من الفوائد البلاغية : التقييد بالشرط
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما فائدتنا البلاغية في هذا اليوم :
فكثيرا ما ذكرنا من أن علم المعاني يرتكز على شيئين :
مسند ومسند إليه
المسند : هو المحكوم به
المسند إليه : هو المحكوم عليه
فإذا ذكر المسند والمسند إليه فإنه يسمى هذا في علم المعاني بالإطلاق
فإذا زيد على المسند والمسند إليه صار مقيدا
والتقييد يكون بأمور سبق ذكر بعضها :
منها :
النعت
والتوكيد
ومنها : البدل
ومنها : عطف النسق
ومنها : النواسخ
وهنا :
التقييد بالشرط :
والتقييد بالشرط :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
يؤتى به لأغراض :
إما لغرض الزمان :
وذلك في هاتين الأداتين : متى وأيان
تقول :
متى تأتنا نأتك
متى : اسم شرط
تأتنا : فعل الشرط مجزوم بمتى وعلامة جزمه حرف العلة
نأتك : جواب الشرط
مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة
أصلها : نأتيك كما أصل الأول : تأتينا
وكذلك :
أيان :
ـــــــــــــــ
أيان تأتنا نكرْمك
الغرض الثاني الذي يؤتى بأداة الشرط للتقييد :
أن تكون للمكان :
ــــــــــــــــــــــــ
وذلك في هذه الأدوات :
أنَّى وأين وحيثما
هذه يراد منها المكان
تقول :
أين تذهْب أذهبْ
أين : اسم شرط
تذهب : فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه السكون
أذهب : جواب الشرط مجزوم وعلامة جزمه السكون
مثال على أنى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنى تدرسْ أدرسْ
وكما قال الشاعر :
أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد
تجدْه كالطير مقصوصا جناحاه
ومثال على حيثما :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حيثما انتهى الآخرون تبدأ
وانتهى هنا فعل الشرط لكنه ليس فعلا مضارعا فعل ماض
ومن أغراض التقييد بالشرط :
الحال :
ـــــــــــــــ
أن يقصد الحال
وذلك في اسم الشرط :
كيفما
مثالها :
كيفما تكونوا يول عليكم
يروى على أنه حديث منسوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام ولكنه لا يصح من حيث السند ولكن من حيث المعنى صحيح تدل عليه الآية :
{وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأنعام129
كيفما تكونوا يول عليكم
كيفما : أداة الشرط
تكونوا : فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة
يول : جواب الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة
وبهذا ينتهي الحديث عن هذه الفائدة
والتقييد بالشرط :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم نرد أن نقحم الأذهان في تفاصيل ما يكون لكل أداة من الفوائد والمزايا في درس واحد وإلا فإن هناك مزايا في” إن ” مزايا لـ ” لو “
وهكذا
وهذه المزايا يستفيد منها طالب العلم
وإن شاء الله تعالى في الدرس القادم نأخذ شيئا منها
لأن طرح المعلومة فيما يخصها في آن واحد قد يثقل الذهن
وإثقالها للذهن لصعوبتها لا وإنما لكونها معلومة جديدة فإني لا أومن بما يقال من أن هناك شيئا صعبا
وكما يقول الشاعر :
لأستسهلن الصعب أو أدركَ المنى
على المسلم :
ألا يكون منهزما في نفسه فليس هناك شيء صعب بتاتا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليق الأول :
الله عز وجل قال :
((وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ))
آل عمران79
من أوصاف الربانيين كما قال العلماء
من أوصاف العلماء الربانيين :
أنهم يربون الناس بصغار العلم قبل كباره
هذا هو الأمر الأول
الأمر الثاني :
