( مختصر فقه المعاملات ) [ 44 ] ( كتاب العِدد )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 44 ] ( كتاب العِدد )

مشاهدات: 801

( فقه المعاملات )

(44)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب العِدد )

مسألة :

الحكمة من مشروعيَّتِهَا استبراء الرَّحِم ، وإعطاء الزوجيْن فرصةً وهي تلزم كل امرأةٍ فارقت زوجها .

الشرح :

 العِدَّةُ شُرِعَت لاستبراء رحم المرأة من ماء من فارقها وأن يعطى الزوجان فرصةً للنظر والتمهُّل . وإلا فإنَّ استبراء الرحم قد يحصل بحيضةٍ واحدةٍ ، لكن الشرع جعله ثلاثَ حِيَضٍ ، لكي يتروَّى الزوجان فلعل نفسيهما أن تعودا لمحبة الآخر .

وهي تجب على كل امرأةٍ فارقت زوجَهَا . فكل من فارقت زوجها فتجب عليها العِدَّة .

مسألة :

 المتوفى عنها تَعتَدُّ مُطْلَقًا ما لم يكن النكاح باطلاً

الشرح :

 أيُّ امرأةٍ توفي عنها زوجها فإنها تعتدُّ عِدَّةَ المتوفى عنها زوجُهَا –  كما سيأتي معنا – ما لم يكن النكاح باطلاً . لو كان النكاح فاسدًا ، ثم توفي زوجها ولم يفسخ هذا النكاح ، فإنها تَعتَدُّ . ولذا لو كانت الزوجة عمرها سنة واحدة وتوفي عنها زوجها فإنَّها تعتدُّ .

 فليس المراد من عدةِ الوفاة استبراء الرحم وإنما المراد حفظ حق الزوج إلا إنْ كان النكاح باطلاً كأن تزوَّج بخامسة أو تزوَّج امرأةً في عدتها ثم توفَّاهُ الله فإنَّه لا عدَّةَ عليها ، لأنها ليست بزوجةٍ . ولذا سبق معنا أنَّ الطلاق لا يقع في الباطل وإنما يقع في الفاسد والصحيح .

مسألة :

من فارقَتْهُ في الحياةِ يشترطُ في عِدَتِهَا شروطٌ .

الشرح :

هذه الزوجة التي فارقت زوجها في حال الحياة في حال الوفاة تعتدُّ كل زوجةٍ إلا أن يكون الزواج باطلاً . أما إن فارقها زوجها ليس بوفاة وإنما في حال الحياة فلا بد من شروطٍ حتى تصبحَ العدَّةُ واجبةً على هذه المرأة .

مسألة :

 أولاً : أن يكون النكاح غير باطلٍ .

الشرح :

 أن يكون النكاح غير باطلٍ ، فإنَّ النكاح الباطل لا عدَّة فيه ، لكنَّها تستبرئ بحيضة .

مسألة :

ثانياً : الوطء أو الخلوة عن مميِّزٍ إن كان يطأ مثله ابن عشر سنواتٍ ويطأ مثلها مع علمه بها ولو مع ما يمنعه منها حِسًّا أو شرعًا ، ويشترط في الوطء من مثله بمثلها .

الشرح :

 تجب العدة في حال الحياة إذا وطئها الزوج . فكل امرأة وطئها زوجها ، فتجب عليها العدة .

 ما هو عدد هؤلاء ؟

سيأتي معنا إن شاء الله بيان المعتدات ، لكن يشترط في الوطء أن يكون من مثله بمثلها ،

فلو حصل وطءٌ من زوجٍ عمره سبع سنوات بزوجةٍ عمرها ست سنواتٍ ،

 فإنه لا عدَّة ، وتجب في الخلوة حتى لو لم يطأ وذلك إن كان يطأ مثله ، كابن عشرٍ ويوطأ مثلها كبنت تسعٍ مع علمه بها ولم تمنعه ولو مع ما يمنعه منها حِسًّا أو شرعًا كحيضٍ أو عَنَتٍ أو نحو ذلك بشرط أن تكون الخلوة عن مميز فإن كان معهما مميز فليست هناك خلوةٌ ، ومرَّ معنا الحديث عن شروط الخلوة في ثبوت المهر .

