل شهر ، الشهر القادم أتاها الدم في اليوم الثاني ، نحن مع الدم فنقول عادتك من اليوم الثاني ، لو أن عادتها في اليوم السابع فلما جاء  الشهر القادم أصبحت عادتها في اليوم العشرين فعادتها في اليوم العشرين

( مسألة )

[ من لها عادة مستقرة ثم تغيرت عادتها واضطربت فنقول هو حيض ما لم يتجاوز أكثر الشهر فإن تجاوز قلنا في الشهر القادم اجلسي عادتك المعروفة فإن نسيت عادتها تعمل بالتمييز فإن لم يكن لها تمييز أولها تمييز غير منضبط فغالب حيض نساء أهلها  ]

( الشرح )

المبتدئة قلنا إنها تعتبر هذا الدم حيضا ، ما لم يتجاوز أكثر الشهر ، فإن تجاوز فنقول لها اعملي بالتمييز ، فإن لم يكن لها تمييز أو كان لها تمييز غير منضبط ، فغالب حيض نسائها .

عندنا الآن ليست مبتدئة هذه امرأة معتادة .

مثلاً  / امرأة عادتها سبعة أيام فزاد معها الدم ماذا نقول؟

نقول : دم حيض فإن تجاوز أكثر الشهر فنقول أنت مستحاضة ، نقول لها في الشهر القادم اجلسي عادتك –  لست مبتدئة – المبتدئة ليس لها عادة حتى نرجعها إليها ،  أنت الآن معتادة كم عادتك ؟

قالت : سبعة أيام و أنا في اليوم الثالث .

فنقول : إذا جاء الشهر القادم في اليوم الثالث ، لأن هذا الدم مستمر معها ، إذا جاء اليوم الثالث من الشهر اجلسي سبعة أيام ثم اغتسلي و لو كان معك هذا الدم المعروف .

فإن قالت : نسيت عادتي ما أدري .

نقول : اعملي بالتمييز

فإن قالت : ليس لي تمييز أو التمييز عندي غير منضبط ؟

فنقول ” عليك بغالب حيض نسائك .

أعيد مع ذكر وجه المقارنة بين المبتدئة والمعتادة .

المبتدئة في الأصل ليس لها عادة لأن الحيض أتاها أول مرة فنقول إذا تجاوز أكثر الشهر أنت مستحاضة .

فماذا تصنع ؟

تعمل بالتميز ، فإن لم يكن لها تميز ـ أو كان تميزها غير منضبط  – ساعة وساعة – فنقول غالب حيض نسائك .

أما المعتادة / إذا زادت عادتها كأن تكون عادتها سبعة أيام فزادت فنقول هو حيض .

فإن تجاوز أكثر الشهر هل نقول لها بالتميز أو عادتك الأولى ؟

عادتك الأولى ، فإن قالت نسيت عادتي فنعمل معها مثل ما عملنا بالمبتدئة .

الأصل أن المعتادة :” نعيدها إلى عادتها ولا نجعلها مثل المبتدئة إلا في حالة واحدة “

إذا نسيت عادتها ، فنقول افعلي مثل ما تفعل المبتدئة :

” التمييز فإن لم يكن تمييز أو التمييز غير منضبط فغالب حيض نسائك “

( مسألة )

[ الكدرة والصفرة في زمن الحيض حيض أما قبله أو بعده فلا ]

( الشرح )

الكدرة : سائل يأتي المرأة فيه لون يشبه اللون البني .

والصفرة : سائل يأتي المرأة فيه اصفرار .

فهذه لا تعد حيضا إلا إذا كانت في أيام الحيض فلو أن المرأة طهرت من حيضها ثم أتتها الكدرة والصفرة ، فهذه الكدرة والصفرة لا تعد شياً ولا يترتب عليها حكم.

( مسألة )

[ جفاف المرأة نصف يوم أو يوم لا يعد طهراً على الصحيح ]

( الشرح )

بعض النساء قد ينقطع عنها الدم في أيام حيضها ساعات أو نصف يوم أو يوم فهذا الانقطاع لا يجعلها طاهرة على الصحيح ، لأن هذا يأتي غالباً للنساء فنصف اليوم أو اليوم لا يُعد طهرا .

( مسألة )

[ الحائض و النفساء تقضيان الصوم لا الصلاة ولا يصحان منها بل يحرمان  ]

( الشرح )

الحائض و النفساء بعد الطهر يقضيان الصوم لا الصلاة ، لقول عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين :

( لما سُئلت  :  ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ 

قالت كان ذلك يصيبنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) .