أن تصعيب العلم ليس بمنهج الإسلام ولذلك لما أرسل النبي عليه الصلاة والسلام معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن : أحدهما في صنعاء والآخر في عدن أرسلهما على أنهما دعاة
قال : ((يسرا ولا تعسرا ))
ومن أنواع التيسير أن يسر العلم الشرعي إلى الناس
ولذا هذا القرآن يسره الله عز وجل :
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر17
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } الدخان58
الأمر الثالث :
ــــــــــــــــــــ
أن كلمة الصعوبة أو التصعيب تختلف فيها مفاهيم الناس /:
إن كان المقصود أن طالب العلم يعطى جملا عامة من المسائل ويقتصر عيها فإن هذا ليس من التيسير وإنما إعطاؤه جملة أو جمل عامة من القواعد الشرعية تكون كبناء قاعدة ينطلق من خلالها لكن ككونه يقتصر على ذلك لا
لأن تثوير النص مطلب الشرعي
كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ويروى مرفوعا ولكنه لا يصح :
” من أراد علم الأولين والآخرين فليثور هذا القرآن “
وقوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث معاوية :
(( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ))
التفقيه هو التفهيم
(( فذلك مثل من فقه في دين الله ))
كما جاء في صحيح مسلم
ولذلك جاءت النصوص الشرعية بالحث على الفقه
فرب حامل فقه ليس بفقيه
ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
فالاقتصار على معلومات عامة هذا لا يؤهل طالب العلم إلى أن يفيد غيره في المستقبل
وإن كان يراد من التصعيب هو الاسترسال بالإتيان بالمعلومات تلو المعلومات
فهنا ينظر :
إن طرحت على أنها من غير تسهيل إيصال المعلومة إلى المتلقي فهي مما لا ينبغي
لأن بعضا من طلاب العلم ربما يسعى إلى أنه يصعب المعلومة
يقول : تعلمتها صعبة فليتعلمها تلقيتها من كتب السلف هكذا تتلقى هكذا
لا ليس المقصود أن نأخذ باللفظ لا
المقصود :
أن نوصل الخير والعلم إلى الناس
فإذا اطلعت على معلومة في كتب السلف أوردها على الناس بأسلوب ميسر يتناسب مع أفهامهم ومع حدود لغاتهم
فخلاصة القول :
أن التوسع في العلم مطلب شرعي لكن على طالب العلم إذا أعطى طلابه العلم عليه أن يكو ن سلس المعلومة ميسر لوصولها إلى أذهانهم
فإذا كان كذلك لو فعل هذا ما بقيت معلومة صعبة أبدا
لن تبقى معلومة صعبة
ولا أدل على منهج الشيخ ابن عثيمين :
فإنك لو تقرأ زاد المستقنع لوجدت فيه من الصعوبة ما فيه لكن أتى رحمه الله وسهل تلك المعلومة وأصبحت ميسرة
فالخلل أو العيب ليس في المعلومة ولا في كثرتها ولا في الاستطراد حولها فيما يفيد
أحيانا يستطرد حول المعلومة بتكرار هذا لا ينبغي
لكن نريد استطراد حول المعلومة بإضافة معلومات جديدة
فأقول :
إذا طرحت المعلومة ومعها استطراد لمعلومات أخرى تؤيدها بأسلوب سلس فإن الصعوبة تزول بذلك
لكن المشكلة التعقيد والتصعيب
لكن عندما يدخل معلم الرياضيات يقول انتبهوا من لا ينبته معي من أول السنة لن يفهم وهكذا والرياضيات صعبة
فترسخ في الأذهان أنهم يستقبلون هذه المادة على أنها صعبة
وإن كانت صعبة لكن يفترض لو أتى وقال : المعلومات سهلة وميسرة بحيث يهيئ النفوس لمحبة هذه المادة ثم بعد ذلك يعطيهم شيئا فشيئا
كعلم النحو يقولون : صعب وليس بصعب
سبحان الله !
يعني :
أنت يا معلم الرياضيات هل أعطيت عقلا غير عقولنا أو فهما غير أفهامنا ليس بصحيح
نحن بشر أنت يا من علمت علم النحو برعت فيه ما الذي يفرقك عنا وعنك
لكن على المسلم أن يكون حريصا على أن يأخذ العلم بقوة بجد هنا تحصل له الفائدة
جميع أداوت الشرط أسماء ما عدا إن و إذما
فهما حرفان كما أن جميع أداوت الاستفهام أسماء ما عدا الهمزة وهل