ولذا قلنا ( قضى الخلفاء الراشدون أنَّ من أرخى سترًا وأغلق بابًا فقد وجبت عليه العدة ولها المهر)

مسألة :

 النكاح الباطل لا يقع فيه طلاقٌ بخلاف الفاسد .

 ( مرَّ معنا ) .

مسألة :

لا عدة على من قبَّلَها أو باشرها دون خلوةٍ .

الشرح :

هذا راجع إلى المسألة السابقة ، فلو أنه قبَّلها أو باشرها من غير خلوةٍ .

هل يكمل لها المهر أم لا ؟

 قلنا : إن أكثر العلماء

 يرون أنه لا يكمل لها المهر، فكذلك هنا لا عدة على من قبَّلها أو باشرها ، فلو أنه عقد عليها ثم قبَّلها أو باشرها وليست في خلوةٍ ، فطلَّقها فلا عدة عليها وليس لها إلا نصف المهر عند أكثر العلماء فلا يكمل لها المهر لقوله تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا }الأحزاب

مسألة :

المعتدات ستٌّ .

الشرح :

 المعتدات ستٌّ حسب التتبع والاستقراء بنصوص الشرع ،

 فإن المعتدات ستٌّ .

أولاً : المتوفى عنها زوجها وهى حامل  وعدتها بوضع الحمل كله إن تبين فيه خلق الإنسان وأمكن أن يلحق برجل وإلا فبالحيض .

الشرح :

هذه أم المعتدات ، وهي الحامل . الحمل هذا إذا وجد فإنَّ العدّة تنتهي به بقطع النظر عن الأمور الأخرى . قال عز وجل: 

 

((وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }الطلاق4

فلا بد أن تضع الحمل كله

 فإذا وضعت المتوفى عنها زوجها حملها كله ولو بعد وفاته بساعةٍ فقد انقضت عدتها وكذلك لو بعد فراقها بزوجها بطلاقٍ، فطلَّقها وهي حامل و طلاق الحامل يقع خلافاً لمن يتوهم أنَّ طلاق الحامل لا يقع . هنا خلاف الشرع ،

فالطلاق السني ّ أن يقع الطلاق والمرأة حاملٌ

. قال r :

 ( مروه فليطلقها حاملاً أو حائلاً )

يعني : طاهراً .

 فإذا أوضعت الحامل فإنه تنتهي عدتها ، لكن لا بد في هذا الحمل أن يكون قد تبين فيه خلق الإنسان بيدٍ أو رجلٍ أو نحوه وأمكن أن يلحق به ،

فإن كان لا يمكن أن يُلحق به فعدتها بالحيض .

 أو أن المرأة توفي عنها زوجها أو طلقها زوجها وضعت حملاً وهو قطعة لحمٍ لم يتبين فيه شيءٌ فلا تنتهي عدتها بوضع هذا الحمل ، لأنه ليس بحملٍ شرعيِّ بل عليها أن تعتدَّ بالحيض .

مسألة :

المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملاً فتعتدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشراً . والأمة على النصف والمعتدة الرجعية تنتقل إليها وإن كانت بائنًا فتكمل عدتها ، وإن طلقها في مرضه المخوف فتعتدُّ أطول الأجلين ما لم تكن البينونة منها أو تكون زوجته ذميَّةً أو أمة فتعتد عدة طلاقٍ .

الشرح :

 المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملاً فبوضع الحمل وإن كانت غير حاملٍ يعني : حائلاً . فإنها تعتد أربعة أشهر وعشرا . قال تعالى :

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً }

والأمة على النصف من الحرة

 فإنها تعتد شهرين وخمسة أيام ،ولو أنَّ شخصاً طلَّقَ زوجته طلاقاً رجعياً وهي في العدة فجاءها الخبر بأنَّ زوجها قد توفي وقد اعتدَّت حيضتين وبقيت حيضة حتى تنتهي عدتها من طلاقها ،

فبعد حيضتين أتاها خبر وفاه زوجها ، فإنها تنتقل من عدة الطلاق وتستأنف من جديد بمعنى : أنها تعتدُّ أربعة أشهرٍ وعشرا .