( مسألة )

[ يحرم وطأها في الفرج فإن فعل وهو ذاكرٌ عالمٌ مختار  ، أثم و لزمته كفارة دينار أو نصف دينار ،  والمرأة مثله إن طاوعته ، والمراد بالعلم هنا هو العلم بالحكم لا بما يترتب عليه ]

( الشرح )

الحائض يحرم وطأها في الفرج ، لقوله عليه الصلاة والسلام كما عند مسلـــــــــــم :

(  اصنعوا كل شيء إلا النكاح  ) .

يعني إلا الجماع ، فله أن يقبلها وأن يباشرها لكن من غير الجماع ، فإن فعل فهو آثم ، هذا إذا كان عالما ذاكرا مختار ، أما إذا كان جاهلاً فلا شيء عليه .

أو كان عالماً ” لكنه نسي لغلبة الشهوة فلا شيء  عليه .

أو مكرهاً ”  هو عالم وذاكر أنه حرام،  لكن قالت له زوجته إن لم تجامع قتلتك فلا شيء عليه  ، فإن فعل عالماً ذاكراً مختارا فقد أثم وتلزمه الكفارة على القول الصحيح ، خلافا لمن أسقطها لأن الحديث الوارد في سنن أبي داود حديث صحيح قال عليه الصلاة والسلام :

( فليتصدق بدينار أو نصف دينار )

وهو مخير والدينار من الذهب ووزنه :

[  أربعة جرامات وربع  ]

أو هو ما يساوي :

 ” نصف جنيه من الذهب السعودي  ”

والمرأة مثله في الحكم / إن طاوعته لكن إن أكرهها لا شيء عليها .

أو كانت جاهلة لا شيء عليها ، أو كانت ناسية لا  شيء  عليها .

والكفارة تلزم من علم الحكم حتى لو جهل حكم الكفارة ، لأنه قد يقول أنا أعلم أن الوطء في فرج الحائض حرام لكن لو أنني أعلم بالكفارة ما أقدمت .

فنقول : علمك بالحكم كافٍ بإلزامك بالكفارة حتى و لو كنت جاهلاً بالكفارة .

لذا لو أن المتزوج الثيب زنا فحده الرجم ،

لو قال : لو كنت أعلم بأن الحد هو الرجم ما أقدمت .

فنقول له : أنت تعلم أن الزنا حرام  ؟

يقول : نعم لكني أجهل ما يترتب عليه ؟

نقول علمك بالحكم كافي في إقامة الحد عليك وعلى هذا فقس .

 ( مسألة )

[ إن انقطع الدم لم يبح شيء إلا الصيام والطلاق ولو طلقها في الحيض  ، وأما بقية الأمور فلابد من الغسل  ]

( الشرح )

إذا انقطع دم الحائض فلا يجوز شيء  ، فلا يجوز جماعها حتى تغتسل لكن هناك أشياء يجوز أن تفعل قبل أن تغتسل لكن متى ؟

إذا أنقطع الدم فإذا انقطع الدم ولم تغتسل فيجوز أمران فقط .

الأمر الأول : ” الصيام  ” فلو أنها طهرت قبل أذان الفجر بثواني نقول لها انوي الصيام و لو كان الغسل بعد الأذان .

الأمر الثاني : ” الطلاق ” فطلاق الحائض حرام يحرم على الزوج أن يطلق امرأته وهي حائض ، لكن لو أنها كانت حائضاً ثم انقطع الدم وبقي الغسل فيجوز أن يطلقها فإذا انقطع الدم يجوز الطلاق حتى لو لم تغتسل .

( مسألة )

[ سبق معنا أن من حدثه مستمر لا يصح وضوءه إلا إذا دخل الوقت فيصلي فرضه وما شاء من النوافل إلى وقت الصلاة القادمة ، وينظف المحل ، ويتحفظ  فإن غلبته النجاسة وقطرت لم تبطل الطهارة لكن إن قصر في الشد وجب إعادة الشد وغسل المحل من جديد إلا إذا كان يتأذى من الشد أولا يمكن عصبه كالبواسير ]

( الشرح )

المستحاضة ومن به سلس بول ، ومن استمر معها الكدرة والصفرة في غير زمن الحيض ومن به سلس ريح  .

قلنا : إنه يصح وضوؤه إذا دخل الوقت ، فإذا دخل الوقت فيتوضأ ويصلي فرضه . فإن كانت عليه فائتة هل يصليها بهذا الوضوء ؟

اختلف العلماء ، والصحيح أنه يصلي فرضه وما شاء من النوافل .

