( مختصر فقه المعاملات) [64] (كتاب القضاء) [3] ( باب الشهادات )

( مختصر فقه المعاملات) [64] (كتاب القضاء) [3] ( باب الشهادات )

مشاهدات: 521

( فقه المعاملات )

(64)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

(  كتاب القضاء  )

 ( 3 )

( باب الشهادات )

مسألة :

شروط قبول الشهادة .

 أولاً :

 البلوغ . فلا تقبل شهادة الصبيان ولو عدولا إلا فيما يجري بينهم .

الشرح :

 لا بد أن يكون الشاهد بالغًا ولذا الصغار لا تصحُّ منهم الشهادة إلا فيما يجري بينهم فلو جرى فيما بينهم بأنَّ هذا الطفل رمى ذلك الطفل فقتله أو آذاه أو جرحه أو أن هذا الطفل أخذ تلك السلعة وأتلفها فإنه يجوز فيما يجري بينهم .

مسألة :

 ثانيًا : العقل . فإن كان يخنق أحيانًا فتُقبل حال إفاقته .

الشرح :

لا بد أن يكون عاقلاً فالمجنون لا تصح منه الشهادة لكن لو كان يُفيق أحيانًا ويصحوا ويُخْنَق أحيانًا فإنه تقبل شهادته في حال إفاقته .

مسألة :

 ثالثًا : الكلام . فلا تقبل إشارة الأخرس ولو فُهِمَت لأن المعتبر في الشهادة اليقين وإنما يُكتفى بإشارته فيما يتعلق به كنكاحه وطلاقه ونحو ذلك إلا إن كتبها بخطِّه .

الشرح :

فلا بد أن يكون الشاهد متكلِّمًا ولذا فالإشارة لا تُقبل حتى من الأخرس .

لو أنَّ أخرسًا شَهِدَ على شخصٍ فإن إشارته لا تُقبل ولو فُهِمَت .

 لِمَ ؟

 لأن إشارته المفهومة اعتددنا بها فيما يتعلق به هو كنكاحه وطلاقه أما على الآخرين ! لا ، لأنَّ الشهادة يلزم فيها اليقين . وإشارته ولو فُهِمَت ليست مبنيةً على اليقين اللهم إلا إن كَتَبَ الشهادة بخطِّ يَدِهِ فإنها تُقْبَل.

مسألة :

 رابعًا : الإسلام . فلا تُقْبَل شهادة الكافر ، ولو على كافرٍ مثله وتستثنى شهادته على وصية المسلم في حال السفر عند عدم غيره .

الشرح :

 قال الله تعالى :{ ممن ترضَوْنَ من الشهداء }

والكافر ليس بِمَرْضِيٍّ عنه ولذا لو شَهِدَ الكافر على كافر آخر في قضية عندنا فإنَّ شهادته لا تُقْبَل ولو كان على كافرٍ مثله ويُسْتَثْنى من ذلك أن يشهد الكافر على وصية المسلم إذا لم يوجد المسلم . قال الله تعالى :

{ يا أيها الذين آمنوا شهادةُ بيْنِكم إذا حضر أحدَكم الموتُ حين الوصيةِ اثنان ذوا عدلٍ منكم أو آخَرَان من غيركم } .

مسألة :

 خامسًا : الحفظ . ومن يَقِلُّ منه السهو فتقبل لأن ذلك لا يسلم منه أحد .

الشرح :

 فلا بد أن يكون حافظًا أما من هو كثير الغلط والنسيان فإن الشهادة لا تقبل منه أما من يجري عليه غلطٌ يسيرٌ فهذه طبيعة ابن آدم أنه لا يسلم من السهو .

مسألة :

 سادسًا : العدالة . قال شيخ الإسلام رحمه الله : وهي في كل زمانٍ ومكانٍ وطائفة بحسبها .