 وأما إن كان الطلاق بائنًا يعني لو كانت هي الطلقة الثالثة ولا يمكن أن تعود إليه بعد انقضاء عدتها إلا بزوجٍ آخر فإنها تكمل عدتها ، لأنه ليس بزوجٍ لها لكن الرجعية تعدُّ زوجةً ،

 لكن هناك حالة هي لو أن الزوج طلَّق زوجته طلاقاً بائناً في مرضه المخوف فإنها تعتد أطول الأجلين ،يُقال لها : انظري ما هي أطول العدة .

 هل هي بالحيض أم بالأشهر ؟

 فالأطول منهما تعتدُّ بها ، لأنَّ من طلق زوجته في مرضه المخوف فإنها لا تحرم من الميراث ، فهي أصبحت بينَ بين . هي مطلقة بائنةٌ وهي ترث . فقال الفقهاء :

تعتدُّ أطول الأجلين من عدة طلاقٍ أو من عدة وفاة فالأكثر منهما تعتد به إن لم تكن البينونة منها لو أنها طلبت أن يطلقها زوجها في مرضه المخوف ، فالبينونة حصلت منها

 فلا تعتدُّ أطول الأجلين وإنما تعتد عده طلاق  فتعتدُّ عدَّة طلاقٍ مطلقاً فلو طلَّقها في مرضه المخوف ، وكذا لو كانت الزوجة ذمية أو أمة وأبانها في مرضه المخوف فإنها تعتدُّ عدةَ طلاقٍ ولا تعتدُّ أطول الأجلين ، لأنَّ من شروط الإرثِ الإسلام واتفاق الدين والحرية والذميّة ليست بمسلمة ، ليست متفقةً بدينٍ مع الزوج ،  والأمة ليست حرة ً .

مسألة :

 الأحكام المتعلقة بها بعد الوفاة تعتد في منزله إلا إن تحولت بعذرٍ ، فتنتقل حيث شاءت .

الشرح :

قال النبي r :

( امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك )

 فبيْتُ زوجها تذهب إليه ،

فلو كانت في المستشفى فبلغها الخبر فإنها تذهب إلى بيت زوجها ، أو جاءها الخبر وهي في بيت أهلها تذهب إلى بيت زوجها إلا إن تحولت لعذرْ ، كأن يكون البيت مستأجراً فألزمها المؤجر أن تخرج ، أو خافت على نفسها إن بقيت فيه ، لأن بقاء المتوفى عنها زوجها في بيت زوجها من باب إيفاء الحق للزوج بعد هذه العشرة ، فإنها إن انتقلت لعذرْ فإنها تنتقل حيث شاءت في البلد . فلا تلزم أن تسكن في بيتٍ قريبٍ من بيتِ زوجها .

مسألة :

 إن خرجت حاجَّةً فترجع إن كانت قريبة ً وإن تباعدت فهي مُخَيَّرةٌ ، وإن أحرمت فتُكْمِلُ نُسُكَهَا .

الشرح :

 لو أن المرأة خرجت حاجَّةً ، وهذا يمكن أن يصدق فيما سبق ، لأنَّ وسائل النقل ليست سريعة أو تكون في هذا العصر لمن هو خارج هذه البلاد ،

فالشاهد من هذا :

نها إذا خرجت حاجَّةً فبلغها خبر زوجها ، فيُقال : إن كنتِ قريبةً فيجب أن تعودي وإن كنت بعيدة وهذا البعد فيه ضررٌ عليك ويُفَوِّتُ عليكِ الحج ، فلتَحُجِّي ثم إذا رجعتِ وبقيَ شيءٌ من العدَّةِ فاعتدي في بيتكِ ، لكن لو أنها أحرمت ؟

فلا ينظر إلى القرب من البعد وذلك كميقات ذي الحليفة فهو قريبٌ من المدينة . أحرمت بالحج والميقات قريبٌ – كيلوات يسيرة عن المدينة – فلو أنها أحرمت ثم جاءها الخبر فإنها تكمل نُسُكَهَا . لِمَ ؟ لأن الحج واجبٌ لله سبق الواجبَ الذي للزوجِ ، فإذا عادت تكمل عدتها إذا بقيَ شيءٌ منها .

