( فقه المعاملات )
( 19 )
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب البيوع )
( 19 )
(أحكام الطريق – باب الشفعة )
مسألة :
الطريق حق للمسلمين ، فلا يجوز إلقاء الأذى فيه .
الشرح :
فلا يجوز إلقاء الأذى فيه ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ” الإيمان بضع وسبعون شعبه أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ” ، فلا يجوز لشخص أن يؤذي المسلين في طرقاتهم فلا يجوز له أن يوقف سيارته في الطريق الذي يمر الناس به ، أو أن يقف هو وصاحبه في الطريق يتحدثان ، أو أن يضع مخلفات بنائه في الطريق .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
قال شيخ الإسلام رحمه الله ” لا يجوز له أن يجصص بيته من الخارج إلا بقدر ما يدخل من بيته نظير هذا التجصيص ” .
الشرح :
أي الجص مثل ما يحصل الآن من الرخام الخارجي فيقول شيخ الإسلام رحمه الله عليه يقول : لا يجوز له أن يأخذ من الطريق ، عليه أن يأخذ من أرضه بمقدار ما يضعه من رخام .
! ! ! ! ! ! !
) باب أحكام الشفعة (أمالأن
مسألة :
هي موجودة في الجاهلية ، وشرعت لدفع الضرر الآتي من الخارج ، ولا تكون إلا بعوض مالي ، فتخرج الهبة ، فإن انتقلت بعوض غير مالي في الصداق فلا شفعة .
الشرح :
ماهي الشفعة ؟
صورتها بالمثال : أن تكون شريكاً مع شخص في أرض لك نصفها وله النصف الآخر فباع نصيبه ،
فيجوز لك أن تأخذ هذا النصيب الذي باعه شريكك أن تأخذه من المشتري بمثل الثمن ، لأن هذا الداخل وجوده عليك ضرر ،فأجاز الشرع أن تنتزع حصة شريكك بمثل الثمن ، لكن لابد أن يكون بعوض مالي فإن لم تكن بعوض مثل أن يهب شريكك نصيبه لشخص فلا شفعة لِمَ ؟
لأنها ليست عوضاً ،
كذلك لو أنه تصدق فيها بعوض غير مالي كأن يجعل نصيبه صداقاً لامرأة سيتزوج بها انتقلت حصة شريكك بعوض لكنه عوض ليس عن مال وإنما عن نكاح ،
فلا يحق لك في هذه الحال الشفعة وهي موجودة في الجاهلية فكان الشريك إذا أراد أن يبيع حصته قبل أن يبيعها بعرضها على شريكه .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
لو باع نصيبه بعوض غير مثلي كثياب فيعطيه قيمتها .
الشرح :
فلو أنه باع نصيبه على شخص بعوض غير مثلي ـ قلنا المثلي عند الحنابلة المكيل والموزون والدراهم ، وأما ما عداهم فهو مقوم ـ
لو باع نصيبه بأكياس من الثياب، فأراد هذا الشريك أن ينتزع الحصة ، هل يعطي هذا المشتري ثياباً ، أم أنه يعطيه قيمة الثياب ؟ يعطيه قيمة الثياب ، لكن لو كانت الثياب مثلاً بأصواع من التمر ، فإنه يعطيه أصواعاً من التمر لأنها مثلية .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
لا شفعة في مدة الخيار .
الشرح :
لو أن شريكك باع نصيبه على شخص وبينه وبين هذا الشخص الذي هو المشتري خيار ، فهل يحق لك أن تنتزع حصة شريكك ؟ لا ، لأنه ربما لا يتم البيع .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
الشفعة تكون بمثل الثمن ، ونرجع إلى القيمة إذا تعذر معرفة الثمن .
الشرح :
الشفعة تكون بمثل الثمن ، فإن باعها شريكك بأجل فأنت كذلك تأخذها بالأجل ، لو باعها مثلاً بعشرة آلاف مؤجلة إلى سنة ، فكذلك تنتزعها من المشتري بمثل الثمن في نفس الوقت والمدة ، وإذا تعذر معرفة ثمن المثل كأن ينسى مثلاً فإنا نرجع إلى القيمة .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
الشفعة لا تكون إلا في الأرض والعقار .