وهؤلاء المبتلون يعصبون المخرج يغسلونه ويعصبونه ، ويغني عنه التحفظ في هذا العصر فإذا اجتهد ثم قطر أو نزلت النجاسة فلا يلزم بإعادة الشد والتحفظ والغسل مرة أخرى.

لكن إن كان مفرطاً ، فيلزم إلا إذا كان الدم مثلاً يحرقها لو تحفظت فلا تلزم بذلك ، أولا يمكن عصبه ” كالبواسير ” فكذلك لا يلزم صاحبه بذلك دفعا للمشقة والضرر.

( مسألة )

[ من يلحقه السلس قائما أو تمتنع قراءته قائما فيصلي قاعداً بخلاف الركوع والسجود فلا يكفيه الإيماء  ]

( الشرح )

هذه مسألة ذكرها الفقهاء :

إنسان إن صلى قائما أصابه السلس ، وإن صلى قاعداً لم يصبه السلس قالوا يصلي قاعداً .

إنسان إن قام لم يستطيع أن يقرأ الفاتحة وإن جلس استطاع قالوا يصلي قاعداً .

إنسان إن ركع أو سجد لحقه السلس ، لكن إن أومأ برأسه للركوع والسجود لم يلحقه السلس فقالوا لابد من الركوع والسجود ، أما الإيماء فلا يغني فيستثنون الركوع والسجود .

( مسألة )

[ قال ابن قدامه رحمه الله : إذا توضأ من حدثه مستمر قبل الوقت وخرج منه شيء بطلت طهارته ]

( الشرح )

من به هذه الأعذار ” سلس بول أو استحاضة  ”  قلنا : إن وضوءه إذا دخل وقت الصلاة .

لكن لو أنه توضأ قبل دخول وقت الصلاة ولم ينزل معه شيء ؟

فنقول : إن بقي ولم ينزل معه شيء حتى دخل وقت الصلاة فطهارته صحيحة ، وإن نزل معه شيء قبل أن يدخل الوقت فطهارته باطلة .

ودليل هذه المسألة : قوله عليه الصلاة والسلام في المستحاضة : ( توضئي لكل صلاة حتى يجيء الوقت الآخر )

( مسألة )

[ من حدثه مستمر وقد دخل في الصلاة عقيب طهارته أو تأخر بالدخول في الصلاة لأمر يتعلق بمصلحة الصلاة كانتظار جماعة فقولان والأقرب صحة الصلاة ]  

( الشرح )

إنسان مبتلى بهذه الأعذار ، فيقال له وخصوصا المستحاضة لتصل مباشرة .

لكن لو أنها أخرت من غير مصلحة للصلاة فنزل معها هذا العذر فطهارتها باطلة .

لكن إن أخر من به عذر لمصلحة الصلاة كانتظار جماعة ، ونزل معه هذا العذر فلا شيء عليه وطهارته صحيحة.

مثاله / إنسان به سلس بول ، فنقول له توضأ إذا دخل الوقت ، والواجب عليه أن يصلي إذا كان منفرداً ،  لكن إذا كان ينتظر الجماعة وتأخر عن الدخول في الصلاة لانتظار الجماعة وانتظار الجماعة لمصلحة الصلاة فطهارته باقية وصحيحة .

( مسألة )

[ إذا توضأ وانقطع الحدث لبرء بطلت الطهارة أما ان كان يتقطع فلا تبطل على الصحيح ،  إذاً طهارتهم باقية ما لم يحصل شفاء أو يخرج وقت الصلاة أو يحدث حدثا سوى الحدث المستمر ]

( الشرح )

من به عذر ، قلنا ” إنه يتوضأ إذا دخل وقت الصلاة وتكون طهارته صحيحة ولا تبطل هذه الطهارة إلا بواحد من ثلاثة أشياء ” وهي :

أولا : ” إذا خرج وقت الصلاة “

فمثلا / توضأ لصلاة الظهر ، فإذا خرج وقت صلاة الظهر ودخل وقت صلاة العصر بطلت طهارته ويلزمه وضوءً آخر في وقت صلاة العصر فإذا خرج الوقت تبطل الطهارة .

ثانيا:   إذا شفاه الله عز وجل قبل أن يخرج الوقت ” فهنا تبطل طهارته .

ثالثا : ” لو كان العذر الذي به سلس بول وهو مستمر معه فخرج منه ريح هذا الريح حدث غير حدث سلس البول ” فتبطل طهارته  .