مسألة :

تبدأ عدة الوفاة من الموت ، وعدة الطلاق من وقت الفرقة .

الشرح :

 تبدأ عدة الوفاة من الموت ليس من وصول الخبر ، ولذا قد يذهبُ شخصٌ إلى خارج البلاد ، ثم يتوفاه الله عز وجل فلا يأتي الخبر إلى زوجته إلا بعد شهران مع أنه توفي قبل شهرين من وصول الخبر ،

فإنه لا يبقى عليه إلا شهرين وعشرة أيام ، ولذا لو لم يأتها الخبر إلا بعد مضيِّ المدة ، فإنه لا عدَّة عليها أو أنه جاءها الخبر بأن زوجها قد توفيَّ قبل خمسة أشهرٍ فإنه لا عدَّة عليها

وكذلك الطلاق ،

لو اشترطوا علم الزوجة أن قد طلقها – كما سبق معنا – من لا يشترط رضاه لا يشترط علمه ، فلا يشترط رضاها إذا أراد الزوج أن يطلقها فلا يشترط علمها بأن زوجها طلَّقها ،

 ولذا لو أنه قد طلَّقها منذ شهرٍ وكانت في هذا الشهر قد حاضت حيضةً ، فيبقى لها حيضتان .

مسألة :

 الإحداد هو ترك ما يدعوا إلى نكاحها من الزينة والطيب ويجوز أن تقلِّمَ أظفارَها وتغتسل بالسدر وتستخدم الطيب في فرجها بعد الحيض ولها أن تزيِّنَ فراشها وتكلم من شاءت ، والبدويَّة كالقرويَّة إن انتقل أهلها انتقلت .

الشرح :

الإحداد ترك ما يدعوا إلى نكاحها . لِمَ ؟

لأنها حُبِسَت في هذه الفترة لحقِّ الزوج ،

 فلا يجوز أن يشارك أحدٌ هذا الزوجَ في حقه فلا يجوز لها أن تتجمل وأن تتطيّب وأن تلبس أحسن الثياب ، فكل ما يدعوا إلى ترك نكاحها فهو الإحداد ، فيجب أن تعمله وهو غير محدد ،

لكن نهى النبي r (عن الطيب وعن الكحل)

فيقاس على ذلك ما هو في هذا العصر من المكياج ونحوه

 ولها أن تقلِّمَ أظفارها وأن تحلق الشَعْرَ الذي يستحب حلقه ،

ولها أن تغْتَسِلَ بسدرٍ ونحوه من غير أن يكون فيه طيبٌ ،

ولها أن تستخدم الطيب في حالةٍ واحدةٍ : وهي إذا طَهُرَت من الحيض .

 فالنبي r أجاز أن تأخذ نبذةً من أظفار وهو : نوعٌ من الطيب .

 فتدلك به موضع الدم ولها أن تتجمل في فراشها ولها أن تُكَلِّمَ من شاءت ولها أن تستقبل من يُعزِّيها من الرجال الأجانب ،

خلافًا للبعض ممن يظن أنها لا تكلم في الهاتف ولا تكلم من طرق الباب ولا تحدث من عزَّاها ولا تخرج في أسوار البيت ولا في سطح البيت .

 كل هذا لا دليل عليه ، والبدويَّة كالقرويَّة إن انتقل أهلها انتقلت ، لأنَّ في بقاءها إضراراً بها . فإذا توفيَ عنها زوجها فيجب عليها أن تبقى لكن إن ذهب أهلها في تَتَبُّعِ مواقع القطر ، فلها أن تذهبَ معهم .

مسألة :

 يحرم الاحداد أكثر من ثلاثٍ لغير الزوج .

الشرح :

لقوله r ( لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدَّ فوق ثلاثٍ إلا على زوجٍ ) 

فللمرأة القريبة أن تحد على أخيها أو على أبيها أو على عمِّها ، فتترك ما يدعوا إلى نكاحها ثلاثةَ أيامٍ ، وما زاد فيكون محرَّمٌ إلا إن كانت هذه المرأة زوجةً فإن الإحداد يتبع العدة فعدتها كم ؟

 إن كانت غير حاملٍ عدتها أربعة أشهر وعشر . فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل ، ولذا لو أنَّ حملها لم يبقَ في بطنها بعد وفاة زوجها إلا يوم فعدتها يوم والإحداد يوم .