الشرح :
لأن الضرر يحصل فيهما .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
يحرم البيع دون علم الشريك .
الشرح :
الواجب على الشريك أن يخبر شريكه بأنه سيبيع .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
إن أذن الشفيع بالبيع بطلت الشفعة على ما رجحه ابن القيم رحمه الله .
الشرح :
هذه المسألة خلافية فيرجح ابن القيم رحمه الله أن الشريك إذا قال لشريكه سأبيع فتشتري أم تأذن لي بالبيع ؟ قال : أأذن لك بالبيع فباع ، فهل له أن يأخذ فيما لو ندم أن يأخذ حصته شريكه من المشتري مع أنه أذن لشريكه في البيع قولان والصحيح كما رجحه ابن القيم رحمه الله أنه أسقط حقه بالإذن .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
يحرم التحايل لإسقاطها .
الشرح :
فلو أن الشريك قال : يا فلان أبيعها عليك لكن لنجعل صورة العقد صورة هبه حتى لا يتمكن الشفيع من أخذها فالتحايل لا يزيد المحرم إلا حرمة .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
إن بقي مرافق مشتركة ، فلا تسقط حتى تميز الحدود وتعرف الطرق .
الشرح :
النبي عليه الصلاة والسلام قضى بالشفعة في ما لم يقسم قال : ( فإذا صرفت الطرق وعرفت الحدود فلا شفعة ) ، لكن لو أنهم اقتسموا هذه الأرض ، لكن بقيت بعض المرافق المشتركة من مجرى نهر أو بئر فإن الشفعة مازالت باقية ، لكن لو أنها انفصلت كلها انفصالاً كاملاً ولم يبقى بينهما مرافق مشتركة فباع الشريك نصيبه فلا شفعة .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
إن علم الشفيع بالبيع فتأخر بلا عذر سقطت وإلا فلا ، ولو مضت سنون .
الشرح :
إن علم الشفيع بالبيع فتأخر في طلبها بلا عذر بطلت الشفعة فلو قيل له يا فلان إن شريكك قد باع حصته فإن تأخر من غير عذر فلا شفعة له ، وأما إن كان تأخره بعذر كأن يكون مسافراً ولا ويستطيع الإتيان فإنه يبقى على شفعته ، وله أن يأخذ حصة شريكه من المشتري
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
ولي اليتيم يقوم مقامه .
الشرح :
ولي اليتيم يقوم مقامه ، فلو كان اليتيم ورث أرضاً وهذه الأرض فيها شراكه مع شخص وباع هذا الشريك حصته ، فإن ولي اليتيم ينتزع حصة شريك يتيمه .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
إن أخبره عدلٌ ، وتأخر بطلبها سقطت .
الشرح :
كذلك إن أخبره عدلٌ بأن شريكه قد باع فتأخر في طلبها فلا شفعة له .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
لا يصح الصلح على إسقاطها ،
ومن ثم:
تسقط .
الشرح :
فلو قال المشتري : يا فلان نريد أن نتصالح فلا تطلب حصة شريكك ، أعطيك بدل الشفعة مبلغاً من المال ، لأن الصلح إنما يكون على مال والشفعة مثل الخيار لو تصالح على الخيار بطل الخيار ، لأن الخيار شُرع لدفع الضرر والشفعة هنا شرعت لدفع الضرر فإذا تصالح على إسقاطها سقطت ولا يصح الصلح .
! ! ! ! ! ! !
مسألة
تثبت الشفعة للشركاء على قدر ملكهم .
الشرح :
فلو أن هناك ثلاثة قد اشتركوا في أرض لكل منهم الثلث فباع أحدهم حصته على شخص بقي شريكان لكل منهما الثلث ، فإنهما ينتزعان حصة شريكهما من المشتري بقدر مالهما ، فيكون لكل واحدٍ منهما النصف .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
تعدد المشتري لا يضر ، وله أن يكتفي بأخذ نصيب أحدهما .
الشرح :
فلو أن شريكه باع نصيبه على شخص وذلك الشخص باعه على شخص آخر وذلك الشخص باعه على شخص آخر ، فهنا تعدد المشتري فللشفيع أن يأخذ هذه الحصة من أحد هؤلاء .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
ما نقص من المبيع يسقط ثمنه عن الشفيع .