الشرح :

لا بد من العدالة لقوله تعالى :

{ ممن تَرْضَوْنَ من الشهداء }

 وقال تعالى :

{ وأَشْهِدوا ذوي عدلٍ منكم }

 وقد سبق أنَّ شيخ الإسلام رحمه الله قال : إنَّ العدالة في كل زمانٍ بحسبه وقد مضى هذا في الحديث عن عدالة الولي وعن عدالة الشهود في النكاح }

مسألة :

قال شيخ الإسلام رحمه الله : وتَحْرُمُ محاكاة الناس بالضحك ويُعزَّر هو ومن يأمره .

الشرح :

 فالذي يحاكي الناس في أفعالهم وأقوالهم ويضحكهم بهذه المحاكاة فإنه قد ارتكب إثمًا ويُعَزَّرُ هو ومن يأمره بأن يحاكي الناس . قال r:

( ما أُحِبُّ أني حاكيت فلانًا ولو أن لي كذا وكذا ) .

مسألة :

 متى ما زالت هذه الموانع قُبِلَت .

الشرح :

 فإذا بلغ الصغير وعَقَل المجنون وأسْلَمَ الكافر وتَكَلَّمَ من مُنِعَ من الكلام ، وقَوِيَة حافِظَةُ من كان يكثر منه الغلط ، وزال فسق الشاهد . فإن الشهادة  تُقْبَلُ منه .

مسألة :

 تُقبل شهادة الأعمى إذا تَيَقَّنَ عن طريق السمع وبما رآه قبل عماه .

الشرح :

فالأعمى تُقْبَلُ منه الشهادة إذا تَيَقَّنَ عن طريق السماع أو يشهد بما قد رآه قبل أن يُصاب بالعمى .

مسألة :

 لا تُقْبَل شهادة عموديّ النسب علوْا أو نزلوا ، وتُقبل شهادة الأخ لأخيه والصديق لصديقه .

الشرح :

 لا تُقبل شهادة عموديّ النسب علوْا أو نزلوا .

لِمَ ؟

 لأنَّ التهمة موجودة في هؤلاء فَكَوْنك تشهد لأبيك أو لجدك أو تشهد لابنك أو لابنتك فيه تهمة ، لكن لو شَهِدْتَ لأخيك

 فقد قال الفقهاء : لا بأس بذلك لأن التهمة منفية كذلك لو شَهِدَ لصديقه ولكن إن رأى القاضي بأن التهمة ظاهرة في شهادة الأخ لأخيه وفي شهادة الصديق لصديقه فإنه لا يقبلها ، فمَحَلُّ القبول والرد التهمة .

مسألة :

 لا تقبل شهادة أحد الزوجين لصاحبه حتى قيل : ولو في الماضي . حتى من بعد البينونة أما الشهادة عليهم فتقبل .

الشرح :

 كذلك لا تُقبل شهادة أحد الزوجين على الآخر حتى ولو كانت زوجةً له من قبل وقد بانت منه وانفصلت عنه فإن شهادة أحدهما للآخر لا تُقبل .

 لِمَ ؟

لوجود التهمة فالعلاقة السابقة قد يميل بها أحدهما مع الآخر وأما الشهادة عليهم كأن يشهد الابن على أبيه أو الوالد على ابنه أو الزوج على زوجته أو الزوجة على زوجها فإنها تقبل .

مسألة :

 لا تُقْبَل شهادة من يجُرُّ لنفسه نفعًا بها أو يدفع عنه بها ضرًا .

الشرح :

فالشاهد الذي يجُرُّ لنفسه نفعًا وذلك كأن يشهد مع شريكه فإنه يجُرُّ إلى نفسه نفعًا فلا تُقْبَل شهادته وكذلك لو شهد مع شريكه بأن شريكَه لا يطالبه فلانٌ بشيءٍ . وإن يدفع عنه ضرًا فلا تُقبل شهادته .

مسألة :

 لا تُقبل شهادة عدوٍ على عدوِّهِ إلا في النكاح . وضابط العداوة : أن يَسُرَّهُ إساءة شخصٍ أو يَغُمَهُ فَرَحُهُ . والمراد العداوة في الدنيا لا في الدين .