مسألة :

الموطوءة بشبهةٍ ، وكذا الأمَةُ لا إحداد عليهما .

الشرح :

السيد إذا وطِأ أمته فتوفيَ عنها ، فإنه لا إحداد عليها ، لأنَّ الله عز وجل علَّق الإحداد بالزوجية . قال تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً }

وكذلك الموطوءة بشبهةٍ – الموطوءة بشبهةٍ كما سبق معنا أن الأولاد يكونون أولادًا له وأنَّ عليه إذا وطِأ أخت زوجته أن يعتدَّ عن زوجته – كما سبق – ويعامل معاملة النكاح الصحيح ، لكن في الإحداد لا إحداد عليها . لِمَ ؟ لأنها ليست زوجةً .

مسألة :

الإحداد خاصٌ بالنساء .

الشرح :

الإحداد خاصٌ بالنساء – كما أسلفنا في الجنائز – ذكرنا كلام الشيخ بن بازٍ وما يحصل من الإحداد على الرؤساء والزعماء ، وتنكيس الأعلام ونحو ذلك فلا إحداد على الرجال .

مسألة :

 ثانياً من المعتدات : المطلقة الحائل .

الشرح :

 هذه هي المعتدَّةِ الثالثة ، وهي المطلقة الحائل . يعني : غير الحامل فإن كانت مطلقةً حاملاً فعدتها تنقضي بوضع الحمل ، لكن إن كانت حائلاً يعني : ليست بحاملٍ .

مسألة :

 المطلقة الحائل تعتدُّ بثلاثِ حِيَضٍ ، والأمَةُ بحيضتين .

الشرح :

تعتدُّ بثلاثِ حِيَضٍ هذه هي الحرَّةُ ، لكن الأمَةَ حيضتان تعتدُّ حيضتين . من المفترض أن تكون حيضةً ونصف ، لكن الحيض لا يتبعَّضُ فجُعِلَت عدَّتها حيضتين .

مسألة :

ثالثاً : (الآيسة من الحيض لكبرها ، وكذا الصغيرة فعدَّتها ثلاثة أشهرٍ وكذا من بلغت ولم تَحِضْ ).

الشرح :

 لقوله تعالى :

{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ }الطلاق4 ، فالصغيرة عدتها ثلاثة أشهرٍ ، والآيسة وذلك أن تكون المرأة ممن تحيض لكن يئست كَبُرَت في السنِّ فانقطع عنها الحيض ، فطلَّقها زوجها بعد هذا العمر الطويل فإنها تعتد ثلاثة أشهرِ ، وكذلك البالغة إذا بلغت ولمْ تحِضْ ، لأنَّها قد تبلغ بغير الحيض وذلك بإنبات شعرٍ خشنٍ حول قُبُلِهَا أو ببلوغ خمس عشرة سنةٍ .

مسألة :

رابعاً : من انقطع حيضها لا تخلو من حالتين : أولاً :

 تجهل سبب انقطاعه فتعتد سنةً كاملةً ( تسعة أشهرٍ للحمل ، وثلاثةَ أشهرٍ للآيسة ) .

ثانياً :

أن تعلم السبب كالمرض فتنتظر زوال المرض ، فإن عاد الحيض اعتدت به وإن زال المانع ولم يعد الحيض فتعتدُّ سنةً على الأرجح .

الشرح :

 امرأة انقطع حيضها وقد طلقها زوجها ، فيقال : ما سبب انقطاع حيضك . قالت : لا أدري ليس عندي علمٌ . فنقول : اعتدي سنةً ( تسعة أشهرٍ ) ،

لأن انقطاع الحيض يدل على أن هناك حملاً فلتعتد تسعة أشهرٍ للحمل وثلاثة أشهرٍ للإياس . فأنتِ بين إياسٍ أو بين حملٍ ، فلتعتد سنةً . فإن قالت : أعرف السبب . السبب مرض الصداع .