الشرح :
فلو أن هذه الحصة التي باعها شريكه على المشتري نقصت بعيب ، فإن هذا الشفيع لا يلزم بدفع كل الثمن ، وإنما يدفع الثمن وينتقص منه بقدر ما حصل فيها من نقص .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
تصرف المشتري في الشقص لا يسقطها إلا في الوقف ، وإن أجره فله أن يفسخ الإجارة ، وإن باعه فله أخذه بأحد البيعين .
الشرح :
الشقص يعني النصيب أو الحصة التي باعها الشريك ، فتصرف المشتري في الشقص لا يسقطها خلافاً لمن قال : إن المشتري إذا تصرف فيها بهبة أو بيع أو وصية أو وقف فإنه لاحق للشفيع بالشفعة ،
ولكن القول الراجح وهو رأي شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا حق للشفيع فلا يسقط ، فلو أنه أوصى بها أو وهبها أو أعطاها لشخص ، أو أن المشتري لما اشتراها وهبها أو أوصى بها لشخص فإنها لا تسقط الشفعة ،
إلا في حالة واحدة
وهذه الحالة:
لو أن المشتري لما اشترى نصيب شريك الشفيع أوقفها فقال : هذه وقف وهي المعروفة عندنا بالتسبيل ففي هذه الحالة ليس له شفعة لأن الوقف لازم كما سيأتي معنا ،
ولو أن المشتري أجر نصيب شريك الشفيع لما اشترى نصيبه أجره ، فللشفيع أن يفسخ الإجارة ، ولو أن المشتري اشتراها بمائة ألف ثم باعها بخمسين ألف فللشفيع أن يأخذ نصيب شريكه بثمن إحدى البيعتين .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
النماء المنفصل للمشتري والأصل للشفيع ، وإن غرس فيها غراس فتقدر به وبدونه ،ويأخذ المشتري الفرق بين القيمتين .
الشرح :
النماء المنفصل للمشتري والأصل للشفيع ، وذلك كأن يبيعه الأرض وتثمر ثماراً فإن هذه الثمار تكون للمشتري ، سبق معنا أن المشتري من حين العقد يكون مالكاً للسلعة وله في مدة الخيار له الغنم وعليه الغرم ، فالنماء المنفصل للمشتري
وأماالأصل فهو للشفيع وإن كان المشتري غرس فيها غراساً أي غرس في الأرض غراساً ، هو اشتراها وليس بها زرع ، اشتراها من شريك الشفيع وليس فيها زرع ثم زرعها فأراد أن يأخذها الشفيع ، فيقال تقدر الأرض كما تساوي بدون الزرع وكم تساوي بالزرع والفرق يدفعه إلى المشتري .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
الأرجح أن الشفعة لا تبطل بالموت .
الشرح :
الأرجح أن الشفعة لا تبطل بالموت ،
فلو أن شخصاً باع نصيبه فللشفيع أن ينتزعها من المشتري ، لكن الشفيع مات فالصحيح أن للورثة أن يطالبوا بحق مورثهم الذي هو الشفيع سواءً طالب بها أم لم يطالب .
! ! ! ! ! ! !
مسألة :
تثبت شفعة الجوار إذا كان شريك له في حق من حقوق الملك كطريق وماء .
الشرح :
جارك الذي هو مجاور لك في البنيان لو أردت أن تبيع بيتك فليس له شفعة ، لأنها منفصلة ، ولكن من الأولى إذا أردت أن تبيع بيتك أن تعرضه على جارك ، فلربما يشتريه لكن لو بعته من غير إذنه فلا حرج ولا شفعة له ،
إلا في حالة واحدة كأن يكون بينك وبين جارك طريق لهذين البيتين ،
أو هناك ماء كبئر ونحوه ينتفع به البيتان فهنا فيه حق من حقوق الملك ،
فإذا بعت فإن الشفعة تثبت لشريكك في هذه الأملاك ،
لأنه لو أتى شخص آخر لحصل عليه ضرر ، لربما لا يتفقان في هذا الطريق ولا يتفقان في هذا البئر الذي ينبع منه الماء .
! ! ! ! ! ! !