الشرح :

 لا تُقبل شهادة عدوٍّ على عدوِّه . فلا تُقبل شهادة من يعادي شخصًا عليه إلا في النكاح . لو شهد العدوُّ في النكاح ! فلا بأس بذلك .

 وضابط العداوة : أن يَسُرَّهُ إساءة شخصٍ أو أن يَغُمَّهُ فَرَحُهُ

وذلك إذا عرف بأنَّ هذا الشخص قد أصابته نعمة حزِنَ وإن أصابته مضرةٌ فَرِحَ . فهذه هي العداوة ، والمراد العداوة في الدنيا أما في الدين فلا ولذلك لو أنَّ سُنِّيًّا شَهِدَ على رافِضِيٍّ فإنها تُقبل . لِمَ ؟ لأنها عداوةٌ في الدين .

مسألة :

 لا تقبل شهادة من عُرِفَ بعصبية .

الشرح :

من عُرِفَ بعصبيةٍ لقومه ، فلا تقبل شهادته لأحدٍ من قبيلته .

مسألة :

 لا يُقبل في ثبوت الزنا أو اللواط إلا أربعة رجالٍ .

الشرح :

 فعندنا الآن الحدود – مرَّت معنا – القذف وشرب الخمر والمحاربة والسرقة والزنا وكذلك القصاص

 ( قتل النفس ) فهذه لها شهود .

من يشهد عليها ؟ الرجال أم النساء ؟

 فلا يُقبل في شهادة ثبوت الزنا أو اللواط إلا أربعة رجالٍ عدولٍ ، أما النساء فلا .

مسألة :

يُقبل في إثبات عُسْرِ مَنْ عُرِفَ بالغنى . ثلاثة رجالٍ .

الشرح :

 لأنَّ النبيr قال :

( يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لثلاث : ذكر منهم رجلا أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحِجَا فيشهدون بأن فلانًا قد أصابته فاقة )

 ولذا لو جاء شخصٌ وطلب منا الزكاة ، ونحن نعرف أنه غنيٌّ فلا يقبل ادِّعائه الفقر إلا إذا أتى بثلاثة شهودٍ من الرجال على أنه قد افتقر ، أما إذا كان مجهولاً فإنه يُعْطى .

مسألة :

 وفي بقية الحدود والقصاص والتعزير والإعسار رجلان دون النساء .

الشرح :

 وفي بقية الحدود القذف ، وشرب الخمر ، وحَدِّ الحِرابة ، والسرقة . لا بد من اثنين من الرجال وكذلك في القصاص لا بد من اثنين من الرجال وكذلك في التعزير لا بد من اثنين من الرجال

مسألة :

ما يطَّلِعُ عليه الرجال غالبًا دون النساء مما ليس بعقوبة ولا مال كنكاح وطلاق ورجعة . فرجلان واختار شيخ الإسلام رحمه الله وتلميذه قبول شهادة النساء في الرجعة .

الشرح :

ما يطلع عليه الرجال غالبًا دون النساء فالأمر يعود فيه إلى الرجال اطلاعًا غالبًا أكثر من النساء ،

لكن ليس هذا الشيء بمالٍ ، لأن النساء لهن أن يشهدْنَ فيما يتعلق بالمال فهذا الشيء المشهود عليه ليس بعقوبة

وليس بمالٍ مثل النكاح فلا بد من شهادة الرجال وتكون الشهادة من اثنين

وكذلك في الطلاق على أنَّ فلانًا طلَّق زوجته ويُشْهِد على ذلك .

لا بد من رجلين وكذلك إذا أشهد على رجعتها شهود فلا بد من رجلين .

ويرى شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمهما الله : أن الرجعة يطَّلِع عليها أيضًا النساء فتقبل شهادة النساء في الرجعة كما تقبل شهادة الرجال فيها .

مسألة :

 يقبل في المال وما يُقصد به المال كالبيع والإجارة رجلان أو رجلٌ وامرأتان أو رجلٌ واحدٌ ويمين المُدَّعِي . لا امرأتان ويمين وكذا لو شَهِدَ أربعُ نسوةٍ فلا تقبل شهادتهنَّ منفرداتٍ .