لمَّا أُصِبْتُ به انقطع الدم ، فهنا عرفنا السبب الذي من أجله انقطع الحيض .

فنقول : انتظري إنْ زال هذا الصداع فأتى الحيض ، لأنَّ انقطاع الحيض بسبب وجود هذا الصداع ،

 فإن زال الصداع وأتى الحيض فلتعتد بالحيض ثلاثَ حيضاتٍ للحُرَّةِ وإن زال الصداع ولم يأتِ الدم .لم يأتِ الحيض .

اختلف العلماء : هناك قولٌ للمذهب شاقٌّ جدًا ، لكن الراجح : قول شيخ الإسلام رحمه الله : أنها تعتد سنةً ( تسعةَ أشهرٍ ) ، وثلاثة أشهرٍ للإياس .

                           خامساً : مسألة :

عدة المستحاضة لها ثلاثُ حالاتٍ : أولاً : تعتد لأيامِ حيضها .

الشرح :

كما مرَّ معنا أن المستحاضة من انطبق عليها الدم ، فإن كانت معتادة أو غير معتادة – مرَّ معنا كل هذا – فإن كانت المرأة مستحاضة فطُلِّقَت . فكيف تعتدُّ ؟ نقول : اعتدي أيام أقرائكِ التي كنتِ تعرفينها . قال النبي r لمن تعرف عدتها : ( اجلسي قدر ما تحبِسُكِ حيضتكِ ) هذه الحالة الأولى .

مسألة :

الحالة الثانية : أن تنسَ عادتها أو كانت مبتدأةً فتعمل بالتمييز و من لا تمييز لها فَتَعْتَدُّ عدةَ الآيسة .

الشرح :

 الحالة الأولى لمن عادتها معروفة ، لكن إن كانت عادتها غير معروفة ، كمن نسيت أو المبتدئة فإنها تعمل بالتمييز فما كان حيضًا تعتبره حيضًا وتعتدُّ به لكن إن لم يكن لها تمييز أو كان عندها تمييز غير منضبطٍ ، فإنها تعتدُّ عدةَ الآيسةِ ثلاثة أشهرٍ .

مسألة : من المعتدات

( من المعتدات : (زوجة المفقود )يضرب لها الحاكم مدة تربُّص ، ثمَّ تعتدُّ عدة الوفاة .

الشرح :

شخصٌ خرج من البلاد ولا يُعرفُ له خبر ، انتظروه . فماذا يصنعون ، ؟

هل هو في حكم لإحياء أم في حكم  الأموات ؟

 الصحيح : أن الحاكم يضرب مدةً للمرأة تنتظر قدومه . وللمذهب قول في السنين وتحديدها ، لكن في هذا الوقت يمكن أن يُعثَرَ على الشخص في أسرع ما يكون ، ويختلف باختلاف الأشخاص . لو أُفْتُقِدَ وزيرٌ ليس كمن هو عاملٌ عاديٌّ فهو يختلف باختلاف الأزمان والأشخاص .

فالراجح : أن الحاكم يضرب مدةً للمرأة تنتظر بها زوجها إن جاء ( فبها ونِعْمَتْ ) وإن لم يأتِ زوجها في هذه المدة ، فإنَّ المرأة بعد هذه المدة تَعُدُّ نفسَهَا أنها امرأةٌ قد توفيَ عنها زوجها ، فتعتدُّ عدَّةَ المتوفى عنها زوجها .

مسألة :

 إن تزوجت وعاد زوجها الأول ، فالصحيح أنه مخيَّرٌ بين زوجته وبين مهرها قبل الدخول أو بعدَهُ .

الشرح :

 إنْ تزوجت وعاد زوجها الأول ضربَ لها الحاكمُ مدةً ثمَّ لمَّا انقضت اعّتَدَّت عدةَ الوفاة ، فلما اعتدت عدة الوفاة انقضت عدتها فلها أن تتزوج فتزوجت فلما تزوَّجت إذا بزوجها الأول يأتي .