إذاً / نقول إن طهارته إذا توضأ عند دخول الوقت صحيحة ولا تبطل إلا بواحد من ثلاثة أشياء :

إذا خرج وقت الصلاة ،  أو شفاه الله قبل خروج وقت الصلاة ، أو أحدث حدثا آخر سوى الحدث المستمر معه .

لو قال قائل  : لو كان الدم أو كان هذا العذر يتقطع ساعة ينقطع وساعة يأتي فماذا نقول في طهارته؟

الجواب : قولان لأهل العلم .

والصحيح / أن طهارته باقية ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أرشد المستحاضة لم يسألها هل كان يتقطع أحيانا أولا يتقطع . وفي هذا مشقة لو قيل إن انقطع الدم يلزمك أن تتوضئي مرة أخرى لحصلت مشقة كبيرة 

( مسألة )

[ المستحاضة يجوز على الصحيح من غير كراهة أن يجامعها زوجها ]

( الشرح)

المستحاضة في عداد الطاهرات

والمستحاضة : هي التي تجاوز دم حيضها أكثر الشهر ، فهذه معها الدم هل يجوز لزوجها أن يجامعها ؟

القول الراجح / أنه يجوز لأنها في عداد الطاهرات ، والمستحاضات في عصر النبي عليه الصلاة والسلام ” أوصلهن البعض إلى عشر نسوة”

والبعض إلى : ” سبع عشرة امرأة “

ولم يأمر عليه الصلاة والسلام : ” أزواجهن أن يعتزلوا نسائهن “

فهي تختلف عن الحائض ، فالحائض وطأها في الفرج حرام ، أما المستحاضة فالصحيح الجواز.

( مسألة )

 [ الأقرب أن رطوبة فرج المرأة طاهرة أما النقض تنقض لأنه خرج من السبيلين  ]

( الشرح )

المرأة يخرج من فرجها رطوبة هذه الرطوبة الصحيح ” أنها طاهرة ”

لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجامعون زوجاتهم وما كانوا يتحرزون من هذه الرطوبة لكن هل تنتقض بها الطهارة ؟ يعني المرأة إذا كانت متوضئة وخرجت منها هذه الرطوبة هل ينتقض وضوءها لأنها رطوبة خرجت من السبيلين ؟

هناك خلاف بين العلماء ، والأحوط :

” أنها تنقض الطهارة “

إلا إن ثبت عن طريق الطب أن هذه الرطوبة من المسلمات الاعتيادية التي تجري على النساء ولا يمكن لأي امرأة أن تخلو من هذه الرطوبة فهنا نقول إنها لا تنقض الطهارة ،وذلك إذا ثبت هذا عن طريق الطب أو عن طريق التتبع والدليل، إن ثبت هذا :

( أن الصحابيات يحصلن لهن مثل هذا و هو كثير ولم يأمرهن عليه الصلاة والسلام بأن يتطهرن )

ومعلوم أنهن يصلين وأنهن يطفن بالبيت وأنهن يقرأن القرآن أشياء كثيرة ، لكن بما انه لم يحصل بحث في هذا فهي ناقضة للوضوء إلا إن ثبت ما ذكرناه .

[ باب النفاس ] 

النفاس مثل الحيض وأحكامه كالحيض ، إلا في أشياء استثنيت ، لكن هو مثل الحيض في غالب أحكامه.

( مسألة )

 [ لا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق الإنسان وإلا يكون دم فساد تعتبر في عداد الطاهرات ]

( الشرح )

في الدروس الماضية قلنا إنها إن وضعت ما لم يتبين فيه خلق الإنسان مثل رجل أو رأس فإنه لا غُسل عليها وذلك لأنه ليس بنفاس .

فكذلك هنا / المرأة إذا وضعت ما لم يتبين فيه خلق الإنسان من رأس أو رجل أو يد فهذا الدم النازل معها لا تغتسل له وتصلي وتصوم لأنها ليست نفساء .

لكن يلزمها عند الصلاة أن تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة، تنظف المحل وتغسله وتتحفض .

وفي الغالب أنه إذا مر على الجنين تسعون يوماً تبين فيه خلق الإنسان .

وما دون واحد وثمانين فليس بنفاس لأنه لا يتبين فيه خلق الإنسان .