الشرح :

 ما يكون في المال وما يقصد به المال مثل السَّلَمِ ومثل البيع ومثل الإجارة فيقبل فيه رجلان أو رجل وامرأتان قال تعالى :

{ فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممن ترضَوْن من الشهداء }

 أو شاهدٌ واحدٌ ويمينُ المُدَّعِي ،

فلو ادَّعَيْتَ على شخصٍ بشيءٍ ومعك شاهد واحد فلا يقبل الشاهد الواحد

لكن جعل الشرع مع هذا الشاهد يمينك فتحلف بالله أن هذا الشيء لك مع شهادة هذا الرجل

 وهذا فيما يتعلق بالأموال فقط ولا تُقبل شهادة النساء منفردات ولذا لو أن أربعًا من النسوة ، ل

أنَّ المرأتين تكونان بمثابة الرجل لو أن أربع نسوة شهدْنَ على عقد بيعٍ أو إجارة فإنه لا يُقبل وكذلك لو شهدت امرأتان ويمين فلا تقبل .

مسألة :

 ما لا يطلع عليه الرجال غالبًا كعيوب النساء من حيضٍ و ولادة فشهادة امرأة واحدة ،

 وقيل : الأحْوَط اثنتان .

وقيل : تصح شهادة الرجل الواحد ، لأنه أكل منها .

الشرح :

فما لا يطلع عليه في الغالب إلا النساء دون الرجال مثل البكارة ،

 وعيوب الفَرْجِ ونحو ذلك فإنه يُشهِد إذا كان هناك عيبٌ .

قالوا : هناك عيبٌ فلا بد أن يكون الشاهد فيها من النساء فتقبل شهادة امرأة واحدة لأنَّ النبيr قَبِلَ شهادة امرأة واحدة في الرضاع .

وقال بعض العلماء : الأحْوَطُ أن تكون الشهادة من اثنتين .

وقال بعض العلماء : إنه يكفي رجل واحد . والذي يظهر أنه لا يكفي لأن هذا مما يطَّلِع عليه في الغالب النساء .

مسألة :

 يكفي في داءٍ قول طبيبٍ وبيطارٍ واحدٍ .

الشرح :

 يكفي في المرض في بيانه وفي إثباته أن يشهد طبيبٌ واحدٌ بأنَّ فلانًا من الناس مريض . وبيطارٌ واحدٌ بأن البهيمة مريضة .

مسألة :

 لو شهِدَ بقتل العمد رجلٌ وامرأتان لم يثبت لا قَصَاصٌ ولا دِيَةٌ .

الشرح :

لو شهِدَ بقتل عمدٍ رجلٌ و امرأتان . اشترطنا في القَصَاصِ اثنين من الرجال ولذا لو شَهِدَ على القصاص امرأتان فلا قَصَاص ولا دية . لماذا ؟ لأنَّ الدِّيَةَ عوض عن القَصَاص ، فإذا لم يثبت القصاص بشهادة النساء فكذلك الدِّيَة التي هي عوضٌ عن القصاص .

مسألة :

إن شهدوا بسرقة مالٍ ثبت المال دون القطع .

الشرح :

 إن شهدوا . مَنْ ؟ الرجلُ والمرأتان . إن شهدوا بسرقة مالٍ ثبت المال دون القطع لأنَّ القطع حدٌّ والحدُّ لا يثبت إلا بالرجال لكن المال يثبت بشهادة الرجل والمرأتين .

مسألة :

 إنْ حَلَفَ بالطلاق أنه ما سرق أو باع أو نحوه ، فثبت بشهادة رجل وامرأتين أو رجل ويمين أثبت المال دون الطلاق .

الشرح :

  لِمَ ؟

 لأن الطلاق يُشْتَرط فيه أن يكون الشهود رجالاً فيثبت المال ولا يحصل إثباتٌ للطلاق .