 للمذهب قولٌ ( إن أتى قبل الدخول

يعني : قبل أن يدخل الزوج الثاني بها ، وبعد أن يدخل الزوج الثاني بها ، لهم تفريقٌ في هذا،

لكن ما يرجِّحُهُ شيخ الإسلام رحمه الله :

 أن الزوج إذا قَدِمَ سواءٌ كان قبل الدخول أم بعده فإنه مخيَّرٌ بين زوجته وبين أن يأخذ المهر الذي دفعه ، فهو مخيَّرٌ في ذلك ، ويمكن في بعض الأحيان أن يطلب المهر إن كان المهر عاليًا ويمكن في بعض الأحيان أن يطلب زوجته . لِمَ ؟

 لأن المهور قد تكون في إحدى الأزمان بمائة ريالٍ ،ثم بعد خمسين سنة يأتي وإذا المهور بخمسين ألف ريالٍ ، فيطلب الخمسين أو العكس : قد يتزوج عليها بخمسين ألف ريالٍ ، ثم بعد مجيئه تكون المهور قليلة ً .

مسألة :

 قاعدة : متى ما فُرِّقَ بين زوجين بموجبٍ ، فبان انتفاؤه فكمفقود .

الشرح :

متى ما فُرِّق بين زوجين بموجبٍ ، فبان انتفاؤه فكمفقود . يعني : مثل أحكام المفقود .

ما صورته ؟

صورته :

لو تزوَّجتَ بامرأةٍ ، ثم جاءت امرأةٌ فقالت : لقد أرضَعْتُكُمَا  فأنتما أخَوَانِ . فالواجب أن يُفَرَّق بينكما ، لأنها أختكَ من الرضاعة ، ثم لمَّا فرَّق بينهما وانقضت عِدَّتُهَا تزوَّجت فلما تزوَّجَتْ جاءت المرأة وقالت : يا فلان لقد نسيت . لم أُرْضِعُكُمَا ولكن أرضعت غيركما ، فهو مخيَّرٌ فكالمفقود .

مسألة :

يختار شيخ الإسلام – رحمه الله – أن عدة الموطوءة بشبهةٍ أو زنًا أو عقدٍ فاسدٍ بحيضةٍ لا كمطلَّقةٍ ، وكذا عدة المطلقة ثلاثًا . خلافاً لأكثر العلماء .

الشرح :

شيخ الإسلام – رحمه الله – يقول : ما المراد من العدة ؟

المراد من العدة : استبراء الرحم ، وإعطاء الزوجين مهلةً .

قال الفقهاء : الموطوءة بشبهةٍ تعتدُّ ثلاثَ حِيَضٍ . كذلك الزانية ، وكذلك من طلقها بعقدٍ فاسدٍ ، طلقها لأنه عقد عليها عقدًا فاسدًا فتعتدُّ ثلاثَ حِيَضٍ ، وكذلك المطلَّقة البائنة ، يعني : طلقتها وهي الثالثة ولن ترجع إليه َ إلا بعد زوجِ ثانٍ . فيقول الفقهاء : هؤلاء يعتدُّون بثلاثِ حِيَضٍ كالمطلَّقة ،

 والصحيح : عند شيخ الإسلام – رحمه الله – أنَّهُنَّ يعتددن بحيضةٍ واحدةٍ . لِمَ ؟

 لأن المراد استبراء الرحم فليس هناك فائدة ٌ في تطويل المدة ، والموطوءة بشبهةٍ ليست بزوجةٍ والزانية ليست بزوجةٍ ، ومن عُقِدَ عليها بعقدٍ فاسدٍ ليست بزوجةٍ زواجًا صحيحًا ، وكذلك مَنْ طلاقُها بائنٌ فلن تعود إليه إلا بزوجٍ آخرَ .

مسألة :

 من وطئت زوجته فيجوز له كل شيءٍ على الصحيح إلا الجماع حتى تستبرأ بحيضةٍ .