( مسألة )

 [ أكثر مدة نفاس أربعون يوما ، فإن انقطع الدم قبله فهي طاهرة ، وما فعلته صحيح ، وإن عاد الدم في الأربعين بعد هذا الطهر بنفس صفات دم النفاس فهو نفاس وإلا فلا، أما أن استمر معها أكثر من أربعين يوما فهو دم فساد إلا إذا وافق هذا الدم عادتها قبل الحمل ]

( الشرح )

مدة النفاس : ” أربعون يوما ” على الصحيح ، لما عند أبي داود عن أم سلمة رضي الله عنها :

( كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعين يوما )

فإذا انتهت الأربعون وقد انقطع الدم مع الأربعين فهي طاهرة

وإن استمر الدم بعد الأربعين فليس بنفاس إلا إذا كان انتهاء نفاسها هو وقت عادتها في الحيض قبل الحمل

مثال ذلك/  كانت تحيض قبل الحمل في اليوم الثالث من الشهر ، فحملت فوضعت فلما جاء يوم الأربعين إذا به يوافق اليوم الثالث الشهر “

نقول / هذا الدم دم حيض لكن إن لم يوافق دم عادتها فهو استحاضة .

إن انقطع الدم قبل الأربعين فلتغتسل وتصلي وهي طاهرة وصلاتها وصيامها صحيحان .

فلو طهرت في العشرين فصامت وصلت عشرة أيام ثم بعد العشرة جاء الدم فنقول إن كان بنفس الدم السابق فهو دم نفاس .

لو قالت ما حال صلاتي وصيامي في العشرة الماضية ؟

نقول / هي صحيحة ، لكن إن كان الدم بعد هذه العشرة ليس بنفس الصفات السابقة؟

فهو دم فساد يأخذ حكم الاستحاضة.

فنقول إن مدة النفاس إلى أربعين يوما ، فإن انقطع مع الأربعين فقد طهرت .وإن استمر فينظر إن كان هذا الدم وافق وقت عادتها قبل حملها فهو دم حيض وإلا فهو دم فساد يعني استحاضة .

وإن انقطع قبل الأربعين فتعد طاهرة وتصلي وتصوم ، فإن عاد الدم بنفس الصفات السابقة فهودم نفاس وما صامته وما فعلته من عبادات فهي صحيحة لكن إن كان هذا الدم غير الدم السابق فهو دم فساد.

( مسألة )

[ النفساء كالحائض فيما سبق ]

( الشرح )

مثل ما سبق/  يحرم وطء الحائض إذاً يحرم وطء النفساء

تجب الكفارة في وطء الحائض إذاً تجب الكفارة في وطء النفساء .

يجوز أن يباشرها في غير الفرج التي هي الحائض فكذلك النفساء .

فما يحل ومت يحرم وما يجب في الحائض يكون في النفساء.

( مسألة )  

[ الراجح أنها أن طهرت فلا يلزمها إلا قضاء صلاة الوقت كالعصر مثلا وتلزم بالظهر أما أن دخل عليها الوقت وهي طاهرة ثم حاضت فبعد الحيض تقضي هذه الصلاة على الأحوط  ]

( الشرح )

امرأة كانت حائضاً فطهرت مثلا في وقت العصر فنقول لها صلي صلاة العصر  .

وهل نلزمها بصلاة الظهر لأن صلاة الظهر تجمع مع العصر أم لا؟

الصحيح / أنها لا تلزم ، خلافا لمن قال تصلي الظهر ثم العصر ، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين:

(  من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة  ) .

وهي لم تدرك إلا صلاة العصر ، أما صلاة الظهر فقد أتى عليها وهي حائض فإذاً إذا طهرت الحائض في وقت صلاة العصر لا يلزمها إلا صلاة العصر .

لو طهرت في وقت صلاة العشاء تلزمها صلاة العشاء ولا تلزمها صلاة المغرب .

امرأة كانت طاهرة في وقت صلاة الظهر فصلت الظهر ثم لما دخل وقت صلاة العصر بثوان نزل معها الدم فإذا طهرت لا تلزمها صلاة العصر ، وذلك لأن الوقت لا تتمكن فيه من صلاة ركعة .

لكن لو أن وقت صلاة العصر دخل عليها وجلست مدة وبعد هذه المدة التي يمكن أن تصلي فيها مقدار ركعة نزل معها الدم نقول إذا طهرتي تصلين صلاة العصر.

فمتى ما أدركت من الوقت مقدار ما تصلي فيه ركعة ، فإذا طهرت تصليها .

أما إذا أدركت أقل فلا تصليها وهذا هو الأحوط.

مع أن شيخ الإسلام رحمه الله يقول :

لا يلزمها شيء   ، إلا إذا فرطت وبقي على خروج وقت صلاة العصر مقدار ما تؤدى فيه الصلاة.

وعلى كل حال إن أدركت من الوقت مقدار ما تصلي فيه ركعة فإذا طهرت تصلي وإن أدركت اقل فلا تصلي .