الشرح :

رجلٌ وَطِأَ امرأةً بشبهةٍ . هذه المرأة لزوجٍ ، إذًا هذه المرأة لزوجِ قد وُطِئَت لشبهةٍ فالواجب على هذا الرجل الذي وُطِئَت زوجته بشبهةٍ أن لا يجامعها حتى تستبرأ بحيضةٍ عند شيخ الإسلام أو بثلاثِ حِيَضٍ عند المذهب . لِمَ ؟

حتى لا يختلط الماءان فتختلط الأنساب ،

لكن لو قال : هل ليَّ أن أو أُقَبِّلَ أو أباشر بين الفخذين ؟

اختلف العلماء والصحيح : أنه يجوز ، فالممنوع هو الجماع ، لأن النبي r : نهى أن يطأ المسلمون في السبايا إذا سبوا نساء الكفَّار، (نهى أن تُوطَأ حاملٌ حتى تضع وأن تُوطأ حائلٌ حتى تحيض)  ، فالنهي عن الوطءِ وليس عن القرب .

مسألة :

 لو وُطِئَت معتدة فتتم عدته ، ثم تعتد للواطئ ما لم تحمل من الثاني وإن أتت بولدٍ لأحدهما انقضت عدته  به ، ثم تعدد الحمل للآخر وتكون للآخر إن أتت به لأقل من ستة أشهرْ، أو أقل من أربع سنين من فراق الأول وإن صار إشكالٌ عُرِضَ على القافة .

الشرح :

لو وُطِئَت معتدته فتتم عدتها له

بمعنى : رجلٌ طلق زوجته فالواجب عليها أن تعتد ، وفي أثناء العدة وُطِئَت بشبهةٍ .

الآن : اختلط ماءان .

فيُقال لها : أكملي عدةَ الأول فإذا فرغت منها فأكملي عدة الثاني .

 إذًا : من المقدَّم عدة الأول ثم عدة الثاني ؟ لكن لو أنها بهذا الوطء الذي لشبهةٍ حملت به ، فيقال لها : عدتك بهذا الحمل تكون لثاني ثم إذا فرغت من الحمل تعتدين للأول ،

فإن وَضَعَت الحمل فإنَّ عدتها تنتهي من صاحب الحمل .

ولمن يكون الولد ؟

قد يحصل نزاعٌ . قد يقول الأول : هو ولدي . والثاني يقول : هو ولدي .

فيُقَال : إن أتت به لأقل من ستةِ أشهرٍ من وطء الثاني فهو للأول . وكذلك لو أتت به في أقل من أربع سنواتٍ من فراق الأول ، فهذا الولد للأول وإن حصل إشكالٌ عُرِضَ على القافة ، وهم : الذين يعرفون الأنساب عن طريق الشبه ، فمن ألحقته القافة به فيُلْحَقُ به .

مسألة :

من وَطِأ معتدته البائن استأنفت العدة .

الشرح :

 لو أنه طلق امرأةً طلاقًا بائنًا وهي الطلقة الثالثة ، فتعتد له وفي أثناء عدتها له بعد حيضتين . وهذا هو القول على المذهب ، لأنَّ شيخ الإسلام – رحمه الله – يرى أن المطلقة طلاقًا بائنًا تعتد بحيضةٍ ، فبعد حيضتين إذا بزوجها الذي طلَّقها يطؤها بشبهة ٍ أو بغيره . فماذا تصنع ؟

 نقول لها : استأنفي العدة من جديد . اعتدي ثلاث حِيَضٍ ، لأنَّ الماء ماءٌ واحدٌ فلا بد أن تعتدَّ من جديد .

مسألة :

إن تزوجت المعتدةُ لم تنقطع عدتها حتى يطأها الثاني فإذا فارقها الثاني بَنَتْ على عدتها من الأول ، ثم تستأنف العدة من الثاني .

الشرح :

 إن تزوَّجَت المعتدّةُ زواجًا باطلاً لا يجوز للمرأة أن تتزوج في عدتها ، فهو زواجٌ باطلٌ ليس بفاسدٍ ، لكن لو حصل زواجٌ في عدتها فإن دخلت على الثاني الذي نكاحه لها باطلٌ ، ولم يطأها فالواجب في هذا النكاح أن يُفَرَّقَ بينهما . فنقول : استمري على عدتكِ من الأول . لِمَ ؟

 لأن الثاني لم يطأ ، ثم بعد ما تنهي عدتها من الأول تَعْتَدُّ للثاني ، لأنه بالدخول أو بالخلوة تجب العدة كما سبق .